«دراما» رحيل أحمد رفعت تُحزن الوسط الرياضي المصري

بكلمات مؤثّرة نعى نجوم الكرة مَن أراد العودة للملاعب ولم يعُد

الحزن يخيّم على الوسط الرياضي المصري بعد وفاة رفعت (نادي مودرن سبورت)
الحزن يخيّم على الوسط الرياضي المصري بعد وفاة رفعت (نادي مودرن سبورت)
TT

«دراما» رحيل أحمد رفعت تُحزن الوسط الرياضي المصري

الحزن يخيّم على الوسط الرياضي المصري بعد وفاة رفعت (نادي مودرن سبورت)
الحزن يخيّم على الوسط الرياضي المصري بعد وفاة رفعت (نادي مودرن سبورت)

خيّم الحزن على الوسط الرياضي المصري لرحيل صانع ألعاب فريق «مودرن سبورت»، أحمد رفعت، عن 31 عاماً.

وشارك بعض اللاعبين في تشييع جنازته بمسقطه بكفر الشيخ (دلتا مصر)، ظُهر السبت، من بينهم محمود كهربا لاعب النادي «الأهلي»، ومحمود جنش، لاعب نادي «موردن سبورت».

وسيطر الحزن أيضاً على منصات التواصل الاجتماعي، فأعربت أندية عدّة عن أسفها لوفاته، بالإضافة إلى أصدقائه وزملائه في المنتخب المصري الذي لعب معه بضع مباريات.

كان رفعت قد خطف الاهتمام بسقوطه المفاجئ خلال مباراة فريقه أمام «الاتحاد السكندري» في الدوري المصري بشهر ماس (آذار) الماضي، بسبب توقُّف عضلة القلب. وغادر المستشفى بعد علاج لشهر لاستكماله في منزله بضوابط محدّدة.

رفعت يصافح زملاءه (نادي مودرن سبورت)

ومع زيارته لتدريبات فريقه «مودرن سبورت» قبل نهاية شهر يونيو (حزيران) الماضي، تفاءل متابعون بعودته، وعدُّوها خطوة في طريق تماثله التام للشفاء قبل العودة من جديد إلى الملاعب. لكنّ وعكة مفاجئة باغتت رفعت في المنزل، نُقل على أثرها إلى المستشفى ليخضع لعملية إنعاش قلبي مدّتها ساعة و45 دقيقة، تلقّى فيها صدمات كهربائية؛ وإنما القلب لم يستجب كما في المرّة الأولى، لتُعلَن وفاته.

رفعت المولود عام 1993 لعب لـ6 أندية خلال مسيرته الكروية، هي: «مودرن سبورت»، و«المصري»، و«إنبي»، و«الوحدة الإماراتي»، و«الزمالك»، و«الاتحاد السكندري».

ونعى محمد صلاح نجم ليفربول الإنجليزي اللاعب الراحل، وكتب عبر حساباته: «ربنا يصبر أهله وكل حبايبه».

رفعت خلال زيارته الأخيرة لتدريبات فريقه (نادي مودرن سبورت)

بدوره، نشر مصطفى شوبير حارس مرمى «الأهلي» المصري، صورة عبر «إنستغرام»، مدوّناً: «الواحد مش مصدّق... ربنا يرحمك يا حبيبي ويجعل مثواك الجنة»، في حين كتب محمود كهربا: «إيه وجع القلب ده... صدمة كبيرة جداً، مش قادر أستوعب الخبر، وكأنك كنت طالع اللقاء التلفزيوني الأخير عشان تودّعنا يا أحمد».

وقال لاعب نادي الزمالك شيكابالا عبر «فيسبوك»: «وداعاً يا رفعت. كنت مِن أنقى الرجال وأكثرهم إخلاصاً».

ودخل البرلمان على خطّ وفاة اللاعب المصري، إذ تقدَّمت النائبة أميرة أبو شقة، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة إلى رئيس المجلس ووزير الشباب والرياضة لـ«إعادة النظر في منظومة الطبّ الرياضي»، مشدّدةً على ضرورة أن «ترتبط بتطوير الأفكار الخاصة بالعلاج الطبي في مجال الألعاب الرياضية، ومتابعة اللياقة البدنية عند الرياضيين، والتأكُّد من حالتهم الصحية».

وعدَّت وفاة رفعت «جرس إنذار، للحفاظ على نجومنا وأبطالنا الرياضيين في مختلف الألعاب»، مؤكدةً أنّ «ملفّ الطبّ الرياضي مهمَل في مصر بشكل كبير، ويجب العمل على تطويره بتفكير مختلف على كل المستويات».

وفي ظهوره التلفزيوني الأخير، قبل 12 يوماً، عبَّر أحمد رفعت عن امتنانه لكل مَن دعمه خلال محنته الصحية.

رفعت تمنّى عودته إلى الملاعب على غرار إريكسن (نادي مودرن سبورت)

وأكد: «مررتُ بظروف وضغوط نفسية شديدة لم يمرَّ بها أي لاعب كرة قدم من قبل، وكانت عاملاً رئيسياً في أزمتي الصحية»، مضيفاً: «بعد استفاقتي، خضعتُ لعملية قسطرة وتركيب دعامة أجراها طبيب إيطالي، وأجريتُ تركيب جهاز منظّم لضربات القلب، وتناولتُ الأدوية بانتظام».

وختم برسالة مؤثّرة: «أرغب في إكمال مسيرتي الكروية لأن سنّي لا تزال صغيرة، وأستطيع فعل ذلك. الطبيب قال لي إنني سأعود للعب كرة القدم مرّة أخرى، على غرار اللاعب الدنماركي كريستيان إريكسن».


مقالات ذات صلة

إنريكي: الانتصارات في الدوري الفرنسي لا تكفي للفوز بـ«أبطال أوروبا»

رياضة عالمية لويس إنريكي (رويترز)

إنريكي: الانتصارات في الدوري الفرنسي لا تكفي للفوز بـ«أبطال أوروبا»

حافظ باريس سان جيرمان على سجله الخالي من الهزائم في دوري الدرجة الأولى الفرنسي لكرة القدم بفوزه 3-صفر على تولوز أمس (الجمعة).

رياضة عالمية رفع بوسطن رصيده إلى 13 فوزاً مقابل 3 خسارات في وصافة المنطقة الشرقية (رويترز)

«إن بي إيه»: فوز صعب لحامل اللقب... ووريرز إلى ربع نهائي الكأس

سجل جايلن براون 31 نقطة و11 متابعة وقاد بوسطن سلتيكس حامل اللقب إلى فوز صعب على مضيفه واشنطن ويزاردز 108-96، الجمعة في دوري كرة السلة الأميركي للمحترفين.

«الشرق الأوسط» (لوس انجليس)
رياضة عالمية تأهلت هولندا بفضل انتصار بوتيك فان دي زاندسخولب وتالون غريكسبور (رويترز)

هولندا تهزم ألمانيا… وتتأهل لنهائي كأس ديفيز لأول مرة

حققت هولندا إنجازا تاريخيا بالتأهل لنهائي كأس ديفيز للتنس لأول مرة في تاريخها بتغلبها 2-صفر على ألمانيا في قبل النهائي اليوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (ملقة)
رياضة سعودية الأمير عبد الله بن فهد خلال تتويج الفائزين (الشرق الأوسط)

بيتندورف «سوبر» نهائي الرياض لقفز الحواجز

توّج الفارس فيكتور بيتندورف بطلاً لنهائي الرياض في منافسات الفردي ضمن التصفيات النهائية لبطولة لونجين العالمية لقفز الحواجز.

لولوة العنقري (الرياض ) منيرة السعيدان (الرياض )
رياضة سعودية ماكغريغور لدى خروجه من قاعة المحكمة (رويترز)

بعد 6 سنوات من الحادثة... المحكمة تعلنها: ماكغريغور معتدٍ جنسي

خلصت هيئة محلفين إلى أن الآيرلندي كونور ماكغريغور البطل السابق للفنون القتالية المختلطة اعتدى جنسياً على امرأة في حفل بدبلن في 2018 وألزمته بدفع تعويض لها.

«الشرق الأوسط» (دبلن)

سيلين حيدر... أيقونة منتخب لبنان التي دفعت ضريبة الحرب

TT

سيلين حيدر... أيقونة منتخب لبنان التي دفعت ضريبة الحرب

الفتاة الطموح كانت تقترب من أن تمثل لبنان في منتخبه الوطني وتخوض أولى مبارياتها (أ.ف.ب)
الفتاة الطموح كانت تقترب من أن تمثل لبنان في منتخبه الوطني وتخوض أولى مبارياتها (أ.ف.ب)

سيلين حيدر، لاعبة منتخب لبنان للشابات وقائدة فريق أكاديمية بيروت، قصة رياضية شابة خطفتها أقدار الحرب من ملاعبها إلى سرير المستشفى. في لحظة واحدة، تحوَّل حلم اللاعبة التي تعشق الحياة وتعيش من أجل كرة القدم إلى صراع مرير مع إصابة خطيرة في الرأس، نتيجة قصف إسرائيلي استهدف منطقة الشياح، مكان إقامتها.

سيلين ليست فقط لاعبة موهوبة، هي ابنة الوطن الذي دفعها لتحمل مسؤوليات أكبر من عمرها، وهي مَن رفعت راية لبنان في بطولات غرب آسيا، وحملت معها طموحات جيل يؤمن بأن الرياضة أداة تغيير، لا ضحية للظروف. أصابتها شظايا الحديد التي اخترقت سلام بيتها، لكن صوت والدتها، سناء شحرور، لا يزال يردد: «ابنتي بطلة، ستعود لتقف وتكمل حلمها».

 

والدة سيلين حيدر تمنى نفسها بسلامة ابنتها (الشرق الأوسط)

 

وسط الألم، تقف عائلتها وزملاؤها ومدربوها كتفاً بكتف، يعزفون لحن الأمل. من كلمات صديقاتها عن شخصيتها الحنونة وضحكتها التي لم تفارق وجهها، إلى حملات الدعم التي نظمها زملاؤها في الفريق، الكل يترقب اللحظة التي تستيقظ فيها سيلين لتُكمل رحلتها، ليس فقط على أرض الملعب، بل في الحياة نفسها.

في ظل ظروفٍ مأساوية، تسرد والدتها، سناء شحرور، تفاصيل لحظة لا تُنسى، لحظة اختلط فيها الخوف بالأمل. رسالة بسيطة من سيلين تطلب وجبتها المفضلة تحولت إلى كابوسٍ بعد دقائق، عندما أُصيبت إثر تطاير شظايا الحديد. وبينما كانت الأم تمني نفسها بتحضير الطعام، وجدت نفسها تواجه الحقيقة المُرّة في المستشفى في قسم العناية الفائقة.

 

عباس حيدر والد اللاعبة سيلين (الشرق الأوسط)

القصة بدأت عندما اضطرت عائلتها للنزوح من منزلهم بسبب الحرب، في حين بقيت سيلين وحدها في المنزل لتكمل دراستها الجامعية، بعد قرار وزير التربية اللبناني عباس الحلبي باستكمال التعليم، رغم الحرب. وفي إحدى الليالي، أرسلت سيلين رسالة لوالدتها عبر تطبيق «واتساب»، تطلب منها إعداد وجبتها المفضلة. بضحكة خفيفة، ردَّت الأم: «وجهك فقري، سأقوم بإعدادها لك». دقائق بعد ذلك، تلقت الأم اتصالاً غيّر حياتها؛ الرقم الغريب على الهاتف أخبرها بأن ابنتها تعرضت لإصابة في الرأس.

جمع من أصدقاء اللاعبة يلتفون في المستشفى الذي ترقد فيه (الشرق الأوسط)

 

لم تصدِّق الأم ما سمِعَتْ، لا سيما أن سيلين كانت قد أبلغت بأنها ابتعدت عن مكان الاستهداف. شعرت بالذعر والارتباك وبدأت تبحث عن معلومات متضاربة حول حالتها، وتقول شحرور: «لم أعد أعرف ماذا أفعل وكنت في موقف لا أحسد عليه صرت أتجول في البيت من دون جدوى. اتصلت بوالدها وذهب لمستشفى السان جورج قبلي، لأنني كنت بعيدة جداً عنها».

وتكمل شحرور بأنها حين وصلت إلى المستشفى، وجدت ابنتها مغطاة بالدماء، لا تستطيع الحركة، وقد أُصيبت بكسر في الجمجمة ونزف في الرأس. المشهد كان مرعباً، لكن الأم لم تفقد الأمل. وقفت بجوارها وهي تصرخ: «قومي يا سيلين!»، ولكن الأطباء كانوا يؤكدون أن وضعها حرج للغاية، وأن المسألة مسألة وقت.. وتضيف: «الأطباء يقولون لنا إنها مسألة وقت؛ سأنتظرها سنة واثنتين وثلاثاً لكي تستيقظ».

في المستشفى، تجلس الأم يومياً بجانب سرير سيلين، تتحدث معها، تخبرها عن زيارات الأصدقاء، وتعدها بأطيب الأكلات عندما تستيقظ، وتخبرها بأنها ستشتري لها دراجة نارية جديدة، تحاول أن تمنحها القوة بالكلمات، رغم أن سيلين لا تستجيب. تقول الأم: «قلت لها إنني رأيتُ في الحلم أنها استيقظت وغمرتني. أنا أنتظر هذا الحلم يتحقق، حتى لو استغرق الأمر سنوات».

 

هنا خلف هذا الباب الموصد ترقد لاعبة منتخب لبنان نتيجة إصابتها (الشرق الأوسط)

 

أما والدها عباس حيدر، فيصف وضعها بالمستقر دون تحسُّن كبير. يحكي عن شظية حديد أصابت رأسها نتيجة القصف الإسرائيلي، مما تسبب بكسر في الجمجمة ونزف داخلي أدى إلى دخولها في غيبوبة. ويشيد والدها بدعم الاتحاد اللبناني لكرة القدم قائلاً: «منذ اللحظة الأولى، لم يترك الاتحاد اللبناني لكرة القدم عائلة سيلين وحدها؛ قام رئيس الاتحاد السيد هاشم حيدر بتأمين نقلها من مستشفى سان جورج إلى مستشفى الروم، وتابع حالتها بشكل مباشر. الأمين العام للاتحاد جهاد الشحف، رغم غيابه عن لبنان، ظل على اتصال مستمر مع العائلة».

عباس يحاول جاهداً أن تتماسك أعصابه عند الكلام، يحكي ويفضفض لعله يخفف من وطأة الألم؛ فابنته المدللة وآخر العنقود بحالة فُرِضت عليها بسبب الحرب التي يعيشها لبنان منذ شهرين تقريباً، ويقول بحرقة: «سيلين تنتظر دعاء الجميع لتعود لحياتها وفريقها ومنتخب لبنان، وكي تعود أقوى، وتُتوَّج بلقب غرب آسيا، وترفع اسم لبنان، وسننتظرها لترفع علم لبنان مجدداً مع أصدقائها. هذا الجيل الذي يجب أن يبني لبنان وطناً حراً علمانياً بعيداً عن كل الطوائف والمذاهب التي خربت بلدنا».

زملاؤها في فريق أكاديمية بيروت كانوا أيضاً في صدمة كبيرة. ميشال أبو رجيلي، صديقتها وزميلتها في الفريق، قالت إنها لم تصدق في البداية أن إصابة سيلين خطيرة، لكنها أدركت حجم الكارثة بعد سماع الأخبار. تروي كيف أن سيلين كانت دائماً مبتسمة داعمة لزميلاتها ومحبة للحياة. تتذكر رسالتها في عيد ميلادها: «عقبال المليون دولار»، وتقول إنها تنتظر عودتها لتعيد البهجة إلى الفريق.

 

حلم اللاعبة الشابة بات ضحية الحرب (الشرق الأوسط)

 

مدربها في الفريق سامر بربري تحدث عن التزامها العالي وتطورها المذهل كلاعبة. انضمت إلى أكاديمية بيروت منذ ثلاث سنوات، وتدرجت من فريق دون الـ17 عاماً إلى ما دون الـ19. وحققت مع الفريق عدة بطولات، من بينها لقب بطولة الشابات في الموسم الماضي ولقب السيدات، وصفها بأنها قائدة بالفطرة، محترفة في الملعب، وضحكتها لا تفارق وجهها.

رغم الألم الذي تعيشه العائلة، لا تزال والدة سيلين تحتفظ بأمل كبير: «رسالتي للعالم أن سيلين ليست مجرد لاعبة، بل هي رمز لجيل يحب الحياة. أتمنى أن تنتهي الحرب، وأن نعيش أياماً أفضل. الشعب اللبناني لا ينكسر، وسيلين ستعود لتكمل حلمها وترفع علم لبنان مجدداً».

زملاء سيلين نظموا حملة تبرعات لدعم الناس المحتاجة، وأطلقوا دعوات للصلاة من أجل شفائها. الجميع ينتظر اللحظة التي تفتح فيها سيلين عينيها وتبتسم مجدداً، فكما قالت زميلتها ميشال إن الحياة تليق فقط بأولئك الذين يحبون الحياة كسيلين.