قال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، السيد حسين إبراهيم طه، إن مسؤولين في دول إسلامية أكدوا عودة حصتهم في حج العام الحالي كما كانت قبل جائحة «كورونا»، موضحاً أن عدد حجاج الخارج في موسم حج عام 1444 «مليونا حاج» من 57 دولة إسلامية.
وأكد طه، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن السعودية تقوم بجهود جبارة في إطار استعدادها لاستقبال حجاج هذا العام، لافتاً إلى أن وزارة الحج والعمرة تعمل على خلق التوازن المطلوب بين عدد الحجاج والطاقة الاستيعابية للأماكن المقدسة، عبر المشروعات التطويرية الكبيرة التي تقام هناك، ضمن خطة استراتيجية متكاملة لبناء بنية تحتية تتسع لمزيد من ضيوف الرحمن والحجاج.
وحول مبادرة «طريق مكة»، قال إن المبادرة رائدة، وتأتي ضمن «برامج خدمة ضيوف الرحمن»، التي تدخل في إطار «رؤية السعودية 2030»، فهي تقوم بعمل جبار للدول المستفيدة، التي تبلغ نحو 6 دول، من خلال اختصار وقت إتمام الإجراءات الضرورية للقيام بالحج، بدءاً من إصدار التأشيرة إلكترونياً، مروراً بإنهاء إجراءات الجوازات في صالة المغادرة من مطار بلد المغادرة.
وعن اللقاء المزمع عقده، الثلاثاء، مع وزير الحج والعمرة السعودي، الدكتور توفيق الربيعة، قال طه إن اللقاء سيحضره مندوبو وممثلو وقناصل الدول الأعضاء، ويهدف إلى تسليط الضوء على الجهود الجبارة التي تقوم بها السعودية لخدمة حجاج بيت الله الحرام، والتعريف بالمبادرات والإجراءات التي سيتم اتخاذها، بغاية توفير أفضل الظروف لحجاج بيت الله الحرام.
مواجهة الجائحة
يقول طه إن الحج يعد أحد أكبر التجمعات الدينية في العالم، وبلغ عدد الحجاج في عام 2019 نحو 2.5 مليون حاج، مع ما يتطلبه استقبالهم وتسهيل إقامتهم من تحضيرات وجهود مكثفة، ومع الجائحة تعقدت الأمور بعض الشيء، وباتت هناك اشتراطات بأن يكون جميع الحجّاج الوافدين من الخارج قد تلقوا تطعيمهم بالكامل، ما ساهم في الحفاظ على أرواح زوار المملكة وحمايتهم من الانعكاسات السلبية للفيروس على صحتهم.
وتابع طه حديثه؛ إن السعودية بعد تحسن الحالة الوبائية، قامت بإلغاء معظم القيود المرتبطة بالجائحة، حيث أعلنت أنها ستسمح بأداء فريضة الحج هذا العام من دون أي قيود على عدد الحجاج وأعمارهم، فبعد 3 سنوات من تقليص عدد الحجاج بشكل كبير، على خلفية تفشي جائحة «كوفيد 19» ستعود أعداد الحجاج إلى ما كانت عليه قبل الجائحة.
حصص التوزيع
يمكن القول إن المملكة العربية السعودية قامت بجهود جبارة في إطار استعدادها لاستقبال الحجاج هذه السنة، والحديث لـ«طه»، الذي قال إن مسئولين في دول إسلامية عدة أكدوا عودة حصتهم في حج العام الحالي كما كانت قبل جائحة «كورونا»، ليكون عدد حجاج الخارج في موسم حج عام 1444 (2023) مليوني حاج من 57 دولة إسلامية، ونحو 200 ألف حاج من داخل المملكة.
وأضاف الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أن زيادة أعداد الحجاج مرهونة بمستوى الخدمات المقدمة لهم، حيث تعمل وزارة الحج على خلق التوازن المطلوب بين عدد الحجاج والطاقة الاستيعابية للأماكن المقدسة عبر المشروعات التطويرية الكبيرة التي تقام هناك، ضمن خطة استراتيجية متكاملة لبناء بنية تحتية تتسع لمزيد من ضيوف الرحمن والحجاج.
الدور السعودي
وفي جانب ما تقوم به السعودية من دور لتجنيد كل طاقتها لخدمة الحجاج، أكد طه أن هناك جهوداً كبيرة تبذل من أجل تسهيل قيام الحجاج بأداء مناسكهم بكل يسر وسهولة، فضلاً عن استخدام التقنية الحديثة والتكنولوجيا، وكذلك رقمنة الإجراءات وتقنيات الذكاء الاصطناعي، والواضح أن هذه التقنيات سهلت على الجميع القيام بأي إجراء بشكل مريح وبسيط من خلال البرمجيات، حيث برز بشكل جلي أهمية هذه التقنيات واستخدامها في الحج وضرورة الاستمرار في تطويرها. وهناك أيضاً البرامج التوعوية والطبية التي تهدف إلى الحفاظ على سلامة الحجاج وصحتهم.
شفافية ورقابة
اعتمدت وزارة الحج والعمرة حزمة من الأنظمة الذكية، كما يقول طه، الذي شدد على أن ذلك يأتي لتسهيل مناسك الحج على ضيوف الرحمن، من خلال نظام «المسار الإلكتروني» لحجاج الخارج، الذي يعد نظاماً متكاملاً منذ بداية عمل التعاقدات الإلزامية من سكن ونقل وإعاشة، حتى مغادرة الحجاج، كما يوفر الشفافية والمقدرة الرقابية على متابعة التنفيذ ومدى التزام كل جهة بتنفيذ مسؤولياتها تحت إشراف وزارة الحج والعمرة.
وأضاف أن برنامج المسار الإلكتروني لحجاج الداخل هو عبارة عن أنظمة وبيانات في بوابة إلكترونية متطورة لعرض مختلف برامج الخدمة التي تعرضها شركات ومؤسسات حجاج الداخل، تتيح لهم التعاقد إلكترونياً مع الشركات والمؤسسات على الخدمات المختلفة. كما توفر الوزارة نظاماً إلكترونياً لسداد قيمة العقود المبرمة، وذلك حماية لحقوق الحجاج، كما تتيح من خلال البوابة الإلكترونية للوزارة نقل طلبات تصاريح الحج بعد التعاقد إلى أنظمة وزارة الداخلية لاستصدار تصاريح الحج.
وتابع أن وزارة الخارجية، في ظل التوجيهات السامية، دشنت برامج إلكترونية تهدف إلى مساعدة الحجاج والمعتمرين على استعمال تطبيق التسجيل الذاتي للخصائص الحيوية لهم عبر الهواتف الذكية؛ لتكون المملكة بذلك أول دولة تستخدم تسجيل السمات الحيوية لراغبي التأشيرات عبر الهواتف الذكية.
التطبيقات الذكية
ويرى طه أن هناك كثيراً من الخدمات الإلكترونية التي تخدم الحجاج عن طريق تطبيقات الأجهزة الذكية، وذلك من خلال متجري «أبل» و«أندرويد»، ومن أهم هذه التطبيقات؛ خدمات الحج، خدمات العمرة، مناسكنا لتحديد الأماكن ذات الأهمية العامة، مثل أقرب المساجد، المطاعم، الحمامات، مراكز التسوق، والبحث عن أقصر طريق ممكن. كذلك تطبيق قراءة أساور الحجاج والمعتمرين، وتطبيق ترجمان لترجمة لافتات التعليمات للحجاج غير الناطقين باللغة العربية من دون استخدام الإنترنت.
إضافة إلى الخرائط الرقمية لمنطقة المشاعر المقدسة والمدينة المنورة، وتتضمن المعلومات المكانية الخاصة بالمباني والمنشآت ومخيمات المشاعر المقدسة والطرق والشوارع والأحياء وحدود المشاعر، والخدمات والمرافق العامة والمعالم، إلى غيرها من الخدمات التي أصبحت فعالة بفضل الاستخدام الذكي للتكنولوجيا والبرامج التقنية.
دول تعاني
وعن كيفية الاستفادة من هذه التقنية في الدول الإسلامية التي تعاني اقتصادياً، أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أنه بكل تأكيد تستفيد كل الدول الإسلامية، بما في ذلك تلك الدول التي تعاني من ظروف اقتصادية، من هذه الإجراءات والتطبيقات الذكية التي تقتصد الوقت والجهد وتعفي مستعمليها من ضرورة التنقل لإدارة معينة أو الاتصال بجهة ما، والدول الإسلامية اليوم مطالبة ببذل مجهود مضاعف لتطوير إمكاناتها التقنية لكيلا تتخلف عن قطار التنمية والتطور.
طريق مكة
يقول طه إن الحكومة السعودية تواصل تقديم مبادرة الحج التي أطلقتها قبل 5 سنوات بعد توقف دام عامين بسبب جائحة «كورونا»، حيث تختصر رحلة إنهاء إجراءات الحجاج من ساعات إلى دقائق معدودة عبر مبادرة «طريق مكة»، وهي مبادرة سعودية لإنهاء إجراءات الحجاج في بلدانهم. وشمل البرنامج هذا العام باكستان وماليزيا وإندونيسيا والمغرب وبنغلاديش. ويستفيد من هذه المبادرة في موسم حج هذا العام 225 ألف حاج وحاجة، وتعد «مبادرة طريق مكة» مبادرة رائدة ضمن «برامج خدمة ضيوف الرحمن»، التي تدخل في إطار «رؤية السعودية 2030».
وأضاف أن مبادرة «طريق مكة»، التي يبلغ مجموع عدد الدول المستفيدة منها منذ انطلاقتها 6 دول، تختصر وقت إتمام الإجراءات الضرورية للقيام بالحج، حيث سيجري استقبال الحجاج وإنهاء الإجراءات من بلدانهم، بدءاً من إصدار التأشيرة إلكترونياً، مروراً بإنهاء إجراءات الجوازات في صالة المغادرة من مطار بلد المغادرة بعد التحقق من توافر الاشتراطات الصحية، إضافة إلى ترميز وفرز الأمتعة وفق ترتيبات النقل والسكن في السعودية. وعند وصولهم، سينتقلون مباشرة إلى مقار إقامتهم في مكة المكرمة والمدينة المنورة، بمسارات مخصصة، في حين تتولى الجهات الخدمية إيصال أمتعتهم إلى مساكنهم.
لقاء الوزير
وتستضيف الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، الثلاثاء، لقاءً موسعاً يضم وزير الحج والعمرة الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة، إلى جانب مندوبي وممثلي وقناصل الدول الأعضاء ومسؤولي أجهزة منظمة التعاون الإسلامي. وفقاً لطه، الذي أكد أن اللقاء يهدف إلى تسليط الضوء على الجهود الجبارة التي ما فتئت تقوم بها السعودية خدمة لحجاج بيت الله الحرام وزيارة المشاعر المقدسة في مكة والمدينة، والتعريف بالمبادرات والإجراءات التي سيجري اتخاذها لتوفير أفضل الظروف لحجاج بيت الله الحرام، الذين يتقاطرون على المملكة من كل بقاع العالم، لتأدية شعائرهم بكل أريحية، وفي جو من الأمن والهدوء والطمأنينة.
ويأتي اللقاء ضمن مبادرات الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، الهادفة إلى خلق جسور من التواصل المستدام بين السعودية، البلد الذي يستضيف المنظمة، وممثلي الدول الأعضاء، لتبادل وجهات النظر بخصوص قضايا وأمور تقع في صلب اهتمام الطرفين.
وفي ختام حديثه، قدّم الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي شكره إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وإلى الحكومة السعودية، ووزارة الحج والعمرة، وقطاعات الدولة كافة، على ما يبذلونه من جهود في سبيل الاعتناء بضيوف بيت الله الحرام والمسجد النبوي.