حكومات الخليج تقود الطريق في استخدام الذكاء الاصطناعي لتحقيق النمو المستدام

رئيس في «أوليفر وايمان» لـ«الشرق الأوسط»: 95 % من العاملين في المنطقة يعدونه أساسياً في العمل

جانب من «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» التي أقيمت في الرياض (واس)
جانب من «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» التي أقيمت في الرياض (واس)
TT
20

حكومات الخليج تقود الطريق في استخدام الذكاء الاصطناعي لتحقيق النمو المستدام

جانب من «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» التي أقيمت في الرياض (واس)
جانب من «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» التي أقيمت في الرياض (واس)

في ظل تبني حكومات دول مجلس التعاون الخليجي الذكاء الاصطناعي وسيلة حيوية لدفع التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي المستقبلي، بوصفه جزءاً من جهود التنوع الاقتصادي، أطلقت السعودية والإمارات وقطر كثيراً من المبادرات الرقمية المهمة ضمن استراتيجياتها الوطنية، ما دفع إلى استثمارات كبيرة في التكنولوجيا، وخصوصاً الذكاء الاصطناعي.

هذا ما جاء في تقرير شركة «أوليفر وايمان» العالمية للاستشارات الإدارية، بعنوان «كيف يُحوِّل الذكاء الاصطناعي التوليدي الأعمال والمجتمع»، والذي يبرز سرعة انتشار تبني الذكاء الاصطناعي التوليدي عبر مختلف الصناعات في منطقة الخليج.

يعد 95 في المائة من العاملين في منطقة الشرق الأوسط الذكاء الاصطناعي التوليدي أداة أساسية في العمل، مقارنة مع 79 في المائة على مستوى العالم، في حين أن 68 في المائة في السعودية أفادوا باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي أسبوعياً، مقارنة مع 55 في المائة عالمياً؛ حيث يعد 93 في المائة من السعوديين أنه أمر أساسي في العمل، وفقاً لرئيس شركة «أوليفر وايمان» في الإمارات، عادل الفلاسي.

علاوة على ذلك، تعمل الحكومات على خلق بيئة لتعزيز تبني تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، عبر الشركات في القطاع الخاص، من خلال التمويل، والحوافز الضريبية، والمنح. وإنشاء أطر تنظيمية تدعم الابتكار، مع ضمان الاستخدام الأخلاقي لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

رئيس «أوليفر وايمان» في دولة الإمارات العربية المتحدة عادل الفلاسي (موقع الشركة الإلكتروني)
رئيس «أوليفر وايمان» في دولة الإمارات العربية المتحدة عادل الفلاسي (موقع الشركة الإلكتروني)

المهارات اللازمة

وفي حديث مع «الشرق الأوسط»، أوضح الفلاسي أن حكومات دول مجلس التعاون الخليجي تتخذ خطوات لضمان أن يكون لدى العاملين المهارات اللازمة للتكيف مع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي؛ حيث تُعد الإصلاحات التعليمية محوراً رئيساً، مع دفع إدخال هذه التقنية في المناهج الدراسية لتحضير الأجيال المستقبلية.

كما يتم إنشاء برامج تدريبية من خلال شراكات بين القطاعين العام والخاص في دول الخليج، لمساعدة الأفراد على اكتساب المهارات اللازمة، وإنشاء مراكز بحثية وابتكارية، إلى جانب المبادرات الحكومية، لتطوير القوى العاملة الماهرة، من خلال توفير تجربة عملية مع أحدث تطورات الذكاء الاصطناعي، حسب الفلاسي.

ويوضح الفلاسي أنه بينما تتكيف الحكومات مع العصر الرقمي، فإنها تواجه تحديات تتعلق بعدم المساواة الرقمية، والرقابة التنظيمية، وأمن المعلومات، والسيادة الوطنية. و«لمواجهة هذه القضايا بشكل فعال، يجب على الحكومات إعادة تقييم دورها في المعاملات العامة ضمن الفضاءات الرقمية، وضمان الوصول العادل، وتكافؤ الفرص، والسلامة للجميع».

وأكمل: «يتغير دور الحكومة من كونها مزود خدمة تقليديًّا في أوقات الأزمات إلى أن تصبح ممكِّناً نشطاً للاتصال. يتضمن هذا التحول إنشاء بيئة رقمية تضمن الوصول إلى الخدمات، والموثوقية، والخصوصية، والأمان، والمساواة. في الواقع، من الضروري أن تحتفظ الحكومة بدور بارز في مجالات المصلحة العامة الأساسية، مثل توفير الوصول إلى الفضاءات الرقمية المشتركة للتبادل الاجتماعي والثقافي والاقتصادي».

قطاعات مختلفة

وحسب التقرير، يغير الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية طريقة إجراء التشخيصات، ويحسن رعاية المرضى من خلال الطب الدقيق، ويجعل العمليات أكثر كفاءة؛ الأمر الذي يمكن أن يوفر للأطباء ما يصل إلى 3 ساعات يومياً، ويسمح لهم بمساعدة 500 مليون مريض إضافي في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2030.

وفي المجال المالي، يُعد الذكاء الاصطناعي مهماً لتحسين تقييم المخاطر، وتعزيز اكتشاف الاحتيال، وتقديم خدمة عملاء أفضل من خلال الأتمتة والأدوات التنبؤية. أما في التجزئة، فيستخدم الذكاء الاصطناعي لإنشاء تجارب تسوق مخصصة، وإدارة المخزون بشكل أفضل، وتحسين التنبؤ بالطلب، لتعزيز الكفاءة ورضا العملاء.

في قطاع اللوجستيات والنقل، يعمل على تحسين سلاسل التوريد، وتحسين تخطيط الطرق، وتعزيز توصيلات «الميل الأخير»، ما يجعل هذه العمليات أسرع وأكثر موثوقية.

التحول الرقمي

وأشار الفلاسي إلى أنه على المستوى العالمي، يمكن أن تكون التفاعلات مع الكيانات الحكومية معقدة وتستغرق وقتاً طويلاً، مما يؤدي إلى إحباط الأفراد. ومع ذلك، هناك فرصة مشتركة لتبسيط هذه العمليات، مما يعزز رضا المواطنين والنمو الاقتصادي. وتبني التحول الرقمي يسمح للحكومات بتحسين الخدمات، وتخصيص تجارب المواطنين، وفتح طرق جديدة للتفاعل.

وأبدى الفلاسي تفاؤله بشأن الفرص المتاحة، وقال: «كثير من دول مجلس التعاون الخليجي تقود الطريق باستراتيجيات مبتكرة للتحول. تشمل الأساليب الرئيسية فهم احتياجات المواطنين، من خلال البحث المستخدم لإنشاء واجهات مستخدم سهلة وفعَّالة في تقديم الخدمات».


مقالات ذات صلة

تعثر الضرائب على الشركات العملاقة وكبار الأثرياء في ظل ترمب

الاقتصاد موظف بنك يعد عملات من فئة 100 دولار (رويترز)

تعثر الضرائب على الشركات العملاقة وكبار الأثرياء في ظل ترمب

يعتبر التعاون الدولي في مواجهة التجنّب الضريبي من ضحايا هجوم الرئيس الأميركي دونالد ترمب على التعدّدية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد متداول يعمل في قاعة بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

اختبار قاسٍ للأسواق الأميركية الأسبوع المقبل

ستُشكّل سلسلة من نتائج الشركات الأميركية المرتقبة في الأسبوع المقبل اختباراً مهماً لسوق الأسهم، التي تأثرت بشكل كبير بإصلاح السياسة التجارية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد مستثمر يراقب شاشة التداول في السوق المالية السعودية (أ.ف.ب)

تراجع أسواق الخليج وسط ضغوط من الأسهم القيادية

أنهت أسواق الأسهم الخليجية تعاملات يوم الخميس على أداء متباين، وغلب التراجع على مؤشرات معظم البورصات، في ظل القلق لدى المستثمرين بشأن أوضاع التجارة العالمية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد لافتة «نحن نوظف» معلّقة على نافذة مطعم تشيبوتلي بمدينة نيويورك (أرشيفية-رويترز)

طلبات إعانة البطالة في الولايات المتحدة تتراجع خلال أبريل

تراجع عدد الأميركيين المتقدمين بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة، الأسبوع الماضي؛ في إشارة إلى استمرار استقرار سوق العمل خلال أبريل (نيسان).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

«ستاندرد آند بورز»: عقارات التجزئة السعودية تستعد لنهضة استثنائية بدفع من «رؤية 2030»

يشهد قطاع عقارات التجزئة في السعودية مؤشرات نمو قوية للسنوات القادمة، مدفوعاً بـ«رؤية 2030» التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد، والتحول إلى مركز سياحي وترفيهي عالمي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الصين توقف واردات الغاز المسال من أميركا

مجسم لناقلة غاز طبيعي مسال وخلفها العلم الأميركي (رويترز)
مجسم لناقلة غاز طبيعي مسال وخلفها العلم الأميركي (رويترز)
TT
20

الصين توقف واردات الغاز المسال من أميركا

مجسم لناقلة غاز طبيعي مسال وخلفها العلم الأميركي (رويترز)
مجسم لناقلة غاز طبيعي مسال وخلفها العلم الأميركي (رويترز)

في خطوة مفاجئة قد تحمل تداعيات اقتصادية وجيوسياسية واسعة، أعلنت شركات الطاقة الصينية وقف استيراد الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، في ظل تصاعد التوترات التجارية والسياسية بين البلدين، وتزايد اعتماد الصين على مصادر بديلة للطاقة.

ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، يوم الجمعة، فقد توقفت الصين عن استيراد الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة لأكثر من عشرة أسابيع، مما يعكس تصاعد التوترات التجارية بين البلدين وتأثيرها على قطاع الطاقة.

ووفقاً لتقارير إعلامية فقد أوقفت عدة شركات صينية رئيسية، من بينها «سينوبك» و«بتروتشاينا»، مشترياتها من الغاز الأميركي خلال الأشهر الأخيرة، دون إبداء أسباب رسمية، بينما تشير التحليلات إلى أن القرار يأتي نتيجة مزيج من الضغوط التجارية، والاعتبارات الاستراتيجية، والتقلبات في الأسعار العالمية.

وتشير بيانات الشحن إلى أن الصين، التي تُعد من أكبر مستوردي الغاز الطبيعي المسال في العالم، لم تتلقَّ أي شحنات من الولايات المتحدة خلال هذه الفترة، وهو ما يُعد أطول توقف منذ يونيو (حزيران) 2023. ويُعزى هذا التوقف إلى فرض بكين رسوماً جمركية بنسبة 15 في المائة على واردات الغاز الأميركي، رداً على الرسوم التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الصادرات الصينية.

ويبرز التوقف كيف أن الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة قد امتدت إلى قطاع الطاقة، مما يدفع الصين إلى البحث عن مصادر بديلة لتلبية احتياجاتها من الغاز الطبيعي المسال. في المقابل، يُتوقع أن يؤثر هذا التراجع في الطلب الصيني سلباً على صادرات الغاز الأميركية، التي كانت تعتمد على السوق الآسيوية لتعويض التباطؤ في الطلب الأوروبي.

وتعد الصين ثاني أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في العالم بعد الاتحاد الأوروبي، وقد شكّلت خلال السنوات الأخيرة سوقاً رئيسية للمنتجين الأميركيين الذين استفادوا من الطفرة في الإنتاج بفضل تقنيات التكسير الهيدروليكي. وشكل الغاز الأميركي نحو 11 في المائة من إجمالي واردات الصين من الغاز المسال خلال عام 2023، إلا أن هذه الحصة تراجعت بشكل حاد في الربع الأول من 2025، لتقترب من الصفر، بحسب بيانات تتبع الشحنات العالمية.

ويرى محللون أن القرار يعكس تحولاً في الاستراتيجية الصينية لتقليص اعتمادها على الولايات المتحدة في سلاسل التوريد الحيوية، لا سيما في ظل النزاعات التجارية المتكررة، واستمرار القيود المفروضة على التكنولوجيا الصينية من جانب واشنطن. وتُفضّل بكين تنويع مصادر وارداتها من الغاز، مع زيادة الاعتماد على روسيا ودول آسيا الوسطى، بالإضافة إلى موردين من الشرق الأوسط مثل قطر والإمارات.

ومن المتوقع أن يؤثر هذا التراجع في الطلب الصيني سلباً على صادرات الغاز الأميركية، التي كانت تعتمد على السوق الآسيوية لتعويض التباطؤ في الطلب الأوروبي بعد أزمة أوكرانيا. وقد تشهد الأسعار العالمية بعض التقلبات نتيجة لإعادة توجيه الشحنات إلى أسواق أخرى، في وقت تشهد فيه آسيا طلباً مرتفعاً على الطاقة استعداداً لفصل الصيف.

ويأتي هذا التطور في وقت تشهد فيه العلاقات الصينية - الأميركية مزيداً من التوتر، خصوصاً مع تصاعد المواجهة حول قضايا التجارة والتكنولوجيا وتايوان، مما يُلقي بظلاله على التعاون الاقتصادي في عدة مجالات.

ويُرجّح أن تتحرك الصين خلال المرحلة المقبلة لتوقيع اتفاقات طويلة الأجل مع دول حليفة لضمان أمنها الطاقي، بينما قد تبحث واشنطن عن أسواق بديلة لتعويض خسارة ثاني أكبر مشترٍ للغاز الأميركي.