البنوك الأوروبية تواجه خطر انقضاء ذروة أرباح 2025

وسط تصاعد التوترات العالمية

شعار بنك «بي إن بي باريبا» خارج مبناه في باريس (رويترز)
شعار بنك «بي إن بي باريبا» خارج مبناه في باريس (رويترز)
TT

البنوك الأوروبية تواجه خطر انقضاء ذروة أرباح 2025

شعار بنك «بي إن بي باريبا» خارج مبناه في باريس (رويترز)
شعار بنك «بي إن بي باريبا» خارج مبناه في باريس (رويترز)

في ظل تصاعد التوترات التجارية وتراجع الثقة في الاقتصاد العالمي، تواجه البنوك الأوروبية الكبرى خطر أن يكون الربع الأول من عام 2025، الذي حققت فيه أداءً قوياً، قد شكّل ذروة أرباح العام.

فقد تبدّدت التوقعات بمواصلة الزخم في الإقراض والخدمات المصرفية الاستثمارية، بعدما أعلنت الولايات المتحدة خططاً لفرض زيادات جمركية مزدوجة الرقم على عشرات الشركاء التجاريين، مما أحدث اضطراباً في الأسواق المالية ورفع بشكل حاد من احتمالات الركود العالمي، وفق «رويترز».

في هذا السياق، من المرجح أن يكون موسم أرباح البنوك الأوروبية للربع الأول -الذي يبدأ مع بنك «بي إن بي باريبا» يوم الخميس، وينتهي في الثاني من مايو (أيار)- ذروة الأرباح لهذا العام بالنسبة إلى المؤسسات المالية الرائدة في المنطقة.

ويتوقع المستثمرون والمحللون تباطؤ نمو الإيرادات، وتوجّهاً أعمق نحو الإقراض عالي المخاطر، مما قد يؤثر على توزيعات الأرباح وبرامج إعادة شراء الأسهم والمخصصات المخصّصة لتغطية خسائر القروض المستقبلية.

ورغم استمرار حالة عدم اليقين، يرى ويليام هاوليت، المحلل المالي في شركة «كويلتر شيفيوت»، أن البنوك الأوروبية قادرة على الحفاظ على أداء تفوقي نسبياً، لا سيما في ظل التقييمات المنخفضة حالياً. وأضاف: «في بيئة كهذه، تميل الأسواق إلى تفضيل البنوك ذات الجودة العالية، التي تسجّل عادةً ربحية أعلى من حيث العائد على حقوق الملكية الملموسة».

وتزداد المخاوف أيضاً بشأن جودة الائتمان. ففي تقريرها الصادر في 17 أبريل (نيسان) حول التخلف عن السداد، رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تقديرها لمعدل التخلف عن السداد العالمي الأساسي لنهاية عام 2025 من 2.5 في المائة إلى 3.1 في المائة، مع احتمال أن يبلغ هذا المعدل 6 في المائة في السيناريوهات الأكثر تشاؤماً.

وقال مسؤول مصرفي كبير لـ«رويترز» إن البنوك الأوروبية تتعرض لضغوط متزايدة لتكثيف مخصصاتها لمواجهة خسائر القروض، في ظل تنامي المخاوف من حدوث صدمات اقتصادية أشد. وذكر أن بعض المؤسسات قد تبادر باتخاذ هذه الخطوة خلال الربع الحالي، مستندةً إلى توقعات منقّحة، في تكرار للنهج الذي اتبعته البنوك خلال جائحة كوفيد-19.

وفي الولايات المتحدة، أفصحت بنوك كبرى مثل «جيه بي مورغان تشيس»، و«غولدمان ساكس»، و«مورغان ستانلي» عن ارتفاع في أرباح الربع الأول مدفوعةً بآمال انتعاش في نشاط إبرام الصفقات ونمو الشركات. لكنَّ هذه البنوك حذّرت أيضاً من تحديات قادمة. ووفقاً لغوراف أرورا، رئيس قسم تحليل المنافسين في «كواليشن غرينتش»، فإن ارتفاع الطلب على إعادة موازنة المحافظ الاستثمارية قد يدعم مبيعات وأرباح التداول، إلا أن نمو الإيرادات في أنشطة الاستشارات والاكتتاب سيظل محدوداً.

في المقابل، بدأت توقعات بنوك الاستثمار الأوروبية تتجه نحو الانخفاض؛ فـ«غولدمان ساكس» خفض تقديراته لإيرادات «بي إن بي باريبا» لعام 2025 بنسبة 7 في المائة، بينما قدّر محللو «كيه بي دبليو» في مذكرة بعنوان «الهدوء الذي يسبق العاصفة» أن الأرباح ستتراجع بنسبة 20 في المائة نتيجة مزيج من تباطؤ نمو القروض، وانخفاض الفائدة، وارتفاع المخصصات، وتراجع الرسوم.

ورغم هذا، حافظ بعض المقرضين مثل بنك «نورديا» الفنلندي على توقعاتهم السنوية دون تغيير، متجاهلين حالة الغموض الاقتصادي.

مؤشرات التوتر تتصاعد

تُظهر أدوات قياس الائتمان الأوروبية بوادر ضغط متزايد، مما يعكس التحديات التي تواجهها البنوك في دعم المقترضين المعرّضين للخطر. وارتفع الفارق في عقود مقايضة الائتمان الافتراضية لخمس سنوات iTRAXX Europe Crossover Credit Default Swap (CDS) -التي تقيس تكلفة التأمين ضد التخلف عن السداد لـ75 شركة غير مصنفة ضمن الدرجة الاستثمارية- بنحو 7 نقاط أساس إلى 373 نقطة أساس يوم الثلاثاء، وفق بيانات «ستاندرد آند بورز». ورغم انخفاضه عن ذروته الأخيرة البالغة 427 نقطة أساس في التاسع من أبريل، فإنه يظل أعلى من مستوياته في مارس (آذار).

وفي اجتماعه السنوي بواشنطن هذا الأسبوع، كرّر صندوق النقد الدولي دعواته المؤسسات المالية إلى ضرورة ضمان امتلاكها سيولة كافية لمواجهة تقلبات الأسواق والمخاطر الجيوسياسية المتصاعدة. كما حذّر من أن ميزانيات البنوك قد تبدو أقوى مما هي عليه فعلياً، مشيراً إلى «تباين كبير» في كثافة الأصول المرجّحة بالمخاطر حتى بين البنوك ذات النماذج المتشابهة.

وقد شهد شهر أبريل الجاري أكبر تقلبات في الأسواق العالمية منذ جائحة كوفيد-19 في 2020، مع تراجعات ملحوظة في أسهم البنوك الأوروبية الكبرى مثل «ستاندرد تشارترد» و«إتش إس بي سي» بنسبة 5 في المائة تقريباً، و«دويتشه بنك» بنسبة 2.5 في المائة، و«يو بي إس» بنسبة تقارب 10 في المائة، مما يعكس تراجع شهية المستثمرين في ظل غياب الاستقرار.


مقالات ذات صلة

شركات الطاقة السعودية تحقق 26 مليار دولار أرباحاً في الربع الأول

الاقتصاد مستثمران يراقبان أسعار الأسهم على شاشة تداول السعودية (رويترز)

شركات الطاقة السعودية تحقق 26 مليار دولار أرباحاً في الربع الأول

حققت شركات الطاقة المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) أرباحاً بلغت نحو 97.76 مليار ريال سعودي (26.06 مليار دولار) خلال الربع الأول من عام 2025.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد رسم بياني لمؤشر أسعار سهم «داكس» الألماني في بورصة فرنكفورت (رويترز)

تراجع «الأسهم الأوروبية» بعد 4 أيام من الارتفاع

تراجعت الأسهم الأوروبية، الأربعاء، بعد 4 أيام من الارتفاع المتواصل عقب اتفاقات التجارة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد شعار «فوكسكون» على نظام نقل الحركة للدراجات الكهربائية خلال يوم التكنولوجيا السنوي 2024 في تايبيه (رويترز)

رغم ضبابية الرسوم... أرباح «فوكسكون» التايوانية تقفز 91 %

أعلنت شركة «فوكسكون» التايوانية، أكبر مُصنّع للإلكترونيات بموجب التعاقد في العالم، الأربعاء، عن قفزة بنسبة 91 في المائة في أرباحها الفصلية، متجاوزة التوقعات.

«الشرق الأوسط» (تايبيه )
الاقتصاد الناصر خلال مشاركته بمؤتمر «سيرا ويك» في هيوستن بأميركا (أرشيفية - أ.ف.ب)

رئيس «أرامكو السعودية»: سوق النفط لا تزال قوية رغم التقلبات الأخيرة

قال الرئيس التنفيذي لشركة «أرامكو السعودية»، المهندس أمين الناصر، إن سوق النفط لا تزال قوية رغم التقلبات التي حدثت في المدة الماضية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مقر «سينومي سنترز» في السعودية (موقع الشركة)

«سينومي سنترز» السعودية تحقق ربحاً صافياً بقيمة 59.3 مليون دولار في الربع الأول

ارتفع صافي ربح «سينومي سنترز» السعودية بنحو 20 في المائة على أساس سنوي إلى 222.7 مليون ريال (59.3 مليون دولار) بالربع الأول.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

بيسنت: عروض أوروبا التجارية ضعيفة وتهديد الرسوم لتحفيز التفاوض

وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت (رويترز)
وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت (رويترز)
TT

بيسنت: عروض أوروبا التجارية ضعيفة وتهديد الرسوم لتحفيز التفاوض

وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت (رويترز)
وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت (رويترز)

أكد وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، يوم الجمعة، أن الرئيس دونالد ترمب لا يرى أن عروض الاتحاد الأوروبي التجارية للولايات المتحدة ذات جودة كافية، معرباً عن أمله في أن يساهم تهديد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المائة اعتباراً من الأول من يونيو (حزيران) في «تحقيق تغيير إيجابي في مفاوضات الاتحاد الأوروبي مع واشنطن».

وأشار بيسنت في تصريحاته لقناة «فوكس نيوز» إلى أن العديد من الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة يتفاوضون بحسن نية، باستثناء الاتحاد الأوروبي، وفق «رويترز».

وأضاف وزير الخزانة الأميركي أنه لا يتوقع تغييرات كبيرة في مجلس الشيوخ على مشروع قانون الضرائب والإنفاق الشامل الذي أقره مجلس النواب بفارق ضئيل يوم الخميس.

وقال: «لا أتوقع أن يكون هناك تغيير جوهري. وأنا أحترم موقف السيناتور (رون) جونسون الذي يؤكد ضرورة ضبط الإنفاق إلى جانب تعزيز نمو الاقتصاد».