الصين تؤكد الاتفاق مع أميركا... وتدعو لالتزام واشنطن

الأسواق مستقرة بانتظار مزيد من التفاصيل

لين جيان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية في مؤتمر صحافي دوري يوم الخميس بالعاصمة بكين (د.ب.أ)
لين جيان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية في مؤتمر صحافي دوري يوم الخميس بالعاصمة بكين (د.ب.أ)
TT

الصين تؤكد الاتفاق مع أميركا... وتدعو لالتزام واشنطن

لين جيان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية في مؤتمر صحافي دوري يوم الخميس بالعاصمة بكين (د.ب.أ)
لين جيان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية في مؤتمر صحافي دوري يوم الخميس بالعاصمة بكين (د.ب.أ)

أكدت الصين، يوم الخميس، اتفاقها التجاري الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مشدِّدة على ضرورة التزام الجانبين بالتوافق، ومؤكدة أن الصين ملتزمة بوعودها دائماً.

ويُمثِّل هذا الاتفاق، الذي تمَّ التوصُّل إليه بعد اتصال هاتفي بين ترمب والرئيس الصيني شي جينبينغ، الأسبوع الماضي، هدنةً هشّةً في الحرب التجارية بين أكبر اقتصادَين في العالم.

وقال لين جيان، المتحدث باسم وزارة الخارجية، في مؤتمر صحافي دوري: «لطالما التزمت الصين بوعودها وحققت نتائج ملموسة. والآن، وبعد التوصُّل إلى توافق، يتعيَّن على الجانبين الالتزام به».

وكانت المكالمة الهاتفية بين ترمب وشي قد أنهت أزمةً اندلعت بعد أسابيع فقط من التوصُّل إلى اتفاق أولي في جنيف. وأعقب هذه المكالمة سريعاً مزيد من المحادثات في لندن، التي وصفتها واشنطن بأنها «أبرزت» اتفاق جنيف لتخفيف الرسوم الجمركية الانتقامية الثنائية. وتعثَّرت اتفاقية جنيف؛ بسبب استمرار الصين في فرض قيود على صادرات المعادن؛ مما دفع إدارة ترمب إلى الرد بفرض ضوابط تصديرية تمنع شحنات برمجيات تصميم أشباه الموصلات، ومحركات الطائرات النفاثة الصينية الصنع، وغيرها من السلع إلى الصين.

وصرَّح ترمب، يوم الأربعاء، بأنه سعيد للغاية بالاتفاقية التجارية. وقال في برنامج «تروث سوشيال»: «لقد أُبرمت اتفاقيتنا مع الصين، وهي رهن الموافقة النهائية مني ومن الرئيس شي». وأضاف: «ستقوم الصين بتوريد كامل المغناطيسات، وأي معادن أرضية نادرة ضرورية، مقدماً. وبالمثل، سنوفر للصين ما تم الاتفاق عليه، ومن بين ذلك الطلاب الصينيون الذين يدرسون في كلياتنا وجامعاتنا (وهو أمر لطالما كان جيداً معي!). سنحصل على رسوم جمركية إجمالية بنسبة 55 في المائة، بينما تحصل الصين على 10 في المائة».

ومع ذلك، لا تزال تفاصيل الاتفاقية الأخيرة وكيفية تنفيذها غير واضحة. صرَّح مسؤول في البيت الأبيض بأن نسبة الـ55 في المائة تمثل مجموع الرسوم الجمركية المتبادلة الأساسية البالغة 10 في المائة التي فرضها ترمب على السلع المستوردة من جميع شركاء الولايات المتحدة التجاريين تقريباً، و20 في المائة على جميع الواردات الصينية المرتبطة باتهامه للصين بالتقصير في وقف تدفق الفنتانيل إلى الولايات المتحدة، بالإضافة إلى الرسوم السابقة البالغة 25 في المائة على الواردات من الصين، التي فُرضت خلال فترة رئاسة ترمب الأولى.

وبدورها، أوضحت وزارة التجارة الصينية، يوم الخميس، بأن الصين ستواصل تعزيز إجراءات فحص واعتماد طلبات تصدير المعادن الأرضية النادرة. وأكد المتحدث باسم الوزارة، هي يادونغ، خلال مؤتمر صحافي دوري، استعداد الصين لتعزيز التواصل والحوار بشأن ضوابط التصدير مع الدول المعنية، وتسهيل التجارة المتوافقة.

ووسط الغموض الذي لا يزال يحاصر الاتفاق الأميركي - الصيني الذي جرى في العاصمة البريطانية لندن، استقرَّت الأسهم الصينية بعد انخفاضها الأولي، وانخفضت أسهم هونغ كونغ يوم الخميس، مدفوعةً بانخفاضات في قطاع التكنولوجيا.

وقال جيسون تشان، كبير استراتيجيي الاستثمار في «بنك شرق آسيا» في هونغ كونغ: «ما زلنا لا نعرف ما إذا كان ما يقوله ترمب سيتحقق بالفعل. من المخيب للآمال عدم تخفيض معدلات الرسوم الجمركية على الإطلاق، وعدم ذكر القيود التقنية على الصين حتى». وأضاف أن المحادثات تركت قضايا رئيسية، مثل صادرات الرقائق، دون معالجة؛ مما يعني أن الصراعات ستبرز في المستقبل، بينما لا أحد يعلم إلى متى ستستمر الهدنة الحالية.

وعند استراحة منتصف النهار، ارتفع مؤشر «سي إس آي 300» الصيني للأسهم القيادية بنسبة 0.03 في المائة، معوضاً بذلك خسارة سابقة بلغت 0.6 في المائة، ومستعيداً أعلى مستوى له في 3 أسابيع الذي لامسه في الجلسة السابقة. وانخفض مؤشر «هانغ سنغ» القياسي في هونغ كونغ بنسبة 0.5 في المائة، متراجعاً عن أعلى مستوى له في نحو 3 أشهر.

وقادت أسهم التكنولوجيا الخسائر في كل من الأسواق المحلية والخارجية. انخفض مؤشر «سي إس آي» لأشباه الموصلات بنسبة 1.1 في المائة، بينما خسر مؤشر «هانغ سنغ» للتكنولوجيا في هونغ كونغ 1 في المائة.

ومن بين أكبر الخاسرين، انخفضت شركة «إس إم آي سي» لصناعة الرقائق بنسبة 1.7 في المائة إلى أدنى مستوى لها في أسبوع. وتراجع سهم «علي بابا» بنحو 2 في المائة، وانخفض سهم شركة «إكس بنغ» لصناعة السيارات الكهربائية بنسبة 5 في المائة. وارتفع مؤشر «سي إس آي» للمعادن النادرة بنسبة 0.4 في المائة بعد انخفاضه بنحو 1 في المائة في الجلسة الصباحية، مسجلاً أعلى مستوى له منذ نوفمبر (تشرين الثاني).

وتكافح الأسواق الصينية للتعافي من صدمات التجارة خلال الشهرين الماضيين، بعد أن أعلن ترمب رسوماً جمركية شاملة في 2 أبريل (نيسان)، مما هدَّد نظام التجارة العالمي. ولم يحقِّق مؤشر «سي إس آي 300» أي مكاسب تُذكر منذ ذلك الحين، بينما ارتفع مؤشر «هانغ سنغ» القياسي في هونغ كونغ بنحو 4 في المائة، متخلفاً عن ارتفاع مؤشر «إم إس سي آي» العالمي الذي بلغ نحو 10 في المائة خلال تلك الفترة.

وصرَّح وانغ تشو، الشريك في «شوتشو إنفستمنت»، بأن السوق أقل تأثراً بمحادثات التجارة، وأن المستثمرين يُحوِّلون تركيزهم إلى الأساسيات الاقتصادية. وأضاف: «يكمن مفتاح الصين الآن في تعزيز ثقة المُصنِّعين، وكسر الاتجاه الانكماشي».

في غضون ذلك، رفعت الصين سعر اليوان الرسمي إلى أعلى مستوى له في أكثر من شهرين يوم الخميس، لكن دون مستوى توقعات السوق.

وقبل افتتاح السوق، حدَّد «بنك الشعب الصيني» متوسط سعر اليوان عند 7.1803 للدولار، وهو أعلى مستوى له منذ 2 أبريل. ويُسمَح لليوان الفوري بالتداول بنسبة 2 في المائة فوق سعره الثابت يومياً.

مع ذلك، جاء السعر الرسمي أقل بـ100 نقطة مئوية من تقديرات «رويترز» البالغة 7.1703، وهو ما فسَّره بعض المتداولين على أنها محاولة رسمية للحفاظ على استقرار اليوان في مواجهة ضعف الدولار على نطاق واسع في الأسواق العالمية.


مقالات ذات صلة

الذهب يستقر وسط طلب الملاذات الآمنة بعد مقترحات ترمب الجمركية

الاقتصاد سبائك الذهب بغرفة صناديق الودائع الآمنة في «برو أوروم» بميونيخ (رويترز)

الذهب يستقر وسط طلب الملاذات الآمنة بعد مقترحات ترمب الجمركية

استقرت أسعار الذهب يوم الثلاثاء، مدعومة بالطلب على الملاذات الآمنة في أعقاب المقترحات الجديدة التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن فرض تعريفات جمركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مركز «موسكو سيتي» التجاري خلف جدار الكرملين (أرشيفية - رويترز)

عجز الموازنة الروسية يصل إلى المستوى المستهدف لعام 2025

أعلنت وزارة المالية الروسية أن عجز الموازنة بلغ 3.69 تريليون روبل (46.89 مليار دولار)، وهو ما يعادل الهدف السنوي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد مبنى بنك إسرائيل في القدس (رويترز)

بنك إسرائيل يُبقي أسعار الفائدة دون تغيير

أبقى بنك إسرائيل، يوم الاثنين، سعر الفائدة قصيرة الأجل دون تغيير، مشيراً إلى استمرار الضغوط التضخمية و«حالة عدم اليقين الجيوسياسي».

«الشرق الأوسط» (القدس)
الاقتصاد تماثيل صغيرة مع أجهزة كمبيوتر وجوالات ذكية أمام عبارة «الذكاء الاصطناعي» (رويترز)

التسويق الرقمي... رافعة الكفاءة الاقتصادية في عصر البيانات

في عصرٍ تقوده البيانات وتتسارع فيه التحولات الرقمية بات التسويق الرقمي ركيزة أساسية للكفاءة الاقتصادية لا مجرد وسيلة ترويج.

آيات نور (الرياض )
الاقتصاد شاحنة تمر بجانب حاويات مكدسة في ميناء تانجونغ بريوك لدى جاكرتا (رويترز)

إندونيسيا ترسل كبير مفاوضيها إلى واشنطن قبيل 9 يوليو لإبرام اتفاق تجاري

أعلنت الحكومة الإندونيسية أنها سترسل كبير مفاوضيها إلى الولايات المتحدة يوم الاثنين، قبل حلول الموعد النهائي الذي حدّدته واشنطن في 9 يوليو الحالي.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)

الذهب يستقر وسط طلب الملاذات الآمنة بعد مقترحات ترمب الجمركية

سبائك الذهب بغرفة صناديق الودائع الآمنة في «برو أوروم» بميونيخ (رويترز)
سبائك الذهب بغرفة صناديق الودائع الآمنة في «برو أوروم» بميونيخ (رويترز)
TT

الذهب يستقر وسط طلب الملاذات الآمنة بعد مقترحات ترمب الجمركية

سبائك الذهب بغرفة صناديق الودائع الآمنة في «برو أوروم» بميونيخ (رويترز)
سبائك الذهب بغرفة صناديق الودائع الآمنة في «برو أوروم» بميونيخ (رويترز)

استقرت أسعار الذهب يوم الثلاثاء، مدعومة بالطلب على الملاذات الآمنة في أعقاب المقترحات الجديدة التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بشأن فرض تعريفات جمركية إضافية على شركاء تجاريين رئيسيين، بما في ذلك اليابان وكوريا الجنوبية، في حين كبحت مكاسب عوائد سندات الخزانة الأميركية أي زخم صعودي إضافي للمعدن النفيس.

وتراجع سعر الذهب الفوري بنسبة 0.1 في المائة إلى 3331.85 دولار للأوقية، بحلول الساعة 06:12 بتوقيت غرينيتش، في حين استقرت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة عند 3341.80 دولار، وفق «رويترز».

وكان ترمب قد بدأ يوم الاثنين، بإخطار شركاء الولايات المتحدة التجاريين بأن الرسوم الجمركية المرتفعة ستدخل حيز التنفيذ في 1 أغسطس (آب)، في خطوة تُعدّ مرحلة جديدة في الحرب التجارية التي أطلقها في وقت سابق من هذا العام. وشملت الإجراءات فرض رسوم بنسبة 25 في المائة على سلع مستوردة من اليابان وكوريا الجنوبية.

وأكد ترمب أن الموعد النهائي في 1 أغسطس هو «موعد حاسم»، لكنه أشار إلى إمكانية تمديده في حال قدمت الدول المعنية مقترحات تفاوضية مقبولة.

وكان قد تم وضع سقف مؤقت للرسوم المتبادلة عند 10 في المائة حتى 9 يوليو (تموز) لإفساح المجال للمفاوضات، لكن الاتفاقيات التي أُبرمت حتى الآن اقتصرت على بريطانيا وفيتنام.

وقال تيم ووترر، كبير محللي السوق لدى شركة «كيه سي إم تريد»: «يبدو أن المتداولين لم يتأثروا كثيراً بخطابات ترمب حول الرسوم الجمركية، ومع بقاء الطلب على الملاذ الآمن محدوداً في هذه المرحلة، لا يزال الذهب بانتظار محفز صعودي فعلي».

وأضاف ووترر أن ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية، إلى جانب مرونة الأسواق الآسيوية في التعامل مع تطورات الملف الجمركي، يُقيّدان أي ارتفاع محتمل في أسعار الذهب الفوري.

وفي السياق ذاته، استقر العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بالقرب من أعلى مستوياته في أسبوعين. ويُشار إلى أن العوائد المرتفعة تزيد من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب، كونه لا يدرّ عائداً.

في المقابل، وجهت الصين تحذيراً لإدارة ترمب من إعادة تأجيج التوترات التجارية عبر فرض رسوم جديدة على وارداتها الشهر المقبل، وهددت بالرد على الدول التي تعقد اتفاقيات مع واشنطن لاستبعاد بكين من سلاسل التوريد العالمية.

وقد أثارت تعريفات ترمب الجمركية مخاوف من تصاعد التضخم، ما يزيد من تعقيد مهمة مجلس الاحتياطي الفيدرالي في تحديد مسار أسعار الفائدة المستقبلية.

ومن المتوقع أن يوفر محضر اجتماع الفيدرالي لشهر يونيو (حزيران)، والمقرر صدوره يوم الأربعاء، مؤشرات إضافية حول توجهات السياسة النقدية المقبلة للبنك المركزي الأميركي.

أما في أسواق المعادن النفيسة الأخرى، فقد استقرت الفضة الفورية عند 36.75 دولار للأوقية، وتراجع البلاتين بنسبة 0.1 في المائة إلى 1368.93 دولار، بينما ارتفع البلاديوم بنسبة 0.2 في المائة ليصل إلى 1112.88 دولار.