سحق المنتخب الإنجليزي نظيره الصيني بستة أهداف مقابل هدف وحيد في كأس العالم للسيدات في طريقه إلى دور الـ16 للبطولة، حيث سيواجه نيجيريا يوم الاثنين المقبل بحثا عن مكان في دور الثمانية. النتيجة أمام المنتخب الصيني خففت كثيرا من الضغط الذي كانت تعاني منه المديرة الفنية للمنتخب الإنجليزي، سارينا ويغمان، ولاعباتها. وقدم المنتخب الإنجليزي أداء رائعا يتسم بالسرعة الشديدة وأنهى معاناته أمام المرمى وأمطر شباك المنتخب الصيني، المصنف الرابع عشر على العالم، بالأهداف.
وبهذا الأداء القوي، بعث المنتخب الإنجليزي رسالة شديدة اللهجة لكل المنتخبات الأخرى بأنه سيكون منافساً شرساً على اللقب، كما أكدت ويغمان أن المنتخب الإنجليزي يتطور ويتحسن بشكل ملحوظ من مباراة لأخرى خلال البطولة. وكان المنتخب الإنجليزي قد حقق الفوز في أول مباراتين له بالمونديال بهدف دون رد، وهي النتيجة التي أثارت الكثير من الأسئلة بشأن قدرات المنتخب الإنجليزي، سواء في النواحي الدفاعية أو الهجومية، في ظل عدم ظهور كثير من اللاعبات بالمستوى المتوقع.
ومن بين هؤلاء اللاعبات لاعبة تشيلسي ميلي برايت، التي تعتمد عليها ويغمان بشكل دائم في الخط الخلفي. وكانت المباراة الافتتاحية لمنتخب إنجلترا أمام هايتي هي أول مباراة تلعبها برايت منذ تعرضها لإصابة قوية في الركبة، وظهرت قائدة المنتخب الإنجليزي بشكل مهزوز، خاصة عندما كانت تواجه لاعبات سريعات في الهجمات المرتدة. وعلى الرغم من أنها قدمت أداءً أفضل أمام الدنمارك، فإنه كان من الواضح تماماً أنها لا تزال بحاجة إلى بعض الوقت من أجل استعادة لياقتها بالكامل.
وأدى التغيير التكتيكي الذي أجرته ويغمان، من خلال اللعب بثلاث مدافعات في الخط الخلفي، إلى ظهور مدافعة تشيلسي بشكل قوي للغاية، بعدما حصلت على الدعم اللازم من جيس كارتر وأليكس غرينوود، حيث تُكمل هؤلاء اللاعبات الثلاث بعضهن بعضا. لقد ظهرت برايت بهذا الشكل المميز بعدما حصلت على مساندة لم تحصل عليها خلال المباراتين السابقتين. وهناك لقطة واحدة تلخص تماماً التحسن المفاجئ الذي طرأ على ثقتها بنفسها، حيث تقدمت برايت من الخلف لتستخلص الكرة من وو تشنغشو وتتقدم للأمام للقيام بواجباتها الهجومية وتمرر الكرة إلى لورين جيمس، التي مررت بدورها الكرة إلى لورين هيمب لتسجيل الهدف الثاني للمنتخب الإنجليزي.
لم تكن برايت اللاعبة الوحيدة التي استفادت من الحرية التي منحتها ويغمان للاعباتها من خلال هذا التغيير الخططي. كانت أليسيا روسو، التي تلعب دائماً في مركز المهاجم الصريح، قد عانت من تراجع واضح في المستوى خلال الأشهر الأخيرة. ولم تسجل اللاعبة البالغة من العمر 24 عاماً أي هدف في ثماني مباريات، كما كانت هيمب وتشولي كيلي تعانيان أيضا فيما يتعلق بإنهاء الهجمات أمام المرمى، على الرغم من امتلاكهما قدرات وفنيات هائلة. عادت هيمب إلى التشكيلة الأساسية في هذه المباراة، بينما ظلت كيلي على مقاعد البدلاء.
لقد قيل الكثير عن فشل المنتخب الإنجليزي في إحراز الأهداف من اللعب المفتوح - كان هدف جيمس في مرمى الدنمارك هو الأول للمنتخب الإنجليزي من اللعب المفتوح منذ أبريل (نيسان) الماضي - وكانت طريقة اللعب التي اعتمدت عليها ويغمان أمام الصين مناسبة تماما للاعبات اللائي يمتلكن قدرات هجومية جيدة، حيث نجحت روسو وهيمب وجيمس وكيلي ودالي في هز الشباك. وقالت كيلي: «بمجرد أن يتم إحراز هدف، تبدأ الأهداف الأخرى في التدفق. إنه لأمر رائع أن تسجل عددا كبيرا من الأهداف، لأن ذلك يساعد في زيادة الثقة».
ولعب المنتخب الإنجليزي بمرونة كبيرة، وانطلقت اللاعبات في المساحات الخالية، ومارسن الضغط العالي على لاعبات الصين، ودخلت دالي ولوسي برونز إلى عمق الملعب من على الأطراف، ووجدتا نفسيهما في بعض الأحيان داخل منطقة الجزاء وكأنهما تلعبان في مركز قلب الهجوم. وكانت روسو مشاركة في كل الهجمات التي لعبها المنتخب الإنجليزي تقريباً، حيث كان تعود إلى عمق الملعب لتسلم الكرة والتحكم في زمام الأمور.
وافتتحت روسو التسجيل بهدف رائع ذكرنا جميعا بما كانت تفعله في نهائيات كأس الأمم الأوروبية 2022. في غضون ذلك، قدمت جيمس أداءً استثنائياً وحصلت على جائزة أفضل لاعبة في المباراة. وأشادت ويغمان بفريقها بعدما نجح في تطبيق طريقة اللعب الجديدة بشكل رائع، وقالت: «عندما ناقشنا الأمر وتحدثنا عن الأشياء التي نريد تغييرها، آمن الجميع بذلك على الفور». وأضافت: «ما نحاول أن نفعله دائماً هو استغلال قدرات لاعباتنا على النحو الأمثل قدر الإمكان. لعبنا بثلاث لاعبات في الخط الخلفي، ثم فعلنا الأشياء بشكل مختلف قليلاً ومارسنا الضغط العالي على المنافس. لقد أظهر الفريق أننا قادرون على التكيف حقاً».
في الحقيقة، كان من المفاجئ أن نرى هذا التغيير الكبير من مديرة فنية معروفة بأنها محافظة وتغير في أضيق الحدود، خاصة في البطولات الكبرى. صحيح أنها ربما تكون قد اضطرت إلى ذلك بسبب إصابة كيرا والش في الركبة، لكن يجب التأكيد مرة أخرى على أن أفضل مديرة فنية في العالم لهذا العام قد نجحت في الوصول إلى الحل المناسب. في بطولة كأس الأمم الأوروبية العام الماضي، كانت نقطة القوة الأكبر لويغمان تتمثل في قوة تغييراتها، لكنها أظهرت الآن قدرات كبيرة فيما يتعلق بالعمل الخططي والتكتيكي والمرونة والتكيف مع أي تغيرات قد تطرأ.
وسواء كان هذا التغيير الخططي قد حدث بسبب الظروف التي طرأت أو لأي سبب آخر، فقد يكون منعطفاً خطيراً فيما يتعلق بقدرة المنتخب الإنجليزي على المنافسة على اللقب. في بعض الأحيان خلال الأشهر الأخيرة، كان من السهل التنبؤ بما يقدمه المنتخب الإنجليزي، لكن هذا التغيير الخططي أظهر القدرة على التكيف والتأقلم واللعب بشكل غير تقليدي. من المؤكد أن نيجيريا «العنيدة» ستكون اختباراً مختلفاً وأكثر قوة في دور الستة عشر، وسيتعين على المنتخب الإنجليزي التكيف مرة أخرى. لكن المنتخب الإنجليزي سيخوض تلك المباراة بثقة أكبر وهو يعرف أنه يستطيع أن يجني ثمار عدم قدرة المنافسين على التنبؤ بما سيقدمه.
ماري إيربس، حارسة مرمى المنتخب الإنجليزي، أشادت بالمدربة ويغمان، ووصفتها بأنها «العقل المدبر»، بعدما أعادت الحياة للفريق عقب قيامها بتغيير طريقة اللعب، والصعود للأدوار الإقصائية في بطولة كأس العالم بعد تحقيق العلامة الكاملة في دور المجموعات. نقاد رياضيون أشاروا إلى أن تغيير ويغمان طريقة اللعب من 4 - 3 - 3 إلى 3 - 5 - 2 في غياب لاعبة خط الوسط كيرا والش، جعل المنتخب الإنجليزي يختتم مبارياته في دور المجموعات بهز شباك المنتخب الصيني 6 مرات، ليضرب موعدا مع المنتخب النيجيري في دور الـ16 يوم الاثنين المقبل في بريزبن.
وكانت هناك بعض الأنباء السارة لجماهير المنتخب الإنجليزي، (الجمعة)، بعدما تم الكشف عن أن والش كثفت جهودها للتعافي من الإصابة في الركبة التي تعرضت لها في مواجهة الدنمارك، وأنها تتبع برنامجا فرديا للتعافي السريع، فيما خاضت الـ22 لاعبة الأخرى تدريبا جماعيا بملعب سنترال كوست. وبسؤالها عما إذا كان المنتخب يتدرب على طريقة اللعب الجديدة منذ فترة، قالت إيربس: «لا، ليس حقا، أعني أن سارينا هي العقل المدبر خلف كل طرق اللعب والتشكيل، لذلك، نعم نحن نفعل ما يطلب منا».
ويحتل المنتخب الإنجليزي، بطل أوروبا، المركز الرابع في التصنيف العالمي. وكانت بداية المنتخب الإنجليزي مثيرة للقلق في البطولة بعدما فاز بصعوبة على هايتي 1 / صفر، وهو فريق يأتي خلفه في التصنيف العالمي بـ49 مركزا، كما فاز على المنتخب الدنماركي بفضل أول أهداف لورين جيمس في بطولات كأس العالم. وقالت إيربس: «أدرك أن النتائج ربما لم تكن التي أرادها الناس، ولكن، في النهاية نحن نلعب في كأس العالم». وحال فوز المنتخب الإنجليزي على نظيره النيجيري، المصنف رقم 40 على العالم، سيلتقي مع الفائز من المباراة التي تجمع بين المنتخب الكولومبي ونظيره الجامايكي في دور الثمانية من البطولة.