كيف ستؤثر نتيجة الانتخابات الأميركية على الأسواق المالية؟

التوتر يكتسح السندات والعملات… ورهانات على تقلبات حادة

صورة مركبة جامعة للمرشحة الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس ومنافسها الرئيس السابق دونالد ترمب (أ.ف.ب)
صورة مركبة جامعة للمرشحة الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس ومنافسها الرئيس السابق دونالد ترمب (أ.ف.ب)
TT

كيف ستؤثر نتيجة الانتخابات الأميركية على الأسواق المالية؟

صورة مركبة جامعة للمرشحة الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس ومنافسها الرئيس السابق دونالد ترمب (أ.ف.ب)
صورة مركبة جامعة للمرشحة الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس ومنافسها الرئيس السابق دونالد ترمب (أ.ف.ب)

مع دخول موسم الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 أيامه الأخيرة، لا يزال السباق متقارباً للغاية، حيث تواصل المرشحة الديمقراطية، نائبة الرئيس كامالا هاريس، والمرشح الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترمب، التنافس بقوة مسلّحَين برؤى مختلفة جذرياً لمستقبل أميركا الاقتصادي.

وأياً كان الفائز في الانتخابات التي ستجرى يوم الثلاثاء، فإن المستثمرين سيشعرون بالارتياح للتخلص من حالة عدم اليقين، والتي كانت تجلياتها واضحة في الارتفاع الجنوني والقياسي لأسعار الذهب، وهو الوسيلة الشائعة للتحوط من هذه الحالة. وفي الوقت نفسه، رفعوا من رهاناتهم على أن الانتخابات ستؤدي إلى تقلبات حادة في أسعار أسواق السندات والعملات، وتفاقمها التوترات المتصاعدة مع الصين والأزمة المستمرة في الشرق الأوسط.

يلجأ المستثمرون إلى الذهب عند ارتفاع حالة عدم اليقين (رويترز)

وقد ارتفع مؤشر «آيس بنك أوف أميركا موف»، وهو مقياس تتم مراقبته من كثب للتحركات المستقبلية في سوق سندات الخزانة، بنسبة 40 في المائة تقريباً في شهر أكتوبر (تشرين الأول)، ووصل إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من عام في وقت سابق هذا الأسبوع، وفق صحيفة «فايننشال تايمز».

كما ارتفعت المعايير التي تقيس التقلبات المحتملة على مدار الثلاثين يوماً المقبلة في أسواق العملات الأجنبية وأسواق الأسهم قبل تصويت الثلاثاء.

ويقول المستثمرون إن تقارب المنافسة يُلقي بثقله على الأسواق أكثر من احتمال تصاعد الصراع في الشرق الأوسط أو المخاوف بشأن وتيرة خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.

وقال أندريه سكيبا، رئيس قسم الدخل الثابت الأميركي في «آر بي سي غام»: «بالنسبة لنا، هذه الانتخابات مهمة حقاً، وهي مهمة... أكثر مما يقوله الاحتياطي الفيدرالي أو البيانات الاقتصادية في الوقت الحالي».

تقلبات سندات الخزانة الأعلى منذ عام

وشهدت سندات الخزانة عمليات بيع حادة في الأسابيع الأخيرة مع تزايد احتمالات فوز الجمهوريين في الانتخابات التي قد تؤدي إلى سياسات تضخمية.

يشير مؤشر «موف» المرتفع، الذي يعكس توقعات السوق بتقلبات في سندات الخزانة، إلى أن المستثمرين يتوقعون المزيد من التقلبات المقبلة.

وقالت إميلي رولاند، كبير استراتيجيي الاستثمار في شركة «جون هانكوك» لإدارة الاستثمار: «قد ترى إعادة تقييم كبيرة للسندات على الجانب الآخر» من الانتخابات.

أضافت «بمجرد أن يختفي الضجيج، سيتمكن مستثمرو السندات من التركيز بشكل أكبر على انكماش الأسعار»، وهو ما من شأنه أن يدفع العوائد إلى الانخفاض مرة أخرى.

تتحرك العوائد عكسياً مع الأسعار. ومع ذلك، قالت رولاند إن نتيجة مثل اكتساح الجمهوريين للبيت الأبيض وكلا الجزأين من الكونغرس قد تدفع العوائد إلى الارتفاع.

متداول في بورصة نيويورك (رويترز)

مؤشر «فيكس» للتقلبات

ظل مؤشر التقلب الأكثر شهرة -مؤشر «فيكس»– هادئاً نسبياً على مستوى العناوين الرئيسية، رغم أنه ارتفع فوق 23 يوم الخميس حيث قادت أسهم التكنولوجيا الأميركية عمليات بيع في الأسهم.

يعكس مؤشر «فيكس» التقلبات الضمنية في مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» على مدى الثلاثين يوماً المقبلة وكان أقل من متوسطه الطويل الأجل البالغ 20 لمعظم الأشهر الثلاثة الماضية.

ومع ذلك، قال المحللون إن المؤشر كان مرتفعاً بشكل غير عادي نسبياً مقارنة بالتقلبات المحققة -التقلبات الفعلية التي تحدث في أسواق الأسهم- في الأشهر الأخيرة، حتى قبل قفزة يوم الخميس.

وقال بينكي تشادا، كبير الاستراتيجيين العالميين في دويتشه بنك: «لا يبدو مؤشر فيكس مرتفعاً، ولكن إذا قارنته بالتقلبات المحققة، فهو مرتفع للغاية... إن التقلبات الضمنية تخبرك أن السوق تدرك وجود الكثير من المخاطر».

عادةً، يتداول مؤشر «فيكس» أعلى ببضع نقاط من مؤشر التقلبات المحققة، لكن الفجوة بين الاثنين اتسعت مؤخراً بشكل كبير. واعتباراً من إغلاق يوم الأربعاء، كان أعلى بنحو 12 نقطة من التقلبات المحققة، وهو ما يقرب من أوسع فجوة له منذ ارتفاع قصير خلال عمليات بيع سوق الأسهم في أغسطس (آب).

سوق العملات

كما ارتفعت التقلبات المتوقعة في سوق العملات مع مناقشة المتداولين للتأثير المحتمل لمقترحات السياسة مثل التعريفات الجمركية الشاملة على الواردات الأميركية.

ووصل مؤشر «سي إم إي» للتقلبات الضمنية عبر سلة من عملات الأسواق المتقدمة هذا الأسبوع إلى أعلى مستوى له منذ أوائل عام 2023، في حين ارتفع مؤشر التقلب للبيزو المكسيكي إلى أعلى مستوى له منذ رئاسة ترمب الأولى.

وقال ستيف إنغلاندر، رئيس قسم أبحاث العملات الأجنبية في مجموعة العشرة في «ستاندرد تشارترد»، للعملاء يوم الأربعاء إن التحركات في تقلبات العملة كانت أكثر حدة مما كانت عليه خلال دورات الانتخابات الأخيرة. وقد عكست «عدم اليقين بشأن نتيجة الانتخابات وما ستكون عليه أجندة السياسة في حالة فوز ترمب، فضلاً عن عدم اليقين بشأن ما إذا كانت النتيجة ستكون فوزاً كاسحاً أم انقساماً في الكونغرس».

لافتة لـ«وول ستريت» أمام العلم الأميركي خارج بورصة نيويورك (رويترز)

كان التقلب الضمني يميل تاريخياً إلى الارتفاع قبل الانتخابات الرئاسية ويتبدد بسرعة بعد التصويت، ويتوقع العديد من المحللين والمستثمرين تكرار ذلك.

وقال إنغلاندر إن تقلبات العملة قد تبدأ في الانعكاس «بسرعة كبيرة مع استنتاج نتائج الانتخابات».

وقال جون ماكلين، مدير المحفظة في «برانديواين غلوبال»، «إن السوق تكره عدم اليقين (ولكن) بمجرد أن يكون لديك يقين، تتحرك السوق».

مع ذلك، مع استطلاعات الرأي التي تشير إلى أن الانتخابات على حافة السكين، حذر البعض من أن التقلبات قد تستمر لفترة أطول من المعتاد، على سبيل المثال، إذا تم الطعن في النتيجة.

وقال أوه من «باينبريدغ» إن هناك فرصة «لإجراء انتخابات متنازع عليها بشدة، والتي سيتم الطعن فيها لفترة طويلة من الزمن. ليس من المؤكد أننا لن نواجه بعض احتمالات العنف -ونأمل ألا نواجه هذا النوع من الأعمال».


مقالات ذات صلة

الحملة الانتخابية الأميركية تزداد سخونة قبل 3 أيام من المواجهة المرتقبة

الولايات المتحدة​ مؤيدة لترمب تتفقد بضاعة انتخابية قبل تجمّع له في سايلم بولاية فيرجينيا 2 نوفمبر (أ.ب)

الحملة الانتخابية الأميركية تزداد سخونة قبل 3 أيام من المواجهة المرتقبة

تواصل كامالا هاريس ودونالد ترمب حملتهما الانتخابية السبت، ويقدم كلاهما نفسه كمنقذ للولايات المتحدة قبل 3 أيام من انتخابات لا تزال نتيجتها غير محسومة

«الشرق الأوسط» (غاستونيا)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس (أ.ف.ب)

ترمب يقول إن ضواحي المدن تتعرض لـ«هجوم»... وهاريس تصفه بأنه غير متزن

حذر دونالد ترمب من أن سكان ضواحي المدن الأميركية يتعرضون لـ«هجوم» على أيدي الجماعات الإجرامية، بينما قالت كامالا هاريس إن الرئيس السابق أصبح غير متزن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المرشح الجمهوري الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ف.ب)

قلق ترمب «يتصاعد» مع اقتراب يوم الانتخابات

قال مسؤول في حملة المرشح الجمهوري، دونالد ترمب إنه بينما يُظهِر فريق ترمب الثقة في الأيام التي تسبق الانتخابات الرئاسية، فإن ترمب متوتر ويطرح المزيد من الأسئلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترمب (رويترز)

كيف أعاد ترمب إحياء مسيرته السياسية بعد السقوط في الهاوية؟

عندما خسر المرشح الجمهوري دونالد ترمب أمام منافسه الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات الأميركية عام 2020، بدا أن ذلك كان بمثابة «ناقوس الموت» في مسيرته السياسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مرشحة الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الأميركية كامالا هاريس (رويترز)

هاريس: الانتخابات القادمة هي الأهم في حياتنا... وسأكون رئيسة لكل الأميركيين

أكدت مرشحة الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الأميركية، كامالا هاريس، لشبكة تلفزيون «سي إن إن»، السبت، أن الانتخابات المقررة الثلاثاء هي «الأهم في حياتنا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«فيتش» ترفع تصنيف مصر إلى «بي» لأول مرة منذ 5 سنوات

أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

«فيتش» ترفع تصنيف مصر إلى «بي» لأول مرة منذ 5 سنوات

أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

رفعت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني، للمرة الأولى منذ مارس (آذار) عام 2019، تصنيف الديون طويلة الأجل لمصر بدرجة واحدة من «B -» إلى«B»، مشيدة بعدد من التحسينات في ظروف الاقتصاد الكلي للبلاد التي تمر بأسوأ أزمة اقتصادية.

وأكدت «فيتش» في بيان أن «التعاملات المالية الخارجية لمصر كانت مدعومة» بعدد من البرامج والاستثمارات، بما في ذلك من جانب صندوق النقد الدولي.

وترزح مصر، أكبر دولة عربية لناحية عدد السكان، تحت وطأة ديونها الخارجية - ما يقرب من 152 مليار دولار - وتمر حالياً بأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها، مع تزايد الحاجة إلى مساعدات مالية في ظل تضخم متسارع.

وقد منحها صندوق النقد الدولي 5 مليارات دولار على شكل قروض إضافية في مارس، بعد قرض بقيمة 3 مليارات دولار في نهاية عام 2022، وفي المقابل طالب بإصلاحات واسعة النطاق: اعتماد سعر صرف أكثر مرونة، وخطط تهدف إلى تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد ومكافحة التضخم والدين العام.

وشددت «فيتش» على «تحسن المعايير السياسية، ولا سيما زيادة مرونة سعر الصرف والشروط النقدية الأكثر صرامة».

ولفتت إلى تعافي الاحتياطات الأجنبية وإلى تزايد ثقتها في أن سياسة سعر الصرف الأكثر مرونة ستكون أكثر استدامة مما كانت عليه سابقاً.

وقالت وكالة التصنيف إن «المخاطر على المالية العامة انخفضت بشكل معتدل عبر إجراءات للحد من الاستثمارات العامة من خارج الميزانية وتوسيع القاعدة الضريبية، بينما نتوقع انخفاضاً ملحوظاً في عبء الفائدة المرتفع جداً على الدين المحلي لمصر».

يعاني الاقتصاد المصري سلسلة صدمات مرتبطة بالحرب في غزة، مثل هجمات المتمردين الحوثيين اليمنيين على السفن التجارية التي يعتبرونها مرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر وخليج عدن. وقد أدى ذلك إلى انخفاض إيرادات قناة السويس بنسبة 70 في المائة، وهو ما يُمثّل ربحاً فائتاً للحكومة المصرية بقيمة تتراوح بين 6 و7 مليارات دولار.