بلغ معدل التوظيف في السعودية ذروته ليشهد نمواً لأعلى مستوى له منذ أكثر من عقد، نتيجة الجهود الحكومية المكثفة وبرامج الدعم المقدمة إلى القطاع الخاص من أجل تسريع وتيرة التوظيف وخفض معدل البطالة التي تراجعت بين السعوديين إلى أدنى مستوياته مسجلاً 7 في المائة خلال عام 2024، وفق أحدث تقرير لـ«رؤية 2030».
فقد كشف مؤشر مديري المشتريات الصادر عن بنك الرياض في المملكة، عن زيادة قوية في مستويات التوظيف في القطاع الخاص غير المنتج للنفط خلال أبريل (نيسان) الماضي، وتسارع معدل نمو التوظيف إلى أسرع وتيرة له في 10 سنوات ونصف، وجاء مطابقاً للمستوى المسجل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، حيث وسَّعت الشركات من قدرتها على التوظيف استجابةً لارتفاع المبيعات وزيادة النشاط.
وحسب المؤشر، سعت الشركات إلى تعيين موظفين إضافيين استجابةً لازدياد أعباء العمل وتوقعات الطلب الإيجابية، مستهدفةً مجالات مثل تكنولوجيا المعلومات والتسويق.
إنشاء كيانات جديدة
وفي إطار تحقيق المستهدف الحكومي نحو توسيع معدلات التوظيف وخفض نسبة البطالة، يتحرك صندوق تنمية الموارد البشرية في هذا الاتجاه لتحفيز الشركات والمؤسسات على التوظيف من خلال مبادرات وبرامج دعم تقدَّم إلى القطاع الخاص؛ من أجل إشراك السعوديين في سوق العمل. وفي المقابل، تنفِّذ الدولة مشاريع عملاقة حالياً تتطلب إنشاء كيانات وأجهزة عامة جديدة؛ من هيئات ومراكز ودخول شركات كبيرة ومتوسطة وصغيرة، من أجل تنفيذ هذه المشاريع على أرض الواقع، وهو ما يتطلب أيضاً توسيع نطاق التوظيف، وأسهم في خفض معدل البطالة في المملكة.
واصل مؤشر مديري المشتريات أداءه الإيجابي، مما يشير إلى تحسن قوي في القطاع الخاص غير النفطي للمملكة وارتفاع مستويات التوظيف.للمزيد، يمكنكم الاطلاع على النشرة التحليلية: pic.twitter.com/1nMcydwNaB
— وزارة الاقتصاد والتخطيط (@MEPSaudi) May 5, 2025
وأوضح مختصون في الموارد البشرية أن معدل التوظيف في السعودية يشهد نمواً عالياً منذ إطلاق «رؤية 2030» التي وضعت قاعدة أساسية إعادة هيكلة القطاعات كافة، وخلقت أنشطة اقتصادية واعدة وجديدة، ما أسهم في رفع معدل التوظيف وخفض نسبة البطالة.
إعادة هيكلة القطاعات
وقال المختص في الموارد البشرية علي آل عيد، لـ«الشرق الأوسط»، إن مؤشر مديري المشتريات يُظهر ارتفاع مستويات التوظيف بوتيرة أسرع لتصل إلى 54.5 نقطة، مسجلةً أعلى قراءة منذ أكتوبر 2023، وهذا يؤكد أن القطاع الخاص غير النفطي للمملكة يشهد تحسناً قوياً وأداءً إيجابياً، مبيناً أن «رؤية 2030» تمكنت من إعادة هيكلة القطاعات كافة وخلق أنشطة اقتصادية جديدة، مما رفع من معدل التوظيف.
وأفاد آل عيد بأن الحكومة أصدرت تعديلات شاملة على الأنظمة والتشريعات لتمكين القطاع الخاص، وتسهيل دخول الشركات الأجنبية إلى السوق السعودية، مؤكداً أن هذه الخطوة أسهمت في ضخ مزيد من الوظائف في السوق المحلية وخفض معدل البطالة ورفع القدرات البشرية الوطنية المؤهلة.
وأضاف أن برامج صندوق الموارد البشرية تؤدي دورها في تحفيز الشركات والمؤسسات على توظيف المواطنين من خلال برامج ومبادرات تُسرِّع من عملية التوظيف في المملكة.
المشاريع العملاقة
من جهته، ذكر أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز، الدكتور سالم باعجاجة، لـ«الشرق الأوسط»، أن وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تؤدي دورها في تحفيز القطاع الخاص على التوظيف، وتُصدر قرارات توطين بشكل دوري في عدد من الأنشطة والمهن في سوق العمل، وهو ما أسهم في زيادة عمليات التوظيف.
وتابع الدكتور سالم باعجاجة أن القطاعات الواعدة والجديدة تمكَّنت من خلق مزيد من فرص العمل، إلى جانب برامج الدعم المقدمة إلى القطاع الخاص وتسهيلات دخول الشركات الأجنبية، التي بدورها عملت على ضخ مزيد من الوظائف.
وأكمل باعجاجة أن المشاريع العملاقة التي تنفَّذ حالياً في السعودية تتطلب دخول الشركات الكبرى والصغرى، وهو ما يحتاج أيضاً ضخ مزيد من الوظائف للتواكب مع حجم تلك المشاريع.
تحسُّن ظروف الأعمال
إلى ذلك، سجل مؤشر مديري المشتريات في السعودية 55.6 نقطة في أبريل (نيسان)، مما يشير إلى تحسن قوي في ظروف الأعمال على مستوى شركات القطاع الخاص غير المنتج للنفط، على الرغم من انخفاضه من 58.1 نقطة في مارس (آذار)، مسجلاً أدنى مستوى له منذ أغسطس (آب) 2024.
ويعود التراجع في المؤشر في المقام الأول إلى انخفاضٍ بأكثر من 4 نقاط في المكون الفرعي الخاص بالطلبات الجديدة.
وطبقاً للمؤشر، ارتفع نشاط الأعمال التجارية في الشركات غير المنتجة للنفط في المملكة بشكل حاد في بداية الربع الثاني، إذ أفادت الشركات على نطاق كبير بزيادة الإنتاج نتيجة ارتفاع المبيعات، والموافقة على المشاريع الجديدة، وزيادة أعداد السياح.
ورغم أن معدل نمو الإنتاج كان ملحوظاً، فإنه كان الأبطأ في 7 أشهر، ويرجع ذلك جزئياً إلى تباطؤ زيادة المبيعات، وفي بعض الحالات أشارت الشركات إلى أن حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي أثَّرت على إنفاق العملاء، في حين أوضحت شركات أخرى ازدياد الضغوط التنافسية.