محافظ «المركزي السعودي»: النظام المالي تغير مع دخول شركات التقنية

مبادرات «رؤية 2030» أسهمت في تطوير البنية التحتية وازدهار القطاع

محافظ «البنك المركزي السعودي» أيمن السياري (تصوير: تركي العقيلي)
محافظ «البنك المركزي السعودي» أيمن السياري (تصوير: تركي العقيلي)
TT

محافظ «المركزي السعودي»: النظام المالي تغير مع دخول شركات التقنية

محافظ «البنك المركزي السعودي» أيمن السياري (تصوير: تركي العقيلي)
محافظ «البنك المركزي السعودي» أيمن السياري (تصوير: تركي العقيلي)

أكد محافظ «البنك المركزي السعودي» (ساما) أيمن السياري أن النظام المالي تغير بشكل كبير مع دخول شركات التقنية المالية «فنتك»، مشيراً إلى التحول الذي يشهده القطاع المصرفي في المملكة.

وقال إن المبادرات الوطنية ضمن «رؤية 2030» أسهمت مع الابتكارات الرقمية في ازدهار قطاع التقنية المالية وبنيته التحتية، إضافة إلى تحفيز نمو هذه الخدمات.

وأبان أن التقدم في التقنية الحوسبية مكّن من تطوير منتجات وخدمات متنوعة في القطاع، كما أدى وجود جيل شاب متنامٍ ومتصل للغاية إلى نمو سريع في الطلب على الخدمات المصرفية الاستهلاكية خصوصاً الرقمية.

ولفت إلى النمو القوي في النشاط الاقتصادي الذي دعم الطلب، وزاد جاذبية السوق لمزودي الخدمات بالمملكة.

وأضاف: «شهدنا مخرجات إيجابية ملحوظة من نمو حلول التقنيات المالية في المملكة، فقد لاحظنا توسع الوصول إلى النظام المالي، ومكتسبات الكفاءة بسرعة».

وتابع محافظ «المركزي» أن نمو قطاع التقنية المالية أسهم في تحقيق فوائد ملحوظة، منها توسيع الوصول إلى النظام المالي، وتحسين سرعة التعاملات المالية وتقليل تكلفتها.

وبيّن أن الجهود كافة أثمرت في نمو عدد شركات التقنية المالية السعودية بنسبة بلغت 57 في المائة من عام 2023 لتصل إلى إجمالي يبلغ 230 شركة، بنهاية الربع الثاني من العام الحالي.

وأكمل السياري أنه بإمكان صناعة التقنية المالية أن تكون لاعباً أكبر في القطاع المالي، وتسهم في دعم النمو الاقتصادي في المملكة.

وأوضح أن نظام «فنتك» يهدف إلى إنشاء توازن بين المرونة والحياة التمويلية ونموها الصحي.

وواصل أنه ظهرت مجموعة واسعة من قطاعات التقنية المالية بأنشطة قوية في نظام الدفع والتمويل، هذا النمو في الخدمات المركزية في الاقتصاد أدى إلى زيادة الدعم في المعاملات وحلول الدفع.

ونتيجة لذلك أشار السياري إلى ارتفاع نسبة المعاملات الرقمية للدفع خلال العام الماضي إلى 70 في المائة، نتيجة لجهود كثير من أصحاب المصلحة على مدى العقدين الماضيين، وتنويع القطاع المالي في المملكة أدى إلى تحفيز الطلب لخدمات المصرفية المفتوحة، حيث لدى البلاد أكثر من 12 مزوداً.

وأكد أن «ساما» يولي اهتماماً وثيقاً بالمخاطر التي قد تنشأ من تقديم نماذج أعمال جديدة للخدمات المالية أو عوامل الخطر الحالية.

وتابع أنه هناك أربعة مجالات، يكون هذا النهج فيها ذا صلة خاصة، تُعنى بالمحافظة على متانة الامتثال المالي، وحماية الأمن السيبراني، واستمرارية الأعمال، ووجود ضوابط كافية لحماية المستهلك ومنع الاحتيال، إضافة إلى وجوب إدارة الانتقال من نماذج الخدمات المصرفية التقليدية بعناية؛ لتجنب أي اضطرابات في النظام المالي العام.

وقال: «حتى نتمكن من تحقيق توازن مثالي بين هذه الاعتبارات وتمكين الابتكار، اتبعنا منهجية تستند إلى المخاطر، وإطار عمل يوفر منظومة المراقبة على الجهات الخاضعة لإشرافنا، وهذا النموذج يضع في الاعتبار تناسب المخاطر المترتبة على المستهلكين، وعلى المنظومة المالية ككل، وتسمح بالمرونة وسرعة الاستجابة للمخاطر».

وأضاف أن «ساما» يطبق عدة أدوات للقياس الكمي والنوعي على المخاطر المحتملة عند تقييم نماذج العمل هذه، بينما يستفيد من الدروس للمصارف المركزية الأخرى للاعتماد عليها في سياسته، ما بدوره يسمح للقطاع بأن يتأقلم ويتكيف بسرعة مع عوامل الضغط المحتملة في البيئة التشريعية وتوقعات المستهلكين.

وشدّد على أن المنظومة التشريعية، التي أطلقت عام 2018 تمكن الشركات الناشئة من اختبارات الحلول في البيئة المحيطة، وتضمن احتواء المخاطر، كما ساعدت على مدى السنوات الماضية في تطوير إطار العمل التشريعي والإشرافي، وتوفير الوضوح التشريعي لكل العاملين في هذا المجال.

في حين أبان السياري أهمية وحيوية المرونة وقوة النظام المالي لدعم النمو الاقتصادي، وبدور ذلك أن ينشئ بيئة مثالية للشركات الناشئة من خلال توفير رأس مالي قليل المخاطر مع القدرة على الاستثمار بنمو أكبر وبهامش خطأ أقل، ومن خلال هذا النهج، دعمت «سما» تطوير منظومة التقنيات المالية بهدف التأكد من الإنصاف في فرص السوق والبنية التحتية القابلة للوصول، وإنشاء منظومة تشريعية مرنة.

ولفت إلى أن صناعة التقنيات المالية لديها القدرة على لعب دور أكبر في إعادة تشكيل المشهد المستقبلي للقطاع المالي السعودي، حيث إنه من المحتمل أن تتميز الموجة المقبلة من التحول، بعد تعميق القطاع وتوسيعه، بأن تصبح التقنيات المالية محركاً للابتكار.


مقالات ذات صلة

«بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

عالم الاعمال «بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

«بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

تعود فعالية الأمن السيبراني الأبرز عالمياً «بلاك هات» في نسختها الثالثة إلى «مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات» ببلدة ملهم شمال العاصمة السعودية الرياض.

تكنولوجيا «غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة لتعزيز الخصوصية ومشاركة البيانات الصحية (غوغل)

«غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة

أطلقت «غوغل» النسخة التجريبية الأولية من آندرويد 16 للمطورين، وهي خطوة تمهد الطريق للتحديثات الكبيرة المقبلة في هذا النظام.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا «أبل» تؤكد مشكلة اختفاء الملاحظات بسبب خلل بمزامنة (iCloud) وتوضح خطوات استعادتها مع توقع تحديث (iOS) قريب (أبل)

اختفاء الملاحظات في أجهزة آيفون... المشكلة والحلول

وفقاً لتقرير رسمي من «أبل»، فإن المشكلة تتعلق بإعدادات مزامنة الآيكلاود (iCloud).

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا تمكنك «دورا» من تصميم مواقع ثلاثية الأبعاد مذهلة بسهولة تامة باستخدام الذكاء الاصطناعي دون الحاجة لأي معرفة برمجية (دورا)

صمم موقعك ثلاثي الأبعاد بخطوات بسيطة ودون «كود»

تتيح «دورا» للمستخدمين إنشاء مواقع مخصصة باستخدام الذكاء الاصطناعي عبر إدخال وصف نصي بسيط.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص يحول الذكاء الاصطناعي الطابعات من مجرد خدمة بسيطة إلى أداة أكثر ذكاءً واستجابة لحاجات المستخدمين (أدوبي)

خاص كيف يجعل الذكاء الاصطناعي الطابعات أكثر ذكاءً؟

تلتقي «الشرق الأوسط» الرئيسة العامة ومديرة قسم الطباعة المنزلية في شركة «إتش بي» (HP) لفهم تأثير الذكاء الاصطناعي على عمل الطابعات ومستقبلها.

نسيم رمضان (بالو ألتو - كاليفورنيا)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
TT

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن الرئيس المنتخب دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه الاقتصادي بنجاح، دون الانجرار إلى حرب تجارية شاملة أو تفاقم العجز الفيدرالي.

وحقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» زيادة تفوق 24 في المائة في عام 2024، مما جعله في الصدارة بين مؤشرات الأسهم في أوروبا وآسيا والأسواق الناشئة. وبمعدل 22 ضعفاً للأرباح المستقبلية المتوقعة، فإن علاوته مقارنة بمؤشر «إم إس سي آي» للأسواق من أكثر من 40 دولة، تعد الأعلى منذ أكثر من عقدين، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وعلى الرغم من أن الأسهم الأميركية قد تفوقت على نظيراتها العالمية لأكثر من عقد من الزمان، فإن الفجوة في التقييم قد اتسعت هذا العام بفضل النمو الاقتصادي المتين والأرباح القوية للشركات، لا سيما في قطاع التكنولوجيا، حيث ساعدت التطورات المثيرة في مجال الذكاء الاصطناعي على تعزيز أسهم شركات رائدة مثل «إنفيديا».

ويعتقد بعض المشاركين في السوق أن أجندة ترمب الاقتصادية، التي تشمل تخفيض الضرائب، وتخفيف القيود التنظيمية، وحتى فرض الرسوم الجمركية، قد تعزز من تفوق الولايات المتحدة، متفوقة على المخاوف المتعلقة بتأثيراتها المزعزعة المحتملة على الأسواق وزيادة التضخم.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأميركية في بنك «باركليز»، فينو كريشنا: «نظراً للتوجهات المؤيدة للنمو في هذه الإدارة الجديدة، أعتقد أنه سيكون من الصعب مواجهة الأسهم الأميركية، على الأقل في عام 2025». وكانت هناك مؤشرات على تزايد تفضيل المستثمرين للأسهم الأميركية مباشرة بعد الانتخابات التي جرت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما استقبلت صناديق الأسهم الأميركية أكثر من 80 مليار دولار في الأسبوع الذي تلا الانتخابات، في حين شهدت صناديق الأسهم الأوروبية والأسواق الناشئة تدفقات خارجة، وفقاً لبنك «دويتشه».

ويعد «مورغان ستانلي»، و«يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية، ومعهد الاستثمار «ويلز فارغو» من بين المؤسسات التي توصي بزيادة الوزن للأسهم الأميركية في المحافظ الاستثمارية أو تتوقع تفوقها في العام المقبل.

محرك الأرباح

أحد المحركات الرئيسية لقوة الأسهم الأميركية هو ميزة أرباح الشركات الأميركية، حيث من المتوقع أن ترتفع أرباح شركات «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 9.9 في المائة هذا العام وبنسبة 14.2 في المائة في 2025، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وفي المقابل، من المتوقع أن ترتفع أرباح الشركات في مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 1.8 في المائة هذا العام وبنسبة 8.1 في المائة في 2025.

وقال كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في «ستيت ستريت غلوبال أدفايزر»، مايكل أرون: «الولايات المتحدة تظل المنطقة الجغرافية التي تحقق أعلى نمو في الأرباح وأكبر قدر من الربحية على مستوى العالم».

ويسهم الدور المهيمن للشركات التكنولوجية العملاقة في الاقتصاد الأميركي، وأوزانها الكبيرة في مؤشرات مثل «ستاندرد آند بورز 500»، في تعزيز هذا النمو. إذ تبلغ القيمة السوقية لأكبر خمس شركات أميركية («إنفيديا» و«أبل» و«مايكروسوفت» و«أمازون دوت كوم» وألفابت) أكثر من 14 تريليون دولار، مقارنة بحوالي 11 تريليون دولار لجميع شركات «ستوكس 600»، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وعلى نطاق أوسع، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.8 في المائة في 2024 وبنسبة 2.2 في المائة في 2025، مقارنة بنسبة 0.8 في المائة هذا العام و1.2 في المائة في العام المقبل لمجموعة من حوالي 20 دولة تستخدم اليورو، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي.

وقد تساعد خطط ترمب لزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الولايات المتحدة في تعزيز هذا التفوق، رغم المخاطر التي قد تترتب على ذلك، وفقاً لما قاله مايك مولاني، مدير أبحاث الأسواق العالمية في «بوسطن بارتنرز»، الذي يفضل الأسهم الأميركية. وقال مولاني: «إذا فرض ترمب رسوماً جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على السلع الأوروبية، فإنهم سيتأثرون أكثر منا بشكل نسبي».

وقد دفع تحكم الجمهوريين في السلطة في واشنطن، ما يسهل على ترمب تنفيذ أجندته، اقتصاديي «دويتشه بنك» إلى رفع توقعاتهم لنمو الاقتصاد الأميركي في 2025 إلى 2.5 في المائة مقارنة بـ 2.2 في المائة.

وبينما من المتوقع أن تعزز تخفيضات الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية النمو الاقتصادي، فإن الهوامش الضيقة نسبياً في الكونغرس الأميركي وحساسية الإدارة تجاه ردود الفعل السوقية قد تحدان من نطاق بعض السياسات «المتطرفة»، مثل الرسوم الجمركية، كما ذكر البنك في تقريره الأخير.

من جانبه، يتوقع «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية أن يصل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6600 في العام المقبل، مدفوعاً بالتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وانخفاض أسعار الفائدة، وتخفيضات الضرائب، وإلغاء القيود التنظيمية. وأغلق المؤشر عند 5948.71 يوم الخميس. مع ذلك، قد تؤدي حرب تجارية شاملة مع الصين ودول أخرى إلى التأثير سلباً على نمو الاقتصاد الأميركي وزيادة التضخم. وفي سيناريو يتم فيه فرض دول ردود فعل على الرسوم الجمركية الأميركية الواسعة، قد ينخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 5100، رغم أن الأسهم العالمية ستتراجع أيضاً، وفقاً لتوقعات «يو بي إس».

ويمكن أن تكون بعض القطاعات في السوق أكثر عرضة لتأثيرات سياسات ترمب، حيث أدت المخاوف بشأن خطط تقليص الفائض البيروقراطي إلى تراجع أسهم شركات المقاولات الحكومية الأسبوع الماضي، بينما تراجعت أسهم شركات الأدوية بعد اختيار ترمب للمشكك في اللقاحات روبرت ف. كينيدي جونيور لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية.

كما قد تثير التخفيضات الضريبية الواسعة القلق بشأن زيادة الدين الأميركي. وقد أسهمت المخاوف المتعلقة بالعجز في تراجع بيع السندات الحكومية الأميركية مؤخراً، مما دفع عائد سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات إلى أعلى مستوى له في خمسة أشهر الأسبوع الماضي.

وفي الوقت نفسه، قد تصبح الفجوة في التقييم بين الولايات المتحدة وبقية العالم واسعة لدرجة تجعل الأسهم الأميركية تبدو باهظة الثمن، أو قد تصبح الأسهم الدولية رخيصة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها. ومع ذلك، في الوقت الراهن، تظل الاتجاهات طويلة المدى لصالح الولايات المتحدة، مع ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 180 في المائة مقارنة بارتفاع بنسبة 50 في المائة تقريباً لمؤشر «ستوكس» في أوروبا على مدار العقد الماضي. وقال رئيس استراتيجيات الأصول المتعددة في «روبيكو»، كولين غراهام: «الزخم شيء رائع. إذا كان لديك شيء يستمر في التفوق، فإن المستثمرين سيتبعون الأموال».