هل تخشى بكين خسارة الحرب التجارية مع ترمب؟

ردّها «البارد» على رسومه الجمركية يكشف عيوباً في نهجها المتردد

القنصل العام للصين آنغ جيانمين يتحدث للصحافيين عن الرسوم الجمركية في منزله بسان فرانسيسكو (أ.ب)
القنصل العام للصين آنغ جيانمين يتحدث للصحافيين عن الرسوم الجمركية في منزله بسان فرانسيسكو (أ.ب)
TT

هل تخشى بكين خسارة الحرب التجارية مع ترمب؟

القنصل العام للصين آنغ جيانمين يتحدث للصحافيين عن الرسوم الجمركية في منزله بسان فرانسيسكو (أ.ب)
القنصل العام للصين آنغ جيانمين يتحدث للصحافيين عن الرسوم الجمركية في منزله بسان فرانسيسكو (أ.ب)

يزداد قلق المسؤولين في بكين من أن تكون رسوم الرئيس دونالد ترمب الجمركية الجديدة، التي قام بمضاعفتها منذ عودته إلى البيت الأبيض، بداية حرب تجارية كبيرة يمكن أن تخسرها في نهاية المطاف. وكشف الرد الصيني «البارد» على تلك الرسوم، عن عيوب في نهج بكين المتردد.

فقد بدا أن ترمب يختار معاركه التجارية مع حلفاء سابقين مثل المكسيك وكندا، ويثير قلق أوروبا بشأن تعامله مع الحرب في أوكرانيا ويتعهد بضم غرينلاند وقناة بنما، الأمر الذي لا تملك فيه الصين اليد العليا أو القوية. ومع اقتصادها المحلي الذي يعيش في أزمة، تحاول الصين الدفاع على أمل إنقاذ أكبر قدر ممكن من نظام التجارة العالمي الذي ساعد في انتشالها من براثن الفقر. في المقابل، يعتزم ترمب إعادة النظر بالنظام التجاري ذاته، الذي يرى هو ومستشاروه أنه أفاد بقية العالم، والصين على وجه الخصوص، على حساب الولايات المتحدة.

لا فائزين في الحرب التجارية

لكن جاي كيديا، زميل باحث في مركز البدائل النقدية والمالية، في معهد «كاتو» في واشنطن، لا يعتقد أن نهج الصين الحذر يُشير إلى عيوب أو مؤشر على «خسارة» الحرب التجارية. وقال في حوار مع «الشرق الأوسط»: «كما هو الحال في الحروب الحقيقية، نادراً ما يكون للحروب التجارية فائزون واضحون. وكما تُشير المبادئ الاقتصادية، فإن التجارة الحرة مفيدة للطرفين، والحواجز ذات الدوافع السياسية تميل إلى الإضرار بكلا الطرفين».

بيد أن الأمر لا يتعلق بالتجارة فقط، إذ وفي ظل أجندات زعماء أكبر اقتصادين في العالم، واحتمال تحوله إلى صدام لم يجر منذ الحرب الباردة، وتنافس شامل على التفوق الاقتصادي والتكنولوجي والجيوسياسي الشامل، فإن الصين تسعى إلى تجنبه بشتى السبل.

ومنذ أن فرض ترمب الرسوم الجمركية الأولية بنسبة 10 في المائة على السلع الصينية في أوائل فبراير (شباط)، ظلت القيادة الصينية تنتظر من فريق ترمب تقديم مطالب محددة، على أمل أن تؤدي هذه المطالب إلى نقاش أوسع.

حاويات مكدسة في ميناء في تشينغداو بمقاطعة شاندونغ شرق الصين (أ.ف.ب)

ترمب أقل تحفظاً

خلال رئاسته الأولى، شهدت السياسة الأميركية تجاه الصين تحولاً جذرياً. فقد استُبدلت بالاستراتيجية طويلة الأمد المتمثلة في تعميق العلاقات الاقتصادية والتعاون مع بكين استراتيجية اتسمت بالتباعد، بما في ذلك زيادة الرسوم الجمركية والقيود التكنولوجية. واليوم، ترى الصين أن ترمب أصبح في ولايته الثانية أقل تحفظاً وأكثر تصميماً، ما يمهد الطريق لمواجهات تجارية أميركية - صينية أكثر حدة، وهو ما يثير استياءها.

يقول مستشارو ترمب إن العديد من تحركاته الدبلوماسية المبكرة، تشير إلى اقتناعه بأنه قادر على التعامل مع بكين من موقف القوة. فهو يحاول إنهاء الصراعات في الشرق الأوسط وأوكرانيا للتركيز بشكل أفضل على الصين. كما أن تقربه من روسيا مدفوع جزئيا برغبة استراتيجية في دق إسفين بين موسكو وبكين.

وعندما أضاف ترمب 10 في المائة إلى التعريفات الجمركية الحالية على الصين، استشهد بدورها في أزمة «الفنتانيل» في الولايات المتحدة، ما أثار دهشة المسؤولين الصينيين الذين ما زالوا يحاولون معرفة كيفية التعامل مع زعيم أميركي «متقلب».

ملصقات تحمل شعار اتحاد تصدير اللحوم الأميركي في مطعم متخصص بلحوم البقر الأميركية في بكين (رويترز)

الصين في موقف دفاعي

فالصين، التي حاولت إعادة تشكيل النظام العالمي والتحالف مع روسيا لتحدي الغرب، تجد نفسها الآن في موقف دفاعي. وبدلاً من أن يكون ترمب هو المعزول دولياً نتيجة حروبه المفتوحة مع الجميع، تجد الصين نفسها معزولة بسبب القيود التجارية والعقوبات، وتعاني من العزلة على غرار الاتحاد السوفييتي مع وجود منافذ أقل لسلعها والوصول المحدود إلى التقنيات الحيوية.

وما يعقد جهود بكين في تشكيل استراتيجيتها تجاه الولايات المتحدة هو الصعوبة في إقناع فريق ترمب الأساسي بالانخراط. ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني)، أرسلت الصين عدة وفود إلى واشنطن لاستكشاف الصفقات المحتملة مع الإدارة الجديدة، بحجة أن التعريفات الجمركية من شأنها أن تضيف إلى الضغوط التضخمية في الولايات المتحدة التي يحاول ترمب خفضها. لكن بعد فرضه الرسوم الجمركية، عدت زيارة الوفود الصينية لواشنطن إشارة على اليأس. فاقتصادهم في ورطة، ويدركون أن هذه الحملة ربما تكون قد فشلت.

بكين لديها الكثير لتخسره

وفي الوقت نفسه، طورت بكين مجموعة من الأدوات، مثل ضوابط التصدير على المعادن الحيوية، لإلحاق الألم الاقتصادي بالولايات المتحدة، وكانت تتودد إلى شركاء أميركا التقليديين للاستعداد لمواجهة أكثر كثافة مع واشنطن. وأحد الدروس التي تعلمتها الصين من الحرب التجارية الأولى مع ترمب، هو أن لديها الكثير لتخسره من الرد على زيادات ترمب للرسوم الجمركية بزيادات متناسبة، حيث تشتري الولايات المتحدة من الصين أكثر بكثير مما تشتريه منها الصين. ويُعد فائضها التجاري مع الولايات المتحدة، والبالغ 295 مليار دولار، الأكبر بين جميع الشركاء التجاريين للولايات المتحدة.

يقول كايدي لـ«الشرق الأوسط» إنه «من المرجح أن الصين تُراعي هذا الأمر في استراتيجيتها، مُدركةً محدودية الفوائد التي تتجاوز الردع المُحتمل من زيادة الرسوم الجمركية الانتقامية على السلع الأميركية بشكل كبير». ويضيف: «علاوة على ذلك، شهد الاقتصادان الأميركي والصيني درجة من الانفصال منذ ولاية ترمب الأولى. فقد انخفضت حصة الصين من إجمالي التجارة الأميركية من 15.7 في المائة عام 2018 إلى 10.9 في المائة عام 2024، بينما انخفضت حصة الولايات المتحدة من إجمالي التجارة الصينية من 13.7 في المائة إلى 11.2 في المائة في الفترة نفسها».

ومع ذلك، وبينما تُصعّد واشنطن ضغوطها، تحاول بكين إظهار ثقتها بنفسها. فبعد رفع الرسوم الجمركية الأخيرة، سارعت الصين إلى الرد. وحددت بكين هدف نمو يبلغ حوالي 5 في المائة لعام 2025، في إشارة إلى أنها تتوقع أن يقاوم الاقتصاد الصيني الضغوط التجارية المتزايدة. واتخذ متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية موقفاً متحدياً، قائلاَ: «إذا كانت الحرب هي ما تريده الولايات المتحدة، سواء كانت حرباً جمركية أو حرباً تجارية أو أي نوع آخر من الحروب، فنحن مستعدون للقتال حتى النهاية».

إعادة النظر في معايير التجارة العالمية

تدعو سياسة ترمب «أميركا أولاً» أساسا إلى تفكيك المعايير التي وضعتها منظمة التجارة العالمية منذ عام 1995، والتي بموجبها تمكنت الصين من إغراق العالم بصادرات رخيصة مع الحد من وصول الأجانب إلى سوقها. ولإعادة هندسة هذا النظام، يرى فريق ترمب التجاري، أنه قد يركز أولا على إبرام صفقات مواتية نسبياً مع الجميع، ويترك الصين تعاني من ركودها الاقتصادي المستمر. ويعتقد أن الولايات المتحدة قادرة على تعزيز نفوذها على بكين من خلال إعادة التفاوض بشكل فردي على شروط التجارة مع شركائها الآخرين.

ورغم ذلك، يقول كايدي إن أميركا استفادت من التجارة الحرة ومنظمة التجارة العالمية، من خلال مكانتها المحايدة لحل النزاعات بطريقة غير عدوانية. فالعضوية طوعية، ورغم التهديدات بالانسحاب، لا تزال الولايات المتحدة ملتزمة بالاتفاقية.

عمال ينقلون قضبان الألمنيوم في مصنع للمواد القائمة على الألمنيوم شرق الصين (أ.ف.ب)

المكسيك نموذجاً

بكين كانت عمدت منذ ولاية ترمب الأولى إلى توجيه شركاتها للاستثمار بكثافة في دول مثل المكسيك وفيتنام وتايلاند لتجميع المكونات الصينية وتحويلها إلى سلع لشحنها إلى الولايات المتحدة. وقد أتاح التجميع النهائي في هذه الدول منفذا خلفيا إلى السوق الأميركية بغض النظر عن الخلافات التجارية بين واشنطن وبكين.

وبينما بدا أن الفائض التجاري للصين مع الولايات المتحدة قد انكمش بنحو الثلث منذ عام 2018، شهدت الصادرات الصينية إلى الدول النامية ارتفاعاً هائلاً. وتبيع الصين الآن للمكسيك ما يزيد 11 مرة على مشترياتها منها. ويتمثل القلق الآن في بكين في أن ضغط واشنطن قد يجبر المكسيك على إغلاق سوقها أمام السلع الصينية مقابل إعفائها من الرسوم. ويمكن بعد ذلك استخدام المكسيك نموذجاً لمطالبة الدول الأخرى بالانحياز إلى أي طرف في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. وهذا من شأنه أن يحد بشكل أكبر من وصول الصين إلى السوق الأميركية الضخمة من خلال تعطيل الطرق الأخرى المؤدية إلى الولايات المتحدة.

«ثغرة» غامضة

قادة الأعمال الصينيون توقعوا أن اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية، التي أعاد ترمب التفاوض عليها في ولايته الأولى، قد تثنيه عن فرض رسوم جديدة على المكسيك. وهو ما لم يحصل. وتشير الترتيبات التجارية والقانونية التي تربط الصين بالمكسيك، إلى أن وصول الصين غير المباشر إلى السوق الأميركية معرض للخطر. وما يثير قلق المسؤولين الصينيين بشكل خاص، هو تلك «الثغرة» الغامضة في قواعد منظمة التجارة العالمية، التي تسمح للمكسيك، وربما عشرات الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، رفع التعريفات الجمركية بشكل قانوني حاد وفجائي على السلع الصينية، بينما لا يحق لبكين الرد.

ورغم إشارة وزير التجارة الصيني، وانغ وينتاو، يوم الثلاثاء إلى أن أكثر من نصف التجارة الدولية للصين كان مع دول تنتمي إلى مبادرة «الحزام والطريق»، وأن بلاده «لم تضع كل البيض في سلة واحدة» مما يدل «على المرونة القوية للتجارة الخارجية للصين»، لكنه لم يذكر أن العديد من صادرات الصين إلى هذه الدول تنتهي في نهاية المطاف في الولايات المتحدة. ورغم إشارته إلى أن 34 في المائة من تجارة الصين كانت مع دول أبرمت معها اتفاقيات تجارة حرة، تمنعها من رفع الرسوم الجمركية فجأة، لكن المكسيك ليست ضمنها. وفي حال رضخت المكسيك لضغوط ترمب، ورفعت تعريفاتها الجمركية على الصين، بسبب تلك «الثغرة» حيث يبلغ متوسط ​​تعريفاتها «المقيدة» 36 في المائة، فقد تؤدي إلى كارثة تجارية للصين.


مقالات ذات صلة

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

الاقتصاد علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

أظهرت دراسة أجرتها جمعية الأعمال «إيكونومي سويس» أن الشركات السويسرية تخطط لنقل جزء من عملياتها وإنتاجها إلى الخارج لمواجهة تأثير الرسوم الجمركية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (زيورخ)
الاقتصاد من داخل معرض وظيفي للموظفين الفيدراليين المفصولين حديثاً في كانساس سيتي مارس 2025 (رويترز)

انخفاض طلبات إعانة البطالة الأميركية إلى أدنى مستوى منذ 3 سنوات

انخفض عدد المتقدمين الجدد للحصول على إعانات البطالة بالولايات المتحدة الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من ثلاث سنوات في إشارة إلى صمود سوق العمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد لافتة «نوظف الآن» معلّقة على نافذة صالون حلاقة بمدينة ميدفورد الكبرى في ولاية ماساتشوستس (رويترز)

تراجع حاد في تسريحات العمال الأميركيين رغم استمرار تباطؤ التوظيف

تراجعت عمليات تسريح العمالة المعلنة من جانب أصحاب العمل الأميركيين بشكل حاد خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، غير أن نيات التوظيف واصلت التباطؤ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد سكوت بيسنت يتحدث خلال قمة «نيويورك تايمز ديلبوك 2025» في مركز جاز لينكولن (أ ف ب)

بيسنت متفائل بموافقة المحكمة العليا على رسوم ترمب الجمركية

أعرب وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، يوم الأربعاء، عن تفاؤله بأن المحكمة العليا ستؤيِّد قانونية الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الاقتصاد صورة مجمعة للرئيسين الأميركي دونالد ترمب والبرازيلي لولا دا سيلفا (أ.ف.ب)

الرئيس البرازيلي يتوقع مزيداً من تخفيضات الرسوم بعد اتصال مع ترمب

قال الرئيس البرازيلي يوم الأربعاء، إنه يتوقع من نظيره الأميركي أن يُجري قريباً مزيداً من التخفيضات في الرسوم الجمركية على المنتجات البرازيلية.

«الشرق الأوسط» (برازيليا)

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
TT

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)

أظهرت البيانات الأولية الصادرة يوم الجمعة ارتفاع مؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيغان إلى 53.3 نقطة في بداية ديسمبر (كانون الأول)، مقارنةً بقراءة نهائية بلغت 51 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزاً توقعات الاقتصاديين عند 52 نقطة، لكنه لا يزال منخفضاً بشكل كبير مقارنة بمستوى 71.7 نقطة في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وشهد تقييم المستهلكين للظروف الاقتصادية الحالية انخفاضاً طفيفاً، بينما تحسّنت توقعاتهم المستقبلية إلى حد ما. كما تراجعت توقعات التضخم للعام المقبل إلى 4.1 في المائة مقابل 4.5 في المائة في الشهر السابق، مسجلة أدنى مستوى منذ يناير، مع استمرار الضغوط على الأسعار بسبب الرسوم الجمركية على الواردات، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقالت جوان هسو، مديرة المسوحات الاقتصادية في ميشيغان: «الاتجاه العام للآراء يبقى قاتماً، حيث يواصل المستهلكون الإشارة إلى عبء ارتفاع الأسعار». على الرغم من تراجع التضخم عن أعلى مستوياته منتصف 2022، إلا أنه يظل أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة بثبات.


مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
TT

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)

تباطأ مؤشر التضخم المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي» قليلاً في سبتمبر (أيلول)، مما يمهّد الطريق على الأرجح لخفض أسعار الفائدة المتوقع على نطاق واسع من قِبل البنك المركزي الأسبوع المقبل.

وأعلنت وزارة التجارة، يوم الجمعة، أن الأسعار ارتفعت بنسبة 0.3 في المائة في سبتمبر مقارنة بأغسطس (آب)، وهي نسبة الشهر السابق نفسها. وباستثناء فئات الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 0.2 في المائة، وهو معدل مماثل للشهر السابق، ويقارب هدف «الاحتياطي الفيدرالي» للتضخم البالغ 2 في المائة إذا استمر على مدار عام كامل، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وعلى أساس سنوي، ارتفعت الأسعار الإجمالية بنسبة 2.8 في المائة، بزيادة طفيفة عن 2.7 في المائة في أغسطس، في حين ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بالعام السابق، بانخفاض طفيف عن 2.9 في المائة المسجلة في الشهر السابق. وأظهرت البيانات التي تأخرت خمسة أسابيع بسبب إغلاق الحكومة، أن التضخم كان منخفضاً في سبتمبر، مما يعزز مبررات خفض سعر الفائدة الرئيسي لمجلس «الاحتياطي الفيدرالي» في اجتماعه المقبل يومَي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول).

رغم ذلك، لا يزال التضخم أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة، جزئياً بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، لكن العديد من مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» يرون أن ضعف التوظيف، والنمو الاقتصادي المتواضع، وتباطؤ مكاسب الأجور؛ سيؤدي إلى انخفاض مطرد في مكاسب الأسعار خلال الأشهر المقبلة.

ويواجه «الاحتياطي الفيدرالي» قراراً صعباً الأسبوع المقبل: الحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة لمكافحة التضخم، مقابل خفضها لتحفيز الاقتراض ودعم الاقتصاد، وسط تباطؤ التوظيف وارتفاع البطالة ببطء.


«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)

اقتربت الأسهم الأميركية، يوم الجمعة، من مستوياتها القياسية، مع توجه «وول ستريت» نحو نهاية أسبوع اتسم بالهدوء النسبي.

وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 في المائة، ليصبح على بُعد 0.2 في المائة فقط من أعلى مستوى له على الإطلاق، فيما صعد مؤشر «داو جونز» الصناعي بـ46 نقطة (0.1 في المائة). أما مؤشر «ناسداك» المركّب فزاد بنحو 0.4 في المائة، في حين تراجع مؤشر «راسل 2000» لأسهم الشركات الصغيرة بنسبة 0.2 في المائة بعدما لامس مستوى قياسياً في الجلسة السابقة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وفي قطاع الشركات، سجّل سهم «نتفليكس» انخفاضاً بنسبة 2.1 في المائة، بعد إعلانها خططاً لشراء «وارنر براذرز» إثر انفصالها عن «ديسكفري غلوبال»، في صفقة تبلغ 72 مليار دولار نقداً وأسهماً. وارتفع سهم «ديسكفري» التابعة للشركة بنسبة 2.6 في المائة.

وقفز سهم «ألتا بيوتي» بنسبة 11 في المائة بعد إعلان نتائج فصلية فاقت توقعات المحللين من حيث الأرباح والإيرادات، مع إشارتها إلى تحسّن ملحوظ في التجارة الإلكترونية، مما دفعها إلى رفع توقعاتها للإيرادات السنوية.

كما حققت «فيكتوريا سيكريت» أداءً قوياً، إذ سجّلت خسارة أقل من المتوقع ورفعت توقعاتها لمبيعات العام، ليرتفع سهمها بنسبة 14.4 في المائة.

أما سهم «هيوليت باكارد إنتربرايز» فانخفض 3.9 في المائة رغم تحقيق أرباح أعلى من التوقعات، نتيجة إعلان الشركة إيرادات دون المستوى المأمول.

وجاء هذا الأداء في أسبوع هادئ نسبياً بالنسبة إلى السوق الأميركية، بعد أسابيع شهدت تقلبات حادة بفعل مخاوف مرتبطة بتدفقات كبيرة على قطاع الذكاء الاصطناعي وتوقعات تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

بعد فترة من التردد، يتوقع المستثمرون الآن بالإجماع تقريباً أن يخفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي الأسبوع المقبل لدعم سوق العمل البطيئة. وسيكون ذلك الخفض الثالث هذا العام إن حدث.

وتحظى أسعار الفائدة المنخفضة بدعم المستثمرين، لأنها تعزّز تقييمات الأصول وتحفّز النمو الاقتصادي، لكنها قد تزيد الضغوط التضخمية التي لا تزال أعلى من هدف «الفيدرالي» البالغ 2 في المائة.

ويدعم توقع خفض الفائدة عودة مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى مشارف مستوياته القياسية المسجلة في أكتوبر (تشرين الأول)، في حين يترقب المستثمرون إشارات جديدة من اجتماع «الفيدرالي» حول مسار الفائدة العام المقبل.

وفي أسواق السندات، استقرت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند 4.11 في المائة، في حين ارتفع العائد على السندات لأجل عامَين إلى 3.54 في المائة من 3.52 في المائة.

وعالمياً، ارتفعت المؤشرات في معظم أوروبا وآسيا؛ فقد صعد مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.9 في المائة، وقفز مؤشر «كوسبي» الكوري الجنوبي بنسبة 1.8 في المائة.

في المقابل، تراجع مؤشر «نيكي 225» في طوكيو بنسبة 1.1 في المائة بعد بيانات أظهرت انخفاض إنفاق الأسر اليابانية بنسبة 3 في المائة في أكتوبر على أساس سنوي، وهو أكبر تراجع منذ يناير (كانون الثاني) 2024، وسط تقلبات أثارها احتمال رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة.