عرضت الصين تعزيز علاقاتها في محادثاتها رفيعة المستوى مع الحكومة الألمانية الجديدة، في الوقت الذي يسعى فيه أكبر شريك تجاري لبكين في أوروبا إلى تهدئة التوترات بشأن قيود المعادن النادرة التي خنقت خطوط الإنتاج الألمانية ودفعت إلى دعوات للحد من المخاطر.
وشهدت علاقات بكين مع برلين تحولاً سريعاً وغير معهود، منذ أن أدى الخلاف حول قيود التصدير الصينية على الرقائق والمعادن النادرة إلى إلغاء وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول زيارة إلى الصين في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وذكرت وسائل الإعلام الرسمية أن رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ قال للمستشار الألماني فريدريش ميرتس، على هامش قمة مجموعة العشرين، يوم الأحد: «الصين وألمانيا شريكان اقتصاديان وتجاريان مهمان».
ونقلت وكالة أنباء «شينخوا» عن ثاني أكبر مسؤول صيني قوله: «ينبغي لحكومتينا العمل معاً لتعزيز الحوار والتواصل لمعالجة مخاوفهما على النحو المناسب»، قبل أن يطرح تعاوناً أوثق في سلسلة من الصناعات الاستراتيجية.
وكان من غير المرجح عقد اجتماع بين الرجلين قبل أشهر فقط، ولكن مع انخراط البلدين في تداعيات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وبحثهما عن سبل لتنويع اقتصادهما بعيداً عن أكبر سوق استهلاكية في العالم، تم تنحية هذه الخلافات جانباً.
ومن المتوقع أن يزور ميرتس الصين قريباً؛ حيث من المقرر أن يلتقي بالرئيس الصيني شي جينبينغ، بينما اتفق كبير الدبلوماسيين وادفول مع نظيره الصيني وانغ يي في وقت سابق من هذا الشهر على إعادة جدولة زيارته إلى العاصمة الصينية.
وفي غضون ذلك، التقى وزير المالية الألماني لارس كلينغبيل، الأسبوع الماضي، نائب رئيس الوزراء الصيني، هي ليفينغ، المسؤول الاقتصادي البارز، لإجراء محادثات قال البلدان إنها عززت الجهود المبذولة لتجاوز التوترات التجارية.
العلاقات التجارية تتغلب على التوترات
وعلى الرغم من الخلافات حول دعم بكين لروسيا وأفعالها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وانتقاد برلين اللاذع لسجل الصين في مجال حقوق الإنسان وسياستها الصناعية المدعومة من الدولة، فلا تزال الدولتان مرتبطتين بعلاقة تجارية واسعة النطاق تعود بالنفع على الطرفين.
واشترت الصين سلعاً ألمانية بقيمة 95 مليار دولار العام الماضي، نحو 12 في المائة منها سيارات، وفقاً للبيانات الصينية، مما يضعها ضمن أكبر 10 شركاء تجاريين للاقتصاد الصيني الذي يبلغ حجمه 19 تريليون دولار. بينما اشترت ألمانيا سلعاً صينية بقيمة 107 مليارات دولار، معظمها رقائق إلكترونية ومكونات إلكترونية أخرى.
لكن برلين تبرز كشريك استثماري للصين؛ حيث ضخت 6.6 مليار دولار كرأس مال جديد في عام 2024، وفقاً لبيانات معهد «ميركاتور» لدراسات الصين، وهو ما يُمثل 45 في المائة من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في الصين من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.
وقال لي إنه يأمل «أن تحافظ ألمانيا على سياسة عقلانية وعملية تجاه الصين، وأن تتخلص من التدخل والضغط»، وذلك خلال اجتماعهما في جنوب أفريقيا التي تستضيف أول قمة لمجموعة العشرين في القارة.
وبالنسبة لألمانيا، تُمثل الصين سوقاً لا غنى عنها تقريباً للسيارات، وهي مسؤولة عما يقرب من ثلث مبيعات شركات صناعة السيارات الألمانية. كما تتمتع شركات الكيماويات والأدوية الألمانية بحضور كبير في البلاد، على الرغم من أنها تواجه ضغوطاً متزايدة من المنافسين المحليين.
وأضاف لي: «الصين مستعدة للعمل مع ألمانيا لاغتنام فرص التنمية المستقبلية... في المجالات الناشئة مثل الطاقة الجديدة، والتصنيع الذكي، والطب الحيوي، وتكنولوجيا طاقة الهيدروجين، والقيادة الذكية».
