توقعات بتسارع النمو السعودي في عام 2025 مع زيادة إنتاج النفط

عوامل عديدة تلعب دوراً حيوياً في دعم الاقتصاد العام المقبل

العاصمة السعودية الرياض (رويترز)
العاصمة السعودية الرياض (رويترز)
TT

توقعات بتسارع النمو السعودي في عام 2025 مع زيادة إنتاج النفط

العاصمة السعودية الرياض (رويترز)
العاصمة السعودية الرياض (رويترز)

توقع عدد من الخبراء أن يتسارع النمو الاقتصادي في السعودية بنسبة 4.4 في المائة العام المقبل 2025، وهو الأسرع في 3 سنوات، وبزيادة عن 1.3 في المائة المتوقّعة لهذا العام، وذلك بفضل ارتفاع إنتاج النفط بعد عامين من الأداء المتواضع.

وصدرت هذه التوقعات في استطلاع للرأي أجرته وكالة «رويترز» مع 21 خبيراً اقتصادياً، بعد يوم على توقّع صندوق النقد الدولي نمو الاقتصاد السعودي هذا العام بنسبة 1.5 في المائة، وبنسبة 4.6 في المائة العام المقبل، وبعد أن كان البنك الدولي أعلن الأسبوع الماضي أنه يتوقّع نمو الاقتصاد السعودي بنسبة 1.6 في المائة هذا العام، وأن يتسارع إلى 4.9 في المائة عام 2025.

وزير المالية السعودي محمد الجدعان خلال الاجتماعات السنوية‬⁩ لصندوق النقد والبنك الدوليين لعام 2024 (وزارة المالية)

وتتجاوز تقديرات صندوق النقد والبنك الدوليين للعام الحالي التوقعات الواردة في بيان الموازنة السعودية، الصادر في 30 سبتمبر (أيلول) الذي توقّع نمو الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بنسبة 0.8 في المائة عام 2024، بدعم من نمو الأنشطة غير النفطية، والمقدَّر أن تنمو بنسبة 3.7 في المائة، في حين تتوافق تقديرات الصندوق مع تلك التي توقعتها وزارة المالية للعام المقبل (4.6 في المائة).

وقالت الوزارة: «إن المتوقَّع أن يسجل الاقتصاد السعودي معدلات نمو إيجابية خلال عام 2025، وعلى المدى المتوسط، بفضل الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات والإستراتيجيات والمشاريع، في ظل رؤية السعودية 2030، لتواصل مساهمتها في تنويع القاعدة الاقتصادية، وتعزيز دور القطاع الخاص، بالإضافة إلى نمو القطاعات الواعدة التي تدعم زيادة فرص الأعمال، وخلْق الوظائف في سوق العمل».

توقعات إيجابية

وقال وزير المالية محمد الجدعان في بيان الموازنة: «إن التوقعات الإيجابية للاقتصاد السعودي لعام 2025 تأتي امتداداً للتطورات الإيجابية لأدائه الفعلي في السنوات الماضية، وإن التقديرات الأولية لعام 2025 تشير إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 4.6 في المائة»، لافتاً إلى أن «هذه التوقعات الإيجابية تعكس التزام المملكة بتنفيذ إستراتيجياتها الطموحة، وتحقيق التنمية المستدامة؛ مما يزيد ثقة المستثمرين، ويعزّز مكانة الاقتصاد السعودي على الصعيدين الإقليمي والدولي».

وإن يكن صندوق النقد الدولي قد خفَّض توقعاته للسعودية قليلاً بما قدره 0.2 نقطة مئوية، و0.1 نقطة مئوية على التوالي، مقارنةً بتوقعات يوليو (تموز) الماضي، الذي يمكن ربطه بشكل رئيسي إلى تمديد تخفيضات إنتاج النفط، إلا أن النمو المتوقَّع يظل أعلى بكثير من النمو العالمي المقدَّر بـ3.2 في المائة، وأعلى من النمو المقدر للدول المصدِّرة للنفط (3.9 في المائة)، وللأسواق الناشئة والاقتصادات النامية (4.2 في المائة)، والاقتصادات المتقدمة (1.8 في المائة).

ومن المتوقع أن تزيد منظمة الدول المصدِّرة للنفط وحلفاؤها بقيادة روسيا، المعروفة باسم «أوبك بلس»، إنتاج النفط في ديسمبر (كانون الأول)، بعدما كانت أعلنت في سبتمبر تمديد تخفيضات إنتاجها الطوعية الإضافية البالغة 2.2 مليون برميل يومياً حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

استمرار التحسينات

وقال رالف ويغرت، رئيس قسم اقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس» لـ«رويترز»: «نتوقع أن تعوض آثار انخفاض أسعار النفط، وارتفاع أحجام الإنتاج بعضها بعضاً إلى حد بعيد، ونظراً لأن النمو يركّز على الأحجام المنتَجة، فإن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي سيظل يستفيد ويتسارع في عام 2025 مقارنةً بعام 2024».

وفي تعليقه على استطلاع «رويترز»، يقول كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن التسارع المتوقَّع في النمو يُعزى إلى ارتفاع إنتاج النفط المتوقع في ديسمبر، الذي سيسهم في دعم النمو الاقتصادي في جانب الاقتصاد النفطي؛ نظراً لزيادة الإنتاج المتوقع للنفط.

ويضيف الغيث أن هناك عدة عوامل أخرى يُتوقّع أن تُسهم في زيادة النمو الاقتصادي بالسعودية، وخصوصاً الاقتصاد غير النفطي، والمتوقَّع أن تتجاوز مساهمته 50 في المائة؜ من إجمالي الناتج المحلي، ومنها:

1. زيادة الإنفاق الحكومي على مشاريع التحول الاقتصادي والبنى التحتية. 2. تحسين مناخ الاستثمار وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار. 3. تنويع قواعد الاقتصاد السعودي؛ للتخلّص من الاعتماد الكامل على النفط. 4. سعي الحكومة لتعزيز الابتكار وتطوير الصناعات الأخرى بخلاف صناعة النفط. 5. استمرار التحسينات في بيئة الأعمال والتسهيلات التي تقدمها الحكومة للشركات.

وأوضح الغيث أن هذه العوامل من الممكن أن تلعب دوراً حيوياً في دعم النمو الاقتصادي بالمملكة العام المقبل.

نقطة تحوّل

من جانبه، قال عضو جمعية الاقتصاد السعودية، الدكتور عبد الله الجسار، لـ«الشرق الأوسط»، إن زيادة إنتاج النفط المتوقع في ديسمبر، تلعب دوراً كبيراً في النمو المتوقع، مشيراً في الوقت نفسه إلى عوامل أخرى تُسهم في تسارع النمو، منها على سبيل المثال لا الحصر؛ أولاً: الزيادة التدريجية في إنتاج النفط، التي تبدأ من 2025، وتستمر على مدى 3 سنوات، إلى أن تصل إلى 12.3 مليون برميل يومياً بحلول 2028. ومن شأن هذه الزيادة أن تعزّز إيرادات النفط، وأن تدعم الاقتصاد بشكل كبير. ثانياً: التحول إلى الطاقة المتجددة، حيث إن المملكة تعمل على توليد الكهرباء من مصادر متجددة، وهذا من شأنه أن يوفر مليون برميل من الوقود سنوياً، الذي كان يُستخدَم في الأصل لتوليد الكهرباء. هذا التوفير سيزيد من صادرات النفط، ويدعم الميزان التجاري، بسبب توجيه كمية التوفير للتصدير بدلاً من الاستهلاك. ثالثاً: السياسة الاقتصادية المدروسة، حيث إن المملكة في ظل «أوبك بلس» تركز على الاستجابة المدروسة لاحتياجات السوق، بعيداً عن الضغوط الخارجية والتخمينات التي بلا أساس. وهذا النهج يمنح استقراراً لسوق النفط، ويعزّز ثقة المستثمرين. رابعاً: تنويع الاقتصاد غير النفطي، حيث إن المملكة متجهة نحو تعزيز القطاعات الأخيرة، مثل السياحة والصناعة والتقنية، ضمن «رؤية 2030»، مما يعزّز النمو الاقتصادي، ويقلّل الاعتماد على النفط بشكل مباشر. وخامساً: تُسهم التحسينات في البيئة الاستثمارية وزيادة الإنفاق الحكومي، ولا سيما في البنية التحتية والخدمات، في توفير فرص عمل، ما من شأنه أن يدعم الاقتصاد.

وختم الجسار قوله: «عام 2025 سيكون نقطة تحوّل باعتقادي في الاقتصاد السعودي».

المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا ووزير المالية السعودي محمد الجدعان (صندوق النقد الدولي)

أساسيات نمو قوية

وكان رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى السعودية، أمين ماتي، توقع في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، ألا يؤثر أي تراجع في أسعار النفط على نمو الناتج غير النفطي في السعودية، مشيراً إلى أن النشاط غير النفطي سيبقى قوياً مدفوعاً بالطلب المحلي، ومشدّداً على أهمية ما بلغه الاقتصاد السعودي من فك ارتباطه بالقطاع النفطي.

وفي سبتمبر، توقعت وكالة التصنيف الائتماني «ستاندرد آند بورز» أن يشهد الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بنسبة 1.4 في المائة عام 2024، مع تسارع النمو إلى 5.3 في المائة عام 2025.

ووفقاً للوكالة، فإن النمو الاقتصادي للمملكة سيُدعَم باستراتيجيتها للتنويع لتعزيز القطاع الخاص غير النفطي، والحد من الاعتماد على عائدات النفط الخام.

وقالت «ستاندرد آند بورز» إن تخفيضات أسعار الفائدة المتوقعة من قِبل الاحتياطي الفيدرالي من المرجح أن تُفيد الأسواق الناشئة، مثل السعودية التي تتمتع بأساسيات نمو قوية، وزيادة رأس المال.


مقالات ذات صلة

بعثة صندوق النقد الدولي تختتم زيارتها إلى مصر لإجراء المراجعة الرابعة لبرنامج القرض

الاقتصاد  مئذنة مسجد قيد الإنشاء في القاهرة (رويترز)

بعثة صندوق النقد الدولي تختتم زيارتها إلى مصر لإجراء المراجعة الرابعة لبرنامج القرض

اختتمت بعثة صندوق النقد الدولي زيارتها إلى مصر وأحرزت تقدماً كبيراً في المناقشات المتعلقة بالسياسات نحو استكمال المراجعة الرابعة لبرنامج القرض، وفق الصندوق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رئيس سريلانكا أنورا كومارا ديساناياكي مغادراً بعد حفل افتتاح البرلمان العاشر للبلاد في البرلمان الوطني بكولومبو (أ.ف.ب)

سريلانكا تتوقّع اتفاقاً على مستوى موظفي صندوق النقد الدولي الجمعة

قال الرئيس السريلانكي أنورا كومارا ديساناياكي، أمام البرلمان الجديد، إن بلاده تتوقّع أن يعلن صندوق النقد الدولي يوم الجمعة، اتفاقاً بشأن برنامج إنقاذ البلاد.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
الاقتصاد علم أوكراني يرفرف بالقرب من المباني التي دمرتها الضربة العسكرية الروسية بكييف في 15 فبراير 2023 (رويترز)

في اليوم الألف للحرب... أوكرانيا تحصل على دعم جديد من صندوق النقد

أعلن صندوق النقد الدولي، يوم الثلاثاء، أن موظفيه والسلطات الأوكرانية توصلوا إلى اتفاق يتيح لأوكرانيا الوصول إلى نحو 1.1 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد منظر عام لمدينة الكويت (رويترز)

ارتفاع التضخم السنوي في الكويت 2.44 % خلال أكتوبر

سجل معدل الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين، وهو ما يعرف بالتضخم، ارتفاعاً بنسبة 2.44 في المائة خلال شهر أكتوبر الماضي، على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد سفينة وحاويات شحن في ميناء ليانيونغو بمقاطعة جيانغسو (رويترز)

صندوق النقد الدولي يحذر من تأثير التعريفات الجمركية الانتقامية على آفاق نمو آسيا

حذر صندوق النقد الدولي يوم الثلاثاء من أن التعريفات الجمركية الانتقامية «المتبادلة» قد تقوض الآفاق الاقتصادية لآسيا، وترفع التكاليف، وتعطل سلاسل التوريد.

«الشرق الأوسط» (سيبو )

الرسوم الجمركية تهدد النمو الاقتصادي... و«المركزي الأوروبي» يحذّر من تداعيات الحرب التجارية

مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
TT

الرسوم الجمركية تهدد النمو الاقتصادي... و«المركزي الأوروبي» يحذّر من تداعيات الحرب التجارية

مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)

أشار صناع السياسة في «البنك المركزي الأوروبي»، يوم الثلاثاء، إلى أن أسعار الفائدة بمنطقة اليورو ستستمر في الانخفاض، مع القضاء على التضخم إلى حد كبير، في حين أن النمو الاقتصادي الضعيف، الذي قد يتفاقم بسبب الرسوم الجمركية الأميركية، قد يصبح القضية الكبيرة التالية التي تواجه المنطقة.

وخفض «المركزي الأوروبي» أسعار الفائدة 3 مرات هذا العام، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى في كل اجتماع لـ«لجنة السياسة» حتى يونيو (حزيران) المقبل على الأقل، مع تجنب المنطقة ركوداً آخر، وفق «رويترز».

وفي هذا السياق، قال رئيس «البنك المركزي»، البرتغالي ماريو سينتينو، إن الاقتصاد يواجه ركوداً، محذراً بأن «المخاطر تتراكم نحو الهبوط»، مشيراً إلى أن الرسوم الجمركية التي هدد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرضها تشكل تهديداً إضافياً.

وحذر سينتينو أيضاً بأن تأخر «البنك المركزي الأوروبي» في خفض أسعار الفائدة قد يزيد من خطر انخفاض التضخم إلى ما دون المستوى المستهدف.

من جانبه، أوضح نائب رئيس «البنك المركزي الأوروبي»، لويس دي غيندوس، أن النمو أصبح الشغل الشاغل للبنك، مشيراً إلى أن الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى ظهور دورة مدمرة من الحروب التجارية.

وقال دي غيندوس لصحيفة «هلسنغن سانومات» الفنلندية: «القلق بشأن التضخم المرتفع تحول الآن إلى القلق بشأن النمو الاقتصادي».

وأضاف: «عندما نفرض الرسوم الجمركية، فيجب أن نكون مستعدين لرد فعل من الطرف الآخر، وهو ما قد يؤدي إلى بداية حلقة مفرغة».

وأكد دي غيندوس أن «هذا الأمر قد يتحول في نهاية المطاف إلى حرب تجارية، وهو ما سيكون ضاراً للغاية بالاقتصاد العالمي».

وتابع: «هذا سيؤدي إلى ضعف النمو، وارتفاع التضخم، وتأثير على الاستقرار المالي، في وضع يعدّ خسارة لجميع الأطراف».

وكان ترمب قد أعلن هذا الأسبوع أنه سيفرض رسوماً جمركية كبيرة على أكبر 3 شركاء تجاريين للولايات المتحدة: كندا والمكسيك والصين، فور توليه منصب الرئاسة.

وبشأن تأثير الرسوم الجمركية الأميركية على النمو في أوروبا، فقد قال رئيس «البنك المركزي الفرنسي»، خلال مؤتمر للمستثمرين الأفراد في باريس، إن تأثير التضخم في أوروبا قد لا يكون كبيراً.

وقال فرنسوا فيليروي دي غالهاو: «قد يكون تأثير التضخم محدوداً نسبياً في أوروبا، ولكن أسعار الفائدة طويلة الأجل التي تحددها السوق لديها ميل معين لعبور المحيط الأطلسي».

وأضاف: «لا أعتقد أن هذا سيغير كثيراً بالنسبة إلى أسعار الفائدة قصيرة الأجل في أوروبا، ولكن أسعار الفائدة طويلة الأجل قد تشهد تأثيراً انتقالياً».

من جهته، أضاف محافظ «البنك المركزي الفنلندي»، أولي رين، تحذيراً بخصوص النمو، متوقعاً أن يظل النشاط الاقتصادي ضعيفاً مع انتعاش بطيء، وهو ما قد يدفع «البنك المركزي الأوروبي» إلى خفض سعر الفائدة إلى المعدل المحايد الذي لا يعوق النمو الاقتصادي، بحلول أوائل الربيع المقبل.

وعلى الرغم من أن المعدل المحايد ليس رقماً ثابتاً، فإن معظم خبراء الاقتصاد يرون أنه في نطاق بين اثنين و2.5 في المائة، وهو أقل كثيراً من المستوى الحالي لـ«البنك المركزي الأوروبي» البالغ 3.25 في المائة.

ولا يُتوقع أن تتوقف أسعار الفائدة عند المعدل المحايد؛ إذ تتوقع سوق المال أن يهبط سعر الفائدة على الودائع إلى 1.75 في المائة العام المقبل، وهو مستوى من شأنه تحفيز النمو.

وقال رين: «إذا فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية على منتجات دول أخرى، سواء أكانت بنسبة 10 أم 20 في المائة، وردّ الجميع، فإن جميع الأطراف ستخسر».

وأضاف أنه «في هذه الحالة، فإن الولايات المتحدة ستخسر أكثر؛ لأن الدول الأخرى قد توجه صادراتها إلى أسواق أخرى، في حين ستواجه الشركات الأميركية الرسوم الجمركية نفسها في كل مكان».

في المقابل، انخفض، يوم الثلاثاء، مؤشر رئيسي لتوقعات التضخم بمنطقة اليورو على المدى البعيد في السوق إلى أقل من اثنين في المائة لأول مرة منذ يوليو (تموز) 2022، في دلالة على اعتقاد المستثمرين أن النمو المتعثر قد يؤدي إلى تضخم أقل من الهدف المحدد من قبل «البنك المركزي الأوروبي». وأظهرت بيانات «بورصة لندن» أن مبادلة التضخم الآجلة لمدة 5 سنوات تراجعت إلى 1.9994 في المائة، وهو انخفاض حاد نسبياً مقارنة بأكثر من 2.2 في المائة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وتعكس هذه المبادلة توقعات المستثمرين بشأن التضخم خلال فترة الـ5 سنوات التي تبدأ بعد 5 سنوات من الآن.

لماذا يعدّ ذلك مهماً؟

يعدّ «البنك المركزي الأوروبي» محافظاً على تناغم دقيق مع توقعات التضخم لدى المستثمرين والأسر والشركات. ويعتقد كثير من خبراء الاقتصاد أن هذه التوقعات يمكن أن تتحول إلى نبوءة تحقق ذاتها، حيث يزيد المستهلكون من إنفاقهم الآن لتجنب ارتفاع الأسعار في المستقبل أو العكس. في عام 2014، أشار رئيس «البنك المركزي الأوروبي» السابق، ماريو دراغي، إلى مبادلة التضخم لمدة 5 سنوات، التي كانت آنذاك أقل قليلاً من اثنين في المائة، بوصف الأمر مقلقاً لـ«البنك المركزي». ومنذ عام 2022، كان «المركزي الأوروبي» يواجه خطر الانكماش بوصفه مصدر قلق رئيسياً.

ومن المرجح أن يعزز هذا الانخفاض الأخير من التوقعات بشأن خفض أسعار الفائدة من قبل «المركزي الأوروبي».

وانخفض التضخم في منطقة اليورو من أعلى مستوى قياسي بلغ 10.6 في المائة خلال أكتوبر 2022، إلى 1.7 في المائة خلال سبتمبر من هذا العام، قبل أن يرتفع مجدداً إلى اثنين في المائة خلال أكتوبر الماضي. ومن المتوقع إصدار بيانات نوفمبر (تشرين الثاني) يوم الجمعة المقبل. ووفقاً للمحللين، فقد ساهمت عوامل عدة في تهدئة نمو الأسعار، مثل تطبيع سلاسل التوريد التي تأثرت بجائحة «كوفيد19»، وانخفاض أسعار الطاقة بعد الحرب في أوكرانيا، بالإضافة إلى رفع أسعار الفائدة من قبل «البنك المركزي».

كما أظهرت بيانات مسح يوم الجمعة أن نشاط الأعمال في منطقة اليورو تراجع بشكل حاد في نوفمبر الحالي أكثر مما كان متوقعاً، مما زاد من المخاوف بشأن ضعف النمو بالمنطقة.

في هذا السياق، قال كبير خبراء الاقتصاد في «البنك المركزي الأوروبي»، فيليب لين، يوم الاثنين، إن التضخم قد ينخفض إلى ما دون الهدف في حال استمر النمو الضعيف. وأشار لين، في تصريحات نقلتها صحيفة «ليزيكو» الفرنسية، إلى أنه «ينبغي ألا تظل السياسة النقدية مقيدة لفترة طويلة، وإلا فإن الاقتصاد لن ينمو بالقدر الكافي، وأعتقد أن التضخم سيهبط إلى ما دون الهدف».