اقتصاد منطقة اليورو يظهر بعض علامات النمو

رمز «اليورو» أمام المقر السابق لـ«المصرف المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
رمز «اليورو» أمام المقر السابق لـ«المصرف المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
TT

اقتصاد منطقة اليورو يظهر بعض علامات النمو

رمز «اليورو» أمام المقر السابق لـ«المصرف المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
رمز «اليورو» أمام المقر السابق لـ«المصرف المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)

أظهر اقتصاد منطقة اليورو بعض علامات النمو يوم الثلاثاء، حيث برزت مجموعة من المؤشرات التي تُظهر نمواً فاتراً ولكنه إيجابي للمنطقة التي كانت على شفا الركود لأكثر من عام.

فقد توسع الناتج الصناعي، وارتفع الطلب على الإقراض، بينما ارتفعت توقعات الثقة بشكل أكبر من المتوقع في استطلاع رأي ألماني رئيسي، مما منح بعض الطمأنينة بعد أن كانت المؤشرات الرئيسية أظهرت بشكل عام أداءً دون التوقعات في الشهر الماضي، وفقاً لوكالة «رويترز».

ومن المرجح أن تعزز هذه الأرقام التوقعات بأن المنطقة لا تزال تنمو، وإن كان ذلك بوتيرة أبطأ، لكنها قد لا تمنع «المصرف المركزي الأوروبي» من خفض أسعار الفائدة، التي سُعّرت بشكل شبه كامل الآن. فقد ارتفع الإنتاج الصناعي بنسبة 1.8 في المائة على أساس شهري في أغسطس (آب) الماضي، وهو ما يتماشى مع التوقعات، وارتفع بنسبة 0.1 في المائة مقارنة بالعام السابق، مدفوعاً بزيادة الطلب على رأس المال والسلع الاستهلاكية المعمرة، وفقاً لبيانات «يوروستات».

وسجل الناتج في ألمانيا؛ أكبر اقتصاد في المنطقة، ارتفاعاً بنسبة 3 في المائة على أساس شهري، وهو أكبر ارتفاع بين أكبر اقتصادات المنطقة، رغم أن الأرقام السنوية لا تزال سلبية للغاية. وقد أدى ارتفاع تكاليف الطاقة، والطلب الفاتر من الصين، وازدياد المنافسة من المنتجين الآخرين، إلى ضعف الصناعة الألمانية في السنوات الأخيرة؛ مما دفع بالبعض إلى إعادة تقييم جدوى النموذج الاقتصادي المتمحور حول الصناعة في البلاد.

وأشار بيرت كولين، الاقتصادي في «آي إن جي»، إلى أن «التوقعات بشأن الصناعة لا تزال باهتة لبقية العام. قائمة المخاوف بالنسبة إلى صناعة منطقة اليورو طويلة، ومن الصعب رؤية بداية انتعاش نابض بالحياة في هذا القطاع في هذه المرحلة».

وفي علامة أخرى تبعث على الأمل لألمانيا، تحسنت معنويات المستثمرين أكثر من المتوقع في أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، حيث ارتفع مؤشر الثقة الاقتصادية «زد إي دبليو» إلى 13.1 نقطة من 3.6 نقطة في سبتمبر (أيلول) الذي سبقه. وقد ساهم في هذه القراءة المرتفعة توقعات التضخم المنخفضة والرهانات على مزيد من تخفيضات أسعار الفائدة، بالإضافة إلى بعض التحسن الطفيف في الطلب على الصادرات، وفقاً لـ«زد إي دبليو».

كما أضافت التدابير التحفيزية الأخيرة التي اتخذتها الصين بعض الأمل لكل من ألمانيا ومنطقة اليورو بشكل عام. وقد خفض «المركزي الأوروبي» أسعار الفائدة مرتين هذا العام، ومن المتوقع بشكل شبه مؤكد أن يخففها مرة أخرى هذا الأسبوع، مع احتمال اتخاذ خطوة إضافية في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، حيث أصبح التضخم قريباً من هدفه البالغ اثنين في المائة.

وتشير التوقعات إلى تخفيضات قد تصل إلى نقطة مئوية كاملة، مع احتمال إضافة نقطة أخرى في العام المقبل، مما يعني أن المستثمرين يرون أن المعدل سينخفض إلى النصف من أعلى مستوى له عند 4 في المائة. ويعكس الطلب المتصاعد على القروض، الذي يعدّ مقدمة للنمو الاقتصادي المستدام، أيضاً آمالاً في أسعار فائدة أقل.

ووفقاً لـ«المركزي الأوروبي»، فقد ارتفع الطلب على قروض المصارف، وهو المصدر الرئيسي لتمويل القطاع المؤسسي، في الربع الثالث، ومن المتوقع أن يرتفع مرة أخرى في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام، مدفوعاً بتوسع الرهون العقارية المنزلية.

واستمر نمو الإقراض في الارتفاع طوال العام، رغم أن أسعار الفائدة المرتفعة، والنمو الضعيف، قد أديا إلى انخفاض الطلب، مما أثر على الآفاق في جميع أنحاء المنطقة التي كانت على شفا الركود لسنوات.

وفي مسح ربع سنوي لـ156 مقرض كبير، أعلن «المركزي الأوروبي»: «لأول مرة منذ الربع الثالث من عام 2022، أفادت المصارف بزيادة صافية معتدلة في الطلب من الشركات على القروض أو سحب خطوط الائتمان، رغم بقاء الضعف العام».

وذكر «المركزي الأوروبي» أن أسعار الفائدة المنخفضة قد دفعت بالطلب على قروض الشركات، رغم أن الاستثمارات لم يكن لها تأثير ملحوظ. وبالنسبة إلى العملاء الأفراد، كان ارتفاع الطلب مدفوعاً بانخفاض أسعار الفائدة وتحسن آفاق سوق الإسكان. وتشير التوقعات إلى ارتفاع إضافي في الطلب الصافي عبر جميع قطاعات القروض، خصوصاً قروض الإسكان.


مقالات ذات صلة

الصين تتأهب لاضطرابات تجارية مع تهديدات ترمب الجمركية

الاقتصاد حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)

الصين تتأهب لاضطرابات تجارية مع تهديدات ترمب الجمركية

أعلنت وزارة التجارة الصينية، يوم الخميس، سلسلةً من التدابير السياسية التي تهدف إلى تعزيز التجارة الخارجية للبلاد.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد منظر عام لأفق مدينة عمان (رويترز)

الأردن يقر موازنة 2025 ويخفض العجز الأولي إلى 2%

أقر مجلس الوزراء الأردني مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2025، تمهيداً لإحالته إلى مجلس الأمة خلال الأيام المقبلة.

«الشرق الأوسط» (عمان)
الاقتصاد أعلام الاتحاد الأوروبي خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

«المركزي الأوروبي»: تصاعد التوترات التجارية يزيد المخاطر على الاستقرار المالي

خلص البنك المركزي الأوروبي، في تقريره نصف السنوي للاستقرار المالي، إلى أن تصاعد التوترات التجارية العالمية يشكل خطراً على اقتصاد منطقة اليورو.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

«غولدمان ساكس» يتوقع وصول «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6500 نقطة بنهاية 2025

توقع «غولدمان ساكس» أن يصل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6500 نقطة بحلول نهاية عام 2025، لينضم إلى «مورغان ستانلي».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد منظر عام لمدينة وهران الجزائرية (رويترز)

البنك الدولي: الجزائر تحقق نمواً 3.9 % في النصف الأول رغم انخفاض إنتاج المحروقات

أفاد تقرير البنك الدولي بعنوان «تقرير رصد الوضع الاقتصادي للجزائر: إطار عمل شامل لدعم الصادرات» بأن اقتصاد الجزائر سجل نمواً بنسبة 3.9 في المائة في النصف الأول.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
TT

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، إن المنظمة ستُشارك بقوة خلال فعاليات مؤتمر الأطراف «كوب 16» لمواجهة التصحر، الذي ينعقد في السعودية مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنه يتوقع خروج المؤتمر -وهو الأول من نوعه الذي يعقد في منطقة الشرق الأوسط- بمخرجات مهمة.

تعليقات الواعر جاءت على هامش لقاء «مائدة مستديرة»، أعده المكتب الإقليمي لـ«فاو» في مقره بالعاصمة المصرية، القاهرة، بحضور ممثلين محدودين لوسائل إعلام مختارة، وذلك لشرح شكل مشاركة المنظمة في المؤتمر المقبل، وتأكيد أهمية ما يُعرف باسم «ثالوث ريو» (Rio trio)، وهي الاتفاقية التي تربط مؤتمرات الأطراف الثلاثة لحماية الأرض التابعة للأمم المتحدة في مجالات تغيُّر المناخ، وحماية التنوع البيئي، ومكافحة التصحر.

وقالت فداء حداد، مسؤول برامج إعادة تأهيل الأراضي والتغيُّر المناخي في منظمة الفاو، إن اتفاقيات الأطراف الثلاثة غاية في الأهمية والتكامل، وإن المؤتمر المقبل في السعودية سيركز على الأراضي والمياه، وإعادة تأهيلهما والإدارة المستدامة لهما.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وأشارت فداء حداد إلى أن نحو 90 بالمائة من منطقة الشرق الأوسط تعاني الجفاف، إلا أنه على الرغم من ذلك، تمكَّنت المجتمعات المحلية والحكومات العربية في كثير منها في اتخاذ إجراءات لمواجهة الجفاف والتصحر.

وكشفت فداء حداد أن «فاو» نجحت للمرة الأولى في وضع موضوع النظم الغذائية على أجندة اجتماعات مؤتمر الأطراف لمواجهة التصحر، الذي يعقد في السعودية، لتتم مناقشة أهمية إعادة تأهيل الأراضي في تحسين السلاسل الغذائية وأنظمتها.

من جانبه، أوضح الواعر أن «فاو» لديها دور كبير في تحقيق الهدف الثاني الأممي من أهداف التنمية المستدامة، وهو القضاء على الجوع، ومن ثم فهي تشارك بقوة وفاعلية في مؤتمرات الأطراف لمواجهة تغيُّر المناخ والتصحر وحماية التنوع، التي تخدم ذات الهدف.

وأكد الواعر أن المنظمة تحاول إبراز دور الغذاء والزراعة وتحول النظم، بحيث تكون أكثر شمولاً وكفاءة واستدامة، من أجل تحقيق إنتاج وتغذية أفضل لحياة أفضل، مشيراً إلى نجاح المنظمة في إدخال هذه الرؤية إلى أجندة الاتفاقيات الثلاث التي تهدف لحماية الأرض، والإسهام مع عدد من الدول المستضيفة في بعض المبادرات.

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

وأضاف المسؤول الأممي أن هناك تواصلاً كبيراً مع السعودية لدعم بعض المبادرات خلال استضافتها «كوب 16»، خصوصاً أن هذه الاستضافة تعد مهمة جدّاً من أجل دول المنطقة، كونها الأكثر معاناة فيما يتعلق بندرة المياه والجفاف والتصحر، إلى جانب مشكلات الغذاء والزراعة وغيرهما... ولذا فإن أمام هذه الدول فرصة لعرض الأزمة وأبعادها والبحث عن حلول لها، وإدراجها على لوائح المناقشات، ليس في الدورة الحالية فقط؛ ولكن بشكل دائم في مؤتمرات «كوب» التالية.

وأكد المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، أن العالم حالياً أكثر انتباهاً واهتماماً بمشكلة التصحر، لكونها بدأت في غزو مناطق لم يسبق لها أن شهدتها في تاريخها أو تصورت أن تشهدها، على غرار جنوب أوروبا أو مناطق في أميركا اللاتينية مثلاً، وهذه الدول والمناطق بدأت تلاحظ زحف التصحر وانحسار الأراضي الزراعية أو الغابات بشكل مقلق، ومن ثم بدأت النظر إلى المنطقة العربية تحديداً لتعلُّم الدروس في كيفية النجاة من هذه الأزمة عبر قرون طويلة.

وأفاد الواعر بأن «فاو» ستشارك في «كوب 16» بجناحين، أحدهما في المنطقة الزرقاء والآخر في المنطقة الخضراء، وذلك حتى يتسنى للمنظمة التواصل مع الحكومات، وكذلك الأفراد من المجتمع المدني ورواد المؤتمر.

كما أوضح أن «فاو»، بالاتفاق مع السعودية والأمم المتحدة، ستقوم بقيادة التنسيق في يومي «الغذاء» و«الحوكمة» يومي 5 و6 ديسمبر، إضافة إلى مشاركتها القوية في كل الأيام المتخصصة الباقية خلال فعاليات «كوب 16» لمكافحة التصحر.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وحول أبرز الموضوعات والمحاور التي جرى إدراجها للنقاش في أروقة «كوب 16» بالرياض، أوضح الواعر أن من بينها «الاستصلاح والإدارة المستدامة للأراضي» في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، والتي تعد مسألة مهمة وأساسية في محاولة استرجاع وإعادة تأهيل الأراضي المضارة نتيجة التصحر، خصوصاً من خلال المبادرات المتعلقة بزيادة رقعة الغابات والمناطق الشجرية، على غرار المبادرات السعودية الخضراء التي تشمل خطة طموحاً لمحاولة زراعة 50 مليار شجرة بالمنطقة العربية.