لم يحظ مدرّب عمل في الأردن بما حظي به المصري الراحل محمود الجوهري على مدى 12 عاماً، مديراً فنياً للمنتخب ومؤسّساً لمراكز واعدين أصبحوا نجوماً يقفون على بُعد خطوة من إحراز لقب «كأس آسيا لكرة القدم» للمرّة الأولى في تاريخ البلاد، السبت، أمام قطر المضيفة.
كان الجوهري على رأس عمله بمراكز الأمير علي للواعدين، في العاصمة عمّان، عام 2012، عندما أُصيب بجلطة دماغية لم تمهله كثيراً، ففارق الحياة بعد 3 أيام عن 74 عاماً.
أقام الأردن جنازة عسكرية مهيبة تكريماً له وتقديراً لبصمته المؤثرة في كرة القدم، قبل أن يُنقل جثمان الضابط السابق في سلاح الإشارة إلى القاهرة، حيث أُقيمت له مراسم تشييع عسكرية.
تُسجّل للجوهري الذي سبق له قيادة بلاده إلى التأهُّل لمونديال إيطاليا 1990، بعد 56 عاماً من الغياب وإحراز «كأس أمم أفريقيا» لاعباً ومدرّباً، مساهمته في تفريخ العديد من المواهب التي لا يزال بعضها يجول في الملاعب.
فور تألّق المهاجم يزن النعيمات، صاحب 3 أهداف للأردن في «كأس آسيا» الحالية، سارعت المواقع الأردنية إلى تناقل صورة قديمة تظهر الجوهري يكرّم النعيمات، الطفل الصغير آنذاك، بميدالية، بعد فوز «مركز سحاب» في بطولة نظّمتها مراكز الواعدين.
بعد تعيين «الجنرال» مدرباً للأردن (2002 - 2007) تأسّست مراكز الواعدين في 2003 تحت إشرافه. في تلك الفترة، بلغ الأردن ربع «نهائي كأس آسيا 2004» من المشاركة الأولى، حيث خسر بشق الأنفس بركلات الترجيح أمام اليابان التي أحرزت اللقب.
يشرح أحمد قطيشات مدير الدائرة الفنية والمنتخبات السابق في الاتحاد القريب من المدرّب المحنّك: «وضع الجوهري قواعد العمل في هذه المراكز من خلال توزيعها على مختلف محافظات المملكة الحضرية والقروية والبادية، كما قام بإنشاء مراكز خاصة بالمواهب النخبة في المدن الرئيسية: العاصمة عمان وإربد والزرقاء».
وتابع لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «ظلّ على رأس عمله حتى ساعات حياته الأخيرة عندما أشرف بنفسه على تدريبات أحد مراكز النخبة في ملعب البولو بالعاصمة عمان، في 31 أغسطس (آب) 2012، حيث داهمته الجلطة الدماغية مساءً».
يُسجّل لمراكز الواعدين إنجاب معظم لاعبي المنتخب المتأهل إلى «كأس العالم للشباب» في كندا عام 2007. وقد استقطب الجوهري مواهبها مباشرة إلى المنتخبات الوطنية، بينما انحسر دورها في الآونة الأخيرة، وقلّ حجم الاهتمام بها، خلافاً لأيام الجوهري.
بعد رحيله عن تدريب المنتخب، عاد الجوهري في 2009 مخططاً ومستشاراً فنياً، فصبّ اهتمامه على عمل مراكز الواعدين. بدأ مرحلة طويلة من التخطيط لتجني اللعبة ثمارها لاحقاً، من خلال بلوغ الدور الحاسم المؤهل إلى «كأس العالم 2014» أمام أوروغواي تحت إشراف مواطنه حسام حسن، والمشاركة المستمرة في «كأس آسيا».
قال الأمير علي بن الحسين رئيس الاتحاد الأردني إن الحصول على جائزة اعتراف وتميّز من الاتحاد الآسيوي تقديراً لتطوير وإعداد لاعبي كرة القدم للمستقبل لم يكن ليتحقق «من دون حكمة وبُعد نظر الراحل الكابتن محمود الجوهري الذي وضع الأساس لاستراتيجية النهوض بالكرة الأردنية».
مع الجوهري، وصل الأردن إلى المرتبة الأعلى له (37) في التصنيف العالمي عام 2004 (87 راهناً).
يوم السبت، يبحث المغربي، الحسين عموتة، الذي ينادي أيضاً بالتركيز على المواهب الصاعدة، عن احتلال موقع إلى جانب الجوهري، بحال قيادته الأردن إلى أوّل لقب كبير في تاريخها.