تحديات جديدة تواجه صناديق الاستثمار المتداولة في الولايات المتحدة

بعد عام استثنائي شهد تدفقات قياسية بلغت 1.1 تريليون دولار

بورصة نيويورك خلال أول يوم تداول من العام الجديد في 2 يناير 2025 (أ.ف.ب)
بورصة نيويورك خلال أول يوم تداول من العام الجديد في 2 يناير 2025 (أ.ف.ب)
TT

تحديات جديدة تواجه صناديق الاستثمار المتداولة في الولايات المتحدة

بورصة نيويورك خلال أول يوم تداول من العام الجديد في 2 يناير 2025 (أ.ف.ب)
بورصة نيويورك خلال أول يوم تداول من العام الجديد في 2 يناير 2025 (أ.ف.ب)

تستعد صناديق الاستثمار المتداولة في الولايات المتحدة لمواجهة تحديات جديدة قد تؤثر في استمرار نموها الهائل في عام 2025، بعد عام استثنائي شهد تدفقات قياسية بلغت 1.1 تريليون دولار في 2024، وهو ما يمثل أكبر تدفق في تاريخ هذه المنتجات الممتدة على مدار 35 عاماً، واقترب من مضاعفة الرقم الذي تحقَّق في العام السابق، الذي بلغ 597 مليار دولار.

ويعزو المحللون الزيادة الكبيرة في شعبية صناديق الاستثمار المتداولة إلى مزيج من العوامل، أبرزها السوق الصاعدة في الولايات المتحدة، التي تحتضن النصيب الأكبر من هذه الصناديق، بالإضافة إلى ظهور العملات المشفرة والمنتجات المبتكرة القائمة على الخيارات، إلى جانب تفضيل المستثمرين المتزايد لصناديق الاستثمار المتداولة الأقل تكلفة والأكثر سيولة، مقارنة بصناديق الاستثمار المشتركة، وفق «رويترز».

وعلى الرغم من التفاؤل الكبير بشأن نمو هذه المنتجات في عام 2025، فإن المستثمرين يراقبون بحذر مجموعة من التحديات الجديدة، تتراوح من كيفية التنقل في ساحة صناديق الاستثمار المتداولة المزدحمة بشكل متزايد، إلى السؤال المستمر حول الابتكار في هذه المنتجات. وفي هذا السياق، قال برايان أرمور، محلل صناديق الاستثمار المتداولة في «مورنينغ ستار»: «أجد نفسي أفكر في أن تطوير المنتجات الجديدة ربما تجاوز اهتمام المستثمرين ببعض الاستراتيجيات الأكثر تعقيداً، ولن تنجح جميع المنتجات في جذب المستثمرين».

وإحدى التوقعات لعام 2025 هي أن السوق قد تشهد إغلاق عدد قياسي من صناديق الاستثمار المتداولة. ففي عام 2024، تم إغلاق نحو 186 صندوقاً، 91 في المائة منها كانت أصولها أقل من 250 مليون دولار، ويُتوقع أن يرتفع هذا الرقم في 2025 ليتجاوز الرقم القياسي البالغ 253 الذي تم تسجيله في عام 2023.

وأضاف أرمور: «لقد تم تطوير كثير من المنتجات، ولكن لن تتمكَّن كثير من صناديق الاستثمار المتداولة من الوصول إلى الربحية لمجرد أنها تفتقر إلى التميز الكافي لجذب الأصول». وفي هذا السياق، أكدت شركة «سيرولي ريسيرش» أن عام 2023 كان الأول الذي شهد انخفاضاً في متوسط عمر صناديق الاستثمار المتداولة، حيث انخفض إلى أقل من 5 سنوات في أوائل 2024.

ومع ذلك، هناك كثير من الأسباب التي تدعو للتفاؤل بشأن الصناعة التي قفزت عالمياً إلى 14 تريليون دولار من الأصول بحلول 27 ديسمبر (كانون الأول) 2024، مقارنة بـ11.6 تريليون دولار في نهاية عام 2023. وأشار ماثيو بارتوليني، رئيس أبحاث «ستيت ستريت غلوبال أدفايزر»، إلى أن عدد صناديق الاستثمار المتداولة الجديدة التي تم إطلاقها في عام 2024، بما في ذلك العشرات من المنتجات المرتبطة بالبتكوين، وصل إلى 714، مقارنة بـ543 في عام 2023.

ويرجع هذا الانفجار في عدد صناديق الاستثمار المتداولة جزئياً إلى الارتفاع في الاهتمام بالمنتجات التي تستخدم الخيارات لإدارة أو الحد من المخاطر، أو حتى لزيادة العوائد. ومن أبرز سمات عام 2024 ظهور صناديق المؤشرات المتداولة ذات النتائج المحددة والعازلة، التي تستخدم الخيارات لتحقيق توازن بين الإمكانات الصاعدة والمخاطر السلبية.

وفيما يخص المستقبل، أشار بريندان مكارثي، رئيس توزيع صناديق المؤشرات المتداولة وأسواق رأس المال العالمية في «غولدمان ساكس كابيتال مانجمنت»، إلى أن الشركة ستدخل سوق 2025 في الرُّبع الأول مع منتج صناديق المؤشرات المتداولة العازلة.

وسجَّل صندوق «GraniteShares 2x Long Nvidia ETF» الذي يقدم للمستثمرين ضعف العائد اليومي على أسهم «إنفيديا»، ارتفاعاً بنسبة 177 في المائة في عام 2024، حيث جذب أكثر من 3.5 مليار دولار من الأصول الجديدة، ليصل إجمالي أصوله إلى نحو 6 مليارات دولار.

وأعرب ديفيد مان، رئيس منتجات صناديق المؤشرات المتداولة في «فرنكلين تمبلتون»، عن تفاؤله قائلاً: «لا يوجد سبب للاعتقاد بأن تريليون دولار لن يصبح الوضع الطبيعي الجديد للتدفقات. كانت هذه رحلة قطار في اتجاه واحد، والآن القطار على المسار السريع».


مقالات ذات صلة

نمو الوظائف الأميركية يفوق التوقعات والبطالة تتراجع إلى 4.1 %

الاقتصاد شخص يقف بالقرب من نصب واشنطن التذكاري في واشنطن (رويترز)

نمو الوظائف الأميركية يفوق التوقعات والبطالة تتراجع إلى 4.1 %

تسارع نمو الوظائف في الولايات المتحدة بشكل غير متوقع في ديسمبر، بينما انخفض معدل البطالة إلى 4.1 في المائة، مما يعكس قوة سوق العمل في نهاية العام.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداول في بورصة نيويورك (رويترز)

بيانات التضخم الأميركية الأسبوع المقبل تضع الأسواق تحت الاختبار

قد تختبر بيانات التضخم في الولايات المتحدة الأسبوع المقبل أعصاب المستثمرين في أسواق الأسهم، ما يزيد من المخاوف المتعلقة بارتفاع عائدات سندات الخزانة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الاقتصاد متداولون في بورصة نيويورك (رويترز)

المستثمرون الأميركيون ينسحبون من صناديق الأسهم

انسحب المستثمرون الأميركيون من صناديق الأسهم وانتقلوا إلى صناديق أسواق المال الآمنة خلال الأسبوع المنتهي في 8 يناير (كانون الثاني).

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» للذهب في ميونيخ (رويترز)

الذهب يسجل مكاسب ملحوظة مع تزايد المخاوف حول سياسات ترمب

ارتفعت أسعار الذهب يوم الجمعة مع تزايد حالة عدم اليقين بشأن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مما زاد من الطلب على السبائك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» بين خيارين صعبين في ظل اضطرابات سوق السندات

وضعت الاضطرابات الهائلة في سوق السندات بنك الاحتياطي الفيدرالي في موقف صعب للغاية، حيث يواجه خيارين حاسمين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)

قالت الأمم المتحدة، في وقت متأخر، يوم الخميس، إن الاقتصاد العالمي قاوم الضربات التي تعرَّض لها بسبب الصراعات والتضخم، العام الماضي، وإنه من المتوقع أن ينمو بنسبة ضعيفة تبلغ 2.8 في المائة في 2025.

وفي تقرير «الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه (2025)»، كتب خبراء اقتصاد الأمم المتحدة أن توقعاتهم الإيجابية كانت مدفوعة بتوقعات النمو القوية، وإن كانت بطيئة للصين والولايات المتحدة، والأداء القوي المتوقع للهند وإندونيسيا. ومن المتوقَّع أن يشهد الاتحاد الأوروبي واليابان والمملكة المتحدة انتعاشاً متواضعاً، كما يقول التقرير.

وقال شانتانو موخيرجي، رئيس فرع مراقبة الاقتصاد العالمي في قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة: «نحن في فترة من النمو المستقر والضعيف. قد يبدو هذا أشبه بما كنا نقوله، العام الماضي، ولكن إذا دققنا النظر في الأمور، فستجد أن الأمور تسير على ما يرام».

ويقول التقرير إن الاقتصاد الأميركي تفوق على التوقعات، العام الماضي، بفضل إنفاق المستهلكين والقطاع العام، لكن من المتوقَّع أن يتباطأ النمو من 2.8 في المائة إلى 1.9 في المائة هذا العام.

ويشير التقرير إلى أن الصين تتوقع تباطؤ نموها القوي قليلاً من 4.9 في المائة في عام 2024 إلى 4.8 في المائة في عام 2025، وذلك بسبب انخفاض الاستهلاك وضعف قطاع العقارات الذي فشل في تعويض الاستثمار العام وقوة الصادرات. وهذا يجبر الحكومة على سن سياسات لدعم أسواق العقارات ومكافحة ديون الحكومات المحلية وتعزيز الطلب. ويشير التقرير إلى أن «تقلص عدد سكان الصين وارتفاع التوترات التجارية والتكنولوجية، إذا لم تتم معالجته، قد يقوض آفاق النمو في الأمد المتوسط».

وتوقعت الأمم المتحدة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي 2.4 في المائة في عام 2024. وقالت، يوم الخميس، إن المعدل كان من المقدَّر أن يصبح أعلى، عند 2.8 في المائة، ويظل كلا الرقمين أقل من معدل 3 في المائة الذي شهده العالم قبل بدء جائحة «كوفيد - 19»، في عام 2020.

ومن المرتقب أن ينتعش النمو الأوروبي هذا العام تدريجياً، بعد أداء أضعف من المتوقع في عام 2024. ومن المتوقَّع أن تنتعش اليابان من فترات الركود والركود شبه الكامل. ومن المتوقَّع أن تقود الهند توقعات قوية لجنوب آسيا، مع توقع نمو إقليمي بنسبة 5.7 في المائة في عام 2025، و6 في المائة في عام 2026. ويشير التقرير إلى أن توقعات النمو في الهند بنسبة 6.6 في المائة لعام 2025، مدعومة بنمو قوي في الاستهلاك الخاص والاستثمار.

ويقول التقرير: «كان الحدّ من الفقر العالمي على مدى السنوات الثلاثين الماضية مدفوعاً بالأداء الاقتصادي القوي. وكان هذا صحيحاً بشكل خاص في آسيا؛ حيث سمح النمو الاقتصادي السريع والتحول الهيكلي لدول، مثل الصين والهند وإندونيسيا، بتحقيق تخفيف للفقر غير مسبوق من حيث الحجم والنطاق».

وقال لي جون هوا، مدير قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية: «لقد تجنَّب الاقتصاد العالمي إلى حد كبير الانكماش واسع النطاق، على الرغم من الصدمات غير المسبوقة في السنوات القليلة الماضية، وأطول فترة من التشديد النقدي في التاريخ». ومع ذلك، حذر من أن «التعافي لا يزال مدفوعاً في المقام الأول بعدد قليل من الاقتصادات الكبيرة».