منطقة اليورو تختتم 2024 بتراجع حاد في قطاع التصنيع

مع استمرار الانكماش في ألمانيا وفرنسا

رفع هياكل السيارات في مصنع تابع لشركة «مرسيدس بنز» بالقرب من شتوتغارت (رويترز)
رفع هياكل السيارات في مصنع تابع لشركة «مرسيدس بنز» بالقرب من شتوتغارت (رويترز)
TT

منطقة اليورو تختتم 2024 بتراجع حاد في قطاع التصنيع

رفع هياكل السيارات في مصنع تابع لشركة «مرسيدس بنز» بالقرب من شتوتغارت (رويترز)
رفع هياكل السيارات في مصنع تابع لشركة «مرسيدس بنز» بالقرب من شتوتغارت (رويترز)

أنهى المصنّعون في منطقة اليورو عام 2024 بتراجع حاد، حيث انخفض نشاط المصانع بوتيرة أسرع، مما يشير إلى أن التعافي في الأفق غير مرجح. وقد كانت الانخفاضات شاملة، مع تراجع الأنشطة في أكبر ثلاثة اقتصادات في الكتلة -ألمانيا وفرنسا وإيطاليا- التي تعاني من ركود صناعي، بينما شهدت إسبانيا توسعاً ملحوظاً في صناعتها التحويلية.

وانخفض مؤشر مديري المشتريات التصنيعي النهائي لمنطقة اليورو، الذي جمعته «ستاندرد آند بورز»، إلى 45.1 في ديسمبر (كانون الأول)، وهو أدنى بقليل من التقدير الأوّلي وأقل من مستوى 50 الذي يفصل بين النمو والانكماش. وكان هذا انخفاضاً طفيفاً عن 45.2 في نوفمبر (تشرين الثاني)، مما يعني أن القراءة كانت أقل من 50 منذ منتصف 2022، وفق «رويترز».

كما تراجع مؤشر الناتج، الذي يُعد مقياساً جيداً لصحة الاقتصاد، إلى 44.3 من 45.1 في نوفمبر. وقال سايروس دي لا روبيا، كبير خبراء الاقتصاد في بنك «هامبورغ التجاري»: «حتى في ديسمبر، لم يقدم قطاع التصنيع أي إشارات إيجابية. إنها القصة المتكررة نفسها -تراجع مستمر». وأضاف أن الطلبات الجديدة انخفضت أكثر من الشهرين السابقين، مما أسفر عن سحق أي آمال في تعافٍ سريع.

وتدعم هذه الرؤية الانخفاض المتسارع في تراكم الطلبات، حيث هبط مؤشر الطلبات الجديدة إلى ما دون نقطة التعادل إلى أدنى مستوى في ثلاثة أشهر، بينما انخفض مقياس تراكم العمل إلى 42 من 42.9، مما يشير إلى أن النشاط كان ناتجاً بشكل رئيسي عن تلبية الطلبات القديمة.

ورغم خفض المصانع للأسعار للشهر الرابع على التوالي، استمر المصنعون في تقليص عدد الموظفين. كما يبقى التفاؤل بشأن المستقبل محاطاً بالشكوك، خصوصاً مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، إلى البيت الأبيض في وقت لاحق من هذا الشهر، حيث اقترح فرض تعريفة جمركية بنسبة 10 في المائة على جميع الواردات، مما سيزيد تكلفة السلع الأوروبية في الولايات المتحدة.

لكن من المتوقع أن يقدم البنك المركزي الأوروبي بعض الدعم من خلال خفض أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس هذا العام، وفقاً لاستطلاع أجرته «رويترز»، الشهر الماضي.

وفي ألمانيا، أنهى قطاع التصنيع عام 2024 بتوجه متشائم، حيث سجل انخفاضات ملحوظة في الإنتاج والطلبات الجديدة، مما يشير إلى أن الصناعة في أكبر اقتصاد في أوروبا لن تخرج من ركودها في المدى القريب. وانخفض مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الألماني، الذي جمعته «ستاندرد آند بورز غلوبال»، إلى 42.5 في ديسمبر، مقارنة بـ43.0 في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، مؤكداً التقدير الأولي.

وقال دي لا روبيا: «الوضع في قطاع التصنيع لا يزال قاتماً للغاية». وأضاف: «الإنتاج يشهد تراجعاً حاداً، والطلبات الجديدة تستمر في الانخفاض، مما يوضح أن الصناعة لن تخرج من الركود في أي وقت قريب». وأشار إلى أن فئة السلع الوسيطة كانت الأكثر تأثراً، حيث سجلت أكبر انخفاض لها على مدار العام، في حين لا تبدو الأوضاع أفضل كثيراً بالنسبة لقطاع السلع الاستثمارية.

كما انخفض التوظيف في قطاع التصنيع للشهر الثامن عشر على التوالي، حيث تكيفت الشركات مع ضعف الطلب، رغم أن معدل فقدان الوظائف تباطأ إلى أدنى مستوياته منذ أغسطس (آب).

وعلى الرغم من تحسن أوقات تسليم المدخلات واستمرار انخفاض أسعار المدخلات، تظل توقعات نمو الشركات خافتة بسبب عدم اليقين السياسي والتحديات في قطاعي البناء والسيارات.

وقال دي لا روبيا إنه قد ينتهي الاتجاه السلبي في النصف الثاني من 2025، بعد انتخابات فبراير (شباط) في ألمانيا، عندما تتشكل حكومة جديدة قد تغير من موقف الشركات تجاه الاستثمار والاستهلاك. ومع ذلك، أضاف أن دعم هذه التوقعات في الأرقام يصعب العثور عليه، حيث إن مؤشر الإنتاج المستقبلي بالكاد يتجاوز 50، ما يعني أن الشركات تتوقع زيادة طفيفة في الإنتاج العام المقبل مقارنة بما تنتجه اليوم.

أما في فرنسا، فقد انكمش نشاط التصنيع خلال ديسمبر، حيث تراجعت وتيرة الانكماش إلى أسرع مستوى منذ منتصف عام 2020، مما يبرز التحديات التي يواجهها ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.

وقالت «ستاندرد آند بورز غلوبال» إن مؤشر مديري المشتريات النهائي لقطاع التصنيع الفرنسي انخفض إلى 41.9 في ديسمبر مقارنة بـ43.1 في نوفمبر، متطابقاً مع القراءة الأولية، وأدنى مستوى له منذ مايو (أيار) 2020، وفق «رويترز».

وفي تعليق له، قال طارق كمال شودري، الخبير الاقتصادي في بنك «هامبورغ التجاري»: «الأزمة الصناعية في فرنسا تتعمق. وقد أرسل مؤشر مديري المشتريات النهائي إشارات سلبية مجدداً في ديسمبر». وأضاف: «من غير المرجح أن يكون عام 2025 أسهل. فالشركات التي شملها الاستطلاع لا تحمل آمالاً كبيرة في العام الجديد، وتظل التوقعات بشأن الناتج المستقبلي للاثني عشر شهراً المقبلة سلبية».

وقد تعرض الاقتصاد الفرنسي مؤخراً لضغوط بسبب التقلبات السياسية، حيث أدى الرفض للموازنة المخطط لها إلى انهيار حكومة ميشال بارنييه، ليحل محلها فرانسوا بايرو في منصب رئيس الوزراء.


مقالات ذات صلة

قطاع التصنيع التركي ينكمش بأبطأ وتيرة في ديسمبر

الاقتصاد فنيون يعملون على حافلة في خط إنتاج مصنع «أوتوكار» التركي (رويترز)

قطاع التصنيع التركي ينكمش بأبطأ وتيرة في ديسمبر

انكمش قطاع التصنيع في تركيا، خلال ديسمبر (كانون الأول)، بأبطأ وتيرة له في 8 أشهر، مما يشير إلى اقتراب القطاع من الاستقرار.

«الشرق الأوسط» (اسطنبول)
الاقتصاد تصاعد الدخان في أجواء الضاحية الجنوبية لبيروت بعد غارة إسرائيلية (رويترز)

«البنك الدولي»: انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي في لبنان 6.6 % بسبب الصراع

توقع تقرير المرصد الاقتصادي للبنان الصادر عن «البنك الدولي» أن ينخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في لبنان بحوالي 6.6 في المائة في عام 2024 نتيجة للصراع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد يُجمّع فريق العمل الألواح والأبواب بمصنع «جاكوار لاند روفر» في ليفربول (رويترز)

انكماش حاد بالقطاع الصناعي البريطاني خلال نوفمبر

أظهرت البيانات الصادرة يوم الاثنين عن القطاع الصناعي البريطاني انكماشاً حاداً في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع تراجع الطلبات من العملاء المحليين والدوليين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد عامل بمصنع «كوزموس» للألمنيوم في لاريزا باليونان (رويترز)

استقرار طفيف في الصناعة الأوروبية وسط الانكماش

أظهر قطاع التصنيع بمنطقة اليورو بعض علامات الاستقرار في أكتوبر حيث استمر الانكماش بالنشاط للشهر الثامن والعشرين على التوالي

«الشرق الأوسط» (عواصم )
الاقتصاد يقوم العمال بإزالة قطع من السلك من إطار داخل مصنع كوربيتيز للزنك في تيلفورد (رويترز)

انكماش طفيف في نشاط المصانع البريطانية خلال أكتوبر

انكمش نشاط المصانع البريطانية بشكل طفيف الشهر الماضي لأول مرة منذ أبريل، مدفوعاً بانخفاض الطلبات الجديدة وانخفاض التفاؤل في الفترة التي سبقت الموازنة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تشغيل آخر مسارات «قطار الرياض»

«قطار الرياض» ينطلق نحو وجهات جديدة عبر المسار البرتقالي (واس)
«قطار الرياض» ينطلق نحو وجهات جديدة عبر المسار البرتقالي (واس)
TT

تشغيل آخر مسارات «قطار الرياض»

«قطار الرياض» ينطلق نحو وجهات جديدة عبر المسار البرتقالي (واس)
«قطار الرياض» ينطلق نحو وجهات جديدة عبر المسار البرتقالي (واس)

مع دخول يوم الأحد، يبدأ تشغيل «المسار البرتقالي - محور طريق المدينة المنورة» من «قطار الرياض»، ليكتمل بذلك التشغيل التتابعي لمسارات شبكته، وفق الخطة المعلنة عند افتتاح المشروع الذي انطلق مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

ويربط المسار البرتقالي شرق مدينة الرياض بغربها، ويمتد من طريق جدة غرباً حتى الطريق الدائري الشرقي الثاني، بمحاذاة منطقة خشم العان شرقاً، بطول إجمالي 41 كم.

ويستقبل المستخدمين عند الساعة السادسة صباحاً في محطاته الخمس «طريق جدة»، «طويق»، «الدوح»، «طريق هارون الرشيد»، بالإضافة إلى «النسيم» التي تُعد إحدى محطات التحويل التي تربط بينه والمسار البنفسجي.

المسار البرتقالي يربط شرق مدينة الرياض بغربها عبر محطاته الخمس (واس)

من جهة أخرى، بدأ تشغيل ثلاث محطات جديدة على «المسار الأزرق - محور طريق العليا البطحاء»، هي: «المروج»، «بنك البلاد»، «مكتبة الملك فهد».

ويمثّل «قطار الرياض» أحد المشروعات الكبرى التي تشهدها السعودية خلال هذا العهد الزاهر، ويُعد من الأضخم للنقل العام في العالم، حيث يغطي كامل مساحة العاصمة ضمن مرحلة واحدة.

ويتميّز بطبيعته الدقيقة ومواصفاته التصميمية والتقنية العالية، وانسجامه مع الخصائص الاجتماعية والبيئية والعمرانية لمدينة الرياض وسكانها، إلى جانب ما يسهم به من عوائد عليها تتجاوز توفير خدمة النقل العام، ورفع مستوى جودة الحياة فيها، بما ينسجم مع مستهدفات «رؤية 2030».

وتشمل شبكة القطار، الأطول بلا سائق في العالم، 6 مسارات بطول 176 كيلومتراً، وله 85 محطة، من بينها 4 محطات رئيسية، بطاقة استيعابية 3.6 مليون راكب يومياً، مما يعزز الربط بين أجزاء مدينة الرياض، ويُسهِّل سبل التنقل لساكنيها وزائريها.

وتعد تكلفة التنقل في «قطار الرياض» الأقل بين دول «مجموعة العشرين»، مقارنة بمتوسط دخل الأسرة اليومي، والبالغ 733 ريالاً؛ أي نحو 195 دولاراً. وهذه النسبة تشكل 0.5 في المائة من دخل الفرد اليومي، وفق ما ذكره، لـ«الشرق الأوسط»، ماهر شيرة، المدير العام الأول للمدن الذكية في «الهيئة الملكية لمدينة الرياض».

ويستقبل القطار المستخدمين من الساعة 6 صباحاً حتى الساعة 12 منتصف الليل. وأتيح لهم تحديد الوجهات وشراء التذاكر من خلال تطبيق «درب»، ومكاتب بيع التذاكر، وأجهزة الخدمة الذاتية في المحطات، ووسائل الدفع الرقمية عبر البطاقات المصرفية والائتمانية والهواتف والأجهزة الذكية.