الانتخابات الأميركية وتأثيرها الاقتصادي... بين رؤية ترمب وسياسات هاريس

رجل يمشي أمام شاشة إلكترونية تعرض سعر صرف الين الياباني الحالي مقابل الدولار والرسم البياني الذي يوضح حركته في طوكيو (رويترز)
رجل يمشي أمام شاشة إلكترونية تعرض سعر صرف الين الياباني الحالي مقابل الدولار والرسم البياني الذي يوضح حركته في طوكيو (رويترز)
TT

الانتخابات الأميركية وتأثيرها الاقتصادي... بين رؤية ترمب وسياسات هاريس

رجل يمشي أمام شاشة إلكترونية تعرض سعر صرف الين الياباني الحالي مقابل الدولار والرسم البياني الذي يوضح حركته في طوكيو (رويترز)
رجل يمشي أمام شاشة إلكترونية تعرض سعر صرف الين الياباني الحالي مقابل الدولار والرسم البياني الذي يوضح حركته في طوكيو (رويترز)

تدخل الانتخابات الرئاسية الأميركية يومها الأخير، ويراقب العالم باهتمام شديد التنافس بين الجمهوري دونالد ترمب، والديمقراطية كامالا هاريس، حيث تتجاوز آثار نتائج الانتخابات الحدود الأميركية لتؤثر في الاقتصاد العالمي، وتحديداً أوروبا والصين.

وإذ تختلف سياسات كل من المرشحَين بشكل كبير، يُتوقع أن يسهم كل منهما في صياغة ملامح جديدة للتجارة العالمية والسياسة الاقتصادية، مما يثير تساؤلات حول مدى استقرار الأسواق في حال فوز أي منهما.

التأثيرات الاقتصادية

يرى محمد حشاد، كبير استراتيجيي الأسواق في «نور كابيتال»، أن فوز ترمب سيُحدث تغييرات جذرية في الاقتصاد العالمي، إذ يتوقع أن تترجَم سياساته إلى تصاعد في الحروب التجارية، وفرض رسوم جمركية مرتفعة تصل إلى 20 في المائة على جميع السلع المستوردة، خصوصاً على الواردات الصينية التي قد تخضع لتعريفة تصل إلى 60 في المائة.

وأشار حشاد في حديث إلى «الشرق الأوسط» إلى أن هذه الرسوم ستُفرَض أيضاً على السيارات المستورَدة بغض النظر عن بلد المنشأ، مما سيؤثر سلباً في صناعة السيارات الأوروبية بشكل خاص، وبهذا يمكن أن تشهد العلاقات التجارية الدولية تغييرات ضخمة تؤدي إلى إعادة تشكيل سلاسل التوريد العالمية، وتؤثر في الدول المُصدِّرة للولايات المتحدة.

في المقابل، يشير كبير استراتيجيي الأسواق في «نور كابيتال» إلى أن فوز هاريس قد لا يُحدث تغييرات جوهرية على المستوى الاقتصادي العالمي، بل من المحتمل أن يوفر نوعاً من الاستقرار النسبي لأوروبا.

وتدعم هاريس في تصريحاتها مقاربة مختلفة نوعاً ما عن سياسات بايدن، وقد تركز على القضايا الداخلية، مما يعني عدم التصعيد على صعيد التجارة مع أوروبا. كذلك، يتوقع محللون أن عدم تنفيذ رسوم جمركية قاسية من قبل هاريس سيقلل من حدة الأضرار الاقتصادية التي قد تطال الاتحاد الأوروبي.

السياسة التجارية بين واشنطن وأوروبا

يشير الخبراء إلى أن العلاقات التجارية ستظل موضوعاً شائكاً بين واشنطن وبروكسل بغض النظر عن الفائز في الانتخابات. يُتوقع أن يواجه الاتحاد الأوروبي ضغوطاً كبيرة لموازنة علاقاته بين الولايات المتحدة والصين، حيث تعدّ الصين ثاني أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي بعد الولايات المتحدة، وبلغت التجارة الثنائية بين الصين وأوروبا نحو 739 مليار يورو في عام 2023.

وقد يُجبَر الاتحاد الأوروبي على إعادة النظر في تعاملاته التجارية مع الصين إذا ضغطت واشنطن على دوله لتحجيم تلك العلاقة، سواء بقيادة ترمب أو هاريس.

علاوة على ذلك، فإن «السياسة الخضراء» قد تكون موضع خلاف آخر بين الجانبين، فقد يؤدي فوز هاريس إلى تعزيز الاتفاقات البيئية مع الاتحاد الأوروبي، بينما قد يواصل ترمب موقفه المتشكك تجاه القضايا البيئية، مما قد يسبب توترات إضافية بين واشنطن وبروكسل حول التزامات المناخ والاستدامة.

التضخم وأسعار الفائدة

وفقاً لجون هاردي، رئيس استراتيجيات الاقتصاد الكلي في «ساكسو بنك»، قد يؤدي فوز ترمب إلى ارتفاع معدل التضخم، إذ من المتوقع أن تؤدي خططه لزيادة الرسوم الجمركية وتخفيضات الضرائب، إلى رفع تكلفة السلع المستوردة، مما سيشكِّل ضغوطاً تضخمية.

وفي حال تحقق هذا السيناريو، فقد يجد «الاحتياطي الفيدرالي» نفسه مضطراً لرفع أسعار الفائدة؛ لتخفيف تأثيرات التضخم، ما سيؤثر في تكلفة الاقتراض وعوائد السندات الأميركية، ويؤدي إلى زيادة تكاليف الاقتراض الحكومية، وهو ما قد تكون له تبعات سلبية على السوق العالمية.

أما في حال فوز هاريس، فإن السوق قد تشهد تصحيحاً سريعاً في الأسعار؛ بسبب سياسات الحزب الديمقراطي التي تتجه إلى فرض ضرائب أعلى على الشركات.

وأضاف: «يُتوقع أن يؤدي ذلك إلى تأثيرات واسعة في أسواق المال العالمية؛ بسبب هيمنة السوق الأميركية على الاقتصاد العالمي، خصوصاً إذا ما اقترنت تلك السياسات بزيادة الإنفاق الحكومي، الأمر الذي سيؤدي إلى ضغوط إضافية على العوائد وأسعار الأسهم».

تحديات النتائج المتقاربة والسيناريوهات المتوقعة

وتابع جون: «في حال كانت النتائج متقاربة، قد تمتد حالة عدم اليقين لأيام أو حتى أسابيع بعد الانتخابات. إذا قدم أحد الطرفين طعوناً قانونية في النتائج، فمن الممكن أن يطيل ذلك من فترة الاضطراب في الأسواق العالمية».

وأضاف: «قد يكون هناك أيضاً سيناريو محتمل للتعادل في المجمع الانتخابي بنتيجة 269 - 269، مما سيؤدي إلى قرار الانتخابات في مجلس النواب وفقاً للأصوات حسب الولاية، وهو ما قد يمنح ترمب الأفضلية بسبب تفوق الجمهوريين في عدد الولايات، رغم احتمال تفوق هاريس في التصويت الشعبي».

العالم يترقب

تعكس هذه الانتخابات عمق الانقسام داخل الولايات المتحدة، وتأثير ذلك في الاقتصاد العالمي. تتجه الأنظار نحو المرشحَين وسياساتهما، وسط ترقب العالم لمعرفة ما ستؤول إليه تلك النتائج، خصوصاً أن تأثيراتها الاقتصادية قد تمتد لتُشكِّل تحولات رئيسية في النظام الاقتصادي العالمي، وتؤثر في علاقات الدول ومصالحها التجارية.


مقالات ذات صلة

صناديق الاقتراع الأميركية تحكم الأسواق

الاقتصاد رجل يدلي بصوته داخل مدرسة أنيا سيلفر الابتدائية في يوم الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 بنيويورك (رويترز)

صناديق الاقتراع الأميركية تحكم الأسواق

يعيش المستثمرون العالميون حالة من الترقب والتوتر مع توجه الأميركيين إلى صناديق الاقتراع الثلاثاء مما يختتم دورة انتخابية دراماتيكية في الولايات المتحدة

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ سورة مركَّبة للمرشحَين المتنافسَين دونالد ترمب وكامالا هاريس (رويترز) play-circle 00:33

الأميركيون يختارون رئيسهم في انتخابات تاريخية ومصيرية

بدأ الأميركيون الإدلاء بأصواتهم لاختيار رئيسهم المقبل في سباق حامٍ بين المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، ومنافسها الجمهوري دونالد ترمب.

هبة القدسي (واشنطن)
يوميات الشرق صورة مثبتة من حلقة بارت إلى المستقبل لليزا رئيسة أميركا وبجانبها بارت

في يوم الانتخابات الأميركية... حلقة من «عائلة سمبسون» بثت عام 2000 تعود إلى الواجهة

في عالم الثقافة الشعبية، ثبت أن برنامج «عائلة سمبسون» (The Simpsons) يتمتع بقدرة خارقة على التنبؤ بالمستقبل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ مو دينغ (يسار) أنثى فرس النهر القزمة البالغة من العمر أربعة أشهر وهي تأكل طبقاً من الفاكهة باسم دونالد ترمب باللغة التايلاندية مع والدتها جوانا (يمين) في حظيرتهما في حديقة حيوان خاو خيوي المفتوحة في مقاطعة تشون بوري (أ.ف.ب)

أنثى فرس نهر تتوقّع فوز ترمب في الانتخابات الأميركية (فيديو)

توقّعت أنثى فرس نهر تايلاندية صغيرة مُسماة «مو دينغ» تحظى بشعبية واسعة في مواقع التواصل فوز المرشح عن الحزب الجمهوري دونالد ترمب في الانتخابات الأميركية.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
مباشر
المرشحان في سباق الانتخابات الرئاسية الأميركية كامالا هاريس ودونالد ترمب (أ. ب) play-circle 02:14

مباشر
انطلاق التصويت في الانتخابات الرئاسية الأميركية (تغطية حية)

فتحت مراكز الاقتراع أبوابها أمام الناخبين الأميركيين في عدد من ولايات البلاد للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

القطاع الخاص السعودي ينمو لأعلى مستوياته في 6 أشهر

ملتقى توظيف في السعودية (واس)
ملتقى توظيف في السعودية (واس)
TT

القطاع الخاص السعودي ينمو لأعلى مستوياته في 6 أشهر

ملتقى توظيف في السعودية (واس)
ملتقى توظيف في السعودية (واس)

توسَّع القطاع الخاص غير المنتج للنفط في السعودية للشهر الثالث على التوالي، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مدفوعاً بارتفاع الطلبات الجديدة، إلى أعلى مستوياتها منذ مارس (آذار)، مع زيادة كبيرة في المبيعات، مما ساهم في توسيع النشاط التجاري بشكل ملحوظ.

فقد ارتفع مؤشر مديري المشتريات الصادر عن «بنك الرياض»، من 56.3 نقطة في سبتمبر (أيلول) إلى 56.9 نقطة في أكتوبر، مع تحسن في ظروف التشغيل والنشاط الاقتصادي.

جاء هذا الارتفاع مدفوعاً بزيادة قوية في حجم المبيعات خلال أكتوبر؛ حيث أرجعت الشركات ذلك إلى ارتفاع الطلب من العملاء، وتحسن الظروف الاقتصادية العامة.

توقعات إيجابية

نتيجة لهذه العوامل، شهدت الشركات توسعاً في مستويات نشاطها التجاري، كما واصلت إبداء توقعات إيجابية للنشاط المستقبلي.

كذلك، تسارعت وتيرة نمو شراء مستلزمات الإنتاج، بعد أن سجَّلت أدنى مستوياتها في 3 سنوات في سبتمبر، وإن ظلت ضعيفة مقارنة بالمستويات التي شهدتها بداية العام، إلا أنها أفادت كثيراً من الشركات بوجود مخزون كافٍ.

لكن المؤشر ذكر أن التحسن القوي على مستوى القطاع كله كان مصحوباً بتراكم ضغوط التكلفة الخاصة في كل من المواد والموظفين، ما أدى بدوره إلى أول زيادة في متوسط أسعار المنتجات والخدمات في 4 أشهر.

الاستثمارات المستمرة

وقال الخبير الاقتصادي الأول في «بنك الرياض»، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن التحسن القوي في الاقتصاد يعزى إلى نمو كبير في المبيعات، مما ساهم في توسيع النشاط التجاري الذي يتضمن مجالات التوظيف ونشاط المشتريات والمخزون، بشكل ملحوظ.

وأوضح أن تسارع نمو وتيرة شراء مستلزمات الإنتاج في سبتمبر: «لم يلاحظ منذ 3 سنوات»؛ الأمر الذي يُعد جزءاً من اتجاه توسعي مستمر منذ سبتمبر 2020، مدفوعاً بالطلب المتزايد.

وأضاف الغيث أن الزيادة المرتفعة في الطلبات الجديدة خلال أكتوبر الفائت، تؤكد نجاح التركيز الاستراتيجي لـ«رؤية 2030» على الابتكار وتطوير البنية التحتية، وقد أفاد أكثر من 40 في المائة من الشركات التي شملتها الدراسة، بزيادة في الطلب، مدفوعة بالاهتمام القوي من العملاء المحليين، وباستراتيجيات التسويق الإبداعية والاستثمارات المستمرة في البنية التحتية، ما يؤكد مرونة الاقتصاد السعودي، ويعزز مكانته بوصفه اقتصاداً غير منتج للنفط رائداً في المنطقة.

وتابع بأن هذه التحسينات تتماشى مع نمو الناتج المحلي غير النفطي بنسبة 4.2 في المائة في الربع الثالث، ويعكس تحولاً إيجابياً في الاقتصاد؛ حيث يتم التركيز على تنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط، للإسهام في تحقيق أهداف «رؤية 2030»، الساعية إلى بناء اقتصاد مستدام قادر على مواجهة التحديات المستقبلية.

وتوقّع الخبير الاقتصادي أن تتجاوز مساهمة القطاع غير النفطي 52 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وأن يحقق نمواً يزيد على 4 في المائة العام الحالي.

ولفت الغيث إلى أن مكاسب القطاع الشاملة تعكس بيئة العمل القوية، مدعومة بالمبادرات الحكومية وزيادة مشاركة القطاع الخاص، بما يتماشى مع المشاريع الحالية في إطار «رؤية 2030».