وجَّه باريس سان جيرمان إنذاراً شديد اللهجة لجميع المنافسين في دوري أبطال أوروبا من خلال انتصار حمل كل سمات الفوز الكبير في ظل غياب ثلاثي الهجوم الرائع عثمان ديمبيلي، وديزيريه دويه، وخفيتشا كفاراتسخيليا بسبب الإصابة. اعتماد حامل اللقب على مزيج من خريجي الأكاديمية واللاعبين البدلاء والأساسيين ليؤكد عمق تشكيلته.
كان المسرح مُهيأً تماماً لنجم برشلونة الشاب لامين جمال، الذي احتل المركز الثاني بعد ديمبيلي في جائزة الكرة الذهبية الأسبوع الماضي، لكي يُبدع على الملعب الأولمبي، لكن رغم اللمحات التي قدمها من مستودع موهبته فإن الظهير الأيسر لسان جيرمان نونو مينديز حد كثيراً من خطورته. أثبتت المباراة أن الروح الجماعية للفريق الباريسي بقيادة مدربه الإسباني لويس إنريكي هي الحاسمة للنصر، تماماً كما حدث عندما فاز بالبطولة الموسم الماضي.
وقال إنريكي: «يجب أن ندافع عن هويتنا بغض النظر عن الأزمات والغيابات والمشاكل. يجب أن نكون في الموعد دائماً مثل جماهيرنا».
وأضاف: «بغض النظر عن الأسماء التي تبدأ المباراة، نحن حاضرون دائماً... لا يهم من يرتدي القميص، نحن نلعب بهوية واضحة».

وواصل المدرب السابق لبرشلونة قائلاً: «يجب أن أقول إننا قدمنا مباراة جيدة جداً، البداية كانت صعبة للغاية، فقد كانوا يستحوذون على الكرة، وكما هو الحال دائماً أمام برشلونة، لديهم لاعبون يتمتعون بجودة عالية. لكن عندما سجلنا الهدف، اكتسبنا الثقة، وكنا الطرف الأفضل، واستحققنا الفوز لأننا صنعنا كثيراً من الفرص».
وبعد تقدم برشلونة مبكراً عبر فيران توريس، جاء رد باريس سان جيرمان من لاعب غير متوقع، بعد أن أدرك سيني مايولو لاعب الوسط (19 عاماً)، الذي شغل مركز المهاجم، هدف التعادل قبل الاستراحة قبل أن يضيف البرتغالي غونزالو راموس الهدف الثاني في الدقيقة الـ90. وشهد اللقاء تألق وجوه شابة واعدة مع بطل فرنسا، مثل إبراهيم مباي (17 عاماً)، والذي خاض أول مباراة له في المسابقة، بلمسة مميزة في بناء هجمة الهدف الأول بالتعاون مع نونو منديز. كما شارك كوينتين نغانتو (18 عاماً) في ظهوره الاحترافي الثاني فقط، وأظهر ما يكفي من الحيوية والجرأة بعد دخوله بديلاً في الدقائق الأخيرة، ليؤكد ثقة لويس إنريكي به في مثل هذا الموقف. وقال مايولو: «نفخر برؤية هذا العدد من لاعبي باريس الشبان في مباراة كهذه. نعمل بجد يومياً، والمدرب يثق بنا، ويضعنا في التشكيلة الأساسية، ومن واجبنا أن نرد له الجميل».

وأظهر راموس صاحب هدف الفوز براعته في اللحظات الحاسمة بعد مشاركته بديلاً متأخراً.
وأشاد فيتينيا لاعب وسط سان جيرمان بالجهد الجماعي لفريقه، وقال: «كانت مباراة مذهلة، وأنا فخور بهذا الفريق. غاب عنا خمسة لاعبين أساسيين، وتألق لاعبون لا يشاركون كثيراً وقدموا أداءً رائعاً». ولم يعزز الفوز موقف سان جيرمان بعد انتصاره في أول مباراتين له فحسب، بل أكد أيضاً على النهج المتبع من النادي بالاعتماد بشكل كبير على المواهب المحلية بدلاً من الاندفاع وراء الأسماء الرنانة في سوق الانتقالات؛ وهو الأمر الذي سرَّع من تطور أسماء مثل مايولو ومباي ونغانتو.
في المقابل، غاب عن برشلونة أيضاً عدد من اللاعبين المؤثرين بسبب الإصابة، لعل أبرزهم حارس المرمى خوان غارسيا، ورافينيا، وغافي، وفيرمين لوبيز. لكن هذه المباراة كانت بمثابة فرصة للفريق الكاتالوني لكي يثبت جدارته أمام حامل اللقب، كما كان يتوقع لاعب خط وسطه، بيدري، الذي صرّح قبل اللقاء بأنه يعتقد أن برشلونة، الذي خسر في نصف النهائي العام الماضي، هو أفضل فريق في أوروبا حالياً. لكن كانت هذه هي ليلة باريس سان جيرمان، وجهوره الذي يثق بأنه فريقه بات لا يقهر.
وأقرّ الألماني هانزي فليك مدرب برشلونة بأنّ فريقه في حاجة إلى تحسين دفاعه بعد أن تلقى هدفاً متأخراً من سوء التنظيم وفي ظل اندفاع لاعبيه لانتزاع التقدم.
ونجح المغربي أشرف حكيمي في استغلال هفوة في الخط الدفاعي العالي الذي استخدمه النادي الكاتالوني، فانطلق على الجهة اليمنى قبل أن يمرّر كرة عرضية أرضية تابعها راموس في الشباك، ليقر فليك بأن سان جيرمان لعب على مستوى أعلى.
وكان الفريق الكاتالوني خرج من الدور نصف النهائي للنسخة الماضية على يد إنتر ميلان الإيطالي بعد أن ظهرت بوضوح نقاط ضعفه الدفاعية، حيث تلقى سبعة أهداف في مباراتين. وعلق فليك: «عندما تكون النتيجة 1 - 1، يجب أن ندافع بشكل أفضل، وأن يكون لدينا تنظيم دفاعي أقوى... سنتعلم من هذا، وعلينا أن نقدم أداءً أفضل في المرة المقبلة أمام فريق بهذا المستوى من الجودة».
وقال مدرب برشلونة: «سان جيرمان استحق الفوز بالمباراة، لم نكن في أفضل مستوياتنا ولم نستطع مجاراتهم في هذه الأمسية... لا فائدة من القول إننا في المستوى نفسه، لكنني أؤمن بفريقي. ولم يكن هذا يومنا الأفضل».

وأضاف: «نحن نتدرب لنصبح أفضل وأفضل، وهذه المباراة ستفيدنا كثيراً، حتى في المستقبل. الفريق بأكمله يجب أن يدافع، والفريق بأكمله يجب أن يهاجم...».
وختم: «الفلسفة التي يتمتع بها سان جيرمان رائعة. لديهم لاعبون شبان يمتلكون جودة عالية وسرعة كبيرة في التحرك بالكرة، فريق ممتاز جداً».
وأوضح مدرب بايرن ميونيخ الألماني السابق بأن فريقه عندما يكون في أفضل مستوياته سيكون قادراً على مضاهاة فريق الإسباني لويس إنريكي، وقال: «رأينا مستوى باريس سان جيرمان، وأنا واثق بنسبة 100 في المائة أننا قادرون على اللعب بهذا الشكل أيضاً».
وكان العملاق الكاتالوني يأمل في إقامة المباراة على ملعب «كامب نو» بسعته الكاملة التي تزيد على 100 ألف متفرج، لكن سلطات المدينة أكدت أن التجديدات التي استمرت لمدة عامين ما زالت في حاجة إلى بعض الأنظمة الأمنية، وهو الأمر الذي سيحرمه أيضاً من خوض اللقاء المقبل ضد أولمبياكوس اليوناني والمقررة في 21 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي بلعبه.
آرسنال يتقدم
وسيتي يهدر تفوقهوشهدت الجولة الثانية لقاءات بارزة عدة أخرى، حيث حقق آرسنال الانجليزي فوزاً متوقعاً على أولمبياكوس اليوناني بهدفين نظيفين، بينما فرَّط مواطنه مانشستر سيتي بتقدمه مرتين أمام موناكو الفرنسي ليخرج بالتعادل 2 - 2.
على استاد الإمارات في شمال لندن، حسم آرسنال انتصاره على أولمبياكوس بهدفين سجلهما البرازيلي غابريال في الدقيقة الـ12، ثم انتظر حتى الثواني الأخيرة ليضيف له بوكايو ساكا الهدف الثاني.
وعقب اللقاء قال الإسباني ميكيل أرتيتا، المدير الفني لآرسنال إن عمق تشكيلته وقوة دكة البدلاء تجعل الفريق أكثر استعداداً للذهاب بعيداً في دوري الأبطال هذا الموسم.
وتأهل آرسنال للدور قبل النهائي الموسم الماضي، قبل أن يودع البطولة أمام باريس سان جيرمان، الذي توج باللقب في النهاية.
وتمكن أرتيتا من إجراء عملية تدوير في تشكيلة الفريق أمام أولمبياكوس، حيث كان موجوداً على دكة البدلاء أسماء قوية، مثل ديكلان رايس وبوكايو ساكا وإيبيريشي إيزي قبل الدفع بهم بالشوط الثاني. وكان ساكا، هو من قام بتهدئة التوتر، عندما شارك من على دكة البدلاء وسجل الهدف الثاني للفريق. وقال أرتيتا: «مع كامل احترامي، في الموسم كنا ننظر على مقاعد البدلاء ولا نجد بها سوى لاعبين من الأكاديمية، على الأرجح لم يلعبوا كرة قدم احترافية في دوري أبطال أوروبا؛ لذلك هذا الموسم التدعيمات التي قمنا بها قادرة على صنع الفارق». وأضاف: «قررنا إجراء 5 تغييرات خلال الشوط الثاني لأنني أردت أن يشارك الجميع ويشعرون بأنهم جزء من الفريق». وأردف: «كان لدينا أيضاً الشعور بأننا كنا ننهار بدنياً؛ لأننا خضنا مباراة شديدة القوة ضد نيوكاسل قبل بضعة أيام. اللاعبون الذين شاركوا رفعوا من مستوى الأداء وساعدونا على الفوز بالمباراة، وهذا أمر رائع».
وأكد أرتيتا: «بدأنا المباراة بشكل جيد، سجلنا هدفاً، هددنا مرمى المنافس كثيراً، وكانت هناك فرصتان أو ثلاثة خطيرة، ولكن عندما لا تستغل مثل هذه الفرص في هذه المسابقة، فسيكون عليك أن تحذر، اضطررنا إلى القيام بتصدٍ مذهل لمنعهم من تسجيل هدف، وهو أمر تحتاج إليه أيضاً في هذه البطولة».
وأضاف: «بعد ذلك كانت لدينا لحظات من السيطرة العامة، لكننا تراجعنا قليلاً، وكل مرة كانوا يرسلون فيها كرات إلى داخل منطقة الجزاء كانت تشكل خطورة، أنا سعيد للغاية، الفوز بمباراة في دوري الأبطال دائماً ما يكون صعباً».
وفي موناكو فشل مانشستر سيتي في الحفاظ على تقدمه مرتين وخرج بتعادل 2 - 2 مع فريق الإمارة الفرنسية بعد هدف قاتل لإريك داير في الدقيقة الأخيرة.
وسجل النرويجي الدولي إيرلينغ هالاند هدفي التقدم لسيتي مرتين في الدقيقتين الـ15 والـ44، وعادل الهولندي جوردان تيزه لموناكو في المرة الأولى بالدقيقة الـ18، قبل أن يسجل داير من ركلة جزاء التعادل الثاني بالدقيقة الـ90.
ورفع هالاند رصيده إلى 52 هدفاً في دوري الأبطال خلال مباراته الـ50 بالمسابقة، وبات الآن يرصد رقم الأرجنتيني ليونيل ميسي القياسي كأسرع لاعب يسجل 60 هدفاً في المسابقة القارية. حققها الأرجنتيني في 80 مباراة.
وقال عقب اللقاء: «كل مباراة في دوري الأبطال صعبة، انظروا إلى الموسم الماضي، لقد خرجنا، ليس هناك الكثير من الفرق فازت في أول مباراتين، وهذه هي طبيعة البطولة».
وأضاف: «بالطبع لا أشعر بالارتياح، لم نفز وارتكبنا أخطاء غير ضرورية في الشوط الثاني، لم نلعب بشكل جيد بما يكفي، لا نستحق الفوز». وكشف: «نحتاج إلى طاقة أكبر، كان يجب أن نضغط عليهم أكثر كما فعلنا في الشوط الأول حين سيطرنا أكثر، لكن بالشوط الثاني هم من فرضوا إيقاعهم». وعن أهدافه قال: «يمكنك أن تكون مؤثراً في المباراة بطرق مختلفة، وهذا هو عملي، قمت بدوري في الشوط الأول، أما في الشوط الثاني فلم أفعل».
من جهته، أعرب الإسباني جوسيب غوارديولا مدرب سيتي عن رضاه بشكل عام عن أداء فريقه ونتيجة التعادل، وقال: «لعبنا مباراة جيدة جداً، حاولنا صناعة المزيد من الفرص مع تقليل عدد الفرص على مرمانا، وهذا ما حدث». وأضاف: «منافسنا لديه لاعبون يمتازون بالسرعة، استقبلنا فرصاً قليلة وصنعنا الكثير؛ لذلك أنا سعيد جداً بذلك، لكن بالطبع كنا قريبين من الفوز». وتابع: «لم ندافع جيداً في الركلة الحرة، واستقبلنا ركلة جزاء، في كرة القدم عليك أن تفوز، والأمر في النهاية يتعلق بالنتيجة... إذا حللت المباراة، ستجد أننا قمنا بالكثير من الأمور بشكل جيد، خطوة بخطوة سنتحسن أكثر». ورفض المدرب الإسباني التعليق على قرار احتساب ركلة الجزاء المتأخرة بعد تدخل نيكو ضد داير، حيث قال: «لا، ليس لدي ما أقوله».










