حاكمة مصرف سوريا المركزي الجديدة تتعهد بتعزيز استقلالية البنك

قالت إن القطاع المصرفي لا يستفيد من الإعفاء من العقوبات الأميركية الصادر أخيراً

حاكمة مصرف سوريا المكلفة بتيسير الأعمال ميساء صابرين تتحدث لـ«رويترز» (رويترز)
حاكمة مصرف سوريا المكلفة بتيسير الأعمال ميساء صابرين تتحدث لـ«رويترز» (رويترز)
TT

حاكمة مصرف سوريا المركزي الجديدة تتعهد بتعزيز استقلالية البنك

حاكمة مصرف سوريا المكلفة بتيسير الأعمال ميساء صابرين تتحدث لـ«رويترز» (رويترز)
حاكمة مصرف سوريا المكلفة بتيسير الأعمال ميساء صابرين تتحدث لـ«رويترز» (رويترز)

قالت حاكمة مصرف سوريا، المُكلفة بتيسير الأعمال، ميساء صابرين، إنها تريد تعزيز استقلالية البنك المركزي فيما يتعلّق بقرارات السياسة النقدية، في حين سيكون هناك تحول كبير عن رقابة الدولة المشددة على البنك أثناء حكم الأسد.

وتولّت ميساء صابرين، التي كانت تشغل ثاني أهم منصب في مصرف سوريا المركزي، منصب القائم بأعمال الحاكم خلفاً لمحمد عصام هزيمة، أواخر العام الماضي.

مبنى المصرف المركزي السوري في دمشق (رويترز)

وهي مثال نادر لموظف حكومي سابق تمت ترقيته بعد الهجوم الخاطف الذي شنّته قوات المعارضة السورية، وأدّى إلى سقوط الرئيس بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول).

وقالت لـ«رويترز»، خلال أول مقابلة تُجريها مع الإعلام منذ توليها منصبها: «المصرف يعمل على إعداد مشروعات تعديل قانون المصرف، بما يُعزز استقلاليته، ويشمل ذلك السماح له بمزيد من الحرية في اتخاذ القرارات بشأن السياسة النقدية».

وتحتاج هذه التغييرات إلى موافقة السلطة الحاكمة الجديدة في سوريا، لكن العملية غير واضحة في هذه المرحلة. ولم تعطِ ميساء صابرين أي إشارة إلى توقيت حدوث ذلك.

ويرى خبراء الاقتصاد أن استقلال البنك المركزي أمر بالغ الأهمية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي والقطاع المالي على المدى الطويل.

ورغم أن المصرف المركزي السوري كان دائماً، من الناحية النظرية، مؤسسة مستقلة، فإن قرارات السياسة النقدية التي اتخذها البنك في ظل نظام الأسد كانت تحددها الحكومة فعلياً.

وقالت صابرين أيضاً: «البنك المركزي يبحث عن سبل لتوسيع الخدمات المصرفية الإسلامية؛ نظراً لوجود شريحة من السوريين يتجنّبون استخدام الخدمات المصرفية التقليدية».

وأضافت صابرين لـ«رويترز» من مكتبها في وسط دمشق: «قد يشمل ذلك منح البنوك التي تُقدم خدمات تقليدية خيار فتح فروع مصرفية إسلامية». والخدمات المصرفية الإسلامية موجودة بالفعل في سوريا.

وكانت القدرة المحدودة على الوصول إلى التمويل الدولي والمحلي قد جعلت حكومة الأسد تستخدم البنك المركزي لتمويل عجزها، ما أدّى إلى تأجيج التضخم.

وقالت صابرين إنها حريصة على تغيير كل ذلك. وأضافت: «البنك يريد تجنّب الاضطرار إلى طباعة الليرة السورية لانعكاس أثر ذلك على معدلات التضخم».

وامتنعت صابرين عن ذكر التفاصيل عندما سُئلت عن قيمة احتياطيات النقد الأجنبي والذهب الحالية، وقالت إن مراجعة الموازنة العامة لا تزال جارية.

وقال 4 أشخاص مطلعين على الوضع لـ«رويترز» في ديسمبر (كانون الأول) إن المصرف المركزي لديه ما يقرب من 26 طناً من الذهب في خزائنه، بقيمة تبلغ نحو 2.2 مليار دولار، وكذلك نحو 200 مليون دولار، وكمية كبيرة من الليرة السورية.

ويخضع المصرف المركزي السوري وعدد من الحكام السابقين للعقوبات الأميركية التي فرضت بعد قمع الأسد العنيف للاحتجاجات في عام 2011، والتي تحوّلت إلى حرب أهلية استمرت 13 عاماً.

وقالت صابرين إن المصرف لديه ما يكفي من أموال لتغطية دفع رواتب موظفي القطاع العام، حتى بعد الزيادة التي تعهّدت بها الإدارة الجديدة بنسبة 400 في المائة. ولم تذكر مزيداً من التفاصيل.

وذكرت وكالة «رويترز» أن قطر ستساعد في تمويل زيادة أجور القطاع العام، وهي العملية التي أصبحت ممكنة بفضل إعفاء أميركي من العقوبات، بداية من السادس من يناير (كانون الثاني)، الذي يسمح بالمعاملات مع المؤسسات الحاكمة السورية.

موظف يعدّ النقود في البنك المركزي السوري بعد الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد في دمشق (رويترز)

تحدي التضخم

يقول محللون إن استقرار العملة ومعالجة التضخم سيكونان من المهام الرئيسية لصابرين، إضافة إلى إعادة وضع القطاع المالي على الطريق الصحيح.

وكشفت بيانات من مجموعة بورصات لندن، والبنك المركزي، أن قيمة العملة السورية انخفضت من نحو 50 ليرة مقابل الدولار في أواخر عام 2011 إلى ما يزيد قليلاً على 13 ألف ليرة مقابل الدولار، الاثنين.

وقدّر البنك الدولي في تقرير أصدره في ربيع عام 2024 أن التضخم السنوي قفز بنحو مائة في المائة على أساس سنوي في العام الماضي.

وقالت صابرين، التي تشرف منذ فترة وجيزة على القطاع المصرفي، إن البنك المركزي يتطلع أيضاً إلى «إعادة هيكلة البنوك الحكومية، وتنظيم عمل مؤسسات الصرافة» والتحويلات، التي أصبحت مصدراً رئيسياً للعملة الصعبة.

وفرضت حكومة الأسد قيوداً صارمة على استخدام العملة الأجنبية، لدرجة أن عدداً من السوريين كانوا يخشون حتى من نطق كلمة «دولار». غير أن قائد الإدارة الجديدة لسوريا، أحمد الشرع، ألغى هذه القيود، حتى أصبح السكان يلوّحون الآن بكميات كبيرة من الأوراق النقدية في الشوارع ويبيعونها من الصناديق الخلفية للسيارات التي تقف إحداها خارج مدخل البنك المركزي.

رزم من الأوراق النقدية السورية مكدسة في حين يقوم موظف بعدّ النقود في البنك المركزي السوري (رويترز)

وللمساعدة في استقرار البلاد وتحسين الخدمات الأساسية، وافقت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي على إعفاء المساعدات الإنسانية وقطاع الطاقة وإرسال التحويلات المالية إلى سوريا من العقوبات، رغم تأكيدها أن البنك المركزي نفسه لا يزال خاضعاً للعقوبات.

وقالت صابرين: «القطاع المصرفي لا يستفيد من الإعفاء من العقوبات الأميركية الصادر يوم الاثنين، لكن السماح بالتحويلات الشخصية كان خطوة إيجابية»، وأعربت عن أملها في رفع العقوبات بالكامل، حتى يتمكن القطاع المصرفي من الارتباط بالنظام المالي العالمي.


مقالات ذات صلة

رفع مفاجئ لتوقعات التضخم التركي في تقرير «المركزي»

الاقتصاد أتراك يتجولون في أسواق منطقة بايزيد في إسطنبول (رويترز)

رفع مفاجئ لتوقعات التضخم التركي في تقرير «المركزي»

رفع البنك المركزي التركي توقعاته للتضخم في نهاية العام الحالي إلى 24 في المائة مخالفاً التوقعات والهدف المعلن سابقاً من جانب الحكومة عند 21 في المائة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد شقق قيد الإنشاء خلف منازل سكنية في جنوب لندن (رويترز)

أسعار المساكن البريطانية تتجاوز التوقعات في يناير

قالت شركة «هاليفاكس» للتمويل العقاري يوم الجمعة إن أسعار المساكن البريطانية شهدت ارتفاعاً أكبر من المتوقع في الشهر الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد عامل يمشي أمام شعار بنك الاحتياطي الهندي داخل مكتبه في نيودلهي (رويترز)

«المركزي الهندي» يخفض الفائدة للمرة الأولى منذ 5 سنوات لتحفيز الاقتصاد

خفض بنك الاحتياطي الهندي سعر الفائدة الرئيسي لأول مرة منذ ما يقرب من خمس سنوات يوم الجمعة، مشيراً إلى نهج سياسة نقدية أقل تقييداً في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (مومباي )
الاقتصاد محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي في مؤتمر صحافي بعد اجتماع لجنة السياسة النقدية (رويترز)

بنك إنجلترا يشير إلى مزيد من التيسير بعد خفض الفائدة

أجرى بنك إنجلترا أول خفض لأسعار الفائدة هذا العام يوم الخميس مما يشير إلى مزيد من التخفيضات حيث خفّض توقعات النمو لعام 2025.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مؤشر الأسهم الألماني «داكس» في بورصة فرنكفورت (رويترز)

الأسهم الأوروبية تقترب من أعلى مستوياتها

ارتفعت الأسهم الأوروبية بالقرب من أعلى مستوى لها على الإطلاق يوم الخميس، بدعم مجموعة من الأرباح المتفائلة؛ بما فيها تلك الخاصة بشركة الأدوية «أسترازينيكا».

«الشرق الأوسط» (لندن)

تهديدات ترمب الجمركية تضغط على العملات العالمية

صورة لعملة الدولار الكندي تم التقاطها في تورونتو (رويترز)
صورة لعملة الدولار الكندي تم التقاطها في تورونتو (رويترز)
TT

تهديدات ترمب الجمركية تضغط على العملات العالمية

صورة لعملة الدولار الكندي تم التقاطها في تورونتو (رويترز)
صورة لعملة الدولار الكندي تم التقاطها في تورونتو (رويترز)

سببت تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية جديدة ضغوطاً على اليورو والدولارين الأسترالي والكندي في التعاملات المبكرة يوم الاثنين، على الرغم من أن التحركات كانت أقل دراماتيكية مقارنة بالتقلبات الحادة التي شهدتها الأسواق الأسبوع الماضي بسبب الرسوم الجمركية.

وقال ترمب إنه سيعلن في وقت لاحق من اليوم عن فرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 25 في المائة على جميع واردات الصلب والألمنيوم إلى الولايات المتحدة، بالإضافة إلى رسوم جمركية متبادلة سيتم تطبيقها يوم الثلاثاء أو الأربعاء على جميع الدول، مع مطابقة معدلات الرسوم التي تفرضها كل دولة، وفق «رويترز».

وتزيد هذه التهديدات الأخيرة من حدة التوترات المرتبطة بالحرب التجارية العالمية، خاصة مع اقتراب تنفيذ الرسوم الجمركية الانتقامية التي تفرضها الصين على السلع الأميركية بدءاً من يوم الاثنين. وكان الدولار الكندي من بين أكبر الخاسرين بين عملات الأسواق المتقدمة؛ إذ ارتفع الدولار بنسبة 0.33 في المائة إلى 1.4347 دولار كندي، في حين لا يزال بعيداً عن المستوى القياسي وهو 1.4792 دولار كندي والذي سجله قبل أسبوع في أعقاب خطة ترمب السابقة لفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على جميع السلع الكندية، وهو المستوى الأضعف منذ أكثر من 20 عاماً.

وتراجع اليورو بنحو 0.5 في المائة في التعاملات الآسيوية، لكنه استقر لاحقاً عند 1.03125 دولار، بانخفاض طفيف بنسبة 0.14 في المائة. كما قلص الدولار الأسترالي خسائره المبكرة، ليظل منخفضاً بنسبة 0.13 في المائة عند 0.6269 دولار. وكان اليورو قد وصل إلى أدنى مستوى له في عامين عند 1.0125 دولار يوم الاثنين الماضي في ذروة المخاوف من التعريفات الجمركية، في حين تراجع الدولار الأسترالي إلى أدنى مستوى له في خمس سنوات عند 0.6086 دولار.

وفي تعليق على الوضع، قال لي هاردمان، كبير محللي العملات في بنك «إم يو إف جي»: «عادت الرسوم الجمركية لتكون في بؤرة الاهتمام. فقد شهد الأسبوع الماضي فترة راحة للأسواق بعدما امتنع ترمب عن رفع الرسوم الجمركية على كندا والمكسيك، ولكن يبدو أن هذه الراحة كانت قصيرة الأجل». وأضاف أن المقترحات الخاصة بالرسوم الجمركية المتبادلة قد تكون أكثر إزعاجاً للتجارة العالمية والاقتصاد العالمي، حسب التفاصيل الدقيقة لهذا الإعلان.

من جهة أخرى، كان أكبر تحرك للعملات في السوق هو الين الياباني؛ إذ ارتفع الدولار بنسبة 0.7 في المائة ليصل إلى 152.43 ين، مما يبدو كحالة من الإرهاق بعد أن شهدت العملة اليابانية قوة الأسبوع الماضي؛ إذ انخفض الدولار من فوق 155 يناً إلى أقل من 151 يناً.

أما اليوان الصيني فقد انخفض إلى أدنى مستوى له في ثلاثة أسابيع مقابل الدولار، ليضعف إلى ما بعد مستوى 7.3 مقابل الدولار لأول مرة منذ 20 يناير (كانون الثاني)؛ ما يعكس تزايد التوترات التجارية.

وبعيداً عن تأثيرات ترمب، سيتوجه تركيز المستثمرين إلى بيانات التضخم الأميركية المرتقبة يوم الأربعاء، بالإضافة إلى ظهور رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، أمام مجلس النواب يومي الثلاثاء والأربعاء، حيث من المتوقع أن تكون التعريفات الجمركية في دائرة الضوء. وأشار المحللون إلى أن هذه التعريفات قد تضخّم الضغوط التضخمية وتزيد من الضغوط على بنك الاحتياطي الفيدرالي للحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة. وتشير الأسواق حالياً إلى إمكانية تخفيضات طفيفة في أسعار الفائدة هذا العام؛ إذ تتوقع الأسواق تخفيضاً يصل إلى 36 نقطة أساس، مقارنةً بـ42 نقطة أساس بعد تقرير الوظائف المتفائل يوم الجمعة.