لتجاوز «عاصفة» السوق... المستثمرون يضخّون 22 مليار دولار في الديون الأميركية قصيرة الأجل

متعامل في بورصة نيويورك للأوراق المالية (أ.ف.ب)
متعامل في بورصة نيويورك للأوراق المالية (أ.ف.ب)
TT
20

لتجاوز «عاصفة» السوق... المستثمرون يضخّون 22 مليار دولار في الديون الأميركية قصيرة الأجل

متعامل في بورصة نيويورك للأوراق المالية (أ.ف.ب)
متعامل في بورصة نيويورك للأوراق المالية (أ.ف.ب)

ضخّ المستثمرون 22 مليار دولار في الديون الحكومية الأميركية قصيرة الأجل، هذا العام، بعد أن أدت المخاوف بشأن سياسات دونالد ترمب الاقتصادية والتجارية إلى سباق على أصول الملاذ الآمن، وأدت إلى تراجع الأسهم، وفق ما ذكرت صحيفة «فاينانشال تايمز».

وبلغ صافي التدفقات الداخلة إلى صناديق الخزانة قصيرة الأجل نحو 21.7 مليار دولار، في الفترة ما بين أوائل يناير (كانون الثاني) الماضي و14 مارس (آذار) الحالي، وفقاً لبيانات «EPFR» التي توفر للمؤسسات المالية في جميع أنحاء العالم فهماً عن تحرك الأموال، مما مهَّد الطريق لأكبر تدفق فصلي في هذه الأدوات منذ عامين.

كما كانت التدفقات إلى صناديق السندات الحكومية طويلة الأجل إيجابية أيضاً، خلال الربع المنتهي حتى الآن، ولكن بلغ إجمالي التدفقات إلى صناديق السندات الحكومية طويلة الأجل 2.6 مليار دولار.

يأتي تدفق الأموال إلى الديون الحكومية قصيرة الأجل في الوقت الذي سعى فيه المستثمرون إلى الاحتماء من عمليات البيع في الأصول ذات المخاطر العالية، مثل الأسهم وسندات الشركات ذات التصنيف الائتماني غير المرغوب فيه، وسط مخاوف متزايدة من أن تؤدي أجندة ترمب التجارية العدوانية إلى إبطاء النمو في أكبر اقتصاد بالعالم وإذكاء التضخم.

قال بوب ميشيل، رئيس قسم الدخل الثابت العالمي في «جيه بي مورغان» لإدارة الأصول: «كانت هناك تدفقات كبيرة، وهذا أمر منطقي تماماً لنا؛ لأنك واجهت كثيراً من التقلبات بتلك الأسواق ذات المخاطر المضمنة، مثل الأسهم. والآن أنت تنظر إلى سوق السندات الأميركية، ويمكن أن تكون المرساة في العاصفة».

وأظهر استطلاعُ، أجراه بنك «أوف أميركا»، هذا الأسبوع، أن المستثمرين قاموا بأكبر تخفيض «على الإطلاق» في مخصصاتهم للأسهم الأميركية خلال شهر مارس، في حين ارتفعت هوامش السندات غير المرغوب فيها - الفجوة في تكاليف الاقتراض بين الشركات ذات التصنيف المنخفض والحكومة الأميركية - بشكل حاد.

وقال مارك كابانا، رئيس استراتيجية أسعار الفائدة الأميركية في بنك «أوف أميركا»: «إذا كنت قلقاً بشكل متزايد بشأن الأصول الخطِرة، وربما احتمال حدوث تباطؤ اقتصادي، أو بالتأكيد بعض المخاوف المتعلقة بالنمو التي تختمر، فمن المنطقي، على الأرجح، التفكير في التخلص من المخاطرة من البدائل ذات المخاطر العالية».

وأشار المحللون أيضاً إلى أن العوائد الجذابة صقلت جاذبية الديون قصيرة الأجل. فعلى سبيل المثال، توفر سندات الخزانة لشهر واحد عائداً سنوياً بنسبة 4.3 في المائة، على سبيل المثال، في حين أن السندات لأجل عامين تُقدم 4 في المائة.

كما أشار المستثمرون والاستراتيجيون إلى أنه إذا أظهر الاقتصاد الأميركي مزيداً من علامات التباطؤ، وإذا ما قام «الاحتياطي الفيدرالي» بخفض أسعار الفائدة، فإن عوائد سندات الخزانة ستحذو حذوه، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار لحاملي السندات.

وسيجري اختبار الرهان على الديون الأميركية قصيرة الأجل، في وقت لاحق يوم الأربعاء، عندما يُصدر «الاحتياطي الفيدرالي» أحدث توقعاته الاقتصادية وأسعار الفائدة. وتتوقع الأسواق إجراء تخفيضين إلى ثلاثة تخفيضات بسعر الفائدة في سياسة البنك المركزي، هذا العام. ومن المرجح أن يؤدي أي انحراف عن هذه التوقعات إلى حدوث تأثيرات بأسواق الدخل الثابت.

وأشار المحللون إلى أن عدم اليقين بشأن مسار الاقتصاد الأميركي كان أيضاً عاملاً في دفع المستثمرين نحو الديون قصيرة الأجل.

وقال ميشيل، من بنك جيه بي مورغان، إنه مع «التخلص من المخاطرة البحتة» و«[إذا] كنت تعتقد أن سوق الأسهم ستشهد تصحيحاً، فإن الأموال تميل إلى التوجه إلى النقد والأدوات الشبيهة بالنقد».

من جانبه، قال أندي برينر، رئيس قسم الدخل الثابت الدولي بشركة ناتاليانس للأوراق المالية: «السبب الوحيد الذي يجعلك ترغب في الخروج في النهاية الطويلة لمنحنى [الخزانة]، في الوقت الحالي، هو أنك تعتقد أن الاقتصاد الأميركي يتباطأ وستحصل على فائدة أكبر مقابل أموالك في النهاية الطويلة».

ووافق كابانا على أنه بالنسبة لأولئك الذين «يشعرون بالقلق بشأن مخاطر النمو ويعتقدون أن أسعار الفائدة ستنخفض، من المنطقي تمديد المنحنى».

ومع ذلك أضاف قائلاً: «إذا كنت تفتقر إلى هذه القناعة، وكنت تبحث فقط عن بعض الأمان، فإن الصناديق الأمامية هي صناديق سيولة وآمنة، وربما تكون الأسهل في الدخول والخروج منها».


مقالات ذات صلة

غموض الرسوم الجمركية يدفع عوائد سندات الخزانة الأميركية للارتفاع الطفيف

الاقتصاد متداول يعمل في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)

غموض الرسوم الجمركية يدفع عوائد سندات الخزانة الأميركية للارتفاع الطفيف

ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية بشكل طفيف يوم الأربعاء، حيث راقب المستثمرون عن كثب احتمالية إعفاءات من الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد أوراق نقدية من فئة 50 يورو (رويترز)

انخفاض طفيف في عوائد السندات بمنطقة اليورو قبل رسوم ترمب

انخفضت عوائد سندات حكومات منطقة اليورو بشكل طفيف، يوم الأربعاء، حيث سادت حالة من الحذر بالأسواق قبيل الكشف عن الجولة الجديدة من الرسوم الجمركية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد أوراق نقدية من اليورو (رويترز)

تحسّن المعنويات الاقتصادية يدفع عوائد سندات اليورو إلى الارتفاع

ارتفعت عوائد سندات منطقة اليورو مع تزايد إقبال المتداولين على الأصول ذات المخاطر العالية، مدعومة بمؤشرات مرونة في الرسوم الجمركية الأميركية المقبلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد علم الاتحاد الأوروبي على أوراق نقدية من اليورو (رويترز)

عائدات سندات اليورو تسجل أكبر تراجع أسبوعي منذ نوفمبر

سجلت عائدات السندات في منطقة اليورو أكبر تراجع أسبوعي لها منذ نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث يقيّم المستثمرون المخاطر المرتبطة بالرسوم الجمركية وتباطؤ الاقتصاد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سيارة شرطة متوقفة أمام مبنى بلدية إسطنبول الكبرى (أ.ف.ب)

انخفاض حاد للسندات التركية... والأسهم الممتازة في أسوأ أداء يومي منذ 2023

تراجعت العملة والأسهم والسندات في تركيا يوم الأربعاء، بعد أن اعتقلت السلطات الخصم السياسي الرئيسي للرئيس رجب طيب إردوغان بتهم من بينها الفساد.

«الشرق الأوسط» (لندن)

أميركا توقف مساهماتها المالية في منظمة التجارة العالمية

مقر منظمة التجارة العالمية في جنيف بسويسرا (الموقع الإلكتروني للمنظمة)
مقر منظمة التجارة العالمية في جنيف بسويسرا (الموقع الإلكتروني للمنظمة)
TT
20

أميركا توقف مساهماتها المالية في منظمة التجارة العالمية

مقر منظمة التجارة العالمية في جنيف بسويسرا (الموقع الإلكتروني للمنظمة)
مقر منظمة التجارة العالمية في جنيف بسويسرا (الموقع الإلكتروني للمنظمة)

أوقفت الولايات المتحدة مساهماتها في منظمة التجارة العالمية، في الوقت الذي تُكثف فيه إدارة الرئيس دونالد ترمب جهودها لخفض الإنفاق الحكومي، حسبما ذكرت وكالة «رويترز» نقلاً عن مصادر تجارية.

وتنسحب إدارة ترمب من دعم مؤسسات عالمية؛ مشيرة إلى أن الدعم يتعارض مع سياساتها الاقتصادية القائمة على مبدأ «أميركا أولاً». وتخطط للانسحاب من بعضها، مثل منظمة الصحة العالمية، كما خفضت مساهماتها في مؤسسات أخرى في إطار مراجعة شاملة للإنفاق الاتحادي.

وتأثرت منظمة التجارة بالفعل بقرار أميركي في 2019، خلال ولاية ترمب الأولى، بمنع تعيين قضاة جدد في أعلى محكمة استئناف بها، ما أدى إلى تعطل نظامها الرئيسي لتسوية النزاعات جزئياً. وكانت واشنطن قد اتهمت هيئة الاستئناف التابعة لمنظمة التجارة بتجاوز صلاحياتها في النزاعات التجارية.

وبلغت الميزانية السنوية للمنظمة التي تتخذ من جنيف مقراً لها، 205 ملايين فرنك سويسري (232.06 مليون دولار) في 2024. وكان من المقرر أن تساهم الولايات المتحدة بنحو 11 في المائة من هذه الميزانية، بناء على نظام رسوم يتناسب مع حصتها في التجارة العالمية، وذلك وفقاً لوثائق عامة لمنظمة التجارة العالمية.

وقال مصدران مطلعان إن مندوباً أميركياً أبلغ اجتماعاً للمنظمة بشأن الميزانية في الرابع من مارس (آذار) بأن مدفوعات واشنطن لميزانيتي 2024 و2025 مُعلَّقة ريثما تُراجع مساهماتها في المنظمات الدولية، وأنه سيُبلغ المنظمة بالنتيجة، ولكن لم يحدد تاريخاً.

وأكد مصدر تجاري ثالث رواية المصدرين، وقال إن منظمة التجارة تدرس «خطة بديلة» في حال توقف التمويل فترة طويلة، وفق «رويترز».

وطلبت المصادر الثلاثة عدم نشر أسمائها؛ نظراً لأن اجتماع الميزانية كان خاصاً، ولم يُعلن رسمياً عن توقف التمويل الأميركي.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، إن ترمب وقَّع الشهر الماضي أمراً تنفيذياً يوجه وزير الخارجية ماركو روبيو بإعادة النظر بشأن جميع المنظمات الدولية التي لدى الولايات المتحدة عضوية فيها، خلال 180 يوماً «لتحديد ما إذا كانت تتعارض مع المصالح الأميركية».

وأضاف: «يخضع تمويل منظمة التجارة العالمية، إلى جانب منظمات دولية أخرى، للمراجعة حالياً».

وقال مسؤول من مكتب الممثل التجاري الأميركي، يوم الجمعة، إن وزير الخارجية يجري «مراجعة عامة لتمويل الولايات المتحدة لجميع المنظمات الدولية... مكتب الممثل التجاري الأميركي ينسق مع وزارة الخارجية فيما يتعلق بمنظمة التجارة العالمية».

وقال إسماعيل ديانغ، المتحدث باسم منظمة التجارة، إن مساهمات الولايات المتحدة كانت في طريقها، ولكنها «علقت بسبب توقف جميع المدفوعات للوكالات الدولية».

وأضاف: «عموماً، يمكن للمتأخرات أن تؤثر على القدرة التشغيلية لأمانة منظمة التجارة العالمية. ولكن الأمانة تواصل إدارة مواردها بحكمة، ولديها خطط جاهزة لتمكينها من العمل في ظل القيود المالية التي تفرضها أي متأخرات».

وحتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2024؛ بلغت متأخرات الولايات المتحدة 22.7 مليون فرنك سويسري (25.70 مليون دولار)، وفقاً لوثيقة لمنظمة التجارة العالمية مصنفة «سرية» بتاريخ 21 فبراير (شباط)، وفق «رويترز».

وبموجب قواعد منظمة التجارة العالمية، يخضع أي عضو يتخلف عن سداد مستحقاته أكثر من عام «لإجراءات إدارية»، وهي سلسلة من الخطوات العقابية التي تزداد صرامة كلما طالت مدة عدم سداد الرسوم.

وأكد اثنان من المصادر التجارية لـ«رويترز»، أن تصنيف الولايات المتحدة الآن يجعل ممثليها غير قادرين على رئاسة هيئات المنظمة أو تسلُّم وثائق رسمية.