إثيوبيا تواجه معركة ديونها: هل تنجح في إعادة هيكلة سنداتها الدولية؟

منظر عام يظهر سائقي السيارات وراكبي الدراجات بالقرب من نصب شهداء تيغراي في ميكيلي (رويترز)
منظر عام يظهر سائقي السيارات وراكبي الدراجات بالقرب من نصب شهداء تيغراي في ميكيلي (رويترز)
TT

إثيوبيا تواجه معركة ديونها: هل تنجح في إعادة هيكلة سنداتها الدولية؟

منظر عام يظهر سائقي السيارات وراكبي الدراجات بالقرب من نصب شهداء تيغراي في ميكيلي (رويترز)
منظر عام يظهر سائقي السيارات وراكبي الدراجات بالقرب من نصب شهداء تيغراي في ميكيلي (رويترز)

تضاعف إثيوبيا جهودها لإعادة هيكلة سنداتها الدولية البالغة مليار دولار كجزء من إعادة هيكلة شاملة للدين. وقد رفض المستثمرون مؤشرات على أن الحكومة تسعى إلى خفض قيمة سنداتها، مما مهد الطريق لمفاوضات متوترة، وفق «رويترز».

وفيما يلي بعض القضايا الرئيسية في عملية إعادة الهيكلة:

لماذا تعيد إثيوبيا هيكلة ديونها؟

تعرضت البلاد لضغوط بسبب نقص حاد في العملة الأجنبية وتراجع الإيرادات الحكومية وسط الحرب الأهلية في منطقة تيغراي الشمالية، وقالت الحكومة في أوائل عام 2021، إنها ستعيد هيكلة ديونها بموجب مبادرة إطار العمل المشترك لمجموعة العشرين.

وقد سعت تشاد وزامبيا وغانا إلى إعادة هيكلة ديونها بموجب البرنامج المصمم لتوفير تخفيف سريع من الديون للبلدان النامية.

وتأخر إجراء إثيوبيا بسبب الصراع في تيغراي الذي انتهى في أواخر عام 2022، والتقدم البطيء في تلبية متطلبات صندوق النقد الدولي بالتخلي عن ربط العملة والتخلي عن ضوابط رأس المال وإدخال إطار عمل نقدي قائم على أسعار الفائدة.

وعمدت الدولة الواقعة في شرق أفريقيا، وهي ثاني أكبر دولة في القارة من حيث عدد السكان البالغ 120 مليون نسمة، إلى بتعويم عملتها البير في 29 يوليو (تموز)، مما ساعدها في تأمين برنامج قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 3.4 مليار دولار لمدة 4 سنوات.

وقد فتح اتفاق صندوق النقد الباب أمام مزيد من التمويل من المقرضين، بما في ذلك البنك الدولي، ومهد الطريق لدفع جديد لإعادة هيكلة الديون.

ما النتائج المتوقعة؟

بلغ الدين الخارجي لإثيوبيا 28.9 مليار دولار في مارس (آذار)، وفقاً للحكومة. وحدد صندوق النقد فجوة تمويلية قدرها 3.5 مليار دولار خلال برنامج الإقراض. وتحتاج إثيوبيا إلى سد هذه الفجوة من خلال إعادة هيكلة الديون، ولكن كيفية تحقيق ذلك تعتمد على المفاوضات بشأن إعادة الهيكلة. وقالت الحكومة إنها تأمل في أن تحقق إعادة الهيكلة تخفيضاً للدين بقيمة 4.9 مليار دولار، مستشهدة بمقترحات الدائنين الرسميين، وإن لم يُحدد إطار زمني لذلك.

ولتحقيق المعاملة المتساوية، وهو مبدأ من مبادئ الإطار المشترك الذي يقتضي معاملة الدائنين التجاريين بالطريقة نفسها التي يعامل بها نظرائهم الرسميون، أشار المسؤولون الإثيوبيون إلى أنهم سيسعون إلى تخفيض بنسبة 20 في المائة من قيمة سنداتها الدولية البالغة مليار دولار.

وقد أغضب ذلك حاملي السندات الذين قالوا الأسبوع الماضي إنه لا يعكس الأساسيات الاقتصادية لإثيوبيا، وأضافوا أن الحكومة لم تتبع نهج «حسن النية» في إعادة هيكلة الديون.

كيف سيتم حل هذا النزاع؟

يدور النزاع حول ما إذا كانت إثيوبيا تعاني من مشكلة سيولة - وهي مشكلة قصيرة الأجل - أو ما إذا كانت تواجه أزمة قدرة شرائية على المدى الطويل.

وقد تعرضت عائدات الصادرات والضرائب للضغط، وتراجعت احتياطات النقد الأجنبي، مما أعاق قدرة إثيوبيا على خدمة ديونها، وفقاً لمن يرون أنها تواجه مشكلة في القدرة الشرائية، على الرغم من أن الديون تبلغ 40.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو مستوى منخفض نسبياً.

وقال مدير المحفظة في شركة «أبردن»، التي تمتلك السند، كيفن دالي، إن الحل المحتمل يمكن أن يكون في مكان ما بين تخفيض الديون المقترح من قبل الحكومة وتمديد فترة السداد.

ويظهر تحليل صندوق النقد الدولي لاستدامة الديون أن إثيوبيا شهدت انتهاكات مطولة لعدد من المؤشرات التي يستخدمها الصندوق عادة لتحديد أزمة القدرة الشرائية، مثل نسبة الدين الخارجي إلى الصادرات.

وقد تؤدي التقييمات المتباينة إلى مفاوضات متوترة.

وحذرت مجموعة حاملي السندات من أن «الافتراضات المحافظة للغاية، مقترنة بالجهود المالية غير الطموحة، قد تؤدي إلى مفاوضات إعادة هيكلة مطولة».

كيف تعمل الإصلاحات؟ وما الخطوات التالية؟

انخفضت قيمة عملة البير بنحو النصف هذا العام لتتداول عند 103.97 للدولار - وفقاً لبيانات من البنك التجاري الإثيوبي، أكبر بنك في البلاد، مقتربة من سعر السوق السوداء البالغ 115 - 120.

ومع ذلك، فإن التقدم المحرز في الهدف الرئيسي المتمثل في توحيد السعرين تباطأ في البداية بسبب تردد المصارف التجارية في القيام بذلك بسرعة. كما رفع التجار أسعار السلع الأساسية مثل زيت الطهي.

وردت السلطات بإغلاق الآلاف من الشركات التي عدّت أنها رفعت الأسعار بشكل غير مبرر، وسعت الحكومة الفيدرالية إلى زيادة إمدادات السلع الأساسية من خلال زيادة الواردات.

ويقول صندوق النقد إن الحكومة ستضطر إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات، ربما من خلال تشديد السياسة النقدية، لكبح الضغوط التضخمية.

وقد حدد الصندوق جدولاً زمنياً سريعاً بشكل غير عادي للمراجعات من أجل مراقبة تأثير الإصلاحات عن كثب.

ومن المقرر إجراء المراجعة الأولى في منتصف أغسطس (آب)، وسوف تركز على جوانب مثل احتياطات النقد الأجنبي والدين الخارجي.

ومن المقرر إجراء مراجعات تالية في نهاية سبتمبر (أيلول) وديسمبر (كانون الأول)، حيث يتوقع كل من صندوق النقد الدولي والحكومة أن تكون إثيوبيا قد أبرمت اتفاقاً لإعادة الهيكلة.


مقالات ذات صلة

اقتراح إثيوبيا خفض قيمة سنداتها الدولية يثير حفيظة حامليها

الاقتصاد منظر عام لأفق أديس أبابا (رويترز)

اقتراح إثيوبيا خفض قيمة سنداتها الدولية يثير حفيظة حامليها

أعربت مجموعة من حاملي السندات الدولية الإثيوبية التي تبلغ قيمتها مليار دولار عن خيبة أملها إزاء التصريحات الحكومية الأخيرة بشأن احتمال خفض قيمة السندات.

«الشرق الأوسط» (لندن - نيويورك )
الاقتصاد وزير المالية المصري أحمد كجوك في أول مؤتمر صحافي (الشرق الأوسط)

مصر تعيد ترتيب أولويات الإنفاق العام لاحتواء أثر الإصلاحات الاقتصادية

قال وزير المالية المصري أحمد كجوك، إن الوزارة تعمل على ترتيب الأولويات من جديد، حتى يكون الإنفاق العام أكثر مراعاة للبعد الاجتماعي، وذلك لاحتواء أثر الإصلاحات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مقر البنك المركزي في العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

صافي الأصول الأجنبية لمصر إيجابي للشهر الثاني على التوالي

أظهرت بيانات البنك المركزي المصري أن صافي الأصول الأجنبية في مصر كان إيجابياً للشهر الثاني على التوالي في يونيو بعد أن ظل سلبياً لأكثر من عامين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد تظهر قبة مبنى الكابيتول الأميركي من محطة يونيون في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

الدين القومي الأميركي يتجاوز 35 تريليون دولار للمرة الأولى

تجاوز الدين القومي الإجمالي لأميركا 35 تريليون دولار للمرة الأولى يوم الاثنين، وهو تذكير بالمأزق المالي القاتم الذي تعيشه البلاد مع اقتراب المعارك التشريعية…

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد وزير المالية الباكستاني محمد أورنغزيب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في مكتبه في إسلام آباد (أرشيفية - رويترز)

باكستان تبدأ محادثات حول إعادة جدولة ديونها لقطاع الطاقة الصيني

بدأت باكستان محادثات بشأن إعادة جدولة ديونها المستحقة على قطاع الطاقة للصين، إلى جانب محادثات بشأن الإصلاحات البنيوية التي اقترحها صندوق النقد الدولي.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)

لهذه الأسباب استعادت السوق السعودية مستويات 12 ألف نقطة

سجلت أسهم 142 شركة مدرجة في «تداول» ارتفاعاً في قيمتها (أ.ف.ب)
سجلت أسهم 142 شركة مدرجة في «تداول» ارتفاعاً في قيمتها (أ.ف.ب)
TT

لهذه الأسباب استعادت السوق السعودية مستويات 12 ألف نقطة

سجلت أسهم 142 شركة مدرجة في «تداول» ارتفاعاً في قيمتها (أ.ف.ب)
سجلت أسهم 142 شركة مدرجة في «تداول» ارتفاعاً في قيمتها (أ.ف.ب)

أسهمت النتائج المالية الربعية للشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية (تاسي) وتحقيق غالبيتها أرباحاً مالية، وكذلك تراجع الأسواق المالية العالمية، في صعود المؤشر العام للسوق السعودية ومحافظته على مستويات تفوق 12 ألف نقطة، وتحقيقه أعلى مستوى خلال شهر أغسطس (آب) الحالي، بحسب ما قاله محللون لأسواق المال، خلال حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، متوقعين أن يستمر مؤشر السوق السعودية في تحقيق قمم جديدة ومستويات عالية خلال التداولات المقبلة.

وكانت سوق الأسهم السعودية قد أغلقت جلسة الاثنين باللون الأخضر، على ارتفاع بنسبة 0.4 في المائة، عند 12023 نقطة (+ 42 نقطة)، وبتداولات وصلت قيمتها الإجمالية لنحو 8 مليارات ريال، ولتواصل ارتفاعها للجلسة الخامسة على التوالي، وسط صعود جماعي للقطاعات الرئيسية. وبلغت كمية الأسهم المتداولة لسوق الأسهم السعودية 346 مليون سهم، سجلت فيها أسهم 142 شركة ارتفاعاً في قيمتها، في حين أغلقت أسهم 81 شركة على تراجع.

وكانت أسهم شركات «بروج للتأمين» و«البحر الأحمر» و«الباحة» و«الإعادة السعودية» و«الشرقية للتنمية» الأكثر ارتفاعاً. أمّا أسهم شركات «أسمنت الرياض» و«التعاونية» و«أنابيب» و«المراعي» و«نسيج» فكانت الأكثر انخفاضاً في التعاملات؛ حيث تراوحت نسب الارتفاع والانخفاض بين 9.99 في المائة و4.30 في المائة. وكانت أسهم شركات «الباحة» و«شمس» و«مجموعة فتيحي» و«سماسكو» و«أرامكو السعودية» الأكثر نشاطاً بالكمية، كما كانت أسهم شركات «الراجحي» و«إكسترا» و«أرامكو السعودية» و«الإعادة السعودية» و«تالكو» الأكثر نشاطاً في القيمة.

ووصف محلل أسواق المال، محمد الصغير، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، مستويات 12 ألف نقطة لمؤشر السوق، بأنها تمثل منطقة نفسية عند كثير من المتداولين والمستثمرين في السوق، مشيراً إلى أن النقطة الأهم هي 11954 كقمة سابقة ومنطقة دعم للمؤشر، ولتبتعد السوق عن شبح نزول المؤشر الذي عاشته السوق الأسابيع الماضية.

وأضاف أن النتائج المالية لشركات السوق خلال الربع الثاني والنصف الأول من 2024 وتحقيقها أرباحاً عالية واستثنائية خلال هذا العام، كانت مفاجأة لأغلب المتابعين والمستثمرين، وأسهمت بشكل كبير في تماسك مؤشر السوق وعودته لمستويات 12 ألف نقطة، متوقعاً أن يستمر مؤشر السوق في تحقيق مناطق أعلى جديدة، وقمم جديدة وقد تتجاوز 13949 نقطة، وتحقيق ارتفاعات قوية جديدة، وينعكس أداء السوق على النهضة الاقتصادية للمملكة في كل القطاعات والأنشطة الاقتصادية.

من جهته، عزا خبير ومحلل أسواق المال عبيد المقاطي، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، صعود المؤشر العام للسوق السعودية وإغلاقه عند مستويات 12023 نقطة وتحقيقه مكاسب بنحو 700 نقطة، منذ إغلاق يوم الاثنين ما قبل الماضي، إلى تراجع الأسواق العالمية ومنها مؤشر نيكاي 225 الياباني الذي افتقد نحو 2000 نقطة، وكذلك السوقان الأميركيتان «داو جونز» و«ناسداك»، ما جعل السوق السعودية تتفاعل مع ذلك بشكل إيجابي، وترتد للصعود خلال الجلسات الـ11 الأخيرة، وحتى تواكب توجه المستثمرين نحو الاستحواذ على أسهم شركات السوق السعودية، بقيم سوقية مجزية.

وأضاف المقاطي أن من أهم الأسباب التي أسهمت في ارتفاع مؤشر السوق السعودية، تحقيق غالبية قطاعات السوق أرباحاً جيدة في نتائجها المالية الربعية، بما فيها شركة «أرامكو السعودية» التي ستوزع على مساهميها أرباحاً بـ48 هللة، وكذلك تحقيق القطاع البنكي مستويات ربحية عالية، متوقعاً أن تحقق السوق السعودية قفزات رقمية غير مسبوقة، ستجعل منها محط أنظار واهتمام المستثمرين في أسواق الأسهم، وذلك بالتزامن مع النهضة التنموية التي تعيشها المملكة في المجالات كافة، خصوصاً في الجانب الاقتصادي والمحفزات الاستثمارية والتشريعية المنبثقة من «رؤية 2030».