انتقادات أوروبية لرسوم ترمب على السيارات ودعوات للتفاوض

لتجنب تصعيد النزاع التجاري

تصطف سيارات «تويوتا» الجديدة في أكبر منشأة لمعالجة الواردات في أميركا الشمالية في ميناء لونغ بيتش بكاليفورنيا (أ.ب)
تصطف سيارات «تويوتا» الجديدة في أكبر منشأة لمعالجة الواردات في أميركا الشمالية في ميناء لونغ بيتش بكاليفورنيا (أ.ب)
TT
20

انتقادات أوروبية لرسوم ترمب على السيارات ودعوات للتفاوض

تصطف سيارات «تويوتا» الجديدة في أكبر منشأة لمعالجة الواردات في أميركا الشمالية في ميناء لونغ بيتش بكاليفورنيا (أ.ب)
تصطف سيارات «تويوتا» الجديدة في أكبر منشأة لمعالجة الواردات في أميركا الشمالية في ميناء لونغ بيتش بكاليفورنيا (أ.ب)

انتقد وزير الاقتصاد الألماني ونقابة صناعة السيارات الألمانية الرسوم الجمركية التي أعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، التي تبلغ 25 في المائة على السيارات المستوردة إلى الولايات المتحدة، معتبرين إياها خطوة ضارة بالاقتصادين الأوروبي والأميركي، وداعين إلى إجراء مفاوضات عاجلة لتجنب تصعيد النزاع التجاري.

وشهدت أسهم شركة «فولكس فاغن»، التي تعد أكثر الشركات الألمانية تأثراً بسبب اعتمادها الكبير على التوريد من المكسيك وقلة إنتاج علامتيها التجاريتين «أودي» و«بورشه» في الولايات المتحدة، انخفاضاً بنسبة 5.1 في المائة في تداولات ما قبل السوق. كما تراجعت أسهم «مرسيدس – بنز» و«بي إم دبليو» و«دايملر تراك» بنحو 3.5 في المائة، في حين هبطت أسهم مورد السيارات «كونتيننتال» بنسبة 2.9 في المائة، وفق «رويترز».

وأكد وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، على ضرورة اتخاذ موقف أوروبي حازم، قائلاً: «يجب على الاتحاد الأوروبي الرد بقوة – ويجب أن يكون واضحاً أننا لن نتراجع أمام الولايات المتحدة».

من جهتها، وصفت نقابة «في دي إيه» الألمانية لصناعة السيارات الرسوم الجمركية الجديدة بأنها «إشارة قاتلة» لنظام التجارة الحرة القائم على القواعد، محذرة من تداعياتها السلبية على الشركات وسلاسل التوريد العالمية. وقالت هيلديغارد مولر، رئيسة اتحاد مصنعي السيارات الألماني: «نحن ندعو إلى مفاوضات فورية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بهدف التوصل إلى اتفاقية ثنائية».

ورغم هذه المخاوف، أفادت صحيفة «فايز» بأن الأبحاث التي أجراها معهد «إيفو» الاقتصادي أظهرت أن ألمانيا لن تكون الاقتصاد الأكثر تأثراً بالرسوم الجمركية الأميركية. ووفقاً لتقديرات المعهد، من المتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي الألماني بنسبة 0.18 في المائة في السنة الأولى بعد تطبيق الرسوم، مقارنة بتراجع أكبر في المكسيك بنسبة 1.81 في المائة وفي كندا بنسبة 0.6 في المائة.

وقال جوليان هينز، الخبير الاقتصادي في «إيفو»: «بشكل عام، ستكون خسائر الصادرات الألمانية محدودة؛ حيث إن السيارات عادة ما تُنتج بالقرب من الأسواق المستهدفة للبيع».

وفي السياق نفسه، صرح وزير المالية الفرنسي، إريك لومبارد، أن خطة ترمب لفرض رسوم جمركية على السيارات والشاحنات الخفيفة المستوردة اعتباراً من الأسبوع المقبل تمثل «نبأ سيئاً للغاية»، مؤكداً أن الحل الوحيد في الوقت الحالي هو أن يرفع الاتحاد الأوروبي بدوره رسومه الجمركية. وأعرب لومبارد عن أمله في أن تُجرى محادثات قريباً مع نظرائه الأميركيين لبحث خفض تلك الرسوم، مشدداً على أن الحرب التجارية لن تؤدي إلى نتائج إيجابية.

أمّا وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، فقد أوصى بضرورة شراء السيارات الإسبانية والأوروبية الصنع، وذلك بعد إعلان ترمب عن رسومه الجديدة. وأشار إلى أن هذه السيارات تتمتع بإعفاء من الرسوم الجمركية، بالإضافة إلى جودتها العالية وأسعارها التنافسية. وفي مقابلة مع قناة «تي في إي» التلفزيونية، قال ألباريس: «إنها فرصة سانحة للاطلاع على السيارات الاستثنائية المصنوعة في إسبانيا وأوروبا».

من جانبها، أكدت وزيرة المالية البريطانية، راشيل ريفز، أن المملكة المتحدة لا تسعى إلى تصعيد حرب تجارية مع الولايات المتحدة، وأنها تعمل بجد مع واشنطن لضمان إعفاء بريطانيا من الرسوم الجمركية. وفي حديثها لشبكة «سكاي نيوز»، رداً على سؤال حول ما إذا كانت بريطانيا ستتخذ إجراءات انتقامية، قالت ريفز: «لسنا في وضع يسمح لنا بتصعيد هذه الحروب التجارية، فالحروب التجارية لا تخدم مصلحة أحد».

وأضافت، في مقابلة مع «بي بي سي»: «تصعيد الرسوم الجمركية لن يضر ببريطانيا فحسب، بل سيؤثر سلباً على الولايات المتحدة أيضاً. لذلك نحن نعمل جاهدين في الأيام المقبلة لضمان التوصل إلى اتفاق جيد لبريطانيا».

ومن المقرر أن تدخل الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة على السيارات والشاحنات الخفيفة حيز التنفيذ في 3 أبريل (نيسان)، أي بعد يوم من إعلان ترمب عن رسوم جمركية متبادلة تستهدف الدول التي يحمّلها مسؤولية العجز التجاري الأميركي. وتضاف هذه الرسوم إلى التدابير السابقة المفروضة على الصلب والألمنيوم، بالإضافة إلى الرسوم المفروضة على الواردات من المكسيك وكندا والصين.

وتسعى بريطانيا إلى تجنب هذه الرسوم، مستندة إلى أن كلا البلدين يُبلغ عن فوائض تجارية متبادلة، تشمل السلع والخدمات، بسبب اختلافات في طرق القياس. كما تسعى لندن إلى التوصل إلى اتفاق مع واشنطن في مجال التكنولوجيا، على أمل أن يحميها من التأثير المباشر لهذه الرسوم الجمركية على صادراتها.


مقالات ذات صلة

مستقبل السيارات الألمانية في خطر بعد رسوم ترمب الجمركية

الاقتصاد مصنع لإنتاج السيارات في ألمانيا (رويترز)

مستقبل السيارات الألمانية في خطر بعد رسوم ترمب الجمركية

تخلَّفت شركات صناعة السيارات الرائدة في ألمانيا عن معظم منافسيها على مستوى العالم خلال العام الماضي؛ حيث عانت ضعف المبيعات وتراجع الربحية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد سيارات متوقفة في موقف سيارات بميناء نيوارك بنيوجيرسي (رويترز)

ترمب «لا يكترث» إلى ارتفاع أسعار السيارات في أميركا بسبب رسومه الجمركية

أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «عدم اكتراثه» في حال دفعت الرسوم الجمركية التي فرضها على السيارات المستوردة، بشركات صناعة السيارات الأجنبية إلى رفع أسعارها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب والملياردير إيلون ماسك وخلفهما سيارة من شركة «تسلا» في حديقة البيت الأبيض في 11 مارس (آذار) 2025 (أ.ف.ب)

ترمب «لا يكترث» في حال أدت الرسوم الجمركية لارتفاع أسعار السيارات

أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «عدم اكتراثه» في حال دفعت الرسوم الجمركية التي فرضها على السيارات المستوردة إلى رفع أسعارها داخل الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
عالم الاعمال غيوم كارتييه الرئيس التنفيذي للأداء  في «نيسان» خلال عرض استراتيجية الشركة الجديدة

«نيسان» تكشف عن مستقبلها بتشكيلة طرازات عالمية جديدة

نظّمت شركة نيسان موتور المحدودة فعالية حصرية في اليابان، استعرضت خلالها تشكيلة جديدة ومتطورة من السيارات والتقنيات المستقبلية المقرر إطلاقها خلال العامين…

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد عمال يجهزون الطلبيات في مركز توزيع «أمازون» قرب برلين (رويترز)

ارتفاع البطالة في ألمانيا بأسرع وتيرة منذ أكتوبر 2024

ارتفع عدد العاطلين عن العمل في ألمانيا خلال شهر مارس (آذار) بأسرع وتيرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2024، مما يعكس استمرار الضغوط الاقتصادية على سوق العمل.

«الشرق الأوسط»

«غولدمان ساكس»: رسوم ترمب سترفع التضخم وتعرقل النمو وتزيد مخاطر الركود

حاويات شحن في ميناء مونتريال بكندا (أ.ف.ب)
حاويات شحن في ميناء مونتريال بكندا (أ.ف.ب)
TT
20

«غولدمان ساكس»: رسوم ترمب سترفع التضخم وتعرقل النمو وتزيد مخاطر الركود

حاويات شحن في ميناء مونتريال بكندا (أ.ف.ب)
حاويات شحن في ميناء مونتريال بكندا (أ.ف.ب)

مع اقتراب موعد اتخاذ القرار، هذا الأسبوع، بشأن الجولة الأخيرة من الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، توقّع بنك غولدمان ساكس أن تؤدي الرسوم الجمركية الصارمة التي فرضها البيت الأبيض إلى ارتفاع معدلات التضخم والبطالة، وعرقلة النمو الاقتصادي، مشيراً إلى احتمالية حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة، خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة، بنسبة 35 في المائة، وبزيادة عن تقديراته السابقة البالغة 20 في المائة بسبب انخفاض ثقة الشركات والمستهلكين، وضعف الأسس الاقتصادية، ومؤشرات على استعداد مسؤولي البيت الأبيض لقبول ضغوط قصيرة الأجل لتحقيق أهدافهم السياسية.

ويتوقع البنك الاستثماري، الآن، في تحديث لتوقعاته الاقتصادية، أن ترتفع معدلات الرسوم الجمركية بنسبة 15 نقطة مئوية، وهو السيناريو السابق الذي يبدو، الآن، أكثر ترجيحاً عندما يعلن ترمب رسوماً جمركية متبادلة، يوم الأربعاء. ومع ذلك أشار إلى أن استثناءات المنتجات والدول ستُخفض هذه الزيادة، في النهاية، إلى 9 نقاط مئوية.

وعند تطبيق الإجراءات التجارية الجديدة، يتوقع الفريق الاقتصادي في «غولدمان ساكس» تأثيراً سلبياً واسع النطاق على الاقتصاد. وفي مذكرة، نُشرت يوم الأحد، قالت الشركة: «ما زلنا نعتقد أن مخاطر رسوم 2 أبريل (نيسان) المقبل أكبر مما توقّعه كثير من المشاركين في السوق سابقاً».

ترمب يتحدث إلى أعضاء الصحافة أثناء عودته إلى واشنطن على متن الطائرة الرئاسية (أ.ف.ب)
ترمب يتحدث إلى أعضاء الصحافة أثناء عودته إلى واشنطن على متن الطائرة الرئاسية (أ.ف.ب)

التضخم أعلى من المستهدف

وفيما يتعلق بالتضخم، يتوقع «غولدمان ساكس» أن يصل معدل التضخم الأساسي المفضل لديها، باستثناء أسعار المواد الغذائية والطاقة، إلى 3.5 في المائة، خلال عام 2025، بزيادة قدرها 0.5 نقطة مئوية عن التوقعات السابقة، وأعلى بكثير من هدف «الاحتياطي الفيدرالي» البالغ 2 في المائة. وسيصاحب ذلك نمو اقتصادي ضعيف: معدل نمو سنوي قدره 0.2 في المائة فقط خلال الربع الأول، و1 في المائة للعام بأكمله عند قياسه من الربع الأخير من عام 2024 إلى الربع الأخير من 2025، بانخفاض قدره 0.5 نقطة مئوية عن التوقعات السابقة.

بالإضافة إلى ذلك، يتوقع «غولدمان ساكس»، الآن، أن يصل معدل البطالة إلى 4.5 في المائة، بزيادة قدرها 0.3 نقطة مئوية عن التوقعات السابقة. وبالنظر إلى هذه المؤشرات مجتمعة، يتوقع «غولدمان»، الآن، احتمالية حدوث ركود اقتصادي بنسبة 35 في المائة، خلال الاثني عشر شهراً المقبلة، بزيادة عن 20 في المائة في التوقعات السابقة.

وقال «غولدمان ساكس»، في تقريره: «في حين أن المعنويات كانت مؤشراً ضعيفاً للنشاط الاقتصادي، خلال السنوات القليلة الماضية، فإننا أقل استخفافاً بالتراجع الأخير؛ نظراً لضعف الأسس الاقتصادية». كما أكد أن نمو الدخل الحقيقي تباطأ بشكل ملحوظ، ومن المتوقع أن يبلغ متوسطه 1.4 في المائة فقط خلال عام 2025، وعدّل توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2025 من 1.5 في المائة إلى 1.0 في المائة على أساس ربع سنوي.

وتشير التوقعات إلى احتمالية متزايدة لحدوث ركود تضخمي في الاقتصاد، مع انخفاض النمو وارتفاع التضخم. وآخِر مرة شهدت فيها الولايات المتحدة ركوداً تضخمياً كانت في أواخر سبعينات وأوائل ثمانينات القرن الماضي. حينها، رفع «الاحتياطي الفيدرالي»، بقيادة بول فولكر، أسعار الفائدة بشكل كبير، مما دفع الاقتصاد إلى الركود، حيث فضّل البنك المركزي مكافحة التضخم على دعم النمو الاقتصادي.

أسعار الفائدة

وتوقّع «غولدمان ساكس» أن يقْدم «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي على خفض أسعار الفائدة بمقدار ثلاثة أرباع النقطة، هذا العام، في يوليو (تموز)، وسبتمبر (أيلول)، ونوفمبر (تشرين الثاني)، مقارنةً بتوقعاتها السابقة بتخفيضين في يونيو (حزيران)، وديسمبر (كانون الأول).

وقال، في إشارة إلى سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية: «لقد أجّلنا التخفيض الوحيد لعام 2026 في توقعاتنا لبنك الاحتياطي الفيدرالي إلى عام 2025، ونتوقع، الآن، ثلاثة تخفيضات متتالية، هذا العام، في يوليو وسبتمبر ونوفمبر، مما سيُبقي توقعاتنا لسعر الفائدة النهائي دون تغيير عند 3.5 - 3.75 في المائة»، منخفضاً من نطاق 4.25 - 4.50 في المائة حالياً.

كان «الاحتياطي الفيدرالي» قد أبقى على سعر الفائدة القياسي عند 4.25 - 4.50 في المائة، خلال مارس (آذار) الحالي، حيث أشار رئيسه جيروم باول إلى «ارتفاع غير عادي» في حالة عدم اليقين والتحديات في التوقعات الاقتصادية بسبب التغييرات الأخيرة في السياسات التي أجرتها إدارة ترمب.

ورغم أن حجم الرسوم الجمركية الأخيرة لا يزال غير معروف، فقد ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال، يوم الأحد، أن ترمب يدفع فريقه نحو فرض رسوم أكثر صرامة، وهو ما قد يعني فرض ضريبة شاملة بنسبة 20 في المائة على شركاء الولايات المتحدة التجاريين.