التضخم يظهر بوضوح على موائد المصريين

معدل متوقَّع عند 27 % للنصف الثاني من العام

امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
TT

التضخم يظهر بوضوح على موائد المصريين

امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

«مافيش بيض يا ماما على الفطار... أو حتى خضار... جبنة وعيش بس؟».

هكذا أبدى الطفل يوسف اندهاشه من المائدة التي كانت في يوم من الأيام تمتلئ بأنواع كثيرة من الطعام الصحي. لكن الأم ردت بتلقائية: «البيضة مش كل يوم، (البيضة) بقت بـ7 جنيه، والجبنة فيها فيتامينات اللبن».

تستطيع أن تشعر بتضخم الأسعار في مصر بمجرد أن تجلس على مائدة إفطار أو غداء أو عشاء، إذ تقلص عدد الأصناف بدرجة كبيرة. كما انعكس هذا على موائد المطاعم أيضاً، التي بدأت هي الأخرى في تقليل الأصناف والأحجام، لتخفيض الأسعار نسبياً أو ثباتها على الأقل، من خلال «عروض موسمية» لفترة محدودة.

ارتفع معدل التضخم السنوي في المدن المصرية، لأول مرة منذ 5 أشهر، إلى 26.2 في المائة في أغسطس (آب) من 25.7 في المائة في يوليو (تموز). حسبما أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر.

ويعني ارتفاع معدل التضخم بنسبة 26 في المائة أن الأسعار ترتفع بأكثر من الربع على إجمالي المصروفات سنوياً، وهو ما لم ينعكس على معدلات الأجور في مصر بنفس النسبة.

وهذا ما حاولت الأم إيصاله لابنها البالغ 10 سنوات، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «ارتفاع الأسعار قلص عدد أصناف الطعام، وبالتالي الفيتامينات التي يجب أن تقدَّم للطفل في هذه السن... ودائماً ما يشتكون من هذا.. لذلك اضطررت إلى أن ألجأ إلى أصناف (الأكل الكدّابة)! للتغلب على هذه الشكوى... هذا كل ما أستطيع أن أفعله!».

اشتهر في مصر خلال الفترة الحالية بعض الأكلات المسماة «الوجبات الكدّابة»، للتغلب على ارتفاع الأسعار، مثل «البانيه الكدَّاب»، وهو عبارة عن كمية صغيرة من الفراخ البانيه يُزاد حجمها بخلطها بالبطاطس المسلوقة والدقيق، لتعطي مذاقاً مقارباً للفراخ البانيه؛ وباقي الأصناف المرتفعة في الأسعار تقلَّد على نفس المنوال. ولجأت الأمهات إليها مؤخراً للتغلب على ارتفاع الأسعار بعد زيادة «شكوى الأولاد من ساندويتشات زملائهم في المدرسة»، وفقاً لأم الطفل يوسف، الأربعينية، خريجة التجارة.

بلغ الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين في إجمالي الجمهورية 231.1 نقطة لشهر أغسطس 2024، مسجلاً بذلك تضخماً شهرياً قدره 1.9 في المائة.

ويرجع ذلك إلى ارتفاع مجموعة الخضراوات بنسبة 14.3 في المائة، ومجموعة خدمات النقل بنسبة 14.9 في المائة، ومجموعة خدمات البريد بنسبة 6 في المائة، ومجموعة الأجهزة المنزلية بنسبة 2.8 في المائة، ومجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 2.1 في المائة، ومجموعة خدمات المستشفيات بنسبة 2.8 في المائة، ومجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 1.4 في المائة، ومجموعة الفاكهة بنسبة 0.9 في المائة، ومجموعة المياه المعدنية والغازية والعصائر الطبيعية بنسبة 1.7 في المائة، ومجموعة الملابس الجاهزة بنسبة 1.2 في المائة.

وانخفض الجنيه المصري أمام الدولار من 30.91 جنيه في مارس (آذار) الماضي، إلى نحو 48.5 جنيه، بتراجع نحو 60 في المائة، وهو ما سمح باتفاق مع صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار.

ونتيجة لذلك، رفعت الحكومة أسعار عدد كبير من المنتجات المدعومة للسيطرة على عجز الموازنة الذي بلغ 505 مليارات جنيه (10.3 مليار دولار) في السنة المالية المنتهية في 30 يونيو (حزيران) الماضي.

ومع اعتزام الحكومة استمرار رفع الأسعار أو بالأحرى رفع الدعم من السلع المدعومة، حتى نهاية عام 2025، من المتوقع أن يبقى التضخم بعيداً عن نطاق البنك المركزي المصري المستهدَف عند 7 في المائة (+/- 2 في المائة).

ومن المقرر أن يعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر أرقام التضخم لشهر أغسطس يوم الخميس المقبل.

وتتوقع مؤسسة «فيتش سوليوشنز» أن يظل معدل التضخم السنوي في مصر ثابتاً في النصف الثاني من العام الجاري، بمتوسط 27 في المائة على أساس سنوي، نتيجة الزيادات المقررة في أسعار الكهرباء والوقود والمنتجات الغذائية. متوقعةً تراجع المعدل السنوي للتضخم إلى أقل من 20 في المائة بحلول فبراير (شباط) 2025.

وقررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركزي المصري، خلال اجتماعها الأخير، الإبقاء على أسعار الفائدة للإيداع والإقراض دون تغيير عند 27.25 و 28.25 في المائة بالترتيب، وهذا ما يزيد قليلاً على معدل التضخم السنوي المسجل لشهر أغسطس الماضي.

وتنعكس معدلات التضخم ليس على موائد المصريين فقط، بل على أعمالهم أيضاً، فقد أظهر مؤشر «بارومتر الأعمال»، التابع للمركز المصري للدراسات الاقتصادية، أنه «لا تزال التحديات المرتبطة بارتفاع التضخم تتصدر قائمة المعوقات بالنسبة لجميع الشركات خلال الربع الثاني من العام الجاري، يليها في المرتبة الثانية الارتفاع المستمر في تكاليف الطاقة والمياه، والذي يمثل عبئاً إضافياً على الشركات خصوصاً في ظل توجهات الحكومة لرفع دعم الطاقة كلياً».


مقالات ذات صلة

الدولار… صداع مزمن يقض مضاجع المصريين

شمال افريقيا مصريون يسيرون أمام مكتب صرافة في القاهرة (أ.ب)

الدولار… صداع مزمن يقض مضاجع المصريين

تنعكس أي زيادة في سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري بصورة مباشرة على زيادة أسعار السلع والخدمات، في ظل اعتماد مصر على مواد مستورَدة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد عمليات تطوير وإنشاء مبانٍ حديثة بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

القطاع الخاص المصري يواصل الانكماش رغم ارتفاعه في أكتوبر

واصل أداء القطاع الخاص غير النفطي في مصر تراجعه في أكتوبر، وذلك في وقت تسببت ضغوط التكلفة المرتفعة في كبح أحجام الطلبيات الجديدة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا والوفد المرافق (رئاسة الجمهورية)

مصر: المراجعة الرابعة لبرنامج صندوق النقد تبدأ الثلاثاء

قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، اليوم (الأحد)، إن المراجعة الرابعة لبرنامج صندوق النقد الدولي مع البلاد ستبدأ يوم الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وكريستالينا غورغييفا مديرة صندوق النقد (أرشيفية - رويترز)

السيسي يدعو مديرة صندوق النقد إلى «مراعاة التحديات»

أعرب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن تطلع بلاده لاستكمال التعاون مع صندوق النقد الدولي، والبناء على ما تَحقَّق «بهدف تعزيز استقرار الأوضاع الاقتصادية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

«فيتش» ترفع تصنيف مصر إلى «بي» لأول مرة منذ 5 سنوات

رفعت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني، للمرة الأولى منذ مارس (آذار) عام 2019، تصنيف الديون طويلة الأجل لمصر بدرجة واحدة من «B -» إلى«B»، مشيدة بعدد من التحسينات.


بعد فوز ترمب... ثروة إيلون ماسك تتجاوز 300 مليار دولار

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (يمين) يتحدث خلال تجمع انتخابي إلى جانب دونالد ترمب (رويترز)
الملياردير الأميركي إيلون ماسك (يمين) يتحدث خلال تجمع انتخابي إلى جانب دونالد ترمب (رويترز)
TT

بعد فوز ترمب... ثروة إيلون ماسك تتجاوز 300 مليار دولار

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (يمين) يتحدث خلال تجمع انتخابي إلى جانب دونالد ترمب (رويترز)
الملياردير الأميركي إيلون ماسك (يمين) يتحدث خلال تجمع انتخابي إلى جانب دونالد ترمب (رويترز)

تجاوزت القيمة الصافية لثروة الملياردير الأميركي إيلون ماسك 300 مليار دولار لأول مرة منذ ما يقرب من ثلاث سنوات؛ إذ ارتفعت أسهم «تسلا» على خلفية الرهانات على أن علاقاته الوثيقة بالرئيس المنتخب دونالد ترمب ستعزز أرباح الشركة.

لقد أضاف ماسك المزيد إلى ثروته الشخصية منذ فوز ترمب أكثر من أي شخص آخر يتتبعه مؤشر «بلومبرغ» للمليارديرات.

وقفز سهم «تسلا» بنسبة 28 في المائة منذ إغلاق يوم الثلاثاء، مما زاد ثروته بمقدار 50 مليار دولار إلى 313.7 مليار دولار.

واقترح ترمب علناً خطوات من شأنها أن تفيد أعمال ماسك. وقال إنه سيعيد النظر في خططه لإبطاء الانتقال إلى المركبات الكهربائية بسبب الدعم الذي تلقاه من المؤسس المشارك لـ«تسلا». كما أعرب ترمب عن دعمه لشركة «سبيس إكس» التي تشكل 82 مليار دولار من صافي ثروة ماسك، ودفعها للوصول إلى المريخ.

وقد طرح الرئيس المنتخب فكرة أن يخدم ماسك في دور تم إنشاؤه حديثاً في إدارته الجديدة. قال دان إيفز، محلل شركة «ويدبوش» للأوراق المالية، يوم الخميس، على قناة «بلومبرغ» التلفزيونية: «كان أحد أفضل الرهانات الاستراتيجية التي وضعها على الإطلاق، هذا الرهان على ترمب... ماسك هو الفائز الأكبر في هذه المسابقة».

دخل ماسك في وقت متأخر إلى الحملة الرئاسية لترمب؛ إذ شارك جنباً إلى جنب مع المرشح الجمهوري في الأسابيع التي سبقت الانتخابات، وقام بتمويل مسابقة يومية بقيمة مليون دولار للناخبين في الولايات المتأرجحة. أصبح جزءاً من الدائرة الداخلية لترمب؛ إذ أمضى ليلة الانتخابات إلى جانبه في مارالاغو في بالم بيتش.

وماسك، البالغ من العمر 53 عاماً، هو الشخص الوحيد الذي تجاوزت ثروته 300 مليار دولار، وهو رقم وصل إليه آخر مرة في يناير (كانون الثاني) 2022، وفقاً لمؤشر «بلومبرغ» للثروات. لا يزال ذلك أقل من أعلى مستوى وصل له على الإطلاق؛ عند 340.4 مليار دولار عام 2021.

حتى قبل الانتخابات، كان صافي ثروة ماسك في ارتفاع، مع إضافة أرباح «تسلا» القوية في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) 34 مليار دولار إلى ثروته في يوم واحد.

وترتبط معظم ثروة ماسك بـ«تسلا»، أكبر شركة مصنّعة للسيارات الكهربائية في العالم، والتي تعتمد آفاقها بشكل كبير على الحكومة الفيدرالية.

وقال ترمب في تجمع حاشد في أتلانتا: «أنا مع السيارات الكهربائية. يجب أن أكون كذلك؛ لأن إيلون ماسك أيّدني بقوة».