التيسير الكمي... رهان خاسر يكلف بريطانيا مليارات

فاتورة باهظة لبنك إنجلترا تتجاوز الـ254 مليار دولار

أكوام من الأوراق المالية من فئة الجنيه الإسترليني (رويترز)
أكوام من الأوراق المالية من فئة الجنيه الإسترليني (رويترز)
TT

التيسير الكمي... رهان خاسر يكلف بريطانيا مليارات

أكوام من الأوراق المالية من فئة الجنيه الإسترليني (رويترز)
أكوام من الأوراق المالية من فئة الجنيه الإسترليني (رويترز)

تبتلع أسواق السندات المليارات، حيث يغرق المتداولون في مستنقع المغامرات غير المحسوبة. فبينما يخسر البعض ملايين، يُدفع بآخرين إلى هاوية المليارات. لكن الخسارة الكبرى تبقى حِكراً على الحكومات، إذ تصل خسائرها إلى مئات المليارات.

وفي بريطانيا، تشير التقديرات إلى أن فاتورة خسائر بنك إنجلترا من برنامج التيسير الكمي قد تصل إلى مستويات قياسية، حيث من المتوقع أن تتجاوز الـ200 مليار جنيه إسترليني (254 مليار دولار)، منذ بدء رفع أسعار الفائدة؛ أي ما يعادل 7.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وفق تقرير لمجلة «الإيكونوميست».

ويمكن أن يحدد نهج الحكومة تجاه هذه الخسائر، وتفاعلها الفوضوي مع قواعد بريطانيا المالية، ما إذا كان البريطانيون سيواجهون مزيداً من الزيادات الضريبية بمليارات الجنيهات في الموازنة المقبلة، المقرَّر صدورها في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

ومِثل معظم نظيراتها، اعتمدت بريطانيا بشكل كبير على التيسير الكمي ــ حيث تعمل المصارف المركزية على تحفيز الاقتصاد من خلال خلق النقود (في شكل احتياطات مصرفية) وشراء الأصول (معظمها سندات حكومية طويلة الأجل) ــ منذ انخفضت أسعار الفائدة إلى ما يقرب من الصفر أثناء الأزمة المالية، في الفترة 2007-2009. والنتيجة هي انخفاض عائدات السندات، وزيادة السيولة، وهو ما يحفز مزيداً من الاقتراض والنمو، ويترك المصارف المركزية متربعة على ميزانيات عمومية مليئة بالسندات.

وحتى وقت قريب، كان من غير المهم إلى حد كبير ما إذا كانت المصارف المركزية قد حققت أرباحاً من تلك الحيازات. وكان الهدف من التيسير الكمي تحفيز الاقتصاد، وليس تحقيق الربح. وفي كل الأحوال، نجح الأمر بشكل جيد. إن مبادلة الاحتياطات بالسندات هي في الواقع رهان على انخفاض أسعار الفائدة. وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كانت المصارف المركزية عادةً على الجانب الصحيح من هذا الرهان. وساعد التيسير الكمي في دفع العائدات إلى الانخفاض (وهو ما يعني ارتفاع أسعار السندات)، كما أدى ضعف الاقتصاد إلى إبقاء العائدات منخفضة. وحقق بنك إنجلترا 124 مليار جنيه إسترليني (159 مليار دولار) بهذه الطريقة بين عاميْ 2009 و2022، وجرى إرسال جميع هذه الأموال إلى الخزينة.

لكن في الآونة الأخيرة، تحولت هذه الرهانات إلى خيبة أمل، فقد قفزت عائدات السندات في عام 2022، وانخفضت تقييمات الأصول، وأصبحت المصارف المركزية تدفع فوائد على الاحتياطات أكثر مما تتلقاه على السندات التي تحتفظ بها. وفي الولايات المتحدة الأميركية، يتعامل بنك الاحتياطي الفيدرالي مع الخسائر الناجمة عن التيسير الكمي بوصفها «أصولاً مؤجَّلة»، والتي يمكن أن تبقى في الميزانية العمومية إلى أجل غير مسمّى.

لكن هذا لا يلغي التأثير المالي: فالمكاسب المستقبلية من التيسير الكمي أو الدخل السيادي، والدخل من إصدار العملة، سوف تذهب لسداد أصل الدَّين المؤجل، وليس إلى خزينة الدولة. وبموجب قواعد المحاسبة البريطانية، يُلزم الخزينة بإرسال الأموال إلى المصرف المركزي، فور حدوث الخسائر، سواء أكانت نتيجة تدفق نقدي سلبي أم بيع السندات بخسارة. ويهدف هذا النظام إلى توزيع الألم المالي بشكل عادل، ويمنع دفع مبالغ كبيرة مقدَّماً.

وتدعو الخطط الحالية وزارة الخزانة إلى دفع نحو 20 مليار جنيه إسترليني (25.7 مليار دولار) سنوياً حتى عام 2032. وتتعارض هذه الالتزامات بشكل مزعج مع القاعدة المالية المركزية في بريطانيا؛ وهي أن الدين، كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، يجب أن ينخفض في العام الأخير من أفق زمني متوقع يمتد لخمس سنوات. وتؤدي هذه المدفوعات إلى إزالة 20 مليار جنيه إسترليني من مساحة الاقتراض الحكومية. وهذا رقم كبير، وكانت الموازنة الأخيرة، في شهر مارس (آذار) الماضي، قد تركت للحكومة 8.9 مليار جنيه إسترليني فقط من الحيز المالي.

ومنذ ذلك الحين، أنفقت وزيرة المالية راشيل ريفز مزيداً من الأموال على زيادات الأجور في القطاع العام. في الواقع، تضمنت خطط الحكومة السابقة أيضاً تخفيضات مستقبلية في الخدمات العامة بقيمة 30 مليار جنيه إسترليني (38.5 مليار دولار)، وهو ما يَعدُّه كثيرون أمراً غير مقبول.

وبعبارة أخرى، تواجه ريفز ضغوطاً مالية كبيرة جرّاء الخسائر المتكبَّدة نتيجة سياسات التيسير الكمي. قد يكون الحل الأمثل لتخفيف هذه الأعباء هو تبنِّي نهج الأصول المؤجَّلة في محاسبة بنك إنجلترا، على غرار «الاحتياطي الفيدرالي». وكما يشير بحث جديد لجاك ماينينغ (خبير اقتصادي في باركليز وهو بنك تجاري، ومسؤول سابق في بنك إنجلترا) وزملائه، فإن هذا التغيير يتطلب تعديلات تشريعية تتيح للمصرف المركزي الاحتفاظ بالسيولة على المدى الطويل، مما يوفر تدفقاً نقدياً مستداماً لسداد الخسائر تدريجياً.

ويُعدّ تعديل تعريف الدَّين المستخدم في القواعد المالية، بحيث يستثني أو يؤجل إدراج الخسائر المتعلقة بالتيسير الكمي، حلاً أسهل نسبياً. ورغم تأكيد ريفز، خلال الحملة الانتخابية، الالتزام بالتعريف الحالي، فإنها تُبدي مؤخراً مرونة أكبر تجاه إمكانية التغيير. وسياسياً، يُعدّ تعديل هذه القواعد أقل تعقيداً من التدخل في صلاحيات بنك إنجلترا. وبالنظر إلى استبعاد حزب العمال معظم الخيارات الضريبية المؤلمة، فإن زيادة الاقتراض المؤقتة تمثل حلاً وسطاً بين زيادة الضرائب المشوهة، وتقليص الاستثمار. لذا يمكن التغاضي عن تعديل واحد للقواعد؛ شريطة ألا يتحول إلى سابقة.

وهناك خيار أبسط يتمثل في تعديل تعريف الدَّين المستخدم في القواعد المالية لاستبعاد الخسائر الناجمة عن التيسير الكمي، أو تغيير توقيت إدخالها في أرقام الدين. وفي مقابلة أُجريت قبل الانتخابات، قالت ريفز إنها ستحتفظ بالتعريف الحالي، لكنها بدت مؤخراً أكثر انفتاحاً على التغييرات. وعلى الصعيد السياسي، ربما يكون تعديل شروط القواعد المفروضة ذاتياً أكثر سهولة من التدخل في تفويض بنك إنجلترا. وبما أن حزب العمال استبعد أغلب السُّبل الأقل إيلاماً لرفع الضرائب أثناء الانتخابات، فإن زيادة الاقتراض مؤقتاً مِن شأنها أن تتغلب على مزيج من الزيادات الضريبية المشوَّهة أو تخفيضات الاستثمار. لذا، فلندع السيدة ريفز تُفلت من العقاب إذا ما عبثت، ولو لمرة واحدة، ولكن ليس إذا اعتادت ذلك.


مقالات ذات صلة

سوق السندات الأميركية تُطلِق إنذاراً بشأن خطط خفض الضرائب

الاقتصاد متداول في بورصة نيويورك يرتدي قبعة دعماً للجمهوري دونالد ترمب بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية الأميركية (رويترز)

سوق السندات الأميركية تُطلِق إنذاراً بشأن خطط خفض الضرائب

يلوح في الأفق تحذير شديد من سوق ديون الخزانة الأميركية، التي تبلغ 28 تريليون دولار، ضد إضافة مزيد من العبء على الدين الذي ينمو بمقدار تريليونَي دولار سنوياً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد أعضاء المؤتمر الهندي للشباب يحتجون ضد غوتام أداني ويطالبون باعتقاله (رويترز)

المعارضة الهندية تعطّل البرلمان بسبب «أداني»

تم تعليق عمل البرلمان الهندي بعد أن قام نواب المعارضة بتعطيله للمطالبة بمناقشة مزاعم الرشوة ضد مجموعة «أداني»، فيما انخفضت أسعار سندات «أداني»

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد سكوت بيسنت يتحدث خلال فعالية انتخابية في آشيفيل بولاية نورث كارولينا (رويترز)

تعيين بيسنت وزيراً للخزانة الأميركية يحرك الأسواق العالمية

رحبت سوق السندات بتعيين سكوت بيسنت وزيراً للخزانة الأميركية يوم الاثنين، وسط توقعات بأن يقوم بفرض قيود على الدين الأميركي، مما دفع العوائد إلى التراجع.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد شاشات تعرض مؤشر أسعار الأسهم الكوري المركب «كوسبي» وسعر الصرف الأجنبي في غرفة تداول العملات الأجنبية في سيول (رويترز)

اختيار بيسنت لمنصب وزير الخزانة يرفع أسعار السندات في الأسواق الآسيوية

ارتفعت سندات الخزانة الأميركية في الجلسة الآسيوية يوم الاثنين مع ترحيب المستثمرين في السندات باختيار سكوت بيسنت وزيراً للخزانة الأميركية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد أشخاص يعبرون الطريق في شينجوكو، طوكيو (رويترز)

اليابان تخطط لإنفاق 90 مليار دولار في حزمة تحفيزية جديدة

تفكر اليابان في إنفاق 13.9 تريليون ين (89.7 مليار دولار) من حسابها العام لتمويل حزمة تحفيزية جديدة تهدف إلى التخفيف من تأثير ارتفاع الأسعار على الأسر.

«الشرق الأوسط» (طوكيو )

سوق السندات الأميركية تُطلِق إنذاراً بشأن خطط خفض الضرائب

متداول في بورصة نيويورك يرتدي قبعة دعماً للجمهوري دونالد ترمب بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية الأميركية (رويترز)
متداول في بورصة نيويورك يرتدي قبعة دعماً للجمهوري دونالد ترمب بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية الأميركية (رويترز)
TT

سوق السندات الأميركية تُطلِق إنذاراً بشأن خطط خفض الضرائب

متداول في بورصة نيويورك يرتدي قبعة دعماً للجمهوري دونالد ترمب بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية الأميركية (رويترز)
متداول في بورصة نيويورك يرتدي قبعة دعماً للجمهوري دونالد ترمب بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية الأميركية (رويترز)

تعهد الجمهوريون بقيادة دونالد ترمب بالمضي قدماً في العام المقبل عندما يسيطرون بشكل كامل على الكونغرس الأميركي، مع وجود القليل من الأسباب التي قد تمنعهم من الوفاء بوعود الرئيس المنتخب بخفض الضرائب وإعادة تشكيل المشهد التجاري العالمي.

ومع ذلك، يلوح في الأفق تحذير شديد من سوق ديون الخزانة الأميركية، التي تبلغ 28 تريليون دولار، ضد إضافة مزيد من العبء على الدين العام الذي ينمو بالفعل بمقدار تريليونَي دولار سنوياً. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه المخاوف ستنجح في إبطاء طموحات المشرّعين الجمهوريين أو ستدفعهم للبحث عن تدابير لتغطية الخسائر الناجمة عن خطة التخفيضات الضريبية المتوقعة التي قد تكلف نحو 8 تريليونات دولار على مدار 10 سنوات، وفق «رويترز».

وتراهن الأسواق على أن تخفيضات ترمب الضريبية وفرض الرسوم الجمركية سيؤديان إلى زيادة التضخم؛ مما يجعل المستثمرين يطالبون بعوائد أكبر على السندات طويلة الأجل. وقد ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 4.4 في المائة، بزيادة نحو 75 نقطة أساس منذ أن بدأت «ترمب ترايد» في السيطرة على «وول ستريت» في أواخر سبتمبر (أيلول).

ويؤدي هذا الاتجاه إلى ارتفاع أسعار الفائدة على الرهن العقاري وقروض السيارات وديون بطاقات الائتمان؛ مما يعاكس تخفيضات أسعار الفائدة التي يقوم بها بنك الاحتياطي الفيدرالي ويشكل تهديداً محتملاً للنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة.

كما أن هذه الزيادة في العوائد ترفع تكلفة تمويل العجز في الولايات المتحدة؛ مما يستهلك الموازنة الفيدرالية. ولأول مرة، تجاوزت الفوائد على الدين العام تريليون دولار خلال السنة المالية التي انتهت في 30 سبتمبر، لتصبح ثاني أكبر نفقات الحكومة بعد برنامج التقاعد في الضمان الاجتماعي.

وقال النائب الجمهوري ديفيد شوايكرت، عضو لجنة الطرق والوسائل في مجلس النواب: «بطريقة غريبة، أصبحت سوق السندات الآن على وشك أن تدير هذا البلد». وأضاف في مقابلة أن هذه الإشارات التي تبعثها السوق تعني أنه لا توجد «شيكات على بياض» للكونغرس، وأن التخفيضات الضريبية سوف تحتاج إلى أن تكون مقترنة بتخفيضات الإنفاق، «وهو ما يشكل عبئاً على تمويل الحكومة الأميركية».

وستقع إدارة تلك العقبة على عاتق اختيار ترمب لقيادة وزارة الخزانة، مدير صندوق التحوط سكوت بيسنت. وقد جادل بيسنت بأن أجندة ترمب الاقتصادية ستطلق نمواً اقتصادياً أقوى؛ مما سيزيد من الإيرادات ويعزز ثقة السوق، كما قد يقلل تعيينه من فرص فرض رسوم جمركية شديدة.

الواقع، أن حسابات الموازنة شاقة للغاية. فقد وعد ترمب بتمديد التخفيضات الضريبية التي أُقرّت في عام 2017، خلال ولايته الأولى في البيت الأبيض، للأفراد والشركات الصغيرة التي من المقرر أن تنتهي في العام المقبل، وهو ما يقول خبراء الضرائب إنه سيضيف 4 تريليونات دولار إلى إجمالي الدين الأميركي الحالي البالغ 36 تريليون دولار على مدى عشر سنوات.

هذا إلى جانب الدين الذي من المتوقع أن ينمو بمقدار 22 تريليون دولار استناداً إلى القوانين الحالية. كما وعد ترمب الناخبين بتخفيضات ضريبية سخية جديدة، بما في ذلك إلغاء الضرائب على الضمان الاجتماعي، الأجور الإضافية، وأرباح الإكرامية، واستعادة الخصومات على فوائد قروض السيارات. ومن المحتمل أن يصل المجموع إلى 7.75 تريليون دولار فوق التوقعات الحالية لمكتب الموازنة في الكونغرس على مدى 10 سنوات، وفقاً للجنة الموازنة الفيدرالية المسؤولة.

إيرادات النمو

القلق بشأن تأثير سوق السندات على أجندة ترمب يعد استثناءً، وليس القاعدة، بين الجمهوريين في الكونغرس. فقد أجرى الكثير من أعضاء الحزب مقابلات بعد أسبوعين من فوز ترمب في الانتخابات الرئاسية في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) وتولي حزبه السيطرة الكاملة على الكونغرس، حيث أبدوا تفاؤلاً بشأن تنفيذ خطط الرئيس المنتخب رغم المخاوف الاقتصادية المحيطة. وفي الوقت ذاته، عاد البعض إلى الموقف التقليدي للحزب الذي يرى أن التخفيضات الضريبية يمكن تعويض تكاليفها من خلال تحفيز النمو الاقتصادي، وهي الحجة التي اعتمد عليها الحزب لإقرار التخفيضات الضريبية التي تبناها ترمب في عام 2017.

وقدرت شركات التنبؤ، مثل اللجنة المشتركة للضرائب، أن هذه التخفيضات أضافت أكثر من تريليون دولار إلى العجز على مدى عشر سنوات. وقد وجد تحليل أجرته لجنة الموازنة الفيدرالية لتمديد التخفيضات الضريبية أن النمو المتزايد لن يشكل سوى ما بين 1 في المائة و14 في المائة من الإيرادات المفقودة بسبب التخفيضات؛ مما يترك الجزء الأكبر لتمويله من خلال الاقتراض.

ومع ذلك، قال السيناتور الجمهوري مايك روندس إنه يعتقد أن الاستقرار والنمو الناتجَين من تمديد تخفيضات الضرائب لعام 2017 سيخففان من بعض المخاوف في السوق. وأضاف رونديس: «ما يتعين علينا فعله هو أن نظهر لهم أننا سنبني اقتصاداً تتغير فيه النسبة بين حجم الاقتصاد والديون لصالحنا».

تخفيضات ماسك

قال رئيس لجنة الموازنة في مجلس النواب الجمهوري جودي آرينغتون إن تسريع النمو الاقتصادي إلى أكثر من 3 في المائة سنوياً، وهو المعدل الحالي للنمو في الربع الثالث، سيزيد الإيرادات بمقدار 3 تريليونات دولار على مدار 10 سنوات، لكنه يتطلب تخفيضات إضافية في الإنفاق.

وأضاف آرينغتون أن ارتفاع عوائد سوق السندات قد أصبح «عاملاً محفزاً للحد من الإنفاق على العجز». وأشار آرينغتون وزميله النائب الجمهوري جو ويلسون إلى أن كليهما يأمل في أن يتمكن الفريق غير الحكومي الذي يقوده الملياردير إيلون ماسك، رئيس شركتي «تسلا» و«سبايس إكس» ومرشح الرئاسة السابق فيفيك راماسوامي، من إيجاد حلول لتقليص العجز في الموازنة، بما في ذلك استهداف برامج «الإنفاق الإلزامي» الأخرى بخلاف الضمان الاجتماعي وبرنامج الرعاية الصحية للمتقاعدين (ميديكير)، التي تعهد الرئيس ترمب بالحفاظ عليها.

وقال ويلسون: «مع إيلون ماسك، أعتقد أن لدينا فرصة حقيقية لكشف الفساد والحد من النفقات التي يمكن تقليصها». ومن الأهداف الرئيسة التي يسعى الفريق لتحقيقها هو إلغاء إعانات الطاقة النظيفة التي أقرّها الرئيس الديمقراطي جو بايدن، والتي تقدّر لجنة الموازنة في الكونغرس بأنها ستكلف نحو 800 مليار دولار على مدار 10 سنوات. بالإضافة إلى ذلك، يتضمن الاقتراح نحو 60 مليار دولار لتحديث خدمات الإيرادات الداخلية، رغم أن هذا قد يؤدي إلى زيادة العجز على المدى الطويل من خلال تقليص عمليات التدقيق.

أجندة غير واضحة

من المرجح أن يعتمد الجمهوريون في العام المقبل على إجراءات الموازنة التي تتجاوز القواعد في مجلس الشيوخ، والتي تتطلب موافقة 60 من أعضاء المجلس المائة على معظم التشريعات؛ وذلك لتمرير أجندة الضرائب الخاصة بترمب بأغلبية بسيطة. وقال السيناتور الجمهوري مايك كريابو، رئيس لجنة المالية في مجلس الشيوخ المقبل، إنه من المبكر تحديد السياسات الضريبية التي سيتم تضمينها في التشريع الأولي. وأضاف أن هناك «تفسيراً خاطئاً للسوق بشأن ما يفعله ترمب أو ما سيقوم به». وأوضح كريابو: «الكثير من الناس يسألون، ما هي السياسات الضريبية التي ستنفذونها؟» ثم أضاف: «الجواب هو تلك التي نكتشف أنها السياسات الصحيحة».

حراس السندات

قال جيمس كارفيل، الخبير الاستراتيجي السياسي للرئيس الأسبق بيل كلينتون، في عام 1993، إنه يريد أن يتجسد من جديد في سوق السندات؛ لأنه «يمكنك ترهيب الجميع».

وإذا كانت تحركات الكونغرس تشير إلى زيادة كبيرة في العجز، فإن بعض المحللين في السوق يخشون أن يؤدي إصدار الديون المفرط إلى إصابة السوق بعسر الهضم؛ مما يؤدي إلى ارتفاع العائدات بشكل حاد.

وأشار المسؤول السابق في وزارة الخزانة الأميركية، مارك سوبر، والذي يشغل حالياً منصب رئيس منتدى المؤسسات النقدية والمالية الرسمية في الولايات المتحدة، إلى أنه «لا يمكن استبعاد خطر فقدان الثقة في قدرة الولايات المتحدة على اتخاذ القرارات الاقتصادية؛ مما قد يدفع حراس السندات للظهور بقوة، ويؤثرون على الأسعار بشكل كبير، ما يسبب صدمات اقتصادية قوية في كل من الاقتصاد الأميركي والعالمي».

وأضاف كبير مسؤولي الاستثمار وكبير مديري المحافظ لدى «مانوليف» لإدارة الاستثمار، ناثان ثوفت، أن الكونغرس وإدارة ترمب قد يضطران إلى تعديل سياساتهما استجابة لردود فعل السوق. وقال ثوفت: «إنهم سوف يتفاعلون مع ردود الفعل فور حدوثها. فإذا ارتفع الدولار إلى مستويات مرتفعة للغاية، فمن المحتمل أن يتراجعوا قليلاً. وإذا ارتفعت سوق الأسهم إلى مستويات مرتفعة للغاية، فقد يراجعون موقفهم أيضاً. وهم يولون اهتماماً كبيراً لهذه التغييرات».