من المحتمل أن يتجنب بنك إنجلترا الانضمام إلى موجة تخفيضات أسعار الفائدة هذا الشهر، إلا أن اجتماعه المقرر يوم الخميس سيظل ذا أهمية كبيرة؛ إذ سيُسلط الضوء على التفاعل الدقيق بين بنك إنجلترا ووزارة الخزانة البريطانية.
ويبدو بنك إنجلترا متردداً في تنفيذ خفضه الثاني لأسعار الفائدة هذا العام، ويرجع ذلك جزئياً إلى التساؤلات حول مدى توافق بيان الموازنة الذي ستصدره الحكومة البريطانية الجديدة الشهر المقبل مع توجهاتها بشأن التضخم والنمو خلال العام المقبل، وفق «رويترز».
وتشير تلميحات الحكومة البريطانية حتى الآن إلى أنها ستقدم موازنة تقشفية. ومن شأن هذا أن يساعد بنك إنجلترا في جهوده للتغلب على «الميل الأخير» من تخفيضات التضخم في الخدمات والأجور، وقد يمهّد الطريق لتسريع وتيرة التيسير النقدي في المستقبل.
وربما ينتهي الأمر ببنك إنجلترا إلى رد الجميل، سواء كان يقصد ذلك أم لا. ومن المقرر أن يعلن البنك عن هدفه للعام المقبل بتقليص الموازنة العمومية، التي تعرضت لضغوط شديدة بسبب جائحة «كوفيد-19»، بما في ذلك سندات الحكومة البريطانية. ويعد هذا البرنامج، المعروف باسم «التشديد الكمي»، منفصلاً من الناحية الفنية عن سياسة أسعار الفائدة، وهو البرنامج الذي يأمل بنك إنجلترا أن يتم تمريره دون كثير من الإشعار أو الاضطراب.
ومع ذلك، قد يكون من الصعب تمرير إعلان بنك إنجلترا بشأن السياسة النقدية الجديدة بهدوء. وجزء من السبب وراء ذلك هو أن بنك إنجلترا كان من بين المصارف المركزية الكبرى القليلة التي قامت ببيع السندات بنشاط لتقليص ميزانيتها العمومية، ولم يسمح للديون بأن تنضج وتتلاشى بشكل طبيعي، كما فعل بنك الاحتياطي الفيدرالي أو المصرف المركزي الأوروبي.
وهذه المرة، هناك تحوّل في الحسابات، وهو ما ينبغي أن يؤثر على نشاط سوق السندات في بنك إنجلترا على مدى العام المقبل وحسابات حكومة حزب «العمال» الجديدة في موازنتها الأولى، التي طال انتظارها والمثيرة للجدل.
في الوقت الحالي، يتفق معظم السوق على أن بنك إنجلترا سوف يكرر هدف العام الماضي بتقليص ميزانيته العمومية بمقدار 100 مليار جنيه إسترليني (131.59 مليار دولار) على مدى الأشهر الاثني عشر المقبلة. وحتى الآن، تبدو الأمور بسيطة، وتتماشى مع الهدف المعلن لبنك إنجلترا في أن يكون قابلاً للتنبؤ.
ولكن المشكلة تكمن في أن العام المقبل سيشهد جدول استحقاق أكثر ثقلاً؛ لذا فإن استهداف خفض قدره 100 مليار جنيه إسترليني يعني أن مبيعات السندات الفعلية ستكون أقل بنسبة 75 في المائة عن العام الماضي.
ويعتقد المحللون أن نحو 13 مليار جنيه إسترليني (17.16 مليار دولار) من مبيعات السندات المطلوبة يمكن أن تكتمل بحلول نهاية العام، وهو ما قد يزيل بنك إنجلترا من موقعه بصفته بائعاً بالكامل لبقية العام المقبل.
ومن المرجح أن يكون هذا بمثابة أخبار جيدة لمستثمري السندات، ولكن أيضاً لمستشار الخزانة البريطاني.
لا توجد سندات
المشكلة في التشديد الكمي هي أنه يحبس الخسائر في تقييم السندات التي اشتراها بنك إنجلترا خلال فترة كانت فيها أسعار الفائدة عند الصِّفر، وهي الآن عند 5 في المائة، وهذا يعني أن أسعار تلك السندات انخفضت بشكل كبير.
وبما أن وزارة الخزانة تتحمل فعلياً خسائر بنك إنجلترا، فإن التشديد الكمي يعمل على تقليص الحيز المالي المتاح للحكومة.
صحيح أن هذه الحسابات قد لا تؤدي إلا إلى تغيير الفترات التي يتم فيها تسجيل الخسائر، ولكن هذه المساحة الإضافية قد تُشكل مساعدة كبيرة للحكومة الجديدة، التي تتعرض لضغوط لملء ما تصفه بالفجوة المالية الموروثة البالغة 20 مليار جنيه إسترليني (26.39 مليار دولار).