مديرة صندوق النقد الدولي تحذر من تباطؤ النمو وازدياد الديون

دعت الصين إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتحفيز الاقتصاد الراكد

مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا تعقد مؤتمراً صحافياً خلال اجتماعات الخريف بواشنطن (رويترز)
مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا تعقد مؤتمراً صحافياً خلال اجتماعات الخريف بواشنطن (رويترز)
TT

مديرة صندوق النقد الدولي تحذر من تباطؤ النمو وازدياد الديون

مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا تعقد مؤتمراً صحافياً خلال اجتماعات الخريف بواشنطن (رويترز)
مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا تعقد مؤتمراً صحافياً خلال اجتماعات الخريف بواشنطن (رويترز)

حذّرت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغيفا، يوم الخميس، من أن الاقتصاد العالمي، الذي يعاني الصراعات والتنافسات الجيوسياسية المتزايدة، مهدد بالوقوع في مأزق النمو البطيء والديون المرتفعة. كما دعت القادة الصينيين إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لتحفيز اقتصاد بلادهم الراكد، محذرة من أن عدم القيام بذلك قد يؤدي إلى تراجع النمو الاقتصادي.

وخلال اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وصفت غورغيفا الوضع الحالي بأنه «أوقات عصيبة». وأشارت إلى أن صندوق النقد الدولي يتوقع أن يتوسع الاقتصاد العالمي، هذا العام، بنسبة 3.2 في المائة، وهو ما عَدَّته «هزيلاً»، وفق وكالة «أسوشيتد برس».

كما أوضحت أن التجارة العالمية تواجه تراجعاً في ظل الصراعات والتوترات الجيوسياسية المتزايدة، بما في ذلك العلاقات المتوترة بين أكبر اقتصادين في العالم؛ الولايات المتحدة والصين. وأضافت: «التجارة لم تعد تشكل محركاً قوياً للنمو، ونحن نعيش في اقتصاد عالمي أكثر تجزئة».

في الوقت نفسه، يكافح عدد من الدول مع الديون التي تراكمت نتيجة مكافحة جائحة «كوفيد-19». ويتوقع صندوق النقد أن تتجاوز الديون الحكومية عالمياً 100 تريليون دولار، هذا العام، وهو ما يعادل 93 في المائة من الناتج الاقتصادي العالمي، ومن المتوقع أن تقترب هذه النسبة من 100 في المائة بحلول عام 2030. وحذرت غورغيفا من أن «الاقتصاد العالمي في خطر الوقوع بمسار نمو منخفض وديون مرتفعة، مما يعني انخفاض الدخل وقلّة الوظائف».

ومع ذلك، لا تبدو الخلفية الاقتصادية قاتمة تماماً، فقد أحرز العالم تقدماً كبيراً في كبح جماح التضخم، الذي ارتفع بشكل ملحوظ خلال عامي 2021 و2022 نتيجة انتعاش الاقتصادات بعد عمليات الإغلاق. ويعود ذلك جزئياً إلى ارتفاع أسعار الفائدة التي اتخذها بنك الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى، إضافة إلى تخفيف تراكم المتأخرات في المصانع والموانئ وساحات الشحن.

وفي البلدان الغنية، يتوقع الصندوق أن ينخفض التضخم، العام المقبل، إلى 2 في المائة، وهو الهدف الذي تسعى إليه البنوك المركزية، دون أن يؤدي ذلك إلى الركود. وأشارت غورغيفا إلى أن «الهبوط الناعم في الأفق» يبدو ممكناً، لكن كثيرين من الناس لا يزالون يعانون ارتفاع الأسعار وعدم اليقين الاقتصادي، حيث يخبرها زعماء العالم أن اقتصاداتهم تتمتع بصحة جيدة نسبياً، ولكن «الناس العاديين لا يشعرون بالرضا عن آفاقهم الاقتصادية».

ويعمل صندوق النقد الدولي، الذي يضم 190 دولة، على تعزيز النمو الاقتصادي والاستقرار المالي، والحد من الفقر العالمي. وفي أحدث تقرير له عن التوقعات الاقتصادية العالمية، توقَّع الصندوق أن ينمو الاقتصاد الصيني، الذي كان يشهد نمواً قوياً، بنسبة 4.8 في المائة، هذا العام، و4.5 في المائة في 2025، بانخفاض من 5.2 في المائة خلال 2023.

وحثت غورغيفا الحكومة الصينية على الانتقال من الاعتماد على الصادرات نحو تعزيز الإنفاق المحلي، الذي وصفته بأنه محرك «أكثر موثوقية» للنمو. وأكدت أن اتخاذ «إجراءات حاسمة» لعكس التراجع في سوق العقارات الصينية، مِن شأنه تعزيز ثقة المستهلكين، وزيادة استعدادهم للإنفاق، محذرة من أنه «إذا لم تتحرك الصين، فقد يتباطأ النمو المحتمل إلى ما دون 4 في المائة».

كما أشارت إلى أنها ستزور مصر، خلال نحو عشرة أيام، لتفقُّد الوضع الاقتصادي الصعب في البلاد بنفسها، ولتأكيد ضرورة الالتزام بالإصلاحات. وأوضحت أن مصر، التي شهدت توسيع برنامج قروض صندوق النقد الدولي ليصل إلى ثمانية مليارات دولار، بعد أن كان خمسة مليارات دولار في وقت سابق من هذا العام، ما زالت تعاني تداعيات الصراعات في غزة ولبنان والسودان، مما أدى إلى فقدان 70 في المائة من عائدات قناة السويس.

وأشارت غورغيفا قائلة: «كنا منفتحين تماماً على تعديل البرنامج المصري أو أي برنامج آخر بما يخدم مصلحة الشعب بشكل أفضل. لكن يجب أن أقول إننا لن نقوم بعملنا تجاه البلاد وشعبها إذا تظاهرنا بأن الإجراءات اللازمة يمكن التخلي عنها».


مقالات ذات صلة

«البنك الإسلامي»: البيانات والمعرفة مفتاح التنمية المستدامة في الاقتصادات النامية

الاقتصاد خلال مشاركة محمد الجاسر في نقاش المائدة المستديرة (البنك الإسلامي للتنمية)

«البنك الإسلامي»: البيانات والمعرفة مفتاح التنمية المستدامة في الاقتصادات النامية

أكد رئيس البنك الإسلامي للتنمية الدكتور محمد الجاسر، دور شراكات البيانات والمعرفة في دفع عجلة التنمية الإقليمية والعالمية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد محمد معيط المدير التنفيذي عضو مجلس المديرين التنفيذيين ممثل المجموعة العربية والمالديف بصندوق النقد الدولي (رويترز)

ممثل المجموعة العربية والمالديف بـ«صندوق النقد» يستهدف 5 محاور أساسية

حدد محمد معيط ممثل المجموعة العربية والمالديف بصندوق النقد الدولي، 5 محاور أساسية للعمل عليها خلال منصبه الجديد لدعم النمو الاقتصادي في الدول العربية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد وزير المالية المصري في لقائه بأمين لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا ونائب السكرتير التنفيذي للجنة على هامش اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن (وزارة المالية)

مصر: مبادلة الديون بالاستثمارات من أهم الحلول المبتكرة للأزمة

قال وزير المالية المصري إن مبادلة الديون بالاستثمارات تمثل أحد أهم الحلول المبتكرة لأزمة الديون، وتُسهم في تعزيز المسار التنموي بالدول الأفريقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الجدعان وغورغييفا في مؤتمرهما الصحافي المشترك (أ.ف.ب)

وزير المالية السعودي: يجب دعم الدول التي تواجه مشكلات في السيولة

قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إن هناك الكثير من التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي، داعياً إلى دعم الدول التي تواجه مشكلات في السيولة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رجل يسير بين أنقاض مبنى مدمر في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

صندوق النقد الدولي: لبنان بحاجة إلى «هبات» ودعم دولي

أكد مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور أن لبنان يحتاج إلى دعم من المجتمع الدولي للتخفيف من الصدمة الاقتصادية التي يعيشها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

«بوينغ» تطلق عرض بيع أسهم قد يجمع 19 مليار دولار لتعزيز مواردها المالية

طائرة «بوينغ 787-10 دريملاينر» تسير على المدرج أمام مبنى التجميع النهائي بالشركة في ساوث كارولينا (رويترز)
طائرة «بوينغ 787-10 دريملاينر» تسير على المدرج أمام مبنى التجميع النهائي بالشركة في ساوث كارولينا (رويترز)
TT

«بوينغ» تطلق عرض بيع أسهم قد يجمع 19 مليار دولار لتعزيز مواردها المالية

طائرة «بوينغ 787-10 دريملاينر» تسير على المدرج أمام مبنى التجميع النهائي بالشركة في ساوث كارولينا (رويترز)
طائرة «بوينغ 787-10 دريملاينر» تسير على المدرج أمام مبنى التجميع النهائي بالشركة في ساوث كارولينا (رويترز)

أطلقت شركة «بوينغ» يوم الاثنين عرضاً لبيع أسهم قد يجمع ما يصل إلى 19 مليار دولار، في خطوة تهدف إلى تعزيز مواردها المالية التي تأثرت بشكل كبير جراء إضراب عمالي استمر لأكثر من شهر وأزمة سلامة دامت عاماً.

وتقدم الشركة 90 مليون سهم عادي و5 مليارات دولار من الأسهم الإيداعية، التي تمثل حقوقاً في الأسهم الممتازة القابلة للتحويل. وتراجعت أسهم «بوينغ» بنسبة 1 في المائة في تداولات ما قبل السوق، وفق «رويترز».

وتأتي هذه الخطوة المالية في وقت حرج، حيث تضررت شركة «بوينغ» بشدة منذ أن أضرب نحو 33 ألفاً من عمالها المنتمين لاتحاد الميكانيكيين في إضراب بدأ في سبتمبر (أيلول)، مما أدى إلى توقف إنتاج نماذج رئيسية مثل «ماكس 737»، وهو مولد رئيسي للإيرادات.

وكانت الشركة تواجه بالفعل قيوداً تنظيمية على إنتاج طائرات «ماكس» بعد حادث انفجار لوح في الجو في يناير (كانون الثاني). وتسبب مزيج من المشكلات العمالية ومشكلات الإنتاج في تآكل أموال الشركة خلال الربع الثالث من العام. والأسبوع الماضي، أعلنت «بوينغ» عن خسارة قدرها 6 مليارات دولار في الربع الثالث، مشيرةً إلى أنها تتوقع استنزاف المزيد من السيولة النقدية في العام المقبل.

وتسعى «بوينغ» من خلال جمع رأس المال للحفاظ على تصنيفها الائتماني الاستثماري. وقد حذرت وكالات التصنيف من أن استمرار الإضراب قد يؤدي إلى خفض تصنيف الشركة، مما سيرفع تكاليف الاقتراض.

وتُقدّر تكلفة الإضراب بأكثر من مليار دولار شهرياً، وذلك قبل إعلان «بوينغ» عن خطط لتقليص 10 في المائة من قوتها العاملة. وفي وقت سابق من الشهر، أبرمت «بوينغ» اتفاقية ائتمان بقيمة 10 مليارات دولار مع البنوك، وأعلنت عن خطط لجمع ما يصل إلى 25 مليار دولار من خلال عروض الأسهم والديون.

وحذرت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» من خفض التصنيف الائتماني إذا انخفض رصيد «بوينغ» النقدي عن 10 مليارات دولار، أو إذا اضطرت الشركة إلى زيادة الرافعة المالية لتلبية استحقاقات الديون.

وحتى 30 سبتمبر، كانت «بوينغ» تمتلك نقداً وأوراقاً مالية قابلة للتداول بقيمة 10.5 مليار دولار، مع دين مستحق قدره 11.5 مليار دولار حتى 1 فبراير (شباط) 2026، وهي ملتزمة بإصدار 4.7 مليار دولار من أسهمها للاستحواذ على «سبيريت ايروسيستمز».

وذكرت «رويترز» في وقت سابق من الشهر أن «بوينغ» كانت تدرس خيارات لجمع مليارات الدولارات من خلال بيع الأسهم والأوراق المالية المشابهة. وأكدت «بوينغ» يوم الاثنين أنها تعتزم استخدام العائدات لأغراض مؤسسية عامة، والتي قد تشمل سداد الديون.

وقالت الشركة إن المساهمين المودعين سيكونون مؤهلين للحصول على جزء متناسب من حقوق وتفضيلات الأسهم المفضلة. ومن المتوقع أن يكون سعر السهم المفضل 1000 دولار للسهم الواحد.