بنوك الاستثمار الأميركية تستعد لخفض الوظائف بسبب عدم اليقين الاقتصادي

متداول يعمل في منصة «غولدمان ساكس» في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يعمل في منصة «غولدمان ساكس» في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
TT

بنوك الاستثمار الأميركية تستعد لخفض الوظائف بسبب عدم اليقين الاقتصادي

متداول يعمل في منصة «غولدمان ساكس» في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يعمل في منصة «غولدمان ساكس» في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)

تستعد بنوك الاستثمار الأميركية لاتخاذ مزيد من خطوات تسريح الموظفين إذا استمر عدم اليقين الاقتصادي في التأثير سلباً على إتمام الصفقات في الأشهر القادمة، وفقاً لتحليلات مختصين ومسؤولي توظيف.

وتسببت تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية على الشركاء التجاريين في اضطراب الأسواق المالية، مما انعكس سلباً على نشاط أسواق رأس المال وزاد من احتمالات التباطؤ الاقتصادي. وقد أدت هذه الاضطرابات إلى تقليص التفاؤل حول انتعاش الصفقات في «وول ستريت» هذا العام، رغم الدعم الحكومي للأعمال، وفق «رويترز».

وقد بدأت بنوك «وول ستريت» الكبرى، مثل «جيه بي مورغان» و«بنك أوف أميركا»، بالفعل في تنفيذ تسريحات سنوية تستهدف الموظفين ذوي الأداء الضعيف، بينما يخطط كل من «غولدمان ساكس» و«مورغان ستانلي» لتسريح موظفين إضافيين في الأسابيع المقبلة.

وحذر المحللون ومسؤولو التوظيف من أنه إذا استمر التباطؤ في صفقات السوق، فستضطر العديد من البنوك والشركات الكبرى إلى إعادة تقييم قواها العاملة بشكل جذري. وقال مايك مايو، المحلل المصرفي في «ويلز فارغو»، إن «هناك توقعات بأن انتعاش قطاع الخدمات المصرفية الاستثمارية قد تأخر، ولكنه لم ينتهِ بعد». وأضاف أنه إذا لم تتحقق الإيرادات المتوقعة بحلول منتصف الصيف، فسيتحمل الموظفون العبء الأكبر.

من جهته، أكد كريس كونورز، مدير شركة «جونسون أسوشيتس» الاستشارية، أن البنوك الكبرى تتحرك بسرعة أكبر لتقليص أعداد موظفيها، بينما قد تسير البنوك الأصغر على نفس الخطى لاحقاً. وأضاف أن البنوك قد تضطر إلى اتخاذ خطوات إضافية لتقليص القوى العاملة إذا لم يتم تحقيق أهداف التخفيض بشكل سريع.

وفيما يتعلق بالبيانات المالية، انخفضت رسوم الخدمات المصرفية الاستثمارية العالمية بنسبة 6.3 في المائة، مسجلةً 16.83 مليار دولار في الفترة بين 1 يناير (كانون الثاني) و13 مارس (آذار)، مقارنة بـ17.96 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي، وفقاً للبيانات الأولية الصادرة عن «ديلوجيك». ويُعتبر هذا الانخفاض أكثر حدة مقارنة بالربع الرابع، الذي شهد انتعاشاً في صفقات الاستثمار.

كما شهدت عروض الأسهم الأميركية تباطؤاً ملحوظاً هذا العام، حيث بلغت الإصدارات 57 مليار دولار حتى 19 مارس، بانخفاض عن 69 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي.

من جانبه، أشار العديد من المصرفيين إلى أن التوقعات الاقتصادية غير المؤكدة أثرت سلباً على ثقة المديرين التنفيذيين في القدرة على إتمام الطروحات العامة الأولية في الأرباع القادمة.

ورغم أن المكافآت في بنوك «وول ستريت» شهدت ارتفاعاً العام الماضي مع انتعاش النشاط، فإن هناك مخاوف من أن هذه المكافآت قد تكون مهددة بحلول عام 2025. على سبيل المثال، ارتفعت مكافآت مصرفيي «بنك أوف أميركا» بنسبة 10 في المائة في المتوسط لعام 2024، في حين حصل الرؤساء التنفيذيون للبنوك على زيادات في رواتبهم نتيجة انتعاش النشاط في إبرام الصفقات.

وبينما تأثرت أسهم البنوك الكبرى بشكل طفيف، إلا أن أسهم البنوك الاستثمارية الصغيرة شهدت تراجعاً كبيراً. فقد انخفضت أسهم «إيفركور» بنسبة 22 في المائة منذ بداية العام، في حين تراجعت أسهم «جيفريز» بنسبة 21 في المائة، مقارنة بارتفاع بنسبة 3.5 في المائة لأسهم «جيه بي مورغان» و1.3 في المائة لـ«غولدمان ساكس».

وأكد «غولدمان ساكس» أنه لا يعلق على التفاصيل المتعلقة بالتخفيضات السنوية، لكن أشار إلى أنها جزء من عملية إدارة المواهب السنوية المعتادة.

من المتوقع أن تقوم البنوك بمراجعة كوادرها بعد الموجة المعتادة من التوظيف والرحيل التي تلي دفعات المكافآت السنوية، وفقاً لمسؤولي التوظيف. وأضافت بريان ستيرلينغ، رئيسة قسم الخدمات المصرفية الاستثمارية في شركة «سيلبي جينينغز» للتوظيف، أن «الشركات تدرس حالياً احتياجاتها من الموظفين وكيفية ملء الكوادر اللازمة للنمو، أو حتى تقليص أعدادها هذا العام». وأشارت إلى أن هناك مجالاً للنمو في قطاعات مثل الائتمان الخاص والتكنولوجيا، لكن قطاعات الاستهلاك والصناعة والبناء تواجه تباطؤاً محتملاً.

وفي تحذير آخر، أعلنت شركة «أوبنهايمر» الأميركية للوساطة أنها لم تعد تتوقع نمواً في إيرادات الخدمات المصرفية الاستثمارية هذا العام بسبب حالة عدم اليقين الناجمة عن الرسوم الجمركية، بعدما كانت قد توقعت سابقاً زيادة بنسبة 32 في المائة.

وأشار ماكراي سايكس، مدير المحافظ الاستثمارية في «غابيلي فاندز»، إلى أن «جميع البنوك الاستثمارية تحدد أهدافاً ميزانياتية، وإذا انخفضت الإيرادات عن المتوقع، فإن ذلك سيكون له تأثير كبير على ضوابط التكاليف، سواء من خلال تقليص الموظفين أو خفض التعويضات».


مقالات ذات صلة

ما نص الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والصين؟

الاقتصاد بيسنت وغرير في مؤتمر صحافي مشترك عقب انتهاء المحادثات مع الصين (رويترز)

ما نص الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والصين؟

اتفقت الولايات المتحدة والصين على خفض التعريفات الجمركية خلال التسعين يوماً المقبلة، في خطوة تهدئة لحرب التعريفات بينهما.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - بكين)
الاقتصاد بيسنت يغادر فندقه لحضور اجتماع مع مسؤولين صينيين بشأن التعريفات الجمركية في جنيف يوم 10 مايو (أ.ف.ب)

الولايات المتحدة والصين تتفقان على خفض الرسوم الجمركية وتعليقها 90 يوماً

أعلنت الولايات المتحدة والصين يوم الاثنين عن اتفاقهما على خفض الرسوم الجمركية المتبادلة، في إطار سعيهما لإنهاء حرب تجارية أربكت الاقتصاد العالمي.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
الاقتصاد وزير الخزانة والممثل التجاري الأميركيان يتحدثان إلى الصحافة (أ.ب)

البيت الأبيض يعلن التوصل إلى اتفاق تجاري مع الصين

أعلن البيت الأبيض «التوصل إلى اتفاق تجاري مع الصين»، أمس (الأحد)، بعد أن لمح مسؤولان أميركيان رفيعا المستوى إلى اتفاق محتمل مع بكين عقب محادثات جرت بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - بكين)
الاقتصاد بيسنت وغرير يستعدان للتصريح إلى وسائل الإعلام بعد انتهاء المحادثات في جنيف (أ.ف.ب)

البيت الأبيض يعلن التوصل إلى اتفاق تجاري مع الصين

أعلن البيت الأبيض، يوم الأحد، التوصل إلى اتفاق تجاري مع الصين بعد يومين من المحادثات في جنيف.

«الشرق الأوسط» (واشنطن، بكين)
الاقتصاد وزير الخزانة والممثل التجاري الأميركيان يتحدثان إلى الصحافة (أ.ب)

وزير الخزانة الأميركي: إحراز «تقدم كبير» في محادثات التجارة مع الصين

قال وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، إنه تم إحراز «تقدم كبير» في محادثات التجارة مع الصين.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

ما نص الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والصين؟

بيسنت وغرير في مؤتمر صحافي مشترك عقب انتهاء المحادثات مع الصين (رويترز)
بيسنت وغرير في مؤتمر صحافي مشترك عقب انتهاء المحادثات مع الصين (رويترز)
TT

ما نص الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والصين؟

بيسنت وغرير في مؤتمر صحافي مشترك عقب انتهاء المحادثات مع الصين (رويترز)
بيسنت وغرير في مؤتمر صحافي مشترك عقب انتهاء المحادثات مع الصين (رويترز)

اتفقت الولايات المتحدة والصين على خفض التعريفات الجمركية خلال التسعين يوماً المقبلة، في خطوة تهدئة كبيرة لحرب التعريفات التي تُهدد بقطع التجارة بين أكبر اقتصادين في العالم.

وبوصفه جزءاً من اتفاق تم التوصل إليه في جنيف، ستخفِّض الولايات المتحدة التعريفات الجمركية على السلع الصينية من 145 في المائة إلى 30 في المائة، وستُخفِّض الصين الرسوم الجمركية على الواردات الأميركية من 125 في المائة إلى 10 في المائة.

نص الاتفاق

وفي بيان مشترك أميركي صيني، التزم الطرفان باتخاذ الإجراءات التالية بحلول 14 مايو (أيار) 2025:

- ستقوم الولايات المتحدة بتعديل تطبيق معدل الرسوم الجمركية الإضافية على السلع الصينية (بما في ذلك سلع منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة، ومنطقة ماكاو الإدارية الخاصة) المنصوص عليه في الأمر التنفيذي رقم 14257 الصادر في 2 أبريل (نيسان) 2025، وذلك بتعليق 24 نقطة مئوية من هذا المعدل لفترة أولية مدتها 90 يوماً، مع الإبقاء على معدل الرسوم الجمركية المتبقي والبالغ 10 في المائة على تلك السلع وفقاً لأحكام الأمر المذكور.

- إلغاء معدلات الرسوم الجمركية الإضافية المعدلة على السلع، والمفروضة بموجب الأمر التنفيذي رقم 14259 بتاريخ 8 أبريل 2025 والأمر التنفيذي رقم 14266 بتاريخ 9 أبريل 2025.

- ستقوم الصين بتعديل تطبيق معدل الرسوم الجمركية الإضافية على السلع الأميركية، والمنصوص عليه في إعلان لجنة التعريفة الجمركية بمجلس الدولة رقم 4 لسنة 2025، وذلك بتعليق 24 نقطة مئوية من هذا المعدل لفترة أولية مدتها 90 يوماً، مع الاحتفاظ بمعدل الرسوم الجمركية الإضافي المتبقي والبالغ 10 في المائة على هذه السلع، وإلغاء معدلات الرسوم الجمركية الإضافية المعدلة على السلع، والمفروضة بموجب إعلان لجنة التعريفة الجمركية بمجلس الدولة رقم 5 لسنة 2025 وإعلان لجنة التعريفة الجمركية بمجلس الدولة رقم 6 لسنة 2025.

- اتخاذ جميع التدابير الإدارية اللازمة لتعليق أو إزالة التدابير المضادة غير الجمركية المتخذة ضد الولايات المتحدة منذ 2 أبريل 2025.

- بعد اتخاذ الإجراءات المذكورة أعلاه، سيُنشئ الطرفان آلية لمواصلة المناقشات حول العلاقات الاقتصادية والتجارية. وسيكون ممثل الجانب الصيني في هذه المناقشات هو هي ليفنغ، نائب رئيس مجلس الدولة، وممثل الجانب الأميركي هو سكوت بيسنت، وزير الخزانة، وجيميسون غرير، الممثل التجاري للولايات المتحدة. ويمكن إجراء هذه المناقشات بالتناوب في الصين والولايات المتحدة، أو في دولة ثالثة بموافقة الطرفين. ويمكن للجانبين -حسب الاقتضاء- إجراء مشاورات على مستوى العمل بشأن القضايا الاقتصادية والتجارية ذات الصلة.

وتخوض واشنطن وبكين حرباً تجارية متصاعدة منذ أوائل أبريل، عندما رفع ترمب التعريفات الجمركية على الواردات الصينية، وفرضت الصين رسوماً جمركية انتقامية.

وقد أضرَّت الرسوم العقابية بالتجارة بين البلدين؛ حيث أقرَّ بيسنت الشهر الماضي بأن الوضع غير قابلٍ للاستمرار.