أكد الرئيس التنفيذي لشركة «أرامكو السعودية»، أمين الناصر، يوم الاثنين، أن أهمية النفط والغاز لا يمكن التقليل منها، خصوصاً في أوقات الصراعات -وهو ما نشهده حالياً- مشيراً إلى أن هذه الحقيقة تتجلى بوضوح في الوضع الراهن الذي يشهده العالم.
جاء ذلك في كلمة ألقاها عبر الفيديو خلال مؤتمر آسيا للطاقة 2025، في كوالالمبور، والذي يركز هذا العام على «تحقيق التحوّل في قطاع الطاقة في آسيا».
وقال الناصر: «لأن وقائع التاريخ أثبتت لنا أنه عند نشوب الصراعات، لا يُمكن التقليل من أهمية النفط الخام والغاز. ونحن نشهد ذلك في الوقت الراهن، في ظل استمرار التهديدات لأمن الطاقة وتسببها في قلق على الصعيد العالمي... ويخبرنا التاريخ أيضاً أن مصادر الطاقة الجديدة لا تحل محل التقليدية، بل تُضيف إلى مزيج الطاقة».
دروس من الواقع
وأوضح الناصر أن التحديات المرتبطة بتحوّل الطاقة منذ عامين قد كشفت عن دروس مهمة، أبرزها أن «خطة التحوّل قد تمت المبالغة في تقديرها، ولم يتم تنفيذها بالشكل المطلوب في أجزاء كبيرة من العالم، خصوصاً في آسيا». وأضاف أن البعض «ظنّ أن التحول سيكون سريعاً ومباشراً، وسينتهي بزوال مصادر الطاقة التقليدية». لكن الواقع يثبت عكس ذلك، إذ «لا يزال الطلب على النفط يتجاوز 100 مليون برميل يومياً، دون أي مؤشر على انهياره».
تحديات التحوّل
سلّط الناصر الضوء على العيوب العميقة في السردية الشائعة حول تحوّل الطاقة، مشيراً إلى أن «التحديات التي فرضها الواقع أظهرت عيوباً تقنية واقتصادية وسياسية واجتماعية عميقة». فمن جهة، يُعد هذا التحوّل «مكلفاً للغاية»، وقد تصل تكلفة الوصول إلى الحياد الصفري للانبعاثات إلى 200 تريليون دولار. ومن جهة أخرى، يثبت الواقع أن مصادر الطاقة المتجددة، رغم أهميتها ونموها، «لم تصل إلى الدرجة الكافية من الاعتمادية لتحمل الأعباء والمخاطر القائمة».
وبناءً عليه، بات تحقيق أمن الطاقة وإتاحتها بأسعار معقولة مطلبين أساسيين إلى جانب الاستدامة، بوصفها أهدافاً محورية لعملية التحوّل. وأشار إلى أن «الواقعية والبراغماتية بدأت تأخذ مكانها بديلاً عن المثالية، وهذا أمر جيد، خصوصاً بالنسبة إلى آسيا».
آسيا ومستقبل الطاقة
تعد آسيا محرك النمو العالمي وأكبر منطقة مستهلكة للطاقة، حيث تمثل نحو نصف الطلب العالمي. وأكد الناصر أنه «من دون الاهتمام باحتياجات آسيا ومواردها، لن يكون للتحوّل تأثير حقيقي، مع إدراكنا لحاجة القارة الآسيوية إلى مصادر الطاقة المتنوعة التي لا يمكن لأي مصدر منفرد أن يلبيها».
وشدد على أن «طاقة الرياح والطاقة الشمسية والمركبات الكهربائية لا تلبي احتياجات الطلب اليوم، فضلاً عن احتياجات الطلب المستقبلي». لذا، يظل «النفط الخام والغاز جزءاً أساسياً من مزيج الطاقة اليوم، وسيكونان محورين في تلبية الطلب المتزايد وحماية أمن الطاقة المستقبلي». وأكد أهمية مواصلة الجهود «لخفض الانبعاثات من هذه المصادر الحيوية».
التعاون لرسم مستقبل طاقة آمن ومستدام
لخص الناصر رؤيته بأن الهدف على المدى الطويل ليس التخلي عن الطاقة التقليدية، بل «تحسينها، مع التوسع بوتيرة واقعية في حلول جديدة». ودعا كل دولة إلى امتلاك «استراتيجية مرنة ومصمَّمة خصيصاً لها في مجال الطاقة» يمكنها تنفيذها بناءً على وضعها الحالي وما تستطيع تحمله، مع «تقبّل فكرة أن التحوّل لن يكون سلساً، خصوصاً في عالم تسوده حالة من التقلبات وعدم اليقين».
واختتم الناصر كلمته بالدعوة إلى تعاون غير مسبوق بين الحكومات وقطاع الطاقة والمبتكرين في مجالي الطاقة الجديدة والتقليدية. مؤكداً ضرورة أن «يسمع العالم صوت تحوّل الطاقة الملائم لآسيا بما يتناسب مع حجمها الاقتصادي»، والعمل معاً على «دعم مستقبل طاقة أكثر أمناً واستدامة وبأسعار معقولة»، والانتقال إلى «خطة تحوّل طموحة قابلة للتنفيذ ولكن تستند إلى الواقع».