منطقة اليورو مهددة بركود اقتصادي بعد فوز ترمب

رسوم جمركية بـ10 % تؤدي إلى تآكل الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي بـ260 مليار يورو

سفينة حاويات تُفرغ حمولتها في ميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
سفينة حاويات تُفرغ حمولتها في ميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
TT

منطقة اليورو مهددة بركود اقتصادي بعد فوز ترمب

سفينة حاويات تُفرغ حمولتها في ميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
سفينة حاويات تُفرغ حمولتها في ميناء هامبورغ الألماني (رويترز)

مع تحول «ترمب 2.0» إلى واقع، أصبحت أوروبا على استعداد لنزول مستنقع جيوسياسي وتجاري جديد مع أكبر شركائها التجاريين.

وقد يلحق فوز ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية الضرر بالاقتصاد الأوروبي، فالرسوم الجمركية الأميركية المقترحة بنسبة 10 في المائة قد تؤثر على الصادرات الأوروبية، مثل السيارات والمواد الكيميائية، مما يؤدي إلى تآكل الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي بنسبة تصل إلى 1.5 في المائة أو نحو 260 مليار يورو.

ويحذر المحللون من خفض «البنك المركزي الأوروبي» أسعار الفائدة، وضعف اليورو، وخطر الركود.

وفق كثير من التحليلات الاقتصادية، هناك اتفاق واسع النطاق على أن التعريفات الجمركية الشاملة التي اقترحها ترمب بنسبة 10 في المائة على جميع الواردات الأميركية، قد تعطل النمو الأوروبي بشكل كبير، وتزيد من حدة التباين في السياسة النقدية، وتفرض ضغوطاً على القطاعات الرئيسية المعتمدة على التجارة، مثل السيارات والمواد الكيميائية.

وقد تكون التأثيرات طويلة الأجل على مرونة الاقتصاد الأوروبي أكثر أهمية؛ إذا كانت التعريفات الجمركية أدت إلى صراعات تجارية مطولة، مما دفع «البنك المركزي الأوروبي» إلى الاستجابة بخفض أسعار الفائدة بشكل كبير لتخفيف التأثير، وفق «يورو نيوز».

والرسوم الجمركية التي اقترحها ترمب على الواردات، بما فيها تلك الآتية من أوروبا، قد تؤثر بشكل عميق على قطاعات تعتمد بشكل كبير على الصادرات إلى أميركا.

وتظهر بيانات «المفوضية الأوروبية» أن «الاتحاد الأوروبي» صدّر سلعاً بقيمة 502.3 مليار يورو إلى الولايات المتحدة في عام 2023، وهو ما يمثل خُمس إجمالي الصادرات غير الأوروبية.

وتتصدر الصادراتِ الأوروبية إلى الولايات المتحدة الآلاتُ والمركباتُ (207.6 مليار يورو)، والمواد الكيميائية (137.4 مليار يورو)، والسلع المصنَّعة الأخرى (103.7 مليار يورو)، وتشكل معاً نحو 90 في المائة من صادرات الكتلة عبر المحيط الأطلسي.

ويحذر محللون في بنك «إيه بي إن أمرو» بأن الرسوم الجمركية «ستتسبب في انهيار الصادرات إلى الولايات المتحدة»، حيث من المرجح أن تكون الاقتصادات المعتمدة على التجارة، مثل ألمانيا وهولندا، الأكثر تضرراً.

ووفق «البنك المركزي الهولندي»، فإن الرسوم الجمركية المتوقعة من شأنها أن تخفض النمو الأوروبي بنحو 1.5 نقطة مئوية، وهو ما يعني خسارة اقتصادية محتملة قدرها 260 مليار يورو، استناداً إلى الناتج المحلي الإجمالي المقدر لأوروبا في عام 2024 بنحو 17.4 تريليون يورو.

وإذا تعثر نمو أوروبا تحت وطأة هذه الرسوم الجمركية المقترحة، فقد يضطر «البنك المركزي الأوروبي» إلى الرد بقوة، وخفض أسعار الفائدة إلى نحو الصفر بحلول عام 2025.

وفي المقابل، قد يستمر «بنك الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي في رفع أسعار الفائدة، مما يؤدي إلى «أحد أكبر وأطول الاختلافات في السياسة النقدية» بين «البنك المركزي الأوروبي» و«الاحتياطي الفيدرالي» منذ إنشاء اليورو في عام 1999.

يرى ديرك شوماخر، رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي الأوروبي في مؤسسة «ناتيكسيس كوربوريت» الألمانية، أن زيادة التعريفات بنسبة 10 في المائة قد تقلل الناتج المحلي الإجمالي بنحو 0.5 في المائة بألمانيا، و0.3 في المائة بفرنسا، و0.4 في المائة بإيطاليا، و0.2 في المائة بإسبانيا.

ويحذر شوماخر بأن «منطقة اليورو قد تنزلق إلى الركود بتأثير التعريفات الجمركية الأعلى».

كما أن أرباح الشركات الأوروبية والاستثمارات في خطر، فوفقاً لخبراء الاقتصاد في «غولدمان ساكس»، فمن المرجح أن تؤدي التعريفات الجمركية واسعة النطاق إلى تآكل الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنحو واحد في المائة.

ويتوقع الخبراء أن تؤدي خسارة واحد في المائة من الناتج المحلي الإجمالي إلى ضربة لأرباح سهم «EPS» للشركات الأوروبية بنسبة بين 6 و7 نقاط مئوية، وهذا سيكون كافياً لمحو نمو ربح السهم المتوقع لعام 2025.


مقالات ذات صلة

بنك اليابان يتأهب لرفع الفائدة إلى أعلى مستوى منذ الأزمة المالية العالمية

الاقتصاد سياح بمنطقة تجارية شعبية في مدينة أوساكا اليابانية (أ.ف.ب)

بنك اليابان يتأهب لرفع الفائدة إلى أعلى مستوى منذ الأزمة المالية العالمية

من المتوقع أن يرفع بنك اليابان أسعار الفائدة يوم الجمعة، ما لم تحدث أي صدمات في السوق عندما يتولى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب منصبه.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد أوراق نقدية من الجنيه الإسترليني واليورو (رويترز)

الجنيه الإسترليني يهبط لأدنى مستوى في 5 أشهر مقابل اليورو

هبط الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوى له في خمسة أشهر مقابل اليورو، يوم الاثنين، رغم ارتفاعه مقابل الدولار الضعيف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد إطلالة عامة تُظهر وسط تل أبيب (رويترز)

معدل البطالة في إسرائيل ينخفض إلى 2.6 % في ديسمبر

انخفض معدل البطالة بإسرائيل إلى 2.6 في المائة خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مقارنة بـ2.7 في المائة الشهر السابق عليه.

«الشرق الأوسط» (القدس)
الاقتصاد نائب الرئيس الصيني هان تشنغ يتوسط ممثلي مجتمع الأعمال الأميركي في لقاء بالعاصمة الأميركية واشنطن يوم الأحد (أ.ب)

الصين بين التفاؤل والتوتر مع عودة ترمب إلى البيت الأبيض

يشعر المسؤولون الصينيون والمواطنون العاديون بالأمل لكنهم متوترون مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد خلال توقيع مذكرة التفاهم بين شركتي «سرك» و«الطائرات المروحية» (إكس)

شركتان تابعتان لـ«السيادي» السعودي تعززان بناء مستقبل مستدام لصناعة الطيران 

وقّعت شركة «الطائرات المروحية»، والشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير (سرك)، يوم الاثنين، مذكرة تفاهم تُسهم في بناء مستقبل مستدام لصناعة الطيران والبيئة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

التفاؤل يعم الأسواق مع عودة ترمب إلى البيت الأبيض

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
TT

التفاؤل يعم الأسواق مع عودة ترمب إلى البيت الأبيض

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

يستعد المستثمرون للترحيب بتنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترمب للمرة الثانية، حيث يتوقعون الاستفادة من جدول أعماله المؤيد للأنشطة التجارية. ومع ذلك، يبقى الحذر سائداً بشأن سياسات الحماية التجارية التي يعتزم اتباعها، ولا سيما مواقفه بشأن الرسوم الجمركية.

ويعود ترمب إلى منصبه مع جدول أعمال طموح يشمل إصلاح التجارة، وحملات ضد الهجرة، وخفض الضرائب، وتخفيف القوانين المنظمة للعملات المشفرة. ويقوم مديرو الاستثمار بتعديل المحافظ الاستثمارية عبر فئات الأصول المختلفة، مع ترقب لخطاب تنصيبه بحثاً عن أي إشارات قد تؤدي إلى تحركات في الأسواق على المدى القريب، وفق «رويترز».

وقال سام ستوفال، كبير خبراء السوق في «سي إف آر إيه ريسيرش»: «لا يزال الغموض هو السمة السائدة؛ إذ يراقب الجميع بحثاً عن إجابات لأسئلة مثل ما إذا كان التهديد بالرسوم الجمركية سيصبح واقعاً أم سيظل مجرد حيلة تفاوضية في اليوم الأول».

ومع ذلك، يظل الكثيرون متفائلين بشأن رد الفعل الهادئ نسبياً على تصريحات وأفعال الرئيس العائد إلى البيت الأبيض. وأضاف مايكل أرون، كبير مسؤولي الاستثمار في «ستيت ستريت غلوبال أدفيزورز»: «قد يكون خطاب ترمب أسوأ بكثير مما سيفعله في البداية». وتوقع أرون أن تستمر أكثر التغييرات السياسية تأثيراً التي سيقوم بها ترمب على مدار فترة زمنية أطول.

ورغم ذلك، يظل هناك احتمال أن تؤدي خطط ترمب بشأن الرسوم الجمركية إلى زيادة مخاوف التضخم، مما يؤثر على أسعار السندات والأسهم، وقد تؤثر أيضاً سياسات تشديد ضوابط الهجرة في الأسواق. وكانت تعهدات ترمب بتخفيف القواعد التنظيمية قد أسهمت في رفع أسهم البنوك وارتفاع قيمة العملات المشفرة.

ومع إعلان أرباح متزايدة، أفاد رؤساء تنفيذيون في «وول ستريت» بأن الإدارة الأميركية القادمة ستكون صديقة للأعمال التجارية ومُصلحة للبنوك. وقال ستوفال: «المستثمرون متحمسون للتخفيف المحتمل للقيود التنظيمية والتخفيض المحتمل لضرائب الدخل للشركات والأعمال».

وبالرغم من أن صعود المؤشر «ستاندرد آند بورز 500» تباطأ بعد الانتخابات ليحقق ربحاً قدره 2.7 في المائة، فإن الأسواق شهدت عمليات بيع في أوائل يناير (كانون الثاني) بسبب المخاوف بشأن التضخم.

ويخطط ترمب لبدء رئاسته بحزمة من الأوامر التنفيذية التي تستهدف مجالات السياسة الرئيسة، بما في ذلك الهجرة والطاقة.

وكما أفادت «رويترز» في وقت سابق، يتوقع قطاع العملات المشفرة أن يفي ترمب بوعود حملته بأن يصبح «رئيس العملات المشفرة» من خلال إنشاء مخزون فيدرالي من عملة «البتكوين»، وزيادة وصول هذه العملات إلى البنوك، وإنشاء مجلس للعملات المشفرة.

وخلال العام الأول من ولايته الأولى، ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 19.4 في المائة، بعد ارتفاع بلغ 5 في المائة في أول 100 يوم له في المكتب البيضاوي. وعند انتهاء ولايته الأولى بالكامل، ارتفع المؤشر بنحو 68 في المائة، رغم التقلبات التي شهدتها الأسواق، والتي كان جزء منها نتيجة للحرب التجارية التي شنها ترمب ضد الصين.

وعقب خطاب تنصيبه في يناير 2017، أنهى مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» تعاملات اليوم مرتفعاً بنسبة 0.3 في المائة. وتجدر الإشارة إلى أن أسواق الأسهم والسندات الأميركية مغلقة اليوم (الاثنين) بمناسبة يوم «مارتن لوثر كينغ»، مما يعني أن العديد من ردود الفعل التجارية قد لا تظهر إلا يوم الثلاثاء.