نزاع المساهمين يعمّق خسائر «هرفي» السعودية

«صافولا» تلتزم الصمت... والسعيد يطالب بعزل رئيس المجلس... والمستثمرون بانتظار الجمعية العمومية

أحد الفروع التابعة لسلسة مطاعم «هرفي» في السعودية (الشركة)
أحد الفروع التابعة لسلسة مطاعم «هرفي» في السعودية (الشركة)
TT

نزاع المساهمين يعمّق خسائر «هرفي» السعودية

أحد الفروع التابعة لسلسة مطاعم «هرفي» في السعودية (الشركة)
أحد الفروع التابعة لسلسة مطاعم «هرفي» في السعودية (الشركة)

يترقب المساهمون في شركة «هرفي» للأغذية في السعودية انعقاد الجمعية العمومية العادية في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، للتصويت على عزل رئيس مجلس الإدارة المهندس معتز قصي العزاوي، في إطار نزاع نشأ بين مجموعة «صافولا» (المالكة لما نسبته 49 في المائة من الشركة) وأحمد السعيد (مؤسس الشركة) المالك لما نسبته 15.30 في المائة منها، في الوقت الذي ما زالت الشركة تسجل انخفاضاً كبيراً في أرباحها وفي قيمة سهمها.

بداية النزاع

النزاع بين «صافولا»، المدرجة في المركز 23 من حيث الحجم في السعودية، والسعيد، نشأ منذ أكثر من 3 سنوات، حين قدم الأخير استقالته من منصبه رئيساً تنفيذياً عاماً في مارس (آذار) من عام 2021، بعد 40 عاماً من إدارته للشركة التي تأسست عام 1981.

أحمد السعيد

وسبب ذلك، وفق خطاب استقالة السعيد، «عدم التناغم في وجهات النظر» بينه وبين الإدارة الحالية، وبعد عام، أي في مارس (آذار) 2022، طالب السعيد بعزل العزاوي، على خلفية اتهامات متبادلة بتضليل القوائم المالية، وقضايا أخرى.

لكن مطالبته قُوبلت بالرفض من قبل الجمعية العمومية العادية، وفي الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، أعاد السعيد مطالبته بعزل العزاوي، وهو ما دفع «هرفي» إلى تحديد الرابع من نوفمبر موعداً للجمعية العمومية للبت بهذه المسألة.

وكانت «هرفي» بدأت منذ عام 2020 تسجل تراجعات في قوائمها المالية لأسباب متعددة أوردتها في تقارير قوائمها المالية، منها النزاع القائم بين الملاك في تقريرها الأخير في الربع الثاني من 2024 كنتيجة جزئية للخسائر التي سجلتها.

وأشارت إلى أنها قامت بتصفية «مستحقات مالية لتنفيذيين سابقين بالشركة، منها تنفيذ حكم قضائي من المحكمة العمالية لصالح الرئيس التنفيذي المكلف السابق خالد أحمد السعيد... لقاء رصيد إجازات غير مستغلة عن فترة تزيد عن 18 سنة».

لكن خالد السعيد رد على ذلك قائلاً إن «(هرفي) قدمت معلومات غير دقيقة ومغلوطة»، وإنه تقدم بشكوى إلى «هيئة السوق المالية» بشأن ذلك.

خالد السعيد الرئيس التنفيذي السابق

وكان قد تم تعيين خالد السعيد رئيساً تنفيذياً للشركة لنحو شهر بداية من 1 مايو (أيار) بعد استقالة والده، قبل أن يعيَّن سام بدر رئيساً تنفيذياً بالإنابة، إذ تولى المنصب بشكل دائم في يونيو (حزيران) 2021 في السابع من أكتوبر الحالي.

تضليل القوائم

وأصدرت «هرفي» بياناً على خلفية ما يتم تداوله في وسائل التواصل الاجتماعي من تصريحات وصفتها الشركة بأنها «ادعاءات وشائعات» من قبل أحمد السعيد حول تجدد اتهامه لها بوجود تضليل بالقوائم.

وذكرت الشركة في بيان نشر على موقع السوق المالية «تداول» أن الإدارة الحالية بذلت جهوداً كبيرة للحفاظ على مصالح الشركة واستقرارها المالي والإداري، وأشارت إلى أن أحمد السعيد وابنه خالد لم يحصلا على إخلاء طرف عند مغادرتهما الشركة، موجهةً لهما اتهامات بتوريد منتجات تحت اسم العلامة التجارية للشركة لمطاعم غير تابعة لها، وقضايا أخرى متعلّقة بإيجارات المباني، ومستحقات مالية تتجاوز 44 مليون ريال ما يقارب 11.7 مليون دولار.

مطالب بعزل رئيس المجلس

وغداة هذا البيان، جدد أحمد السعيد مطالبته بعزل رئيس مجلس الإدارة المهندس معتز قصي العزاوي. وفي اليوم نفسه، قررت «صافولا» بشكل منفصل المطالبة بعزل عضو مجلس الإدارة محمد الشتوي دون أن تبيّن الأسباب الكامنة وراء ذلك.

أحمد السعيد رد على بيان «هرفي» الأخير واصفاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» هذه الاتهامات بأنها «خارجة عن الموضوع الرئيسي المتمثل في عزل رئيس مجلس الإدارة الحالي، وتهرباً عن الأمور المهمة بمهاترات شخصية».

وقال «إن جميع جوانب الموضوع الآن تحت مجهر هيئة سوق المال»، التي هي الجهة التنظيمية للبت في القضية، موضحاً أن «اجتماع الجمعية العمومية سيكون في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ونرجو أن تتاح الفرصة لجميع المساهمين للنقاش الموسع حول طلب العزل وأسبابه».

بدورها تواصلت «الشرق الأوسط» مع «صافولا» للحصول على تعقيب منها حول أسباب مطالبتها بعزل الشتوي، لكنها لم تحصل على رد حتى نشر هذا التقرير.

كيف يتم حل مجلس الإدارة؟

ولتبيان قانونية ما يحصل راهناً في «هرفي»، سألت «الشرق الأوسط» المحامي والمحكّم التجاري محمد المزيَّن، فقال إنه على الرغم من أن نظام الشركة الأساس هو الذي يحدد كيفية انتهاء العضوية في مجلس الإدارة، فإنه يحق للمساهمين الذين يمتلكون نسبة معينة من الأسهم أن يطالبوا بعزل رئيس المجلس، وأضاف: «كما يمكن عزل أي عضو في مجلس الإدارة بناءً على قرار يصدر من الجمعية العمومية العادية، بشرط أن يندرج هذا الأمر ضمن جدول الأعمال».

وأوضح المزيّن أن هناك عدة متغيرات قد تؤثر على نتيجة التصويت في اجتماع الجمعية العمومية منها حجم الأسهم الممثلة، ويتطلب انعقاد الجمعية العامة العادية حضور مساهمين يمثلون ربع أسهم الشركة التي لها حق التصويت، وذلك هو الحد الأدنى للحضور، هذا ما لم ينص نظام الشركة الأساس على نسبة أعلى بشرط ألا تتجاوز النصف.

وأيضاً تصويت المساهمين، إذ يجب أن تصدر قرارات الجمعية العامة العادية بموافقة أغلبية حقوق التصويت الممثلة في الاجتماع، وبالتالي فإن حجم الأسهم الممثلة في الاجتماع وعدد تصويت المساهمين هما عاملان شديدا الأهمية من حيث التأثير على نتيجة التصويت.

الإجراءات القانونية المحتملة

ويبقي السؤال عن ما هي الإجراءات القانونية المحتملة التي يمكن اتخاذها بعد انتهاء الجمعية العمومية، سواء كان القرار لصالح العزل أو ضده؟ في هذه النقطة، يشير المزيّن لحالات عدة يمكن اتخاذها، وهي من حيث الأصل، يجب على مجلس الإدارة أن يدعو الجمعية العامة العادية إلى الانعقاد قبل انتهاء دورته بمدة كافية؛ لانتخاب مجلس إدارة لدورة جديدة.

وأضاف أنه إذا تعذر إجراء الانتخاب، وانتهت دورة المجلس الحالي، فيجب أن يستمر أعضاؤه في أداء مهماتهم إلى حين انتخاب مجلس إدارة لدورة جديدة، ويجب ألا تتجاوز مدة استمرار أعضاء المجلس المنتهية دورته المدة التي تحددها اللوائح.

وفي حال اعتزل رئيس وأعضاء مجلس الإدارة، وجب عليهم دعوة الجمعية العامة العادية إلى الانعقاد لانتخاب مجلس إدارة جديد، ولا يسري الاعتزال إلى حين انتخاب المجلس الجديد، على ألا تتجاوز مدة استمرار المجلس المعتزل المدة التي تحددها اللوائح، وفق ما ذكره المزيّن.

بالنسبة لعضو مجلس الإدارة، أوضح المزين أنه يجوز أن يعتزل من عضوية المجلس بإبلاغ مكتوب يوجهه إلى رئيس المجلس. أما إذا اعتزل رئيس المجلس وجب أن يوجه الإبلاغ إلى باقي أعضاء المجلس وأمين سر المجلس، ويعد الاعتزال نافذاً في الحالتين من التاريخ المحدد في الإبلاغ، وإذا شغر مركز أحد أعضاء مجلس إدارة شركة المساهمة لوفاته أو اعتزاله ولم ينتج عن هذا الشغور إخلال بالشروط اللازمة لصحة انعقاد المجلس بسبب نقص عدد أعضائه عن الحد الأدنى المنصوص عليه في النظام أو نظام الشركة الأساس.

للمجلس أن يعين - مؤقتاً - في المركز الشاغر مَن تتوافر فيه الخبرة والكفاية، على أن يبلغ بذلك السجل التجاري، وكذلك الهيئة إذا كانت الشركة مدرجةً في السوق المالية، خلال 15 يوماً من تاريخ التعيين، وأن يعرض التعيين على الجمعية العامة العادية في أول اجتماع لها، ويكمل العضو المعين مدة سلفه، وذلك كله ما لم ينص نظام الشركة الأساس على غير ذلك.

وأضاف أنه إذا لم تتوافر الشروط اللازمة لصحة انعقاد مجلس الإدارة بسبب نقص عدد أعضائه عن الحد الأدنى المنصوص عليه في النظام، أو في نظام الشركة الأساس، وجب على باقي الأعضاء دعوة الجمعية العامة العادية إلى الانعقاد خلال 60 يوماً؛ لانتخاب العدد اللازم من الأعضاء، وفي حال عدم انتخاب مجلس إدارة لدورة جديدة أو إكمال العدد اللازم لأعضاء مجلس الإدارة، يجوز لكل ذي مصلحة أن يطلب من الجهة القضائية المختصة أن تعين من ذوي الخبرة والاختصاص وبالعدد الذي تراه مناسباً من يتولى الإشراف على إدارة الشركة، ويدعو الجمعية العامة إلى الانعقاد خلال 90 يوماً؛ لانتخاب مجلس إدارة جديد أو إكمال العدد اللازم لأعضاء مجلس الإدارة بحسب الأحوال، أو أن يطلب حل الشركة.

النزاع وتأثيره على الشركة

يشير الرئيس الأول لإدارة الأصول في «أرباح كابيتال» محمد الفراج إلى أن النزاعات داخل الشركات المساهمة، خصوصاً تلك التي تتضمن اتهامات بسوء الإدارة، تؤثر بشكل كبير على أداء أسهمها في السوق.

وقال: «في حالة شركة (هرفي)، فإن الاتهامات المتبادلة بين الإدارة السابقة والجديدة، التي وُضحت في بيان الشركة، تخلق بيئة من عدم اليقين وعدم الثقة لدى المستثمرين، مما يؤثر سلباً على قيمة السهم».

وتوقّع الفراج أن يكون للنزاعات الحالية تأثير سلبي واضح على أداء السهم، ومع تفاقمها، يُتوقع استمرار الضغط على السهم، وربما تستغرق استعادة ثقة المستثمرين وقتاً طويلاً.

ويرى الفراج أنه من المتوقع أن يواجه سهم «هرفي» تحديات في أدائه نتيجة لتراجع الثقة في الإدارة والتأثيرات السلبية على السمعة العامة للشركة، كما أن «هرفي» قد تواجه زيادة في التكاليف، تشمل التكاليف القانونية والاستشارية بالإضافة إلى تكلفة الاقتراض.

وأضاف: «وعلى صعيد الأداء السوقي للسهم، يُتوقع أن تزداد التقلبات في أسعاره، حيث ستتأثر بأي مستجدات تتعلق بالقضية. كما قد يشهد السهم تراجعاً في حجم التداول، مما قد يجعله أقل جاذبية للمستثمرين».

خسائر متتالية

كانت «هرفي» سجلت خسائر بقيمة 23.7 مليون ريال خلال الربع الثاني 2024 مقابل أرباح بـ4.5 مليون ريال في الربع المماثل من العام الماضي، علماً بأنه في عام 2023، بلغت أرباح «هرفي» 8.3 مليون ريال مقابل 3.5 مليون ريال عام 2022. وهو العام الذي سجلت فيه الشركة تراجعاً كبيراً في صافي ربحها، وبنسبة 97.66 في المائة مقابل عام 2021 (بلغ الربح نحو 151.8 مليون ريال).

وكانت قيمة الشركة السوقية تتراجع، من 3.85 مليار ريال (حوالي مليار دولار) قبل 4 سنوات إلى نحو 1.7 مليار ريال (452.6 مليون دولار) اليوم، ما يمثل حوالي نصف قيمتها السوقية. كذلك، كان سهم «هرفي» تراجع من 65 ريالاً في عام 2020 إلى حوالي 26 ريالاً اليوم، وبلغ أدنى مستوياته على الإطلاق في أغسطس (آب) الماضي عند 22.35 ريال.

يذكر أن «هرفي» أدارت على مدار 43 عاماً منذ تأسيسها عام 1981، أكثر من 350 مطعماً في السعودية، وباتت تملك 18 معرضاً للحلويات والشوكولاته الراقية، بالإضافة إلى مصنعين للمخبوزات ومعالجة وتصنيع اللحوم.


مقالات ذات صلة

​استثمارات «أكوا باور» في أفريقيا تتجاوز 7 مليارات دولار

الاقتصاد مقر الشركة في العاصمة السعودية الرياض (أكوا باور)

​استثمارات «أكوا باور» في أفريقيا تتجاوز 7 مليارات دولار

تجاوزت استثمارات «أكوا باور» السعودية وهي أكبر شركة خاصة بمجال تحلية المياه بالعالم والأولى في مجال الهيدروجين الأخضر حاجز 7 مليارات دولار

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح «رتال» في معرض «سيتي سكيب ‬⁩العالمي 2023» في الرياض (موقع الشركة الإلكتروني)

«رتال» العقارية توقع اتفاقيتين مع «الوطنية للإسكان» بـ252 مليون دولار

وقعت شركة «رتال للتطوير العمراني» السعودية، اتفاقيات مشروطة ﻣﻊ «الشركة الوطنية للإسكان»، التي تعد الذراع الاستثماري لمبادرات وبرامج وزارة الشؤون البلدية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مستثمر يتابع شاشة الأسهم في السوق المالية السعودية بالرياض (أ.ف.ب)

سوق الأسهم السعودية تعود إلى 12 ألف نقطة بارتفاع 1.5 %

ارتفع مؤشر الأسهم السعودية الرئيسية «تاسي»، بنهاية أولى جلسات الأسبوع، بنسبة 1.5 في المائة، إلى مستويات 12068.97 نقطة، بتداولات قيمتها 5.4 مليار ريال.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مبنى شركة «صافولا» في السعودية (الموقع الإلكتروني للشركة)

قطاع التجزئة يزيد أرباح «صافولا» السعودية 23% إلى 48 مليون دولار

ارتفع صافي ربح «صافولا» 23% رغم تراجع إيراداتها، كما وافقت الهيئة على خفض رأس المال بنسبة 73%.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد إحدى الحاويات التابعة لـ«الصادرات الصناعية» (موقع الشركة الإلكتروني)

الظروف اللوجيستية تُضاعف خسائر «الصادرات الصناعية» السعودية

تَضاعف صافي خسائر «الشركة السعودية للصادرات الصناعية» بنهاية الربع الثاني من العام الحالي، ليصل إلى 9.6 مليون ريال (2.5 مليون دولار).

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الأسواق تستعد لأسبوعين حاسمين ترقباً للانتخابات الأميركية وتحركات الفائدة

متداولون يعملون في قاعة التداول ببورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في قاعة التداول ببورصة نيويورك (رويترز)
TT

الأسواق تستعد لأسبوعين حاسمين ترقباً للانتخابات الأميركية وتحركات الفائدة

متداولون يعملون في قاعة التداول ببورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في قاعة التداول ببورصة نيويورك (رويترز)

يتوجه المستثمرون عالمياً نحو الدولار الأميركي ويزيدون من رهاناتهم على تقلب الأسواق قبل أسبوعين حاسمين، حيث تختار الولايات المتحدة رئيساً، وتواجه اليابان شللاً سياسياً، وتحدد ثلاثة بنوك مركزية كبرى أسعار الفائدة، وتقدم الحكومة البريطانية الجديدة موازنتها.

وسجل الدولار الأميركي أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر الأسبوع الماضي؛ استجابة لبيانات اقتصادية أميركية قوية، واحتمال فوز الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترمب في الانتخابات المقررة في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، وفق «رويترز».

في هذه الأثناء، تشير المؤشرات المستمدة من عقود مالية تُسمى الخيارات، التي تُستخدم للتحوط من تقلبات السوق، إلى أن المستثمرين يتوقعون زيادة في تقلبات العملات والسندات خلال الشهر المقبل.

لكن أسواق الأسهم ظلت هادئة بشكل عام بفضل البيانات القوية من الولايات المتحدة، رغم أن «مؤشر الخوف» المتوقع لتقلبات سوق الأسهم أعلى من متوسطه لعام 2024، مما يشير إلى احتمال حدوث اضطرابات.

وقالت رئيسة التسعير الدولي في «فانغارد»، أليس كوتني: «سنشهد أسبوعين مثيرين للاهتمام ومتقلبين للغاية»، مضيفة أنه باع بعض الأصول لصالح النقد. سوف نبدأ في رؤية زيادة في التقلبات، ولن يستقر ذلك إلا بعد أسبوع من الانتخابات الأميركية.

صفقات ترمب

يتنافس ترمب بشدة مع نائبة الرئيس الديمقراطية كامالا هاريس في الاستطلاعات. ومع ذلك، يتبع المستثمرون إشارات من أسواق المراهنات، حيث تغيرت الاحتمالات لصالح ترمب.

وارتفع الدولار بأكثر من 3 في المائة حتى الآن في أكتوبر (تشرين الأول) مع اقتراب عوائد السندات من أعلى مستوياتها خلال ثلاثة أشهر جزئياً بسبب استعداد الأسواق لاحتمالية فرض رسوم جمركية أعلى قد يلوح بها ترمب إذا فاز، مما قد يدفع التضخم، ويُرغم الاحتياطي الفيدرالي على الحفاظ على معدلات مرتفعة.

وأثارت المخاوف التجارية قلق المستثمرين، مما دفع مؤشر تقلب اليورو المتوقع إلى أعلى مستوى له خلال 18 شهراً.

وقال مدير محفظة الدخل الثابت في «مارلبورو»، جيمس أثيري: «لقد قمنا بتحويل المحفظة بشكل دفاعي»، مضيفاً أنه يتوقع ارتفاع الدولار أكثر، وأنه قلص تعرضه لديون الحكومة الأميركية لصالح السندات الألمانية.

وأظهرت بيانات لجنة تداول السلع الآجلة الأسبوع الماضي أن المتداولين في أسواق العملات بدأوا في زيادة رهاناتهم على ارتفاع الدولار، لأول مرة منذ أواخر أغسطس (آب).

وحذر صندوق النقد الدولي هذا الأسبوع من أن الأسواق قد تستخف بالمخاطر الناجمة عن الجغرافيا السياسية والانتخابات المقبلة.

قوة الدولار

كان الدافع الأكبر للدولار هو القوة المستمرة للاقتصاد الأميركي. وأدت بيانات الوظائف، وبيانات مبيعات التجزئة والمطالبات العاطلة عن العمل التي جاءت أقوى من المتوقع إلى دفع المستثمرين للتقليل من رهانات خفض أسعار الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي.

ويمكن أن تكون بيانات الوظائف المقررة في الأول من نوفمبر لشهر أكتوبر نقطة محورية - مما يؤثر على قرار الاحتياطي الفيدرالي بشأن الفائدة بعد ستة أيام، حيث يتوقع المتداولون الآن خفضاً بمقدار 25 نقطة أساس، بعد أن كانوا يرون فرصة قوية لخفض ثانٍ بمقدار 50 نقطة.

وتأرجحت عائدات السندات مع سعي المتداولين جاهدين لقياس اتجاه بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما دفع مؤشر تقلب سوق السندات الأميركية البالغ 27 تريليون دولار إلى أعلى مستوى في عشرة أشهر.

ووصل مؤشر انحراف «سي بي إي أو»، الذي يقيس الطلب على العقود المالية المسماة الخيارات، التي تدفع عندما تعاني الأسهم من هبوط كبير، إلى مستويات تشير عادة إلى القلق.

وبشكل عام، ظلت الأسهم هادئة نسبياً، حيث انخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز» بنسبة 0.9 في المائة هذا الأسبوع.

وقال مدير أصول متعددة في «جانوس هندرسون»، أوليفر بلاكبورن، إن النتائج القوية من شركات، مثل «تسلا»، أسهمت في هدوء سوق الأسهم، بالإضافة إلى البيانات الأميركية القوية.

وأضاف مدير الدخل الثابت في «آرتيميس»، ليام أودونيل، أنه اشترى سندات الخزانة لأجل خمس سنوات خلال اليومين الماضيين، ويعتقد أن الأسواق تبالغ في تقدير ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية إذا فاز ترمب.

الاستطلاعات والسياسة

تظل السياسة والبنك المركزي في اليابان مصدر قلق، بعد أن أدت زيادة أسعار الفائدة، وارتفاع الين إلى فوضى في الأسواق العالمية في أغسطس.

وقد انخفض الين إلى أدنى مستوى له في ثلاثة أشهر نحو 153 مقابل الدولار، الاثنين، بعد أن فقد الحزب «الليبرالي الديمقراطي الياباني» أغلبيته البرلمانية في الانتخابات يوم الأحد، مما وضع تشكيل الحكومة في حالة من عدم اليقين، وأدى إلى تخمين المستثمرين بأن الزيادات المستقبلية في أسعار الفائدة أصبحت أقل احتمالاً.

ومن المتوقع أن يحافظ بنك اليابان على أسعار الفائدة ثابتة في 31 أكتوبر، وسيراقب المتداولون أي تلميحات حول التوقعات التي قد تؤثر على الين، الذي انخفض بنسبة تقارب 9 في المائة منذ منتصف سبتمبر (أيلول).

في هذه الأثناء، ستقدم الحكومة البريطانية الجديدة موازنتها الأولى يوم الأربعاء بعد فوزها في الانتخابات في يوليو (تموز)، قبل قرار سعر الفائدة من بنك إنجلترا في 7 نوفمبر.

ولا تزال ذكريات الانهيار في سوق السندات بعد الموازنة الكارثية لرئيسة الوزراء البريطانية السابقة ليز تروس في 2022 تطارد هذا الحدث.

وارتفعت عوائد سندات الحكومة البريطانية بشكل حاد، يوم الخميس، بعد أن قالت وزيرة المالية راشيل ريفرز إنها ستغير القواعد المالية للسماح لها بالاقتراض أكثر للاستثمار.

وتقول شركات مثل «أليانز غلوبال إنفستورز»، و«بيمكو»، و«أبردين»، و«أرتميس» إنها مهتمة بسندات الحكومة البريطانية، وتتوقع أن ترتفع العائدات إلى مستويات مرتفعة للغاية.

وقالت مديرة الاستثمار في الدخل الثابت في «بيكتيت لإدارة الأصول»، ليندا راجي: «لقد بدأنا مؤخراً في اتخاذ موقف طويل الأجل في السندات الحكومية البريطانية. نعتقد أن الموازنة ستركز على دعم النمو، ونرى أن السندات الحكومية البريطانية لديها مجال للتفوق بمجرد انقضاء المخاطر المرتبطة بالحدث».