أظهرت بيانات نُشرت يوم الثلاثاء، أن سوق العمل البريطانية بدأت تظهر بوادر ضعف قبيل تطبيق زيادة ضريبة أصحاب العمل هذا الشهر، في حين استمر نمو الأجور بوتيرة قوية، ما يضع بنك إنجلترا أمام معضلة معقدة بشأن سياسة أسعار الفائدة.
وذكر مكتب الإحصاء الوطني أن عدد الوظائف الشاغرة انخفض دون مستويات ما قبل جائحة «كوفيد - 19» للمرة الأولى منذ الأشهر الثلاثة المنتهية في مايو (أيار) 2021، وذلك خلال فترة الثلاثة أشهر المنتهية في مارس (آذار)، وفق «رويترز».
وأشارت البيانات الأولية التي قدمها أصحاب العمل للسلطات الضريبية إلى انخفاض عدد الموظفين بمقدار 78 ألفاً في مارس، في حين تم تعديل بيانات فبراير (شباط)، لتُظهر تراجعاً بمقدار 8 آلاف وظيفة، مقارنةً بتقدير سابق بزيادة بلغت 21 ألفاً.
وقال جاك كيندي، كبير الاقتصاديين في موقع «إنديد» للتوظيف: «تشير الأرقام إلى تراجع طفيف في سوق العمل»، لكنه أضاف أن هذه البيانات «تعكس أيضاً نظرة إلى الوراء، حيث إن التحديات تزداد وسط تقلبات تعريفات ترمب الجمركية، وزيادة مساهمات التأمين الوطني، ورفع الحد الأدنى للأجور الذي دخل حيز التنفيذ مؤخراً».
ومن المتوقع أن تؤدي السياسات التجارية الصارمة للرئيس الأميركي دونالد ترمب، بما في ذلك الرسوم الجمركية الجديدة، إلى تباطؤ النمو العالمي، مما يفاقم التحديات التي تواجه الاقتصاد البريطاني، سواء بشكل مباشر من خلال صادراته، أو بشكل غير مباشر عبر التأثير الأوسع على الاقتصاد العالمي.
وقالت يائيل سيلفين، كبيرة الاقتصاديين في شركة «كي بي إم جي» في المملكة المتحدة، إن ارتفاع تكاليف التوظيف منذ أبريل (نيسان) - نتيجة لزيادة مساهمات الضمان الاجتماعي التي وافقت عليها وزيرة المالية راشيل ريفز - قد يؤدي إلى إبطاء نمو الأجور في الفترة المقبلة.
كما ارتفع الحد الأدنى للأجور في المملكة المتحدة بنحو 7 في المائة هذا الشهر، ما يرفع من تكاليف الأجور الإجمالية.
وعلى الرغم من بعض المؤشرات على ضعف التوظيف، لا يزال نمو الأجور قوياً بدرجة تُبقي بنك إنجلترا متردداً في المضي قدماً بخفض أسعار الفائدة، في ظل سعيه لتحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة.
ويسعى البنك المركزي البريطاني إلى تقييم ما إذا كانت ضغوط الأجور في سوق العمل قد بدأت في الانحسار بما يكفي للسماح بتيسير السياسة النقدية، في الوقت الذي يراقب فيه عن كثب تأثير التعريفات الجمركية التي فرضها ترمب.
وأظهرت بيانات مكتب الإحصاء الوطني أن متوسط الدخل الأسبوعي - باستثناء المكافآت - ارتفع بنسبة 5.9 في المائة خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في فبراير، مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي، متجاوزاً الزيادة المُعدلة البالغة 5.8 في المائة للفترة المنتهية في يناير (كانون الثاني).
وبالنسبة لأجور القطاع الخاص - دون احتساب المكافآت - وهي أحد المؤشرات التي يراقبها بنك إنجلترا لقياس التضخم المحلي، فقد ارتفعت بنسبة 5.9 في المائة، دون تغيير عن وتيرة الأشهر الثلاثة السابقة.
وكان استطلاع أجرته «رويترز» قد توقّع نمواً بنسبة 6 في المائة، لكلا المقياسين المتعلقين بالأجور.
أما معدل البطالة، المستند إلى المسح الذي يُجريه مكتب الإحصاء الوطني - والذي لم يعُد يُعتبر مؤشراً دقيقاً على أوضاع سوق العمل - فقد استقر عند 4.4 في المائة.