قروض المصارف السعودية إلى القطاع الخاص عند أعلى مستوياتها

مسؤول في «فيتش» لـ«الشرق الأوسط»: المملكة الأقل مديونية مقارنة بدول خليجية أخرى

العاصمة السعودية الرياض (واس)
العاصمة السعودية الرياض (واس)
TT

قروض المصارف السعودية إلى القطاع الخاص عند أعلى مستوياتها

العاصمة السعودية الرياض (واس)
العاصمة السعودية الرياض (واس)

بلغت قروض المصارف السعودية إلى القطاع الخاص أعلى مستوى على الإطلاق خلال يناير (كانون الثاني) من العام الحالي، في ظل استمرار الجهود لتعزيز الاقتصاد غير النفطي في المملكة، وتماشياً مع استراتيجية «رؤية 2030».

فقد نمت مطلوبات المصارف السعودية إلى القطاع الخاص في يناير الماضي بنسبة 14 في المائة تقريباً على أساس سنوي، لتبلغ 2.89 تريليون ريال (770.6 مليار دولار)، مقارنة مع 2.54 تريليون ريال (676 مليار دولار) في الشهر ذاته من العام الماضي، وفق بيانات النشرة الشهرية للبنك المركزي السعودي (ساما).

وتشمل مطلوبات المصارف من القطاع الخاص القروض، السلف، أو أي نوع من التسهيلات المالية التي تكون البنوك قد منحتها للقطاع الخاص، وتعتبر من المؤشرات المهمة في الاقتصاد لأنها تعكس مستوى الائتمان المتاح من قبل القطاع المصرفي.

وبحسب «ساما»، يشكل الائتمان المصرفي نحو 96 في المائة من إجمالي مطلوبات البنوك من القطاع الخاص - الذي يتكون أيضاً من استثمارات في أوراق مالية خاصة-، حيث بلغ 2.79 تريليون ريال (744 مليار دولار) في يناير الماضي، بنمو 13 في المائة على أساس سنوي، مقارنة مع 2.46 تريليون ريال (656 مليار دولار) من يناير عام 2024.

في المقابل، كان نمو الودائع أقل حيث ارتفع بنسبة 9.2 في المائة على أساس سنوي، ليصل حجمها إلى أعلى مستوياتها، عند 2.73 تريليون ريال (728 مليار دولار) في يناير الماضي، مقارنة مع 2.50 تريليون ريال (666 مليار دولار) في الفترة ذاتها من عام 2024.

ارتفاع الطلب

وفي تعليق لـ«الشرق الأوسط»، قال المدير الأول للبنوك، في وكالة «فيتش» العالمية للتصنيف الائتماني، أنطون لوباتين، إن معظم شركات القطاع الخاص في السعودية لديها قدرة محدودة على جذب التمويل العام، أي من خلال إصدار السندات أو الصكوك، لذلك، يظل الاقتراض من البنوك هو الوسيلة الأساسية لزيادة رأس المال العامل أو تمويل مشروعات جديدة. وقد تضاعف الرصيد الإجمالي لتمويل القطاع الخاص تقريباً في السنوات الخمس الماضية، ما يشير إلى ارتفاع الطلب على الائتمان من الشركات الخاصة والأفراد. وهذا أمر ضروري لمزيد من نمو الاقتصاد غير النفطي في السعودية ويتماشى مع استراتيجية «رؤية 2030».

وعلى الرغم من النمو الائتماني السريع في السنوات الأخيرة، لا يزال الاقتصاد السعودي أقل مديونية، مقارنة بالدول الرئيسية الأخرى في دول مجلس التعاون الخليجي (وهي الإمارات وقطر والكويت). وينعكس ذلك من خلال حجم النظام المصرفي الأصغر، مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي واستمرار انخفاض معدل انتشار الائتمان الخاص. وبالإضافة إلى النمو الصحي للقطاع غير النفطي -حيث من المتوقع أن يكون أعلى من 4 في المائة في 2026/2025 - فإن هذا يوفر للبنوك السعودية فرصاً قوية بشكل أساسي لمواصلة التوسع السريع في 2025-2026، بحسب المسؤول في «فيتش».

ومن الناحية النظرية، أشار لوباتين إلى أن تخفيضات أسعار الفائدة المتوقعة ينبغي أن تؤدي إلى انخفاض تكلفة الائتمان للمقترضين؛ ومع ذلك، سيعتمد هذا أيضاً على ظروف السيولة في القطاع المصرفي.

وأكمل: «على سبيل المثال، في ديسمبر (كانون الأول) 2024، لاحظنا انخفاضاً شهرياً في ودائع القطاع لأول مرة منذ خمس سنوات، مما أدى إلى ضغوط تصاعدية على تكلفة التمويل للبنوك، وبالتالي على المقترضين. وإذا استمرت فجوة التمويل في الاتساع (عندما تنمو البنوك دفاتر تمويلها بشكل أسرع من جذب الودائع)، فمن المرجح أن تتضاءل الفوائد المترتبة على انخفاض أسعار الفائدة».

الموجودات الأجنبية

وجاء في النشرة الشهرية لـ«ساما»، استمرار عجز صافي الموجودات الأجنبية في المصارف السعودية، والذي بدأ في يوليو (تموز) من العام الماضي للمرة الأولى منذ عام 1993، حيث سجل 10.7 مليار ريال (2.8 مليار دولار) في يناير الماضي، مقارنة مع فائض بـ70 مليار ريال (18.6 مليار دولار) في الشهر ذاته من العام السابق.

ويعرف صافي الموجودات الأجنبية للمصارف بالفرق بين الأصول الأجنبية مثل الاستثمارات الخارجية، والمطلوبات الأجنبية مثل القروض المستحقة. ويعكس مدى تعرض النظام المصرفي للاقتصاد العالمي وقدرته على الوفاء بالالتزامات الدولية.

أهداف «رؤية 2030»

وتهدف السعودية من خلال «رؤية 2030» إلى زيادة مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 35 في المائة، ورفع مساهمة القطاع الخاص إلى 65 في المائة. كما تسعى لزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى 5.8 في المائة، ورفع مساهمة الصادرات غير النفطية إلى 50 في المائة.

ومنذ انطلاقتها، سعت «رؤية 2030» إلى معالجة التحديات التي تواجه القطاع الخاص من خلال إصلاحات تهدف لتعزيز دوره في الاقتصاد الوطني، مثل تحسين جودة الخدمات الحكومية، ورقمنة الإجراءات، وإنشاء حاضنات ومسرعات أعمال. كما أطلق «صندوق الاستثمارات العامة» قطاعات غير نفطية جديدة، مما ساهم في فتح فرص استثمارية داخل المملكة.

الشراكة بين القطاعين العام والخاص

وكان وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، قال في وقت سابق إن المملكة تبنت نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص مما يسمح للكيانات الخاصة بالشراكة مع الحكومة لتطوير وإدارة مشروعات البنية التحتية، وإن المبادرات المتمثلة بإنشاء المركز الوطني للتخصيص وصندوق البنية التحتية الوطني، تركز على جذب الاستثمارات الخاصة في قطاعات مثل النقل والمياه والطاقة.

وخلال «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس، يناير الماضي، أكد الجدعان على أهمية التنسيق الحكومي والعمل المشترك مع القطاع الخاص، مع الالتزام الحقيقي وتعزيز الجهود لتحقيق النجاحات المستدامة.

والشراكة بين القطاعين العام والخاص هي تحالف استراتيجي طويل الأمد بين الحكومات والكيانات الخاصة يهدف إلى تطوير البنية التحتية، والخدمات العامة، وإدارتها، واستدامتها. في هذه الشراكات، غالباً ما يتحمل القطاع الخاص مسؤولية تمويل المشروعات والإشراف عليها، واسترداد استثماراتها من خلال رسوم المستخدم أو المدفوعات التعاقدية من الحكومة.

يشار إلى أن صندوق النقد الدولي كان قد توقع في ختام مشاورات المادة الرابعة مع السعودية، أن تبلغ نسبة الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي 30 في المائة في العام الحالي، وأن تصل نسبة الائتمان للقطاع الخاص 9.7 في المائة خلال عام 2025 مقارنة مع 10.1 في المائة في العام الماضي.


مقالات ذات صلة

الأرجنتين تتفاوض مع بنوك للحصول على قرض بقيمة 7 مليارات دولار

الاقتصاد الواجهة القديمة للبنك المركزي الأرجنتيني بعد ترميمها في بوينس آيرس  (رويترز)

الأرجنتين تتفاوض مع بنوك للحصول على قرض بقيمة 7 مليارات دولار

أعلن وزير الاقتصاد الأرجنتيني لويس كابوتو، يوم الأربعاء، أن بلاده تجري مفاوضات مع بنوك للحصول على قرض يصل إلى 7 مليارات دولار.

«الشرق الأوسط» (بوينس آيرس )
الاقتصاد أشخاص يمرون بجوار بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

«بنك إنجلترا» يخفض متطلبات رأس المال لأول مرة منذ الأزمة المالية

خفض «بنك إنجلترا»، الثلاثاء، متطلبات رأس المال التي يتعين على البنوك الاحتفاظ بها، في أول خفض لمتطلبات رأس المال منذ الأزمة المالية العالمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص رئيس الحكومة اللبناني مجتمعاً مع رئيس وأعضاء جمعية مصارف لبنان (رئاسة الحكومة)

خاص الحكومة اللبنانية تنجز قريباً مشروع قانون «الفجوة» المالية

بلغ مشروع قانون استرداد الودائع مرحلة الصياغة القانونية النهائية بعد جولات طويلة من النقاشات داخل اللجنة الوزارية، التي يرأسها نوّاف سلام.

علي زين الدين (بيروت)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

«المركزي الأوروبي» يحث بنوك اليورو على تعزيز سيولتها لمواجهة ضغوط الدولار

دعا البنك المركزي الأوروبي، يوم الأربعاء، المقرضين في منطقة اليورو الذين لديهم تعاملات كبيرة بالدولار، إلى تعزيز سيولتهم ورفع احتياطياتهم الرأسمالية.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد شعار بنك يو بي إس السويسري في زيوريخ (رويترز)

«يو بي إس» يواجه خسائر محتملة في صناديق الائتمان بسبب إفلاس «فيرست براندز»

ذكرت صحيفة «هاندلسبلات» الألمانية، يوم الأربعاء، نقلاً عن مصادر، أن «يو بي إس» قد يضطر إلى خفض قيمة صناديق الائتمان التي تديرها وحدة صندوق التحوط «أوكونور».

«الشرق الأوسط» (زيوريخ )

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
TT

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)

أظهرت دراسة أجرتها جمعية الأعمال «إيكونومي سويس»، أن الشركات السويسرية تخطط لنقل جزء من عملياتها وإنتاجها إلى الخارج لمواجهة تأثير الرسوم الجمركية الأميركية.

واستطلعت الدراسة آراء أكثر من 400 شركة قبل وبعد موافقة سويسرا الشهر الماضي، على اتفاق لخفض الرسوم الجمركية الأميركية من 39 في المائة إلى 15 في المائة، حيث حدد نحو ربع الشركات بالفعل خطوات ملموسة ستتخذها، وفق «رويترز».

وأشارت الدراسة إلى أن ما يقرب من ثلث هذه الشركات قررت زيادة استثماراتها خارج سويسرا، ونقل إنتاجها وعملياتها إلى الخارج. وأفاد نحو 16 في المائة من الشركات بأنها ستنقل عملياتها إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة، فيما ستتجه 10 في المائة إلى الولايات المتحدة، و5 في المائة أخرى نحو الاتحاد الأوروبي.

وشملت الخيارات الأخرى البحث عن أسواق جديدة، ورفع الأسعار، وحتى تعليق الصادرات إلى الولايات المتحدة.

وقال رودولف مينش، كبير الاقتصاديين في «إيكونومي سويس»، إن نقل العمليات والاستثمار في الخارج لم يضر بسويسرا، التي تظل وجهةً تجارية جاذبة، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على الوظائف التي تتطلب مهارات عالية وأنشطة البحث والتطوير.

وكجزء من الاتفاق، تعهدت برن أيضاً باستثمارات بقيمة 200 مليار دولار من شركاتها في الولايات المتحدة، ما أثار مخاوف بشأن التأثير الاقتصادي المحتمل على المدى الطويل.

وأشار بنك «يو بي إس» إلى أنه في حال نقل صناعة الأدوية - أكبر قطاع تصدير في سويسرا - جميع إنتاجها المتجه إلى الولايات المتحدة إلى هناك، فإن النمو الاقتصادي التراكمي السويسري على مدى 5 سنوات سينخفض من 10 في المائة إلى 7.7 في المائة.

وأضاف مينش أن سويسرا أصغر من أن تستوعب مبلغ 200 مليار دولار، لكنها تمتلك تاريخاً طويلاً في الاستثمار بالخارج، وقد ساعدت هذه الاستثمارات أيضاً في تأمين فرص عمل داخل البلاد.


حكومة اليابان تترقب مستقبل الفائدة وتحركات الين

زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
TT

حكومة اليابان تترقب مستقبل الفائدة وتحركات الين

زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

أكّد وزراء في الحكومة اليابانية، يوم الجمعة، أن تحديد أدوات السياسة النقدية يظل من اختصاص بنك اليابان بالكامل، وذلك وسط توقعات متزايدة بأن يقدم البنك على رفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه في ديسمبر (كانون الأول) الجاري. وقال وزير إنعاش الاقتصاد مينورو كيووتشي إن الحكومة «تأمل أن يواصل بنك اليابان إدارة السياسة النقدية بالشكل المناسب لتحقيق استقرار التضخم عند 2 في المائة، بالتعاون الوثيق مع الحكومة»، مضيفاً أن قرار رفع الفائدة وآلياته أمر يعود للبنك المركزي وحده.

وفي مؤتمر منفصل، أعرب كبير أمناء مجلس الوزراء مينورو كيّهارا عن قلق طوكيو من التحركات السريعة من جانب واحد في سوق العملات، خصوصاً مع تراجع الين لمستويات قرب 155 للدولار. وقال كيّهارا: «نراقب السوق عن كثب، ومستعدون لاتخاذ الإجراءات المناسبة ضد التحركات المفرطة أو غير المنتظمة، بما في ذلك سلوكيات المضاربة». وتأتي تلك التصريحات في حين يقترب بنك اليابان من إنهاء مرحلة أسعار الفائدة شديدة الانخفاض بعد عقود من السياسات التيسيرية.

وفي تحليل نشرته «رويترز»، أفاد مسؤولون بأن رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي بدأت تنتهج خطاباً أكثر حذراً تجاه الأسواق بعد ارتفاع حاد في عوائد السندات اليابانية طويلة الأجل إلى أعلى مستوياتها منذ 2007. وخلال اجتماع مع فريقها الاقتصادي في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عرضت وزيرة المالية ساتسوكي كاتاياما على تاكايتشي مخططاً يوضح تسارع عمليات بيع السندات وارتفاع تكلفة الاقتراض، وهو ما جعل تعبيرات رئيسة الوزراء «أكثر جدية»، وفق مصدر مطّلع. وتاكايتشي، التي تُعد من ورثة «أبينوميكس»، تواجه تحدياً كبيراً في تمويل خطتها التحفيزية البالغة 137 مليار دولار، والمعتمدة في جزء كبير منها على إصدار ديون جديدة. وتحاول رئيسة الوزراء تهدئة الأسواق، نافية أن تواجه اليابان سيناريو مشابهاً لـ«صدمة تراس» في بريطانيا عام 2022، التي شهدت انهيار السندات والإطاحة بالحكومة على خلفية تمويل خطط إنفاق غير ممولة.

وتكشف التحليلات أن تراجع مشتريات بنك اليابان وشركات التأمين المحلية يضع عبئاً كبيراً على سوق السندات؛ إذ تشير تقديرات بنك أوف أميركا إلى أن صافي المعروض سيرتفع بـ11 تريليون ين إضافية في 2026. وقال مدير محافظ في طوكيو: «خطة تاكايتشي تعتمد على نمو اقتصادي قوي... لكن إذا لم يتحقق هذا النمو، فلن يبقى إلا جبل الديون». كما بدأ بعض المستثمرين بالرهان على مزيد من انخفاض الين وارتفاع عوائد السندات، بسبب التوقعات برفع الفائدة قريباً.

من جانبه، قال محافظ بنك اليابان كازو أويدا إن هناك «عدم يقين» بشأن المستوى المناسب لرفع الفائدة مستقبلاً، لافتاً إلى أن المعدل الطبيعي (الحيادي) في اليابان يتراوح بين 1 في المائة و2.5 في المائة. ومن المتوقع أن يصبح مؤتمر أويدا الصحافي في 19 ديسمبر (كانون الأول) الحدث الأكثر أهمية للأسواق، مع محاولة المستثمرين استشراف مسار التشديد النقدي في 2026.


الاقتصاد اليوناني يواصل تعافيه في الربع الثالث

إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)
إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد اليوناني يواصل تعافيه في الربع الثالث

إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)
إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)

يواصل الاقتصاد اليوناني مسار التعافي بثبات، بعدما سجل نمواً بنسبة 0.6 في المائة في الربع الثالث من 2025 مقارنة بالربع السابق، مدفوعاً بارتفاع الاستثمارات وتحسن الاستهلاك المحلي، وفقاً للبيانات الأولية الصادرة عن هيئة الإحصاء اليونانية يوم الجمعة.

وجرى تعديل نمو الربع الثاني بالخفض إلى 0.4 في المائة، إلا أن الربع الثالث أظهر ديناميكية أقوى في القطاعات الإنتاجية والاستهلاكية، في مؤشر على استمرار زخم النمو رغم الضغوط التي تواجه الاقتصاد الأوروبي عموماً.

وأظهرت البيانات المعدلة موسمياً ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي النهائي بنسبة 0.6 في المائة، حيث ارتفع استهلاك الأسر بنسبة 1.2 في المائة، وزاد إنفاق القطاع الحكومي بنسبة 2.3 في المائة. ويعكس هذا الاتجاه تحسناً في ثقة المستهلكين، وتوسّعاً في الطلب المحلي، وهو عامل أساسي في اقتصاد يعتمد على الاستهلاك والسياحة.

وسجّل إجمالي تكوين رأس المال الثابت، وهو مؤشر رئيسي لقياس الاستثمار في الأصول طويلة الأجل، مثل المنشآت والبنية التحتية، ارتفاعاً لافتاً بلغ 3.5 في المائة، مقارنة بالربع السابق. ويأتي هذا التحسن في إطار سعي أثينا إلى جذب مزيد من الاستثمارات المدعومة بإصلاحات هيكلية وبرامج تمويل أوروبية ضمن خطة التعافي من آثار الجائحة.

كما سجّلت الصادرات، وخدمات السياحة التي تُعد ركيزة مهمة للدخل القومي، ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.2 في المائة. وفي حين تراجعت الواردات إجمالاً بنسبة 1.6 في المائة، وكانت الواردات السلعية الأكثر تأثراً بتراجع بلغ 2.3 في المائة، فقد ارتفعت واردات الخدمات 1 في المائة. وساهم تراجع الواردات في تخفيف الضغط على الميزان التجاري خلال الربع الثالث.

وفي تطور لافت يعزز صورة التعافي الاقتصادي، انخفض معدل البطالة في اليونان خلال الربع الثالث إلى 8.2 في المائة، مقارنة بـ8.6 في المائة في الربع الثاني، وفق بيانات هيئة الإحصاء الصادرة يوم الخميس. وحسب الأرقام، فقد بلغت البطالة بين النساء 10.6 في المائة مقابل 6.2 في المائة للرجال. وكان ما يقرب من 59 في المائة من العاطلين عن العمل هم من العاطلين لفترات طويلة (12 شهراً فأكثر). ويمثل هذا المعدل الأدنى للبطالة منذ أكثر من عقد، في بلد كان قد سجّل معدلات بطالة تجاوزت 27 في المائة خلال الأزمة الاقتصادية التي ضربته قبل سنوات.

وتعتمد اليونان في نموها على مزيج من نشاط السياحة القوي وارتفاع الاستهلاك المحلي وتحسّن الاستثمارات المرتبطة بخطة التعافي الأوروبية، إضافة إلى إصلاحات مالية وهيكلية دعمت ثقة المستثمرين. ومع ذلك، لا تزال التحديات قائمة، بما في ذلك ارتفاع الأسعار، وتكاليف الاقتراض الأوروبية، واستمرار حساسية الاقتصاد تجاه أي تباطؤ في قطاع السياحة... لكن بيانات الربع الثالث تعطي انطباعاً بأن اليونان تسير بثبات نحو تعزيز نموها الاقتصادي بعد سنوات من التقشف والأزمات.