مستقبل السيارات الألمانية في خطر بعد رسوم ترمب الجمركية

مصنع لإنتاج السيارات في ألمانيا (رويترز)
مصنع لإنتاج السيارات في ألمانيا (رويترز)
TT
20

مستقبل السيارات الألمانية في خطر بعد رسوم ترمب الجمركية

مصنع لإنتاج السيارات في ألمانيا (رويترز)
مصنع لإنتاج السيارات في ألمانيا (رويترز)

تخلَّفت شركات صناعة السيارات الرائدة في ألمانيا عن معظم منافسيها على مستوى العالم خلال العام الماضي؛ حيث عانت ضعف المبيعات وتراجع الربحية، حسب تحليل أجرته شركة «إرنست أند يونغ» للتدقيق والاستشارات الإدارية.

وبينما أعلنت «فولكس فاغن» عن زيادة طفيفة في مبيعاتها عام 2024، سجلت «بي إم دبليو» و«مرسيدس-بنز» انخفاضاً، ما أدى إلى تراجع إجمالي إيرادات الثلاثي الألماني بنسبة 2.8 في المائة.

في المقابل، نمت مبيعات أكبر 16 شركة صناعة سيارات عالمية التي شملها تحليل «إرنست أند يونغ»، إجمالاً بنسبة 1.6 في المائة، مسجلة أكثر من تريليوني يورو (2.2 تريليون دولار).

وعلى الرغم من أن الشركات المصنِّعة الألمانية لا تزال تمثل ما يقرب من 30 في المائة من هذا الإجمالي -محققة 613 مليار يورو- فإن حصتها السوقية تقلصت مقارنة بالعام السابق.

ومن بين أبرز الشركات العالمية، سجلت مجموعة «ستيلانتيس» أسوأ أداء في المبيعات؛ حيث تراجعت مبيعات الشركة الأم لـ«أوبل» بنسبة 17 في المائة.

كما تواجه شركات صناعة السيارات الألمانية صعوبات من حيث الأرباح التشغيلية؛ حيث تخلَّفت كثيراً عن الشركات اليابانية والأميركية التي كان أداؤها أفضل بكثير.

وعزا محلل السوق في شركة «إرنست أند يونغ»، كونستانتين جال، الصعوبات التي تواجهها شركات صناعة السيارات الألمانية، إلى ضعف المبيعات والاستثمارات المكلفة في مجال التنقل الكهربي، والتي لم تحقق العوائد المتوقعة بعد، وقال: «الطلب ليس بالقوة المأمولة»؛ مشيراً إلى تحديات إضافية مثل أعطال البرمجيات ونفقات إعادة الهيكلة وعمليات استدعاء السيارات.

وأوضح أنه في عام 2023 كانت العلامات التجارية للسيارات الفارهة لا تزال قادرة على فرض أسعار مرتفعة، بينما هذا الوضع قد تغير الآن؛ حيث أدى عدم اليقين الاقتصادي والصراعات العالمية إلى إضعاف الطلب بشكل كبير، موضحاً أن المنافسة سوف تعتمد مرة أخرى بشكل متزايد على السعر.

كما تشعر شركات صناعة السيارات الألمانية بقلق خاص، إزاء المنافسة المتزايدة من الشركات الآسيوية التي تقدم سيارات مبتكرة، ولكنها منخفضة التكلفة في الوقت نفسه.

وتعاني صناعة السيارات ضعف الظروف الاقتصادية وتباطؤ الطلب، وخصوصاً على السيارات الكهربائية. وفي الأشهر الأخيرة أعلن كثير من المصنِّعين والموردين بالفعل عن تدابير لخفض التكاليف، من بينها تسريح عمال.

ويزيد من الضغوط أن النزاع التجاري المتصاعد مع الولايات المتحدة قد يفاقم اضطراب السوق. ونفَّذ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوم الأربعاء الماضي تهديداته، معلناً فرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على جميع واردات السيارات إلى الولايات المتحدة، بدءاً من مطلع أبريل (نيسان) القادم.

ويأتي هذا في وقت عصيب للغاية بالنسبة لشركات صناعة السيارات الألمانية؛ حيث لا تزال الولايات المتحدة أكبر سوق لصادراتها، وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني.


مقالات ذات صلة

تحديث «آبل» (iOS 18.4.1) يحل مشكلة «كاربلاي» ويغلق ثغرات أمنية خطيرة

تكنولوجيا واجه مستخدمو «آيفون» خللاً في خدمة «كاربلاي» اللاسلكي بعد تحديث «iOS 18.4» الذي تسبب في فشل الاتصال بالسيارة أو انقطاعه المفاجئ أثناء القيادة (آبل)

تحديث «آبل» (iOS 18.4.1) يحل مشكلة «كاربلاي» ويغلق ثغرات أمنية خطيرة

أدت المشكلة إلى فشل الاتصال بين الجهاز ونظام الوسائط في السيارة أو انقطاعه بشكل مفاجئ أثناء الاستخدام.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
الاقتصاد امرأة تتفقد منتجات التجميل في أحد المتاجر المحلية بمدينة نيويورك (رويترز)

إنفاق قوي للأميركيين قبيل تطبيق الرسوم يدفع مبيعات التجزئة للارتفاع في مارس

زاد المستهلكون الأميركيون من إنفاقهم خلال الشهر الماضي مدفوعين بشراء سلع مرتفعة الثمن من الإلكترونيات إلى السيارات قُبيل دخول الرسوم الجمركية الموسعة

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد سيارة كهربائية في نقطة شحن على جانب الطريق في لندن (أرشيفية - رويترز)

قفزة 29 % في مبيعات السيارات الكهربائية عالمياً بدعم من الصين وأوروبا

ارتفعت المبيعات العالمية للسيارات الكهربائية والهجينة القابلة للشحن بنسبة 29 في المائة على أساس سنوي في مارس، مدعومةً بالنمو القوي في الصين وأوروبا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أحد معارض شركة «نيسان» اليابانية (أ.ف.ب)

«نيسان» تؤكد التزامها الاستراتيجي بأسواق الخليج والشرق الأوسط

في خطوة لتأكيد مواصلة التزامهم تجاه أسواق المنطقة، أكد مسؤولون تنفيذيون في شركة «نيسان» اليابانية الأهمية الاستراتيجية لأسواق الخليج والشرق الأوسط.

مساعد الزياني (الرياض)
الاقتصاد ازدحام السيارات في ساعة الذروة على الطريق السريعة بالعاصمة الألمانية برلين (رويترز)

تراجع أهمية السيارات في المدن الألمانية

تظل السيارات هي الوسيلة الأكثر أهمية للتنقل في المناطق الريفية، لكن أهميتها تتراجع في المدن في ألمانيا، حسبما أظهر مسح شامل حول التنقل في المدن.

«الشرق الأوسط» (برلين)

تعثر الضرائب على الشركات العملاقة وكبار الأثرياء في ظل ترمب

موظف بنك يعد عملات من فئة 100 دولار (رويترز)
موظف بنك يعد عملات من فئة 100 دولار (رويترز)
TT
20

تعثر الضرائب على الشركات العملاقة وكبار الأثرياء في ظل ترمب

موظف بنك يعد عملات من فئة 100 دولار (رويترز)
موظف بنك يعد عملات من فئة 100 دولار (رويترز)

يعتبر التعاون الدولي في مواجهة التجنّب الضريبي من ضحايا هجوم الرئيس الأميركي دونالد ترمب على التعدّدية، في ظل الانسحاب الأميركي من الاتفاق بشأن فرض ضرائب على الشركات متعددة الجنسية، واتخاذ إجراءات انتقامية من الدول التي تفرض ضرائب على شركات التكنولوجيا العملاقة.

وفي خضمّ النزاع التجاري، أعادت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في العاشر من أبريل (نيسان) التلويح بفرض ضرائب على «إيرادات إعلانات الخدمات الرقمية»، إذا لم تنجح المفاوضات الرامية إلى خفض الرسوم الجمركية.

ضرائب على الخدمات الرقمية

تُتهم شركات التكنولوجيا الرقمية العملاقة، «غوغل» و«أبل» و«فيسبوك» و«أمازون» و«مايكروسوفت»، باستغلال الطبيعة الافتراضية غير الملموسة لأعمالها لتجنّب دفع الضرائب، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وانخرطت فرنسا، وتلتها سبع دول أخرى، في مواجهة مع هذه المجموعات التي طالبتها بالمساهمة عبر دفع ضرائب في عام 2019. وبذلك، حققت هذه الضريبة نحو 780 مليون يورو للدولة الفرنسية في عام 2024، وفقاً لوزارة المالية.

وفي مقابل ذلك، هددت إدارة ترمب منذ عام 2019 بفرض رسوم إضافية على الشمبانيا والأجبان الفرنسية.

وفي مذكرة نُشرت في 21 فبراير (شباط) 2025، استنكر الرئيس الأميركي الضرائب التي تستهدف شركات التكنولوجيا الأميركية التي صار مالكوها ورؤساؤها من حلفائه المقرّبين. وتعهد ترمب في المقابل بـ«فرض رسوم جمركية وأي تدابير أخرى ضرورية للتخفيف من الضرر الذي يلحق بالولايات المتحدة».

على إثر ذلك، ألغت الهند الضريبة الرقمية ابتداء من الأول من أبريل.

كذلك، تدرس لندن إلغاء الضريبة التي تفرضها في هذا المجال، وتُدر على خزينتها 800 مليون جنيه إسترليني سنوياً. وقال وزير التجارة البريطاني جوناثان رينولدز إن «هذه الضريبة ليست شيئاً ثابتاً أو أمراً غير خاضع للنقاش».

وتقول الحكومات التي طبّقت هذه الضرائب أحادية الجانب إنّها مؤقتة بانتظار مآلات المفاوضات الدولية بشأن فرض ضرائب على الشركات متعددة الجنسية.

ضريبة الحد الأدنى

في نهاية عام 2021، شهد اتفاق تاريخي التزام نحو 140 دولة بفرض المزيد من الضرائب على الشركات متعددة الجنسية.

وتمّ اعتماد رُكنَين في هذا المجال. يهدف الركن الأول إلى جعل الشركات متعددة الجنسية، وخصوصاً في القطاع الرقمي، تدفع ضرائب للدول التي يوجد فيها عملاؤها. ويحدّد الركن الثاني حداً أدنى للضريبة من 15 في المائة من الأرباح.

بمجرّد عودته إلى السلطة، سحب دونالد ترمب الولايات المتحدة من الاتفاق وهدّد بإجراءات انتقامية من الدول التي تطبّق الركن الأول على شركات أميركية.

وقال دانيال بون وهو مدير مؤسسة الضرائب (Taxation Foudation)، وهي مؤسسة بحثية أميركية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنّ «المفاوضات متوقّفة منذ بعض الوقت، كانت كذلك حتى في ظل إدارة (الرئيس الأميركي السابق جو) بايدن».

من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي الفرنسي الأميركي غابرييل زوكمان، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أنّ «ردّ الاتحاد الأوروبي في الأسابيع المقبلة سيكون حاسماً»، مضيفاً: «إذا استسلم الاتحاد الأوروبي والدول الأخرى، وسمحت للشركات متعددة الجنسية الأميركية بالتنصل من الضريبة، فإنّ ذلك سيعني للأسف نهاية هذه الاتفاقية المهمّة للغاية».

تطبّق نحو ستين دولة الركن الثاني من الاتفاقية، من بينها اليابان وكندا والبرازيل والمملكة المتحدة وسويسرا والاتحاد الأوروبي.

ضرائب على أصحاب المليارات

في عام 2024، أطلقت مجموعة العشرين برئاسة البرازيل مشروعاً يهدف إلى فرض ضريبة دنيا بنسبة 2 في المائة على الأصول التي تتجاوز قيمتها مليار دولار، كان يُرجح أن تنتج 200 إلى 250 مليار دولار سنوياً. غير أنّ هذا المشروع لم يرَ النور خصوصاً بسبب رفض الولايات المتحدة خلال عهد جو بايدن.

وبينما تعهّدت واشنطن في نوفمبر (تشرين الثاني) بالتعاون في فرض المزيد من الضرائب على أصحاب المليارات، تضعضع المشروع أمام الأولوية التي تمنحها إدارة ترمب لخفض الضرائب، وقربها من أصحاب المليارات.

وفضلاً عن ذلك، أشار دانيال بون إلى أنّ الولايات المتحدة شديدة الحرص على «سيادتها الضريبية»، حتى وإن كان بعض الجمهوريين يؤيّدون فرض ضرائب أكبر على كبار الأثرياء الأميركيين.

وقال: «إذا سألتم بعض أعضاء الكونغرس عن رأيهم باتفاق مجموعة العشرين، فإنّهم سيجيبون: لماذا تتدخّل مجموعة العشرين في فرض ضرائب على أصحاب المليارات؟ هذه مهمّتنا إذا أردنا القيام بذلك».

ويوجد في الولايات المتحدة 30 في المائة من أصحاب المليارات في العالم، وفقاً لمجلّة «فوربس»، تليها الصين والهند وألمانيا مجتمعة.

وخلال مؤتمر عُقد أخيراً في باريس، قال خبير الاقتصاد توماس بيكيتي: «لا يمكننا أن ننتظر حتى تتوصل مجموعة العشرين إلى اتفاق، يجب أن تتحرّك الدول بشكل منفرد في أقرب وقت ممكن».

وأضاف: «يُظهر التاريخ أنّه بمجرّد أن تتبنّى حفنة من الدول القوية إصلاحاً من هذا النوع، فإنّه يصبح القاعدة».