صناديق الاقتراع الأميركية تحكم الأسواق

ترقب عالمي مع اشتداد المنافسة بين ترمب وهاريس

رجل يدلي بصوته داخل مدرسة أنيا سيلفر الابتدائية في يوم الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 بنيويورك (رويترز)
رجل يدلي بصوته داخل مدرسة أنيا سيلفر الابتدائية في يوم الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 بنيويورك (رويترز)
TT

صناديق الاقتراع الأميركية تحكم الأسواق

رجل يدلي بصوته داخل مدرسة أنيا سيلفر الابتدائية في يوم الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 بنيويورك (رويترز)
رجل يدلي بصوته داخل مدرسة أنيا سيلفر الابتدائية في يوم الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 بنيويورك (رويترز)

يعيش المستثمرون العالميون حالة من الترقب والتوتر مع توجه الأميركيين إلى صناديق الاقتراع الثلاثاء، مما يختتم دورة انتخابية دراماتيكية في الولايات المتحدة كانت قد أثرت على السندات والأسهم والأصول الأخرى في الأشهر الأخيرة، ويمكن أن تؤدي إلى مزيد من التأثيرات على الأسواق مع وضوح نتائج الانتخابات.

وتعد هذه الانتخابات من أكثر الانتخابات غير العادية في تاريخ الولايات المتحدة الحديثة، وقد تترتب عليها تداعيات مختلفة بشكل كبير على السياسات الضريبية والتجارية، وكذلك على المؤسسات الأميركية، اعتماداً على ما إذا فاز الجمهوري دونالد ترمب أو الديمقراطية كامالا هاريس، وفق «رويترز».

وقد تؤدي النتائج إلى اضطراب في الأسواق المالية حول العالم، مما تترتب عليه تأثيرات مالية واسعة النطاق، بما في ذلك على التوقعات بشأن الديون الأميركية، وقوة الدولار، وعدد من الصناعات التي تشكل العمود الفقري للشركات الأميركية.

ومع ظهور استطلاعات الرأي التي تُظهر تنافساً شديداً بين الرئيس السابق ونائبة الرئيس الحالي، وكذلك السيطرة على الكونغرس الأميركي التي هي أيضاً محل تنافس، كان المستثمرون حذرين من أي نتيجة غير واضحة أو متنازع عليها قد تؤدي إلى زيادة التقلبات بسبب أي حالة غموض مستمرة بشأن الوضع السياسي.

معلم من مدرسة جوروكول للفنون يرسم ملصقاً حول من سيفوز في الانتخابات الرئاسية الأميركية في مومباي (د.ب.أ)

ومع بدء الإعلان عن نتائج التصويت مساء الثلاثاء، سيتوجه انتباه المستثمرين إلى النتائج الأولية من بعض المقاطعات الرئيسية عبر البلاد التي قد تكشف عن دلائل مبكرة حول الفائز. ومع ذلك، قد لا تتوفر نتائج واضحة من الولايات الحاسمة التي ستقرر مصير الانتخابات حتى وقت متأخر من الليل.

وقال مدير أبحاث الأسواق العالمية في شركة «بوسطن بارتنرز»، مايك مولاني، الذي عمل في مجال إدارة الاستثمارات لأكثر من 40 عاماً: «هذه هي الانتخابات الأكثر أهمية التي شهدتها في مسيرتي». وأضاف: «ستكون الأمور شديدة التباين، مع حدوث بعض الأشياء في حال فوز ترمب، وبعض الأشياء في حال فوز هاريس».

ويأتي التركيز على الانتخابات بعد الارتفاع الكبير في الأسهم، الذي دفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى مستويات قياسية في عام 2024، مع زيادة تقارب 20 في المائة في العام حتى الآن، مدفوعة باقتصاد قوي، وأرباح شركات قوية، وخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.

والثلاثاء، شهد بعض من مقاييس طلبات المستثمرين للحماية ضد التقلبات الكبيرة في السوق، خاصة في سوق العملات، زيادة كبيرة لتصل إلى أعلى مستوى منذ انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2016.

رهانات تؤثر على الأسواق

على الرغم من ذلك، كانت الرهانات على نتائج الانتخابات لها دور في التأثير على الأسواق. وأشار المتداولون إلى المكاسب التي حققها ترمب في استطلاعات الرأي وأسواق الرهانات، الأمر الذي يعد عاملاً مؤثراً في تحركات الأصول التي قد تتأثر بتعهداته برفع الرسوم الجمركية، وخفض الضرائب، وتقليل القيود التنظيمية.

وتتضمن الصفقات التي يُطلق عليها «ترمب ترايد» تراجعاً في البيزو المكسيكي، الذي قد يتأثر بالرسوم الجمركية، وتقلبات حادة في أسهم مجموعة «ترمب ميديا»، وارتفاعاً في الصناعات التي قد تستفيد من تخفيف القيود التنظيمية مثل البنوك الإقليمية.

كما ارتفعت عوائد السندات الأميركية - التي تتحرك عكسياً مع أسعار السندات - حيث بدأ المستثمرون في التسعير لارتفاع محتمل في التضخم، وهو أحد التداعيات المتوقعة لسياسات ترمب.

ومع ذلك، كانت بعض هذه الرهانات على ترمب في طريقها إلى الانحسار على الأقل جزئياً يوم الاثنين، بعد تفوق هاريس على ترمب في استطلاع رأي مراقب عن كثب في ولاية آيوا، في حين كان المستثمرون في حالة من الحذر انتظاراً لتحركات عنيفة أخرى مع رد فعل الأسواق على النتائج.

وقال الرئيس المشارك لاستراتيجية الاستثمار في «جون هانكوك لإدارة الاستثمارات»، مات ميسكين: «السوق تتعرض لسحب ودفع في اتجاهات مختلفة هنا، مع محاولة المستثمرين تسعير كثير من العوامل غير الواضحة المتعلقة بالانتخابات». وأضاف: «في الأسبوع أو نحو ذلك، سنحصل على اليقين؛ إما أن يعزز هذا الوضع الراهن وإما سيكون هناك تصحيح».

من جهة أخرى، من المتوقع أن تؤدي رئاسة هاريس إلى تشديد القيود التنظيمية، ودعم أكبر للطاقة النظيفة، ورفع الضرائب على الشركات والأفراد الأثرياء.

أخبار عن الانتخابات الأميركية تظهر على شاشة بسوق الأسهم في فرنكفورت (أ.ب)

«موجة زرقاء» تبدو غير مرجحة

من المحتمل أن يحتاج كل من ترمب وهاريس إلى فوز حزبيهما في السيطرة على الكونغرس لتغيير معدلات الضرائب، إلا أن ما يُسمى «الموجة الزرقاء»، حيث تفوز هاريس ويكتسب الديمقراطيون السيطرة على كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ، هو سيناريو يعده معظم المستثمرين غير مرجح.

وقال محللو «كابيتال إيكونوميكس» في مذكرة لهم يوم الجمعة: «إذا فازت هاريس... فهي الآن مرجحة بشكل كبير لمواجهة مجلس شيوخ يسيطر عليه الجمهوريون، ما سيترك معظم خططها المالية عالقة».

وتُظهر البيانات التاريخية أن الأسهم تميل إلى الأداء الجيد في نهاية سنوات الانتخابات بغض النظر عن الحزب الفائز، حيث يتبنى المستثمرون الوضوح بشأن الوضع السياسي.

ومع ذلك، يشعر بعض المستثمرين هذا العام بالقلق من أن النتيجة قد تكون غير حاسمة، مما يزيد من حالة عدم اليقين للأسواق. وهناك قلق آخر هو أن الانتخابات قد تكون متنازعاً عليها، في خطوة مشابهة لمحاولات ترمب لقلب خسارته أمام الرئيس جو بايدن في انتخابات 2020.

ورغم ندرة السوابق الانتخابية المتنازع عليها، فإن المستثمرين يتذكرون ما حدث في عام 2000، عندما كانت الانتخابات بين جورج بوش وآل غور غير حاسمة لأكثر من شهر بسبب إعادة فرز الأصوات في فلوريدا. وخلال تلك الفترة، تراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 5 في المائة، حيث كانت المعنويات أيضاً مثقلة بالقلق بشأن أسهم التكنولوجيا والاقتصاد الأوسع.

وعلى الرغم من أن مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» لا يزال منخفضاً بنحو 2.5 في المائة فقط عن أعلى مستوى له على الإطلاق، فإن الأسهم أصبحت أكثر تقلباً في الأسبوع الماضي بعد تقارير عن أرباح شركات التكنولوجيا الكبرى، وزيادة القلق بشأن الانتخابات. وقد ارتفع مؤشر التقلب، المعروف بمقياس الخوف في «وول ستريت»، إلى نحو 22، بعد أن كان دون 15 في أواخر سبتمبر (أيلول).

وقال كبير استراتيجيي الأسواق في «ميلر تاباك»، مات مالِي: «الانتخابات غير الواضحة تشكل مشكلة كبيرة لأننا شهدنا ذلك في عام 2000». وأضاف: «ماذا ستفعل هذه المرة عندما يكون هناك كثير من الأمور الجيوسياسية التي تحدث؟».


مقالات ذات صلة

الأميركيون يختارون رئيسهم في انتخابات تاريخية ومصيرية

الولايات المتحدة​ سورة مركَّبة للمرشحَين المتنافسَين دونالد ترمب وكامالا هاريس (رويترز) play-circle 00:33

الأميركيون يختارون رئيسهم في انتخابات تاريخية ومصيرية

بدأ الأميركيون الإدلاء بأصواتهم لاختيار رئيسهم المقبل في سباق حامٍ بين المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، ومنافسها الجمهوري دونالد ترمب.

هبة القدسي (واشنطن)
يوميات الشرق صورة مثبتة من حلقة بارت إلى المستقبل لليزا رئيسة أميركا وبجانبها بارت

في يوم الانتخابات الأميركية... حلقة من «عائلة سمبسون» بثت عام 2000 تعود إلى الواجهة

في عالم الثقافة الشعبية، ثبت أن برنامج «عائلة سمبسون» (The Simpsons) يتمتع بقدرة خارقة على التنبؤ بالمستقبل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ مو دينغ (يسار) أنثى فرس النهر القزمة البالغة من العمر أربعة أشهر وهي تأكل طبقاً من الفاكهة باسم دونالد ترمب باللغة التايلاندية مع والدتها جوانا (يمين) في حظيرتهما في حديقة حيوان خاو خيوي المفتوحة في مقاطعة تشون بوري (أ.ف.ب)

أنثى فرس نهر تتوقّع فوز ترمب في الانتخابات الأميركية (فيديو)

توقّعت أنثى فرس نهر تايلاندية صغيرة مُسماة «مو دينغ» تحظى بشعبية واسعة في مواقع التواصل فوز المرشح عن الحزب الجمهوري دونالد ترمب في الانتخابات الأميركية.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
مباشر
المرشحان في سباق الانتخابات الرئاسية الأميركية كامالا هاريس ودونالد ترمب (أ. ب) play-circle 02:14

مباشر
انطلاق التصويت في الانتخابات الرئاسية الأميركية (تغطية حية)

فتحت مراكز الاقتراع أبوابها أمام الناخبين الأميركيين في عدد من ولايات البلاد للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رجل يسير أمام شاشة تعرض تحركات الين مقابل الدولار في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

أسواق اليابان تتمسك بالحذر ترقباً لـ«الرئيس الأميركي»

تراجع عائد سندات الحكومة اليابانية يوم الثلاثاء، مقتفياً أثر عوائد سندات الخزانة الأميركية المنخفضة في الجلسة السابقة

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

القطاع الخاص السعودي ينمو لأعلى مستوياته في 6 أشهر

ملتقى توظيف في السعودية (واس)
ملتقى توظيف في السعودية (واس)
TT

القطاع الخاص السعودي ينمو لأعلى مستوياته في 6 أشهر

ملتقى توظيف في السعودية (واس)
ملتقى توظيف في السعودية (واس)

توسَّع القطاع الخاص غير المنتج للنفط في السعودية للشهر الثالث على التوالي، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مدفوعاً بارتفاع الطلبات الجديدة، إلى أعلى مستوياتها منذ مارس (آذار)، مع زيادة كبيرة في المبيعات، مما ساهم في توسيع النشاط التجاري بشكل ملحوظ.

فقد ارتفع مؤشر مديري المشتريات الصادر عن «بنك الرياض»، من 56.3 نقطة في سبتمبر (أيلول) إلى 56.9 نقطة في أكتوبر، مع تحسن في ظروف التشغيل والنشاط الاقتصادي.

جاء هذا الارتفاع مدفوعاً بزيادة قوية في حجم المبيعات خلال أكتوبر؛ حيث أرجعت الشركات ذلك إلى ارتفاع الطلب من العملاء، وتحسن الظروف الاقتصادية العامة.

توقعات إيجابية

نتيجة لهذه العوامل، شهدت الشركات توسعاً في مستويات نشاطها التجاري، كما واصلت إبداء توقعات إيجابية للنشاط المستقبلي.

كذلك، تسارعت وتيرة نمو شراء مستلزمات الإنتاج، بعد أن سجَّلت أدنى مستوياتها في 3 سنوات في سبتمبر، وإن ظلت ضعيفة مقارنة بالمستويات التي شهدتها بداية العام، إلا أنها أفادت كثيراً من الشركات بوجود مخزون كافٍ.

لكن المؤشر ذكر أن التحسن القوي على مستوى القطاع كله كان مصحوباً بتراكم ضغوط التكلفة الخاصة في كل من المواد والموظفين، ما أدى بدوره إلى أول زيادة في متوسط أسعار المنتجات والخدمات في 4 أشهر.

الاستثمارات المستمرة

وقال الخبير الاقتصادي الأول في «بنك الرياض»، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن التحسن القوي في الاقتصاد يعزى إلى نمو كبير في المبيعات، مما ساهم في توسيع النشاط التجاري الذي يتضمن مجالات التوظيف ونشاط المشتريات والمخزون، بشكل ملحوظ.

وأوضح أن تسارع نمو وتيرة شراء مستلزمات الإنتاج في سبتمبر: «لم يلاحظ منذ 3 سنوات»؛ الأمر الذي يُعد جزءاً من اتجاه توسعي مستمر منذ سبتمبر 2020، مدفوعاً بالطلب المتزايد.

وأضاف الغيث أن الزيادة المرتفعة في الطلبات الجديدة خلال أكتوبر الفائت، تؤكد نجاح التركيز الاستراتيجي لـ«رؤية 2030» على الابتكار وتطوير البنية التحتية، وقد أفاد أكثر من 40 في المائة من الشركات التي شملتها الدراسة، بزيادة في الطلب، مدفوعة بالاهتمام القوي من العملاء المحليين، وباستراتيجيات التسويق الإبداعية والاستثمارات المستمرة في البنية التحتية، ما يؤكد مرونة الاقتصاد السعودي، ويعزز مكانته بوصفه اقتصاداً غير منتج للنفط رائداً في المنطقة.

وتابع بأن هذه التحسينات تتماشى مع نمو الناتج المحلي غير النفطي بنسبة 4.2 في المائة في الربع الثالث، ويعكس تحولاً إيجابياً في الاقتصاد؛ حيث يتم التركيز على تنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط، للإسهام في تحقيق أهداف «رؤية 2030»، الساعية إلى بناء اقتصاد مستدام قادر على مواجهة التحديات المستقبلية.

وتوقّع الخبير الاقتصادي أن تتجاوز مساهمة القطاع غير النفطي 52 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وأن يحقق نمواً يزيد على 4 في المائة العام الحالي.

ولفت الغيث إلى أن مكاسب القطاع الشاملة تعكس بيئة العمل القوية، مدعومة بالمبادرات الحكومية وزيادة مشاركة القطاع الخاص، بما يتماشى مع المشاريع الحالية في إطار «رؤية 2030».