الاقتصاد الفرنسي ينكمش وسط استمرار الخلافات على موازنة 2025

رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو يلقي كلمة تكريماً للصحافي الفرنسي الراحل جان فرنسوا كان (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو يلقي كلمة تكريماً للصحافي الفرنسي الراحل جان فرنسوا كان (أ.ف.ب)
TT
20

الاقتصاد الفرنسي ينكمش وسط استمرار الخلافات على موازنة 2025

رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو يلقي كلمة تكريماً للصحافي الفرنسي الراحل جان فرنسوا كان (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو يلقي كلمة تكريماً للصحافي الفرنسي الراحل جان فرنسوا كان (أ.ف.ب)

أظهرت بيانات أولية، يوم الخميس، أن اقتصاد فرنسا انكمش قليلاً في الرُّبع الرابع، مما يسلط الضوء على الحاجة الملحة للمشرِّعين الفرنسيين للتغلب على خلافاتهم، والاتفاق على موازنة عام 2025.

فقد سجَّل الاقتصاد انكماشاً بنسبة 0.1 في المائة في الرُّبع الرابع، مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة، وفقاً لما كشفته «وكالة الإحصاء الوطنية»، يوم الخميس، بانخفاض عن نمو بنسبة 0.4 في المائة في الرُّبع الثالث من عام 2024. كان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم يتوقعون أن يكون النمو ثابتاً.

وتلقى الاقتصاد الفرنسي المحاصر دفعةً من «الألعاب الأولمبية» في باريس الصيف الماضي، لكن الاضطرابات السياسية تلت ذلك منذ ذلك الحين، مما ترك التحديات المالية - أي العجز الكبير في موازنة فرنسا وتراكم الديون المتزايد - دون حل.

وطارد الركود السياسي باريس منذ إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة في يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) الماضيين. وحقق كل من أقصى اليسار واليمين أداءً جيداً في الجولتين من التصويت، مما دفع إلى مشاحنات في «الجمعية الوطنية» حول مَن يجب أن يحكم. وفي نهاية المطاف، نصَّب الرئيس إيمانويل ماكرون حكومةً محافظةً في سبتمبر (أيلول)؛ مما أدى إلى تنفير الفصائل السياسية إلى اليسار واليمين.

وبفضل اعتمادها على أقصى اليمين للحصول على الدعم، كانت حكومة رئيس الوزراء آنذاك ميشال بارنييه الوسطية عُرضة للتحديات من كلا جانبي الطيف السياسي، وبعد رفض خططه لموازنة 2025 لخفض العجز، أُطيح بالحكومة في تصويت بحجب الثقة في ديسمبر (كانون الأول).

وتم تشكيل حكومة جديدة برئاسة رئيس الوزراء فرنسوا بايرو في ديسمبر، وبفضل رفض كل من «التجمع الوطني» اليميني المتطرف، و«الحزب الاشتراكي» دعم الاقتراح، نجا من تصويت على الثقة قدمه اليسار المتطرف في وقت سابق من يناير (كانون الثاني).

ومع ذلك، لم يتم إقرار موازنة عام 2025 حتى الآن، وقد اضطر بايرو بالفعل إلى تقديم تنازلات لليسار لكسب الدعم لخططه المالية، من خلال إعادة فتح النقاش الشائك حول إصلاح نظام التقاعد، والموافقة على زيادة الإنفاق، وخلق فرص عمل في قطاعي الصحة والتعليم.

ويقول محللون إن حكومة بايرو لديها فرصة أفضل لتمرير موازنة 2025 من خلال البرلمان، على الرغم من أن المحادثات أوشكت على الانهيار هذا الأسبوع، وفق شبكة «سي إن بي سي».

وقال المدير الإداري لأوروبا في مجموعة أوراسيا، مجتبى الرحمن، في تعليقات عبر البريد الإلكتروني يوم الاثنين: «تعززت فرص فرنسوا بايرو في تمرير موازنة خفض العجز لعام 2025 بشكل كبير بفضل سلسلة من التنازلات السياسية والمالية للاشتراكيين في الجمعية الوطنية». وأضاف: «هو الآن في وضع جيد لحل أزمة الميزانية قصيرة الأجل في فرنسا بحلول نهاية الشهر المقبل أو أوائل مارس (آذار)».

ومع ذلك، فإن دعم الاشتراكيين للتوصل إلى اتفاق ليس قوياً على الإطلاق، حيث بدت مناقشات الموازنة على وشك الانهيار، يوم الأربعاء، بعد أن علق مسؤولون من حزب «يسار الوسط» مشاركتهم في المحادثات؛ احتجاجاً على تصريحات بايرو حول الهجرة.

وحتى إذا استؤنفت المحادثات، فمن المرجح أن الحكومة ستفشل في تحقيق طموحها في الوصول إلى هدف عجز الموازنة البالغ 5.4 في المائة هذا العام.

وقال الرحمن: «نعتقد أنه (بايرو) يملك الآن فرصةً جيدةً للنجاح، لكن النَّصَّ النهائي للموازنة قد لا يرقى حتى إلى طموحه المُخفَّض، المتمثل في تحقيق نسبة 5.4 في المائة من عجز الناتج المحلي الإجمالي هذا العام».


مقالات ذات صلة

الميزانية السعودية في الربع الرابع: إيرادات بـ80.7 مليار دولار

الاقتصاد العاصمة الرياض (رويترز)

الميزانية السعودية في الربع الرابع: إيرادات بـ80.7 مليار دولار

حققت الميزانية السعودية إيرادات بقيمة 302.9 مليار ريال (80.7 مليار دولار) في الربع الرابع من عام 2024.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد يمشي الناس على شارع رئيسي في كرويدون جنوب لندن (رويترز)

نمو طفيف للاقتصاد البريطاني بنسبة 0.1 % في الربع الأخير

شهد اقتصاد المملكة المتحدة نمواً طفيفاً بنسبة 0.1 في المائة في الربع الأخير من العام الماضي، مما وفّر بعض الراحة النادرة في ظل الصورة الاقتصادية المتشائمة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد راشيل ريفز تتحدث مع الموظفين خلال زيارتها لمنشآت «بريميير مودولار» في دريفيلد يناير 2025 (رويترز)

اقتصاديون يحذرون... بريطانيا قد تضطر لرفع ضريبة الدخل لتغطية الصدمات المستقبلية

حذَّر اقتصاديون من أن الحكومة البريطانية قد تضطر إلى رفع ضريبة الدخل لتغطية تكلفة أي صدمات مستقبلية بعد أن قضت على هامش الاقتراض البالغ 9.9 مليار جنيه إسترليني.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد صورة تُظهر الكرملين وكاتدرائية سانت باسيل في موسكو (رويترز)

زيادة الإنفاق في روسيا تتسبب بارتفاع عجزها 14 ضعفاً خلال يناير

أعلنت وزارة المالية الروسية أن العجز المالي في روسيا ارتفع بشكل كبير خلال يناير؛ حيث قفز 14 ضعفاً بسبب زيادة الإنفاق بنسبة 73.6 %.

«الشرق الأوسط» (موسكو )
الاقتصاد مبنى وزارة المالية في وسط بيروت (المركزية)

تنفيذ الإصلاحات... المهمة الطارئة أمام وزير المالية اللبناني الجديد

تولى النائب السابق ياسين جابر حقيبة وزارة المالية في لبنان، وهو منصب رئيسي في الوقت الذي تسعى فيه البلاد إلى إصلاح اقتصادها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

بيسنت: تمديد آجال إصدارات الديون الأميركية لا يزال بعيداً

سكوت بيسنت يتحدث خلال جلسة استماع بمجلس الشيوخ في واشنطن 16 يناير 2025 (رويترز)
سكوت بيسنت يتحدث خلال جلسة استماع بمجلس الشيوخ في واشنطن 16 يناير 2025 (رويترز)
TT
20

بيسنت: تمديد آجال إصدارات الديون الأميركية لا يزال بعيداً

سكوت بيسنت يتحدث خلال جلسة استماع بمجلس الشيوخ في واشنطن 16 يناير 2025 (رويترز)
سكوت بيسنت يتحدث خلال جلسة استماع بمجلس الشيوخ في واشنطن 16 يناير 2025 (رويترز)

قال وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، إن أي خطوة لزيادة نسبة السندات طويلة الأجل في إصدارات الدين الحكومي لا تزال بعيدة، نظراً للعقبات التي تشمل برنامج التشديد الكمي الذي ينفذه «الاحتياطي الفيدرالي».

وأوضح بيسنت في مقابلة مع «تلفزيون بلومبرغ»، رداً على سؤال حول هذا الموضوع، قائلاً: «هذا لا يزال بعيداً».

وأضاف التقرير أن بيسنت يعتزم حثّ الصين على إعادة التوازن إلى اقتصادها خلال لقائه مع نظيره في بكين يوم الجمعة المقبل. كما نفى بيسنت التكهنات التي أثيرت حول إمكانية إعادة الحكومة الأميركية تقييم احتياطياتها من الذهب، بوصفه وسيلة لتقليص احتياجات الاقتراض أو لتمويل إنشاء صندوق ثروة سيادي.

وفيما يخص العقوبات المفروضة على روسيا، أشار بيسنت إلى أن تخفيف العقوبات قد يكون مطروحاً خلال المحادثات المتعلقة بالحرب في أوكرانيا، موضحاً أن واشنطن مستعدة إما لزيادة العقوبات وإما تخفيضها، وذلك بناءً على مدى استعداد موسكو للتفاوض.

كما ذكر التقرير أن بيسنت أكد أن الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أبلغه بأن أوكرانيا ستوقع اتفاقاً بقيمة 500 مليار دولار، يمنح حقوقاً لاستغلال المعادن، وذلك قبيل مؤتمر ميونيخ الأمني، لكنه لم يوقعه بعد.

من جانبه، رفض زيلينسكي، يوم الأربعاء، مطالب الولايات المتحدة بأن تُسدد أوكرانيا هذا المبلغ من ثروتها المعدنية مقابل المساعدات العسكرية الأميركية، مشيراً إلى أن واشنطن لم تُقدم حتى الآن ما يوازي هذا المبلغ، ولم تعرض أي ضمانات أمنية محددة في الاتفاق.

وفي أسواق المال، تراجعت عوائد سندات الخزانة الأميركية بعد أن بددت تصريحات بيسنت المخاوف من أي زيادة وشيكة في حجم مزادات الديون طويلة الأجل. وقال ويل كومبرنول، استراتيجي الاقتصاد الكلي لدى «إف إتش إن فاينانشال» في شيكاغو: «هذا يدفع الأمر إلى فترة أطول قليلاً، ربما حتى نهاية هذا العام أو أوائل عام 2026 على أقرب تقدير، لكننا كنا نعلم ذلك بالفعل من إعلان إعادة التمويل الأخير».

وكان المتداولون قد توقعوا أن يزيد بيسنت من إصدارات الديون طويلة الأجل، خصوصاً بعد انتقاده السابق لوزارة الخزانة خلال فترة جانيت يلين، بسبب اعتمادها الكبير على الديون قصيرة الأجل. ولكن في أحدث إعلان لإعادة التمويل، وهو الأول تحت قيادة بيسنت، قالت وزارة الخزانة إنها تتوقع الإبقاء على معظم خطط إصدارات الديون دون تغيير على الأقل خلال الأرباع القليلة المقبلة.

ومنذ يونيو (حزيران) 2022، كان «الاحتياطي الفيدرالي» يسمح للسندات بالخروج من ميزانيته دون استبدالها، وقد يؤدي إبطاء هذا البرنامج أو تعليقه إلى تقليل حجم الديون التي تحتاج وزارة الخزانة إلى إصدارها.

كما أشار مسؤولو «الفيدرالي» إلى صعوبة تقييم سيولة السوق بشكل دقيق، مع تعامل وزارة الخزانة مع إعادة تفعيل سقف الدين الأميركي في 2 يناير (كانون الثاني)، ما أثَّر على إدارتها للسيولة النقدية.

ومع ذلك، أشار كومبرنول إلى أن تأثير هذه المناقشات والتصريحات قد يكون محدوداً، قائلاً: «التصريحات تأتي في يوم هادئ نسبياً من حيث الأخبار؛ لذا يركز الناس عليها الآن، لكن تأثيرها قد يتلاشى قريباً».

وبلغ العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات 4.511 في المائة، بانخفاض 2.4 نقطة أساس خلال الخميس، في حين تراجع العائد على السندات لأجل عامين 0.8 نقطة أساس إلى 4.266 في المائة. كما انخفض الفرق بين عوائد السندات لأجل عامين و10 سنوات بمقدار نقطة أساس واحدة، ليصل إلى 25 نقطة أساس.

كما يشعر المتداولون بالقلق من أن الرسوم الجمركية التي يُخطط لها الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد تؤدي إلى زيادة الضغوط التضخمية. إلا أن التقلبات الناجمة عن إعلانات الرسوم الجمركية قد هدأت خلال الأسابيع الأخيرة، مع تأجيل تنفيذها، ما عزَّز الآمال في أنها مجرد أداة تفاوض، وقد لا يتم فرضها أو قد تكون أقل تأثيراً مما كان متوقعاً.