شهدت جلسة «مستقبل الرياضة: نظرة نحو العقد القادم» ضمن فعاليات منتدى كرة القدم العالمي في الرياض نقاشات موسعة حول التحولات العميقة التي يشهدها قطاع الرياضة عالمياً، خصوصاً في ظل التغيرات المتسارعة في صناعة الإعلام وطرق استهلاك المحتوى، وتنامي دور الرياضات الإلكترونية في المشهد الرياضي الحديث.
وأكد رالف رايتشرت، الرئيس التنفيذي لمؤسسة كأس العالم للرياضات الإلكترونية خلال حديثه على أن عالم المحتوى يمر بمرحلة انتقالية غير مسبوقة، إذ لم يعد محصوراً في النماذج المحلية التقليدية، بل أصبح أكثر عالمية مع دخول شركات كبرى غيرت معايير الصناعة.
وأشار إلى أن «نتفليكس» شكّلت نقطة تحول حين أصبحت أول شركة إعلامية عالمية تنتج محتوى احترافياً على نطاق دولي، في وقت كانت فيه وسائل الإعلام الأخرى مجزأة وغير قادرة على المنافسة في إطار موحد. وأضاف أن هذا التحول يعكس توجّهاً مشابهاً لما حدث في قطاعات عالمية أخرى مثل التجارة الإلكترونية، حيث باتت الشركات الكبرى تهيمن على الأسواق الدولية وتعيد رسم خريطة الصناعة.
وأوضح رايتشرت أن «يوتيوب» يمثّل نموذجاً مكملاً لكنه مختلف تماماً، لأنه يقوم على المحتوى الذي ينتجه المستخدمون، مما جعله أحد أكبر اللاعبين في الإعلام الحديث إلى جانب المنصات الاحترافية.
وأوضح أن هذه التغيرات مجتمعة تنقل الإعلام من بنية محلية ضيقة إلى فضاء عالمي واسع التأثير، وهو ما يترك انعكاسات هائلة على الرياضة التي كانت دورياتها محلية بطبيعتها، وكشف بأن فهم كيفية دمج هذا التحول في مستقبل القطاع يعد سؤالاً معقداً يحتاج وقتاً أطول للإجابة عنه.
من جانبه، تحدث بيتر هاتون، عضو مجلس إدارة الدوري السعودي للمحترفين عن جانب آخر من التحول، مشيراً إلى أن كرة القدم كانت تعتمد تاريخياً على ثلاثة مصادر رئيسية للدخل، هي بيع التذاكر، والرعايات، وحقوق البث.
وأوضح أن الواقع الجديد يكشف عن طيف أوسع بكثير من الإيرادات المحتملة، خاصة مع توجه الجماهير لتعريف أنفسهم كمشجعين لنادٍ معيّن أو مشاركين في تجربة رياضية، وهو ما يفتح أمام القطاع أبواباً جديدة بالكامل.
وبيَّن هاتون أن نشر المحتوى بصورة تمكّن الجهات الرياضية من فهم بيانات المستهلك يعزز قدرة الصناعة على خلق نماذج إيرادات متعددة تشمل السفر المرتبط بالمباريات، والإنفاق على الأعمال المحلية المحيطة بالأندية، والتجارب الترفيهية الجديدة التي يتشاركها الجمهور تحت هوية واحدة، وأضاف أن هذا التنوع يمنح الرياضة التقليدية والرياضات الإلكترونية على حد سواء فرصة استثنائية للنمو على مستويات جماهيرية وتجارية غير مسبوقة.
وأكد هاتون أن على الجهات الرياضية ألا تكتفي بالجلوس داخل إطار الإعلام التقليدي، بل يجب أن تكون أكثر استباقية في البحث عن الجمهور وبناء علاقة تفاعلية معه.
مؤكداً بأن تخصيص حقوق إعلامية للمنصات الخاصة بالجهات الرياضية واللاعبين والمؤثرين يسهم في سرد قصص أقرب للمشجع وأكثر تفاعلية.
وأشار إلى أن واحدة من الأفكار المثيرة التي نوقشت في الجلسة هي تمكين الجمهور من إعادة خلق لحظات المباريات والمشاركة فيها رقمياً، مثل إعادة تنفيذ ركلة حرة في لعبة EA Sports حدثت قبل ساعة في الواقع، وهو ما يعزز الارتباط بين الجمهور والرياضة.
واختتم بأن مستقبل الدوريات لم يعد يقتصر على تنظيم سلسلة من الأحداث، بل يتجه نحو صناعة تجربة عامة متكاملة يصبح فيها الجمهور جزءاً فعلياً من اللعبة، في تطور يعيد تشكيل مفهوم الرياضة وطرق تفاعل المشجعين معها.

