الدولار يتراجع بعد بيانات قوية للوظائف وتوترات الشرق الأوسط

أوراق نقدية من فئة مائة دولار أميركي (رويترز)
أوراق نقدية من فئة مائة دولار أميركي (رويترز)
TT

الدولار يتراجع بعد بيانات قوية للوظائف وتوترات الشرق الأوسط

أوراق نقدية من فئة مائة دولار أميركي (رويترز)
أوراق نقدية من فئة مائة دولار أميركي (رويترز)

تراجع الدولار يوم الاثنين، بعد موجة صعود شهدها في أعقاب بيانات الوظائف الأميركية القوية يوم الجمعة، وتصعيد الصراع في الشرق الأوسط. وجاءت مكاسب الدولار بعد تقرير الوظائف الذي أظهر أكبر قفزة في 6 أشهر في سبتمبر (أيلول)، مع انخفاض معدل البطالة وارتفاع الأجور بشكل ملحوظ، مما يشير إلى اقتصاد قوي، ويجبر الأسواق على تقليل توقعاتها بشأن خفض أسعار الفائدة، من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

وقال محللون إن العوامل التي أثقلت كاهل الدولار خلال الصيف قد بدأت في الانعكاس، مشيرين إلى تلاشي مخاوف الركود وتغير الأسعار، مما يدل على أن حدود تسعير التوجه الحمائمي قد وصلت مع هذه البيانات، وفق «رويترز».

وعلق استراتيجي النقد الأجنبي في «آي إن جي»، فرانشيسكو بيسول، قائلاً: «لا نجد دافعاً لإعادة بناء مراكز البيع القصيرة للدولار الأميركي في الأسبوعين المقبلين». وأضاف: «يبدو أن الأسواق قد تخلت عن توقعات خفض إضافي بمقدار 50 نقطة أساس، ومن غير المرجح أن تؤثر أرقام التضخم على ذلك، في حين أن الوضع في الشرق الأوسط قد لا يتفاقم أكثر، مما يعزز توافق الآراء على أن التهدئة الفعلية غير مرجحة في الوقت الحالي».

وانخفض مؤشر الدولار بنسبة 0.05 في المائة ليصل إلى 102.48، بعد أن ارتفع بنسبة 0.5 في المائة يوم الجمعة إلى أعلى مستوى له في 7 أسابيع، محققاً مكاسب تزيد على 2 في المائة على مدار الأسبوع، وهو الأكبر له في عامين. ويشير تقرير «MUFG» إلى أن هذه هي المرة الثانية التي يقترب فيها مؤشر الدولار من مستوى الدعم عند 100 في السنوات الأخيرة. في المرة الأخيرة، في يوليو (تموز) 2023، اختبر المؤشر هذا المستوى لكنه فشل في الاختراق، ليحقق انتعاشاً قوياً (+7.8 في المائة) في الأشهر الثلاثة التالية.

وشهد الين الياباني انخفاضاً طفيفاً ليصل إلى 149.10 مقابل الدولار، وهو أضعف مستوى له منذ 16 أغسطس (آب)، قبل أن يقلل خسائره ليتداول عند نحو 148.40. وجاء هذا الانخفاض بعد تراجع بنسبة تزيد على 4 في المائة الأسبوع الماضي، وهو أكبر انخفاض أسبوعي له منذ أوائل عام 2009.

وذكر رئيس الأبحاث في شركة السمسرة الأسترالية عبر الإنترنت «بيبرستون»، كريس ويستون، أن «استمرار خفض أسعار الفائدة يمثل الوضع الافتراضي، ومع التوقعات المتفائلة للأرباح، ودخول الصين في سياسات مالية مرنة، فإن حالة صعود الأسهم والدولار الأميركي تتلقى دعماً».

ورغم أن العناوين الجيوسياسية وإمكانية حدوث صدمة في إمدادات الطاقة تظل تهديداً للمشاعر، فإن المتداولين الميالين للمخاطرة لم يشهدوا أحداثاً مؤثرة خلال عطلة نهاية الأسبوع، مما دفعهم للدخول في أسبوع التداول الجديد بآمال متزايدة.

وفي الشرق الأوسط، استهدفت إسرائيل مواقع تابعة لـ«حزب الله» في لبنان وقطاع غزة يوم الأحد، قبيل الذكرى السنوية الأولى لهجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول) التي أشعلت الحرب. كما صرح وزير الدفاع الإسرائيلي بأن جميع الخيارات مفتوحة للرد على إيران، العدو اللدود.

واستقر اليورو عند 1.0970 دولار، منخفضاً بنسبة 0.06 في المائة. ويرجع ضعف أداء الين أيضاً إلى تصريحات رئيس الوزراء الجديد شيجيرو إيشيبا الأسبوع الماضي، والتي أثارت التوقعات بأن رفع أسعار الفائدة في اليابان قد يكون بعيداً.

وبلغت عائدات سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات أعلى مستوياتها في شهرين عند 3.9920 في المائة خلال التداولات المبكرة في لندن. ومع ذلك، قدر بنك باركليز أن لديها مجالاً للارتفاع بنحو 20 نقطة أساس حتى بعد احتساب أسوأ السيناريوهات الاقتصادية السلبية.

وتتوقع الأسواق أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس فقط في نوفمبر (تشرين الثاني)، بدلاً من 50 نقطة، بعد صدور بيانات الوظائف. ووفقاً لأداة «فيد ووتش» تُقدّر الأسواق الآن احتمالات بنسبة 95 في المائة لخفض ربع نقطة، ارتفاعاً من 47 في المائة قبل أسبوع، واحتمالات بنسبة 5 في المائة لعدم الخفض على الإطلاق.

وقال الخبير الاقتصادي في «إس إم بي سي» في سنغافورة، ريوتا آبي: «سيظل الدولار مقابل الين عند مستوى 145- 149 في الأسابيع المقبلة بسبب انخفاض التوقعات لخفض كبير من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي في نوفمبر، والموقف الحمائمي لرئيس الوزراء الياباني قبيل الانتخابات العامة في 27 أكتوبر، ما دامت التوترات في الشرق الأوسط مستمرة على حالها».

واستقر الجنيه الإسترليني أيضاً عند مستوى 1.3122 دولار، بعد انخفاضه بنسبة 1.9 في المائة الأسبوع الماضي، وهو أكبر انخفاض له منذ أوائل عام 2023. وذكر كبير خبراء الاقتصاد في بنك إنجلترا، هيو بيل، يوم الجمعة، أن المصرف المركزي يجب أن يتحرك تدريجياً فقط مع خفض أسعار الفائدة، وذلك بعد يوم من تصريحات المحافظ أندرو بيلي، بأن بنك إنجلترا قد يتخذ خطوات أكثر عدوانية لتقليل تكاليف الاقتراض.


مقالات ذات صلة

رغم الارتفاع... الذهب يتجه لتسجيل أكبر انخفاض شهري في عام

الاقتصاد سبائك ذهبية في مصنع «أويغوسا» لفصل الذهب والفضة في فيينا (رويترز)

رغم الارتفاع... الذهب يتجه لتسجيل أكبر انخفاض شهري في عام

ارتفعت أسعار الذهب، يوم الجمعة، بدعم من ضعف الدولار وتصاعد التوترات الجيوسياسية، لكنها لا تزال على مسار تسجيل أكبر انخفاض شهري في أكثر من عام بعد فوز ترمب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مكاتب الصرافة ترفض التعامل على فئتي 50 و100 دولار من الطبعة القديمة المعروفة بـ«الدولار الأبيض» بسبب ادعاءات حول عمليات تزييف (أ.ب.أ)

تركيا: وقف التعامل على «الدولار الأبيض» بعد ادعاءات عن عمليات تزييف

تعيش الأسواق في تركيا على وقع أزمة تتعلق بامتناع البنوك وشركات الصرافة عن التعامل بالدولار القديم المطبوع بين عامي 2003 و2006 المعروف بـ«الدولار الأبيض».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد رسم بياني لمؤشر الأسهم الألمانية «داكس» في بورصة فرانكفورت (رويترز)

الأسهم الأوروبية ترتفع بدعم صعود الدولار وتراجع التداولات قبيل عيد الشكر

ارتفعت الأسهم الأوروبية مع ارتفاع الدولار، الخميس، بعد هبوطها في اليوم السابق، في حين تراجعت الأسهم الآسيوية مع تراجع أحجام التداول قبل عطلة عيد الشكر.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة، لندن )
الاقتصاد دولارات أميركية وعملات أخرى في صندوق تبرعات بمطار بيرسون الدولي بتورنتو (رويترز)

«الرسوم الجمركية» تهبط بالدولار

هبط الدولار مقابل عملات رئيسة أخرى إلى أدنى مستوى في أسبوع وسط ازدياد حذر المتعاملين تجاه تعهدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أوراق نقدية بقيمة 100 دولار أميركي (رويترز)

تعهدات ترمب بفرض تعريفات جمركية تدفع الدولار للارتفاع

ارتفع الدولار الأميركي بعد أن أعلن الرئيس المنتخب دونالد ترمب عن خطط لفرض تعريفات جمركية على المنتجات القادمة إلى الولايات المتحدة من المكسيك وكندا.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
TT

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)

سيذهب الغانيون إلى صناديق الاقتراع في السابع من ديسمبر (كانون الأول) لاختيار رئيس جديد وبرلمان، في انتخابات تراقبها الأوساط الاستثمارية من كثب لتحديد كيفية توجيه الفائز للاقتصاد الذي يخرج من مرحلة تعثر في سداد الديون.

المتنافسون الرئيسيون لاستبدال الرئيس نانا أكوفو - أدو، البالغ من العمر 80 عاماً، الذي يتنحى بعد ولايتين على رأس دولة تنتج الذهب والكاكاو، هما الرئيس السابق جون دراماني ماهاما ونائب الرئيس الحالي محامودو باوميا. كما أن هناك 11 مرشحاً آخرين يتنافسون على المنصب، وفق «رويترز».

ما الذي يركز عليه المستثمرون؟

وصلت غانا إلى نهاية عملية إعادة هيكلة الديون الطويلة والمعقدة؛ حيث أعادت الحكومة هيكلة 13 مليار دولار من السندات الدولية بوصف ذلك جزءاً من خطة أوسع لخفض الديون بنحو 4.7 مليار دولار وتوفير نحو 4.4 مليار دولار من تخفيف السيولة خلال برنامج صندوق النقد الدولي الحالي الذي يستمر حتى عام 2026.

ومع بقاء الخطوة الأخيرة المتمثلة في التوصل إلى اتفاق مع الدائنين التجاريين غير الأوروبيين، فإن المستثمرين يقومون بالفعل بتقييم فترة ما بعد الانتخابات لمعرفة ما إذا كان الفائز سوف يستمر في الإصلاحات الاقتصادية اللازمة لضمان استدامة الديون. وتعهد ماهاما (65 عاماً)، الذي يتصدر العديد من استطلاعات الرأي، بمحاولة إعادة التفاوض على شروط اتفاق صندوق النقد الدولي لتأمين المزيد من التمويل. ووعد أيضاً بتعديل القانون لوضع سقف للدين العام يتراوح بين 60 و70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لمنع الاقتراض المفرط.

ومع ذلك، فإن فترة رئاسته السابقة (2012 - 2017) شهدت زيادة ملحوظة في الاقتراض للاستثمار في مشاريع البنية التحتية مثل الطرق، ما أوقعه في انتقادات بسبب نقص الكهرباء وارتفاع التضخم.

من جانبه، يتبنى بوميا (61 عاماً) شعاراً يتمثل في تحديث الاقتصاد من خلال الرقمنة، وخفض الضرائب، وتعزيز الانضباط المالي بهدف رفع النمو السنوي إلى متوسط ​​6 في المائة. وتعهد أيضاً بتحديد الإنفاق العام بنسبة 105 في المائة من عائدات الضرائب في العام السابق، وتقديم خطة ضريبية ثابتة، ونقل 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من الإنفاق العام إلى القطاع الخاص لتوفير البنية الأساسية العامة.

هل يمكن للفائز إعادة التفاوض على برنامج صندوق النقد الدولي؟

من الشائع أن يلجأ القادة الجدد إلى صندوق النقد الدولي لمراجعة البرامج القائمة، كما حدث مؤخراً في سريلانكا. ويقول صندوق النقد الدولي، الذي يعد مقرض الملاذ الأخير لغانا في إعادة هيكلة ديونها بموجب الإطار المشترك لمجموعة العشرين، إن تركيزه الأساسي هو دعم الحكومة في استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي مع تمكين استدامة الدين والنمو الشامل. وقد وافق الصندوق حتى الآن على الأداء الاقتصادي لغانا في إطار برنامج قروضه الحالي البالغة قيمته 3 مليارات دولار.

ويؤكد الصندوق أنه يمكن تعديل برنامج غانا الحالي؛ حيث يتم تطوير برامج الإصلاح المدعومة من الصندوق بالتعاون مع الحكومات وتتم مراجعتها بشكل دوري. ومع ذلك، يجب أن تؤخذ أي مناقشات في الاعتبار مع ضرورة الحفاظ على قدرة البلاد على تحقيق الأهداف الاقتصادية المنشودة.

ما القضايا الاقتصادية الأخرى التي تؤثر في الانتخابات؟

سيتعين على الفائز في الانتخابات أن يعالج عدداً من القضايا الملحة، بما في ذلك أزمة تكاليف المعيشة، والبطالة المتفشية، وارتفاع الأسعار، وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر. ويخطط حزب ماهاما (المؤتمر الوطني الديمقراطي) لزيادة الإنفاق الحكومي في القطاعات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم، فضلاً عن تعزيز البنية الأساسية لدعم النمو وخلق فرص العمل، إذا فاز في الانتخابات.

أما حزب باوميا (الحزب الوطني الجديد) فيرغب في تحسين استقرار الاقتصاد من خلال خفض التضخم وجذب الاستثمارات الخاصة. وستواجه أي من الحكومات المقبلة خيارات محدودة في ظل العبء الثقيل للديون، وفقاً لتقرير «أكسفورد إيكونوميكس». وأظهرت تحليلات أن وعود ماهاما خلال الحملة الانتخابية بتحسين الظروف الاقتصادية للأفراد والأسر قد تجد نفسها في اختبار حقيقي نتيجة الحاجة إلى موازنة هذه الوعود مع مطالب صندوق النقد الدولي بالتحلي بضبط الإنفاق المالي.

السلع الأساسية على المحك

سيتعين على الحكومة الجديدة التعامل مع عملية الترخيص لمشاريع النفط والغاز الجديدة؛ حيث انخفض الإنتاج، الذي بدأ في عام 2010، في السنوات الخمس التي سبقت عام 2024. ويخطط ماهاما لمنح السكان المحليين المزيد من الملكية في مشاريع النفط والتعدين المستقبلية إذا فاز.

ويحتاج قطاع الكاكاو أيضاً إلى اهتمام عاجل. وانخفض الإنتاج في ثاني أكبر منتج للكاكاو في العالم إلى أدنى مستوى له منذ 20 عاماً، بسبب تدني أجور المزارعين، وأمراض النبات، وتهريب الحبوب، والتعدين غير القانوني الذي يدمر المزارع. وسوف تكون سوق الكاكاو العالمية مهتمة بشدة بمعرفة ما إذا كان الرئيس الجديد سينفذ مقترحات صندوق النقد الدولي لإجراء إصلاحات شاملة في القطاع، وما إذا كان نموذج التسويق الجديد الذي حل محل قروض الكاكاو المجمعة التي سادت لأكثر من ثلاثة عقود سوف يستمر.