السعودية تدعو العالم لمواجهة تحديات تدهور الأراضي في «كوب 16»

استعدادات لانطلاق مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر بداية ديسمبر

السعودية تستعد لاستضافة المؤتمر في بداية ديسمبر المقبل (الشرق الأوسط)
السعودية تستعد لاستضافة المؤتمر في بداية ديسمبر المقبل (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تدعو العالم لمواجهة تحديات تدهور الأراضي في «كوب 16»

السعودية تستعد لاستضافة المؤتمر في بداية ديسمبر المقبل (الشرق الأوسط)
السعودية تستعد لاستضافة المؤتمر في بداية ديسمبر المقبل (الشرق الأوسط)

وجّهت الرئاسة السعودية لمؤتمر الأطراف (كوب 16) القادم في الرياض، نداءً إلى المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات قوية بشأن التصدي لتهديدات الجفاف، والعمل على استصلاح الأراضي واستعادة خصوبتها، وفقاً لما صدر عن الرئاسة يوم الأحد.

جاءت هذه الدعوة قبل أقل من شهر واحد على انطلاق مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الرياض، حيث تشير البيانات الصادرة عن الأمم المتحدة إلى أن العالم يواجه أزمة قاسية. كما تشير التوقعات إلى أن العالم سيفقد مزيداً من الأراضي الصالحة بما يعادل مساحة بعض الدول.

وأكدت رئاسة المؤتمر أن الفعاليات التي تنظمها السعودية في المؤتمر في الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، ستمنح الفرصة للخبراء والقطاعات الحكومية والخاصة وغير الربحية للمشاركة في هذا المؤتمر للخروج بحلول علمية وعملية للحد من تدهور الأراضي، بالإضافة إلى إمكانية الاستفادة من الفرص الاقتصادية التي تقدَّر بنحو تريليون دولار لاستصلاح الأراضي في العالم.

وقال الدكتور أسامة فقيها، وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة لشؤون البيئة ومستشار رئاسة «كوب 16» الرياض: «يمثّل هذا المؤتمر لحظة حاسمة للمجتمع الدولي، إذ يهدف إلى معالجة تدهور الأراضي من خلال العمل بشكل جماعي من أجل تحقيق هدف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، والمتمثل في استصلاح 1.5 مليار هكتار من الأراضي المتدهورة بحلول عام 2030».

وأضاف: «بصفتنا الدولة المضيفة لهذا المؤتمر، فإننا نوجّه دعوة إلى جميع الأطراف للانضمام إلينا في الرياض، ورفع سقف طموحاتهم، من خلال دعمهم لتحقيق أهداف استصلاح الأراضي ومبادرات مقاومة الجفاف، وتعزيز حقوق ملكية الأراضي».

وتتبنى الدول الأهداف الطوعية لتحييد أثر تدهور الأراضي منذ عام 2015، ويقصد بذلك عدم إسهامها في زيادة مساحات الأراضي المتدهور عالمياً، بما يتماشى مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. وتشارك حالياً أكثر من 130 دولة في هذا البرنامج، حيث اختارت أكثر من 100 دولة أهدافها بالفعل.

وحسب المعلومات الصادرة يوم الأحد، ستسعى رئاسة السعودية للنسخة السادسة عشرة القادمة لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى زيادة عدد البلدان الموقّعة على الأهداف الطوعية لتحييد أثر تدهور الأراضي، وحثّها على تعزيز طموحاتها والسعي الحثيث لتنفيذها.

وتقدّر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر أن 44 تريليون دولار من الناتج الاقتصادي، أي ما يزيد على نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي السنوي، يعتمد بشكل معتدل أو إلى حد كبير على رأس المال الطبيعي. وكل دولار يجري استثماره في جهود استصلاح الأراضي واستعادة خصوبتها يمكن أن ينتج ما يصل إلى 30 دولاراً على شكل عائدات اقتصادية، مما يفتح الباب أمام نشوء اقتصاد قائم على أنشطة الاستصلاح.

وأشارت رئاسة المؤتمر إلى أنها وفَّرت الإمكانات اللوجيستية كافة للمساعدة على التغلب على هذه التحديات، حيث سيكون «كوب 16» الرياض أول نسخة من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر تُقيم منطقة خضراء.

وسيوفر هذا المفهوم وفقاً للرئاسة منصة للشركات والعلماء والمؤسسات المالية والمنظمات غير الحكومية والجمهور والمجتمعات المتأثرة للتعاون في إيجاد حلول دائمة.

وستقام سبعة أيام من المحاور الخاصة خلال المؤتمر، للمساعدة في إثراء النقاشات ودعم المخرجات التي سيجري التوصل إليها حول مواضيع معينة، تشمل الحوكمة وأنظمة الأغذية الزراعية وتعزيز القدرات والتمويل، ويوم خاص للعلوم والتكنولوجيا والابتكار.


مقالات ذات صلة

217 قتيلاً حصيلة فيضانات إسبانيا والملك يقطع زيارة إثر احتجاجات

أوروبا الملك فيليب السادس يتحدث مع الجمهور الغاضب خلال زيارته جنوب شرقي إسبانيا المتضرر من الفيضانات (أ.ب)

217 قتيلاً حصيلة فيضانات إسبانيا والملك يقطع زيارة إثر احتجاجات

قطع الملك فيليب السادس والملكة ليتيسيا، الأحد، زيارتهما إلى جنوب شرقي إسبانيا المتضرر من الفيضانات بعدما اعترضتهما حشود ساخطة.

«الشرق الأوسط» (فالنسيا)
أميركا اللاتينية الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 16» في كالي الكولومبية (أ.ف.ب)

مؤتمر «كوب 16» للتنوّع البيولوجي يقرر تشكيل هيئة دائمة للشعوب الأصلية

اتفقت الدول المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالتنوع البيولوجي (كوب 16) في كولومبيا على إجراء يقضي بتشكيل هيئة دائمة للشعوب الأصلية.

«الشرق الأوسط» (كالي (كولومبيا))
أوروبا امرأة تنظر من شرفتها بينما تُحاصر مياه الفيضانات السيارات في الشارع بفالنسيا (أ.ب) play-circle 01:09

فيضانات قاتلة تجتاح إسبانيا تودي بحياة أكثر من 95 شخصاً (صور)

أدّت فيضانات ناجمة عن تساقط أمطار غزيرة في منطقة فالنسيا، شرق إسبانيا، إلى مقتل 95 شخصاً على الأقل.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
يوميات الشرق تغير المناخ يرفع درجات الحرارة إلى مستويات جديدة خطيرة (أ.ف.ب)

تقرير: مستويات قياسية من الوفيات المرتبطة بالحرارة في عام 2023

حذّر تقرير جديد أعدّه مجموعة من الأطباء وخبراء الصحة من أن تغير المناخ يرفع درجات الحرارة إلى مستويات جديدة خطيرة، كما يفاقم مشكلة الجفاف والأمن الغذائي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
بيئة تظهر صورة القمر الاصطناعي العاصفة الاستوائية «ميلتون» وهي تشتد وتتجه للتحول إلى إعصار قبل وصولها إلى فلوريدا في خليج المكسيك في 6 أكتوبر 2024 (رويترز)

لماذا يجعل الاحتباس الحراري الأعاصير أكثر قوة؟

يؤدي الاحتباس الحراري إلى ارتفاع درجات حرارة مياه المحيطات؛ مما يجعل الأعاصير أكثر قوة. ومع ذلك، هذا لا يعني بالضرورة أنه سيكون هناك المزيد من الأعاصير.

«الشرق الأوسط» (باريس)

ميزانية السعودية تظهر استمرار النفقات الحكومية على المشاريع العملاقة

مركز الملك عبد الله المالي في الرياض (الشرق الأوسط)
مركز الملك عبد الله المالي في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

ميزانية السعودية تظهر استمرار النفقات الحكومية على المشاريع العملاقة

مركز الملك عبد الله المالي في الرياض (الشرق الأوسط)
مركز الملك عبد الله المالي في الرياض (الشرق الأوسط)

يتضح من أداء الميزانية العامة السعودية في الربع الثالث من العام الحالي نيات الحكومة في مواصلة زيادة حجم الإنفاق على المشاريع العملاقة، إلى جانب حصد الإيرادات، مع سياسات تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي المستدام والسيطرة بقدر الإمكان على العجز في الميزانية.

وكان وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، صرّح بأن إدارة العجز في الميزانية إحدى أهم أولويات الحكومة، كاشفاً في الوقت ذاته عن تنفيذ استراتيجيات تهدف إلى إدارة الدين المستدام، وتغطية العجز من خلال عدة عوامل أبرزها: توجيه الدين لقطاعات اقتصادية تحقق عوائد أكثر، وجذب الاستثمارات المحلية والدولية.

وأعلنت وزارة المالية السعودية عن الميزانية العامة للدولة خلال الربع الثالث 2024، حيث تُظهر تسجيل عجز بقيمة 30.23 مليار ريال (8.06 مليار دولار)، بانخفاض 15.6 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي (35.8 مليار ريال).

وبذلك يصل إجمالي العجز في الأشهر التسعة المنتهية في سبتمبر (أيلول) إلى 57.96 مليار ريال.

النفقات الحكومية

كما ارتفعت الإيرادات الحكومية بنسبة 20 في المائة في الربع الثالث مقارنة بالربع المماثل من العام الماضي، لتبلغ 309.21 مليار ريال (82.4 مليار دولار)، وارتفعت النفقات بنسبة 15 في المائة لتبلغ 339.44 مليار ريال في الفترة إياها.

وبلغت الإيرادات غير النفطية ما قيمته 118.3 مليار ريال بارتفاع 6 في المائة على أساس سنوي. لكنها كانت أقل بنحو 16 في المائة مقارنة بالربع الثاني من هذا العام. وفي المقابل، سجلت الإيرادات النفطية 190.8 مليار ريال، بنمو 30 في المائة على أساس سنوي، لكنها كانت أقل بنسبة 10 في المائة عن الربع الثاني من 2024.

وحتى الربع الثالث من العام الحالي، أظهرت الميزانية السعودية لـ2024 ارتفاع الإيرادات الفعلية لتصل 956.233 مليار ريال (254.9 مليار دولار)، مقارنة بالفترة نفسها من 2023 عندما سجلت نحو 854.306 مليار ريال (227.8 مليار دولار)، بزيادة قدرها 12 في المائة.

أداء الميزانية السعودية حتى الربع الثالث 2024

وتجاوز حجم النفقات نحو التريليون ريال (266.6 مليار دولار) حتى نهاية الربع الثالث من العام الحالي، قياساً بالفصل الثالث من العام الماضي، حيث كان حجم النفقات 898.259 مليار ريال (239.5 مليار دولار)، بزيادة بنسبة 13 في المائة. وبالتالي يصل حجم العجز في الميزانية خلال هذه الفترة 57.962 مليار ريال (15.4 مليار دولار).

رصيد الاحتياطي العام

وتوقعت وزارة المالية السعودية في تقريرها الربعي بلوغ حجم الإيرادات في العام الحالي 1.172 تريليون ريال (312.5 مليار دولار)، مقارنة بالنتائج الفعلية للميزانية في 2023 عند 1.212 تريليون ريال (323.2 مليار دولار)، وإجمالي مصروفات تصل 1.251 تريليون ريال (333.6 مليار دولار)، قياساً بالعام الماضي عند 1.293 تريليون ريال (344.8 مليار دولار)، وبعجز يبلغ 79 مليار ريال (21 مليار دولار)، بعد أن سجل نحو 80.9 مليار ريال (21.5 مليار دولار) في السنة السابقة.

وكشفت بيانات وزارة المالية عن وصول رصيد الاحتياطي العام للدولة حتى نهاية الربع الثالث 390.079 (104 مليارات دولار)، والحساب الجاري 76.675 مليار ريال (20.4 مليار دولار)، وتسجيل الدين العام سواء الداخلي والخارجي لآخر الفترة نحو 1.157 تريليون ريال (308.7 مليار دولار).

مشروعات التنمية

وأكد عضو مجلس الشورى فضل بن سعد البوعينين لـ«الشرق الأوسط» أن زيادة النفقات في الميزانية ترتبط باستكمال مشروعات التنمية وبرامج «رؤية 2030»، إضافة إلى تعزيز منظومة الحماية الاجتماعية، ما نتج عنه تسجيل عجز بنحو 58 مليار ريال، «غير أن من المهم في الأرقام المعلنة نمو الإيرادات غير النفطية 6 في المائة، والتي ستسهم مستقبلاً في تحقيق الاستدامة المالية وتنويع مصادر الدخل؛ إضافةً إلى نمو الإيرادات النفطية بنسبة 16 في المائة».

وقال البوعينين «من المهم النظر إلى الميزانية السعودية من منظور تنموي إصلاحي، وبما يساهم في قراءة ما خلف الأرقام المعلنة، وبشكل عام تنتهج الحكومة سياسة إنفاق توسعية لاستكمال برامج التنمية قبل عام 2030».

واستطرد «ما زالت الإصلاحات المالية والاقتصادية قائمة، ومن المهم أن تمضي حسب المخطط لها مع التركيز على ضبط الدين العام».

خدمات المواطنين

بدوره، ذكر عميد كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الدكتور محمد مكني لـ«الشرق الأوسط» أن المملكة تنتهج خلال السنوات الأخيرة سياسة الإنفاق التوسعي لأسباب رئيسية تتمثل في إكمال مشروعات «رؤية 2030».

ولفت إلى مواصلة الحكومة في دعم المشاريع التنموية وأنظمة الرعاية والحماية الاجتماعية، مؤكداً أن هذا أمر في غاية الأهمية وأيضاً تحسين جودة الخدمات في القطاع الصحي، والتعليم، وجودة الحياة، ما ينعكس على الخدمات المقدمة للمواطنين.

ويعتقد الدكتور مكني أن ميزانية الربع الثالث تظهر بشكل واضح جميع الأنشطة النفطية وغير النفطية وتحقيقها نمواً إيجابياً، مما انعكس على الإيرادات.

الأنشطة غير النفطية

من ناحيته، قال المحلل الاقتصادي والأكاديمي في جامعة الملك فيصل، الدكتور محمد دليم القحطاني لـ«الشرق الأوسط»: «حصل انخفاض في العجز في الربع الثالث مقارنة بالربع المماثل من العام 2023، وذلك نتيجة لارتفاع الإيرادات مقارنة بالفترة السابقة، وفي المقام الأول نمو الأنشطة غير النفطية، بالإضافة إلى كفاءة الإنفاق الحكومي والتي ساهمت بارتفاع الإيرادات وتراجع العجز».

أضاف «هناك تركيز عالٍ على الأنشطة غير النفطية، ولصندوق الاستثمارات العامة هنا دور كبير في دعم القطاع الخاص والأنشطة غير النفطية بهدف تحقيق رؤية 2030... كما تعمل المملكة على تحقيق توازن في النمو الاقتصادي من أجل أن تكون لدينا استدامة مالية ومن أجل تنمية الإيرادات غير النفطية».

وأضاف أن هناك قطاعات واعدة، سواء السياحة أو الثقافة أو الترفيه والتي حققت نمواً مرتفعاً، وإنها قصص نجاح ولها دور كبير في تعزيز الإيرادات غير النفطية.

وأشار إلى رقم العجز المسجل في الربع الثالث وأنه أقل مما كان متوقعاً، «متوقعاً أن تكون أرقام الربع الرابع أفضل أيضاً في ظل توقعات تحسن أسعار النفط».