البرلمان التونسي على خط أزمة التلوث في الولايات

وفد من النواب يزور قابس وصفاقس وقفصة

صورة لاجتماع أعضاء البرلمان التونسي (موقع البرلمان التونسي على «فيسبوك»)
صورة لاجتماع أعضاء البرلمان التونسي (موقع البرلمان التونسي على «فيسبوك»)
TT

البرلمان التونسي على خط أزمة التلوث في الولايات

صورة لاجتماع أعضاء البرلمان التونسي (موقع البرلمان التونسي على «فيسبوك»)
صورة لاجتماع أعضاء البرلمان التونسي (موقع البرلمان التونسي على «فيسبوك»)

تستعد لجنة برلمانية تونسية لتنظيم زيارة إلى ولايات: (صفاقس، وقابس، وقفصة) جنوب البلاد، لإعداد تقرير بشأن الوضع البيئي، على خلفية شكاوى متواصلة من سكانها بشأن زيادة معدلات التلوث جراء الانبعاثات الصناعية والنفايات الملوثة.

وقالت بثينة الغانمي نائبة رئيس لجنة الصناعة بالبرلمان التونسي، إن «الوفد سينفذ زيارته الميدانية نهاية الشهر الحالي»، لكنها استدركت: «حتى لا يذهب إلى الظن أن اللجنة البرلمانية ستخرج بحلول مستدامة للمشاكل البيئية المستعصية؛ فالهدف من هذه الزيارة ليس غلق المؤسسات الصناعية الملوثة التي تحتاجها تونس بقوة لضمان التنمية وتوفير فرص العمل، أو التخلص منها بصفة تدريجية، وإنما إيجاد الحلول الملائمة للتصرف في النفايات والانبعاثات الصناعية وغيرها من المشاكل البيئية»، وفق تصريحاتها لوسائل إعلام محلية، قبل يومين.

وترتفع مؤشرات التلوث في ولايات صفاقس وقابس وقفصة، التي تعتمد في اقتصادها على مشاريع صناعية، كما تعد من أكبر المناطق المهددة بالتلوث نتيجة وجود شركة فوسفات قفصة في الجنوب الغربي (قفصة)، والمجمع الكيميائي التونسي في قابس، وتصنيع الفوسفات وتكرير النفط في صفاقس، وهذا الوضع البيئي كان محل احتجاجات متتالية من قبل جمعيات معنية بالملف البيئي.

ومن المنتظر أن يعد هذا الوفد البرلماني فور الانتهاء من الزيارة والمعاينة المباشرة، تقريراً مفصلاً وأن يعرضه على اللجنة البرلمانية المعنية بالصناعة، ومن ثم التفاعل مع عدد من الوزارات التي لها علاقة مباشرة مع هذا الملف، وخصوصاً وزارتي الصناعة والبيئة.

وكان عبد الرحمان الهذيلي رئيس «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية» (منظمة حقوقية مستقلة)، أشار في تقرير بشأن المشاكل البيئية ومخاطر التلوث في الولايات الثلاث، إلى أن أغلب المشاكل البيئية في تونس «وراءها نموذج التنمية المعتمد منذ عقد الثمانينات من القرن الماضي».

وأكد أن مشاكل التلوث في تلك المناطق «تقع مسؤوليتها المباشرة على الدولة، فهي المطالبة قبل غيرها بتفادي المشاريع الملوثة والقضاء على التفاوت الاقتصادي والاجتماعي بين الجهات في تونس»، على حد تعبيره.

وعرفت تلك الولايات خاصة صفاقس وقابس، بعد عام 2011، تحركات احتجاجية متعددة لمطالبة السلطات التونسية بالبحث عن حلول لتعويض الوحدات الصناعية الملوثة، والتركيز على المصانع صديقة البيئة، غير أن المهتمين بملفات البيئة في المجتمع المدني التونسي، يتحدثون عن «عجز الدولة عن اعتماد نموذج تنمية مختلف»؛ إذ إن هذا النموذج «يتطلب اعتمادات مالية ضخمة لتغييره، وهي استثمارات لا تقدر الدولة التونسية على تحملها، على الأقل في الوقت الحاضر، في ظل شح الموارد الذاتية وعجز الموازنات المالية».

يُذكر أن تونس عملت منذ سنة 2005 على إيجاد حلول لتجاوز المشاكل البيئية خصوصاً في صفاقس، من بينها مشروع «تبرورة» الذي يهدف إلى إزالة مخلفات «الفوسفوجيبس» المتأتية من تصنيع مادة الفوسفات القادمة من منطقة قفصة، والتخلص من الأتربة الملوثة من قاع البحر على مساحة تقدر بـ400 هكتار لاستعادة الحياة البحرية.


مقالات ذات صلة

تونس: توجيه تهمة «تبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»

شمال افريقيا رئيسة «الحزب الدستوري الحر» عبير موسي (أرشيفية - الإعلام التونسي)

تونس: توجيه تهمة «تبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»

هيئة الدفاع عن موسي: «التحقيقات في مرحلة أولى كانت قد انتهت إلى عدم وجود جريمة... وقرار القضاة كان مفاجئاً».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مظاهرة نظمها حقوقيون تونسيون ضد التضييق على الحريات (أرشيفية - إ.ب.أ)

20 منظمة حقوقية في تونس تنتقد توقيفات لنشطاء ونقابيين

شملت توقيفات جديدة بتونس نشطاء وصحافيين وعمالاً ونقابيين شاركوا في احتجاجات ضد طرد 28 عاملاً، بينهم نساء، من مصنع للأحذية والجلود لمستثمر أجنبي بمدينة السبيخة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي (أ.ف.ب)

تونس: إحالة ملف الرئيس الأسبق المرزوقي إلى الإرهاب بـ20 تهمة

إحالة ملف الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي إلى القضاء المكلف بالإرهاب، في 20 تهمة جديدة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا المرشح لرئاسية تونس العياشي زمال (الشرق الأوسط)

أحكام إضافية بسجن مرشح سابق للانتخابات الرئاسية في تونس

مجموع الأحكام الصادرة في حق الزمال «ارتفعت إلى 35 عاماً» وهو يلاحق في 37 قضية منفصلة في كل المحافظات لأسباب مماثلة.

«الشرق الأوسط» (تونس)

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
TT

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)

شهدت مناطق متفرقة في مصر حوادث مرورية مفجعة، أخيراً؛ مما أثار تساؤلات حول أسباب تكرارها، في حين رأى خبراء أن «غالبية تلك الحوادث تقع نتيجة لأخطاء من العنصر البشري».

وشهدت مصر، الجمعة، حادثاً أُصيب خلاله نحو 52 شخصاً، إثر انقلاب حافلة (أتوبيس رحلات) على طريق «الجلالة - الزعفرانة» (شمال محافظة البحر الأحمر - جنوب مصر)، قبل توجهها إلى دير الأنبا أنطونيوس بالمحافظة.

وأعلنت وزارة الصحة المصرية «خروج جميع المصابين من المستشفى، بعد تحسّن حالاتهم»، وقالت في إفادة لها، الجمعة، إن «الحادث أسفر عن إصابة 52 راكباً؛ نُقل 31 منهم إلى مستشفى (رأس غارب) التخصصي، في حين تم إسعاف 21 مصاباً آخرين بموقع الحادث».

واحتجزت الأجهزة الأمنية سائق «الحافلة» المتسبّب في الحادث، في حين كلّفت السلطات القضائية لجنة فنية بفحص أسباب وقوع الحادث حول ما إذا كان عطلاً فنياً أم خطأ بشرياً نتيجة للقيادة الخاطئة، حسب وسائل إعلام محلية.

وأعاد انقلاب الحافلة بطريق «الجلالة - الزعفرانة» إلى الأذهان حادث انقلاب حافلة تابعة لجامعة «الجلالة الأهلية»، على الطريق السريع «الجلالة - العين السخنة»، في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ مما أدّى إلى وفاة 7 أشخاص، وإصابة نحو 25 آخرين.

وشهدت منطقة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة) حادث «دهس» سيارة، دراجةً نارية كان يستقلها عامل «دليفري» (التوصيل المنزلي)؛ مما أدى إلى مقتله.

كما شهدت محافظة الفيوم (جنوب القاهرة) حادث انقلاب سيارة نقل ركاب، الخميس، على الطريق الصحراوي السريع؛ مما أدى إلى إصابة 14 شخصاً.

وأظهرت التحريات الأولية للحادث أن السيارة تعرّضت للانقلاب، نتيجة السرعة الزائدة، وفقدان السائق السيطرة عليها.

وسجّلت إصابات حوادث الطرق في مصر ارتفاعاً بنسبة 27 في المائة، على أساس سنوي، بواقع 71016 إصابة عام 2023، في حين بلغ عدد المتوفين في حوادث الطرق خلال العام نفسه 5861 حالة وفاة، بنسبة انخفاض 24.5 في المائة، وفقاً للنشرة السنوية لنتائج حوادث السيارات والقطارات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، في شهر مايو (أيار) الماضي.

طريق الجلالة (وزارة النقل المصرية)

وباعتقاد رئيس الجمعية المصرية لرعايا ضحايا الطرق (منظمة مدنية)، سامي مختار، أن «نحو 80 في المائة من حوادث الطرق يحدّث نتيجة لأخطاء من العنصر البشري»، مشيراً إلى أن «تكرار الحوادث المرورية يستوجب مزيداً من الاهتمام من جهات حكومية؛ للحد من وقوعها، وتعزيز السلامة على الطرق».

ودعا مختار، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى «ضرورة تكثيف حملات التوعية بالسلامة المرورية، لجميع مستخدمي الطرق، من سائقي السيارات والركاب»، قائلاً إن حملات التوعية يجب أن تشمل «التعريف بقواعد وآداب السير على الطرق، وإجراءات السلامة، والكشف على تعاطي المخدرات للسائقين في أثناء السير»، ومشدداً على ضرورة «تكثيف حملات الرقابة بخصوص تعاطي المخدرات في أثناء القيادة».

ولقي حادث انقلاب حافلة طريق «الجلالة» تفاعلاً من رواد منصات التواصل الاجتماعي في مصر؛ حيث دعوا إلى «مراجعة الحالة الفنية للطريق، بعد تكرار حوادث انقلاب حافلات الركاب عليه».

بينما يستبعد أستاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس، حسن مهدي، فرضية أن يكون وقوع الحوادث بسبب الحالة الفنية للطريق، مرجعاً ذلك إلى «عدم تكرار الحوادث في مكان واحد على الطريق»، ومشيراً إلى أن «وقوع الحوادث المرورية في مناطق متفرقة يعني أن السبب قد يكون فنياً؛ بسبب (المركبة)، أو لخطأ بشري من السائق».

وأشار مهدي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى ضرورة «تطبيق منظومة النقل الذكي، للحد من الحوادث، خصوصاً على الطرق السريعة»، مضيفاً أن «التوسع في المراقبة الذكية لحركة السير سيقلّل من الأخطاء، ويُسهم في التزام السائقين بإجراءات السلامة في أثناء القيادة»، وموضحاً أن «مشروع قانون المرور الجديد، المعروض أمام البرلمان ينص على تطبيق هذه المنظومة بشكل موسع».

وتضع الحكومة المصرية «قانون المرور الجديد» ضمن أولوياتها في الأجندة التشريعية لدور الانعقاد الحالي للبرلمان، وناقش مجلس النواب، في شهر أكتوبر الماضي «بعض التعديلات على قانون المرور، تضمّنت عقوبات مغلظة على مخالفات السير، والقيادة دون ترخيص».