قطر وتركيا تنضمان إلى مبادرة الشراكة الصناعية التكاملية

الإعلان عن مشروعات جديدة بملياريْ دولار

صورة جماعية لوزراء الدول المشارِكة في اللجنة العليا للشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة (وام)
صورة جماعية لوزراء الدول المشارِكة في اللجنة العليا للشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة (وام)
TT
20

قطر وتركيا تنضمان إلى مبادرة الشراكة الصناعية التكاملية

صورة جماعية لوزراء الدول المشارِكة في اللجنة العليا للشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة (وام)
صورة جماعية لوزراء الدول المشارِكة في اللجنة العليا للشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة (وام)

شهدت اجتماعات اللجنة العليا للشراكة الصناعية التكاملية للإنتاج والتنمية الاقتصادية المستدامة، التي عُقدت في العاصمة القطرية الدوحة، الإعلان عن انضمام دولتيْ قطر وتركيا إلى الشراكة، ليرتفع عدد الدول الأعضاء إلى سبع، خلال ثلاث سنوات منذ إطلاق المبادرة.

ووفق المعلومات الصادرة عن فعاليات الاجتماع الخامس لـ«اللجنة العليا للشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة»، فإن انضمام قطر وتركيا يمثل خطوة استراتيجية نحو تعزيز التكامل الصناعي الإقليمي، حيث يسهم البلدان في دعم مستهدفات الشراكة، من خلال مواردهما الطبيعية المتقدمة، وتطورهما الصناعي، وإمكاناتهما في القطاعات الحيوية مثل الصناعات التحويلية، والطاقة المتجددة، والصناعات الدوائية، والمعادن، والتكنولوجيا المتقدمة.

الاقتصادان القطري والتركي

وأكدت المعلومات أن الاقتصاد القطري يُعد نموذجاً للنمو المستدام، حيث يمثل القطاع الصناعي 25 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وتسعى قطر إلى رفع مساهمة قطاعها الصناعي إلى 70.5 مليار ريال قطري (18.9 مليار دولار) بحلول عام 2030، ضمن استراتيجيتها الوطنية للصناعات التحويلية.

في المقابل، أشارت إلى أن تركيا تُعد قوة اقتصادية بارزة بناتج محلي إجمالي تجاوز 1.1 تريليون دولار في 2023، موضحة أنها تتمتع بقدرات صناعية قوية وموقع استراتيجي يتيح الوصول إلى 1.3 مليار مستهلك عالمياً، مما يجعلها مركزاً رئيسياً لسلاسل الإمداد العالمية.

مليارا دولار

وشهدت الاجتماعات توقيع عدد من الاتفاقيات، والإعلان عن مشروعات استراتيجية بقيمة تفوق ملياريْ دولار، شملت قطاعات الصناعات المعدنية، والدوائية، والبلاستيكية، والصناعات الغذائية، والتكنولوجيا الحيوية، والصناعات الكهربائية.

ومن بين أبرز الاتفاقيات اتفاقية توريد 5 ملايين طن متري من الحديد من حديد البحرين إلى قطر بقيمة 1.3 مليار دولار، ومشروع لإنتاج الطحالب الدقيقة في البحرين بقيمة 10 ملايين دولار بين «إي إس سي كابيتال» الإماراتية و«مزارع الجزيرة» البحرينية، ومصنع لإنتاج ملحقات الكابلات الكهربائية في الإمارات، بالتعاون مع «جيزة للكابلات» المصرية، باستثمارات 7 ملايين دولار.

إضافة إلى اتفاقيات لتوريد البلاستيك والأعلاف الحيوانية بين شركات في الإمارات، والأردن، ومصر، وقطر، بإجمالي 35 مليون دولار، وشراكة دوائية بين «جلوبال فارما» الإماراتية و«زينث فارما» المغربية بقيمة 50 مليون دولار لتطوير وتصنيع الأدوية القابلة للحقن، واستحواذ «مبادلة للاستثمار» الإماراتية على مصنعين للأدوية في مصر والمغرب لتعزيز حضورها في قطاع الصناعات الدوائية.

حضور الوزراء

وشهدت الاجتماعات، التي انطلقت، اليوم، في العاصمة القطرية الدوحة، حضور وزراء الصناعة في الدول الأعضاء، وهم: الشيخ فيصل بن ثاني بن فيصل آل ثاني، وزير التجارة والصناعة في دولة قطر، الدكتور سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي، والمهندس يعرب فلاح القضاة، وزير الصناعة والتجارة والتموين في الأردن.

إضافة إلى الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل في مصر، وعبد الله بن عادل فخرو، وزير الصناعة والتجارة في البحرين، ورياض مزور، وزير الصناعة والتجارة في المغرب، ومحمد فاتح كاجر، وزير الصناعة والتكنولوجيا في تركيا.

تعزيز التعاون

وأكد الشيخ فيصل بن ثاني آل ثاني، وزير التجارة والصناعة القطري، أن انضمام قطر إلى الشراكة الصناعية التكاملية يعكس التزامها بتعزيز التعاون الصناعي والتجاري، مشيراً إلى أن الشراكة ستوفر فرصاً استثمارية متميزة وتدعم التكامل الصناعي لتحقيق النمو الاقتصادي المشترك.

من جانبه، رحّب الدكتور سلطان الجابر بانضمام قطر وتركيا إلى الشراكة، مؤكداً أن هذه الخطوة ستعزز المصالح المشتركة للدول الأعضاء بفضل الإمكانات الصناعية والاقتصادية الكبيرة التي تتمتع بها الدولتان.

وأشار إلى أن الشراكة، التي انطلقت من أبوظبي في مايو (أيار) 2022، أثمرت عن تحويل اتفاقيات سابقة إلى مشروعات ملموسة، لافتاً إلى الإعلان عن مشروعات واستثمارات جديدة بقيمة تتجاوز 2 مليار دولار.

وأضاف أن هذه المشروعات تعزز تكامل الخبرات والصناعات، وتدعم مرونة سلاسل الإمداد، وخفض تكاليف الإنتاج، وتوفير آلاف فرص العمل، مما يسهم في تحقيق أهداف التنمية الصناعية والتعاون الإقليمي.


مقالات ذات صلة

دول الخليج تفرض رسوماً لمكافحة الإغراق على صفائح وأشرطة الألمنيوم من الصين

الاقتصاد يعمل الموظفون في خط إنتاج لفائف الألمنيوم في مصنع بزوبينغ لدى مقاطعة شاندونغ بالصين (رويترز)

دول الخليج تفرض رسوماً لمكافحة الإغراق على صفائح وأشرطة الألمنيوم من الصين

أعلنت دول مجلس التعاون الخليجي، الأربعاء، فرض رسوم نهائية لمكافحة الإغراق على واردات صفائح وأشرطة الألمنيوم من الصين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي خلال لقائه رئيس الاتحاد الأوروبي في بروكسل (مجلس التعاون)

تأكيد خليجي – أوروبي على ضرورة إنهاء أزمة غزة

أكد الجانبان الخليجي والأوروبي على ضرورة إنهاء الأزمة في قطاع غزة وفقاً للقرارات الدولية والأممية.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الخليج المشاركون في «مؤتمر بروكسل التاسع بشأن سوريا» بالعاصمة البلجيكية (مجلس التعاون)

«التعاون الخليجي»: استقرار سوريا ضرورة إنسانية وأمنية للمنطقة بأسرها

عدَّ مجلس التعاون الخليجي إعادة إعمار سوريا واستقرارها «ضرورة إنسانية وأمنية للمنطقة بأسرها»، مؤكداً استمرار دعم المبادرات التي تضعها على مسار التعافي.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
يوميات الشرق عدد من الفتيات والشباب يقومون بتوزيع وجبات الإفطار على المارة في منطقة الكورنيش (تصوير: عدنان مهدلي)

مبادرات شبابية للفوز بإفطار الصائمين على الطرقات في جدة

درج الصائم أن يُردد مع رفع أذان المغرب وقبل أن يتسلل الطعام إلى جوفه «ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله»، هذه هي الحالة التي يخرج بها الصائم من يوم

سعيد الأبيض (جدة)
الخليج جانب من المحادثات الأميركية - الأوكرانية في جدة الثلاثاء (د.ب.أ)

تأكيد عربي على محورية السعودية في صناعة السلام

أكد مجلس التعاون الخليجي، أن استضافة السعودية للمحادثات الأميركية - الأوكرانية تعكس مكانتها المحورية كدولة رائدة في صناعة السلام وحل النزاعات عبر الحوار.

«الشرق الأوسط» (جدة)

الإصلاحات الاقتصادية تدفع سوق العمل بالسعودية نحو نمو مستدام

إحدى ملتقيات التوظيف في شرق السعودية (واس)
إحدى ملتقيات التوظيف في شرق السعودية (واس)
TT
20

الإصلاحات الاقتصادية تدفع سوق العمل بالسعودية نحو نمو مستدام

إحدى ملتقيات التوظيف في شرق السعودية (واس)
إحدى ملتقيات التوظيف في شرق السعودية (واس)

منذ انطلاق «رؤية 2030»، أدخلت السعودية إصلاحات جذرية على سوق العمل بهدف تحسين البيئات الوظيفية وتعزيز مشاركة المواطنين في مختلف القطاعات، وتحفيز القطاع الخاص، بما يسهم في تحقيق الاستدامة. هذه العملية التي لا تزال مستمرة إلى اليوم، ساهمت في انخفاض قياسي في معدلات البطالة، التي بلغت 7.1 في المائة عام 2024، وهو المعدل القريب من مستهدفات الحكومة، وفي تعزيز الأرضية اللازمة لإشراك القطاع الخاص ودفعه ليكون شريكاً رئيسياً في استدامة التوظيف وخلق بيئة عمل جاذبة للكفاءات الوطنية.

وقد دفع بلوغ هدف البطالة قبل سنوات من المدة المحددة في «رؤية 2030»، بالحكومة إلى إعادة النظر بمستهدفاتها وتقليص المعدل من 7 في المائة إلى 5 في المائة.

الاستقرار الوظيفي

لقد عززت الإصلاحات الاقتصادية والتشريعية في السعودية من تنافسيتها على المستويين الإقليمي والدولي، مما انعكس إيجاباً على انخفاض معدلات البطالة وارتفاع مشاركة المواطنين في مختلف القطاعات، خصوصاً غير النفطية، وفق ما شرح مختصون في سوق العمل لـ«الشرق الأوسط».

وشملت هذه الإصلاحات تحسين استقرار الوظائف، وتطوير بيئة العمل، وضمان المعاملة العادلة لجميع العمال؛ مع الالتزام بضمان الأمان الوظيفي، والمساواة في الأجور، وتحديد الحد الأدنى للأجور. بالإضافة إلى تنظيم ساعات العمل والإجازات ومستحقات نهاية الخدمة وصولاً إلى الامتثال للوائح التوظيف، والالتزام بتوفير سكن ومواصلات أو بدل نقدي عنها.

كما تم إدخال إصلاحات هيكلية لضمان تسوية النزاعات العمالية من خلال آليات تبدأ بالوساطة ثم التحكيم.

خلق فرص جديدة

وفي هذا الإطار، يؤكد المختص في الموارد البشرية، علي آل عيد، لـ«الشرق الأوسط»، أن السعودية باتت في موقع ريادي ضمن أسواق العمل الإقليمية والعالمية بفضل الإصلاحات الاقتصادية والرؤية الطموحة التي عززت فرص المواطنين في شتى الأنشطة والمجالات.

كما أشار إلى أن سوق العمل السعودية شهدت تحولات جوهرية وتطورات ملحوظة خلال السنوات الأخيرة، حيث ساهمت الإصلاحات في خلق فرص جديدة، خصوصاً مع التوسع في الاستثمارات الأجنبية، وتطوير المدن الاقتصادية، وفرض الضرائب مثل القيمة المضافة، التي عززت من استدامة الاقتصاد المحلي.

ولفت إلى أن تسارع التحول الرقمي فتح آفاقاً واسعة لوظائف جديدة في القطاعين العام والخاص، لا سيما في مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وتحليل البيانات، مما يتطلب تكثيف الاستثمار في الكفاءات المحلية لمواكبة هذا التطور.

وأضاف آل عيد أن تحقيق مستهدف خفض البطالة إلى 5 في المائة يتطلب التكاتف المستمر بين القطاعين العام والخاص، مع التركيز على دعم التوطين وتوفير بيئة عمل تحفز النمو والاستقرار الوظيفي.

كما شدد على أهمية التعليم والتدريب المهني في سد الفجوة بين المهارات ومتطلبات سوق العمل، مما يرفع مستوى الجاذبية الوظيفية ويعزز كفاءة القوى العاملة الوطنية.

وبالنسبة إلى التوطين، فإن خلق الجاذبية الوظيفية يعتمد على بناء ثقافة عمل واضحة تراعي المصالح المشتركة وتدعم التطور المهني والاستقرار الوظيفي. ويؤدي القطاع الخاص دوراً محورياً في ذلك. إذ أكد آل عيد أن تحسين الأجور والمزايا يعد عنصراً أساسياً في تعزيز جاذبية السوق المحلية، إلى جانب تطوير مسارات مهنية واضحة ومرونة في العمل تضمن نمو الموظف وتشجعه على الإبداع والابتكار.

ومن أبرز الإصلاحات التي شهدتها البلاد، برنامج «توطين» المخصص لتوظيف الباحثين عن عمل، الذي يدعم منشآت القطاع الخاص بالكوادر الوطنية المؤهلة، وتقديم حوافز للمنشآت والعاملين، وتمكين الكوادر الوطنية للدخول لسوق العمل واكتساب الخبرات والمهارات والنمو الوظيفي من خلال التدريب، ودعم الاستقرار الوظيفي والاستدامة بما يحقق أهداف المنشأة والعاملين.

موظفات سعوديات يعملن في إحدى الجهات المحلية (واس)
موظفات سعوديات يعملن في إحدى الجهات المحلية (واس)

مزايا تنافسية

من جانبه، أوضح عضو مجلس إدارة الجمعية السعودية للموارد البشرية، المستشار بدر العنزي، لـ«الشرق الأوسط»، أن البلاد تركز على التوطين النوعي، الذي يستهدف تمكين السعوديين من العمل في القطاعات الواعدة مثل المالية، والتأمين، والطب، والتقنية، والسياحة، نظراً لما توفره من مزايا تنافسية واستقرار وظيفي.

وأشار العنزي إلى أن الجهود الحكومية نجحت في خفض معدل البطالة وتحفيز القطاع الخاص من خلال سياسات مرنة تدعم استدامة التوظيف.

وقال إن الجهات المعنية، مثل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، تواصل تحسين قرارات التوطين والأنظمة المرتبطة بها، لافتاً إلى أن «أكثر من 40 في المائة من وظائف القطاع الخاص لا تزال بحاجة إلى تحسين في الأجور والبيئة». وأضاف أن هذه التحديات يتم معالجتها من خلال برامج تحفيزية لدعم التوطين، مثل المبادرات التي تركز على تدريب وتطوير الكوادر الوطنية.

ويسهم برنامج «نطاقات»، الذي أطلق قبل سنوات قليلة، في رفع معدلات التوطين وتعزيز استقرار منشآت القطاع الخاص. وضمن الإصلاحات التي شملها، رفع الحد الأدنى لاحتساب أجور السعوديين من 3 آلاف ريال إلى 4 آلاف ريال.

كما يُعد نظام حماية الأجور أحد البرامج الرئيسية التي تهدف إلى توفير بيئة عمل آمنة وشفافة في القطاع الخاص، حيث يركز على مراقبة عمليات صرف الأجور لجميع العاملين، سواء السعوديين أو الوافدين، ويضمن التزام المنشآت بدفع الأجور في الوقت المحدد وبالقيمة المتفق عليها، بما يضمن حماية حقوق جميع الأطراف.

وأكد العنزي أن القطاع الخاص أصبح فاعلاً خلال الفترة الأخيرة، حيث شهد تحولات إيجابية جعلته أكثر التزاماً بتحقيق التوطين الفعّال، ما انعكس على تحسين بيئة العمل وجعلها أكثر جذباً للكفاءات المحلية والعالمية. وهذا ما عزز أيضاً تنافسية الشركات للدخول إلى السوق المحلية نظراً لوجود بيئة وأنظمة تحمي جميع الحقوق للعاملين فيها.

وكانت السعودية حدّثت نظام الاستثمار بهدف جذب الاستثمارات العالمية وتطوير تنافسية بيئتها الاستثمارية. ويشمل مزايا عدة، أبرزها: تعزيز حقوق المستثمرين من خلال المعاملة العادلة وحماية الملكية الفكرية والحرية في إدارة الاستثمارات، وتحويل الأموال بسلاسة، والشفافية والوضوح في الإجراءات.

وأوضح العنزي أن التحول الرقمي في المملكة شهد قفزات نوعية، خصوصاً بعد جائحة كورونا، مما أدى إلى زيادة الاعتماد على التقنية في بيئات العمل. وبيّن أن الرقمنة أصبحت عنصراً أساسياً في عمل مختلف الجهات، ما أتاح تنفيذ العديد من المعاملات إلكترونياً، مما يسهم في رفع كفاءة الأعمال وتوفير الوقت والجهد.

ختاماً، لا شك أن قفزات نوعية تحققت في اتجاه تهيئة أرضية سوق عمل مرنة وتعزيز التوطين، ويبقى أن تنفذ الشركات الأجنبية مهمتها في نقل المعرفة وصقلها أمام الخبرات المحلية في إطار برنامج «توطين».