السعودية تحدّث نظام الاستثمار لجذب الأجانب... والتنفيذ مطلع 2025

يشمل تخفيف القيود التنظيمية وتيسير الإجراءات وتعزيز حقوق المستثمرين

مشروع القدية في السعودية (موقع «رؤية 2030»)
مشروع القدية في السعودية (موقع «رؤية 2030»)
TT

السعودية تحدّث نظام الاستثمار لجذب الأجانب... والتنفيذ مطلع 2025

مشروع القدية في السعودية (موقع «رؤية 2030»)
مشروع القدية في السعودية (موقع «رؤية 2030»)

أعلنت السعودية تحديث نظام الاستثمار، الذي يرتقب دخوله حيّز التنفيذ مطلع عام 2025، وذلك بهدف جذب الاستثمارات العالمية وتطوير تنافسية بيئتها الاستثمارية، والمساهمة في دعم التنوع الاقتصادي، وخلق الفرص الوظيفية تماشياً مع «رؤية 2030»، ومستهدفات الاستراتيجية الوطنية.

ويعد نظام الاستثمار المحدث الذي وافق مجلس الوزراء عليه، من ركائز الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، والتي تسهم في دفع عجلة التنمية وتنويع الاقتصاد المحلي، حيث تستهدف جذب أكثر من 100 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر سنوياً بحلول عام 2030.

كذلك، ارتفع تصنيف السعودية إلى المرتبة 16 عالمياً من بين 67 دولة هي الأكثر تنافسية في العالم، حسب تقرير الكتاب السنوي لمؤشر التنافسية العالمية الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية في يونيو (حزيران) الماضي. وتقدَّمت السعودية مرتبة واحدة في نسخة العام الحالي، مدعومة بتحسن تشريعات الأعمال، والبنى التحتية، وهو ما وضعها في المرتبة الرابعة بين دول «مجموعة العشرين»، وحقَّقت المرتبة الأولى عالمياً في كثير من المؤشرات الفرعية في التقرير، مثل نمو التوظيف والتماسك الاجتماعي، ونمو سوق العمل، ونمو عدد السكان، والأمن السيبراني.

حماية ومرونة أكبر

يشمل نظام الاستثمار المحدث مزايا عديدة، أبرزها: تعزيز حقوق المستثمرين من خلال المعاملة العادلة وحماية الملكية الفكرية والحرية في إدارة الاستثمارات وتحويل الأموال بسلاسة، والشفافية والوضوح في الإجراءات، بما يتماشى مع الممارسات الرائدة ويسهم في خلق بيئة استثمار موثوقة.

كما يعمل على تخفيف القيود التنظيمية وتيسير الإجراءات، حيث يحل التسجيل المبسط مكان رخصة الاستثمار السابقة، مما يمنح المستثمرين حماية وثقة أكبر، ومزيداً من المرونة للقيام بأعمالهم ويعزز بيئة ديناميكية ومحفزة للاستثمار.

فيما يعمل مركز الخدمات الشامل والمركز السعودي للأعمال على تسهيل الإجراءات الحكومية وعمليات الاستثمار، مما يعزز من قدرة المستثمرين على توسيع أعمالهم وخلق فرص جديدة.

ويوفر نظام الاستثمار المحدث معاملة عادلة دون تمييز بين المستثمرين المحليين والأجانب، بينما يعمل على تسوية النزاعات بكفاءة بالتعاون مع المركز السعودي للتحكيم التجاري وغيره من الجهات.

المبادئ الاقتصادية

وكشف وزير الاستثمار السعودي المهندس خالد الفالح عن دخول نظام الاستثمار الجديد ولوائحه التنفيذية حيّز التنفيذ في مطلع عام 2025، مبيّناً أنه جاء امتداداً للعديد من الإجراءات التطويرية التي اتخذتها المملكة، ويؤكّد التزامها بتوفير بيئة جاذبة وداعمة وآمنة للمستثمرين المحليين والأجانب.

وبيّن الفالح أن توجّه المملكة إلى تعزيز جاذبية وتنافسية البيئة الاستثمارية، خاصة في الجوانب التنظيمية والتشريعية، ينطلق من مضامين المبادئ الاقتصادية التي كفلها النظام الأساسي للحكم، ويراعي المستقر من مبادئ وسياسات الاستثمار، التي تتضمن أفضل الممارسات العالمية في هذا الشأن؛ وقد استدعى هذا مراجعة نظام الاستثمار الأجنبي، الذي صدر قبل نحو 25 عاماً، لصياغة نظامٍ متكامل للاستثمار، يُعنى بالمستثمرين السعوديين والأجانب على حد سواء.

وأوضح الفالح أن السنوات القليلة الماضية شهدت تنفيذ ما يزيد على 800 إصلاح اقتصادي؛ لتعزيز التنافسية العالمية للمملكة، وكان للمركز الوطني للتنافسية - بالتكامل مع الجهات الحكومية ذات العلاقة - دور رائد في تنفيذها، كل ذلك وغيره من الأنظمة والإصلاحات أسهمت في زيادة إجمالي تكوين رأس المال الثابت، بنسبة 74 في المائة، عما كان عليه عام 2017، ليصل إلى ما يقرب من 300 مليار دولار في عام 2023.

كما ارتفع رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 61 في المائة، بين عامي 2017 و2023، ليصل إلى نحو 215 مليار دولار، بحسب الفالح.

وتابع أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر زادت بنسبة 158 في المائة في 2023 مقارنة بـ2017، لتصل إلى 19.3 مليار دولار.

وأكد أن التحديثات التي أُدخلت على النظام ستعزز إسهامه في تحفيز النمو الاقتصادي، وتعزيز مكانة المملكة كوجهة استثمارية عالمية متميزة.

القطاع الخاص

وقال وزير المالية السعودي محمد الجدعان، في حسابه على منصة «إكس»، إن النظام المحدث يمثل خطوة مهمة لتعزيز فرص استثمار القطاع الخاص وتعزيز النمو نحو اقتصادٍ أكثر تنافسية في ظل «رؤية 2030».

من جانبه، أكد وزير البلديات والإسكان ماجد الحقيل أن نظام الاستثمار المُحدث يعزز من خلق بيئة استثمارية تنافسية ترسخ مكانة السعودية كوجهة عالمية رائدة، تحقيقاً لـ«رؤية المملكة» المستقبلية.

وأضاف الحقيل، في حسابه على منصة «إكس»، أن النظام يسهم في تحقيق تطلعات قيادة الحكومة لبناء مدن ذكية ومزدهرة، عبر تيسير الاستثمارات لتقديم الخدمات المتكاملة في القطاعين البلدي والإسكاني.

بدوره، أبان وزير التجارة ماجد القصبي، في حسابه على منصة «إكس»، أن نظام الاستثمار المحدث يأتي معززاً لجاذبية وتنافسية البيئة الاستثمارية والتجارية وفق «رؤية 2030»، عبر إجراءات ميسرة لتأسيس الشركات محققة للعدالة وحامية للحقوق والملكية الفكرية استناداً لأفضل الممارسات العالمية.

ولفت وزير البيئة والمياه والزراعة المهندس عبد الرحمن الفضلي، في حسابه على منصة «إكس»، إلى أن نظام الاستثمار المحدث، يؤكد حرص المملكة على توفير بيئة جاذبة وآمنة للمستثمرين السعوديين والأجانب، ويعزز التنافسية والشفافية والمرونة والثقة، ويجمع بين الحقوق والواجبات؛ ويُعد خطوة أساسية نحو تحقيق المستهدفات الوطنية بأن تظل البلاد إحدى أكثر الوجهات استقطاباً للاستثمارات.

وذكرت وزارة الاقتصاد والتخطيط السعودية، في حسابها على منصة «إكس»، أن النظام المحدث يأتي معززاً لمكانة السعودية كوجهة جاذبة ومفضلة للاستثمار المحلي والأجنبي، ويسهم في دعم استدامة وتنافسية اقتصاد المملكة.

المستثمرون المحليون والأجانب

من جهته، أوضح عضو جمعية اقتصاديات الطاقة، وعضو جمعية الاقتصاد السعودية، المستشار الدكتور عبد الله الجسار، لـ«الشرق الأوسط» أن نظام الاستثمار المحدث يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق التحول الاقتصادي المنشود لـ«رؤية 2030».

وتوقّع أن يساهم هذا النظام في تحقيق نمو اقتصادي مستدام، وخلق فرص عمل، وتنويع مصادر الدخل، وتعزيز مكانة المملكة كوجهة استثمارية جاذبة في المنطقة.

وأضاف: «سنجد بعد سريان النظام على المدى الطويل نمواً لكثير من الشركات المحلية الصغيرة والمتوسطة، مما يساهم في خلق فرص عمل جديدة، وزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي».

وبيّن أن النظام المحدث يسعى إلى توفير بيئة استثمارية جاذبة ومنافسة تساهم في تحفيز النمو الاقتصادي، وبالتالي يساهم أيضاً في زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر.

وأكد الجسار أن النظام يشجع على الاستثمار في القطاعات غير النفطية، مما يساهم في تنويع مصادر الدخل الوطني وتقليل الاعتماد على النفط، مشيراً إلى أن البيئة الاستثمارية في السعودية ذات حركة سريعة جداً ومتطورة.

في حين، شدّد الأكاديمي في جامعة الملك عبد العزيز، الدكتور سالم باعجاجة، لـ«الشرق الأوسط» على اعتبار هذا النظام ركيزة أساسية للاستراتيجية الوطنية لتنمية الاستثمار، حيث يعمل على خلق بيئة جاذبة في المملكة، من خلال تشجيع المستثمر المحلي والأجنبي.

وقال إن النظام المحدّث يذلل الصعوبات التي يواجهها المستثمر، إذ عملت البلاد على سنّ الأنظمة والقوانين والتشريعات اللازمة لجذب المستثمرين المحليين والأجانب، وذلك تماشياً مع «رؤية 2030».

الجدير بالذكر أن إعداد نظام الاستثمار تم بتعاون مشترك بين وزارة الاستثمار والعديد من الجهات الحكومية ذات العلاقة، وبالتشاور الموسع مع عددٍ من المنظمات الدولية، وباستطلاع آراء المستثمرين لضمان توافقه مع أفضل الممارسات الدولية.


مقالات ذات صلة

ارتفاع معتدل لطلبات إعانة البطالة الأسبوعية الأميركية

الاقتصاد علامة «نوظّف الآن» معروضة خارج شركة «تايلور» للحفلات وتأجير المعدات في سومرفيل بماساتشوستس (رويترز)

ارتفاع معتدل لطلبات إعانة البطالة الأسبوعية الأميركية

ارتفع عدد الأميركيين الذين قدّموا طلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل طفيف الأسبوع الماضي؛ مما يشير إلى مستوى منخفض من عمليات التسريح.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تتحدث في مؤتمر صحافي حول السياسة النقدية لمنطقة اليورو (وكالة الصحافة الفرنسية)

«المركزي الأوروبي» يخفض الفائدة مجدداً مع تلاشي التضخم وتعثر الاقتصاد

خفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.5 في المائة استجابة لانخفاض التضخم في منطقة اليورو.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد صورة جماعية بعد توقيع مذكرة التفاهم بين «سدايا» و«أوراكل» (واس)

«سدايا» السعودية توقع مذكرتي تفاهم مع «أوراكل» و«ديل» في مجال الذكاء الاصطناعي

وقّعت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) وشركة «أوراكل» الأميركية، الخميس، مذكرة تفاهم تهدف إلى تعزيز وعي المواطنين في الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مزارعون يجففون محصول الأرز في إحدى القرى بجنوب غربي الصين (أ.ف.ب)

الرئيس الصيني يدعو إلى تحقيق الهدف السنوي للاقتصاد

حث الرئيس الصيني شي جينبينغ يوم الخميس السلطات المحلية على السعي لتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية السنوية للبلاد

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد عامل يراقب شاحنة تنقل سيارات «تسلا» من مصنع الشركة في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)

الصين تُحذر شركاتها من بناء مصانع السيارات بالخارج

حذّرت وزارة التجارة الصينية شركات صناعة السيارات في البلاد من مخاطر القيام باستثمارات مرتبطة بالسيارات في الخارج.

«الشرق الأوسط» (بكين)

الخزانة الأميركية: قواعد جديدة لضريبة 15% على الشركات الكبرى والأكثر ربحية

تمثال للسيناتور السابق ألبرت غاليتين أمام وزارة الخزانة في واشنطن (رويترز)
تمثال للسيناتور السابق ألبرت غاليتين أمام وزارة الخزانة في واشنطن (رويترز)
TT

الخزانة الأميركية: قواعد جديدة لضريبة 15% على الشركات الكبرى والأكثر ربحية

تمثال للسيناتور السابق ألبرت غاليتين أمام وزارة الخزانة في واشنطن (رويترز)
تمثال للسيناتور السابق ألبرت غاليتين أمام وزارة الخزانة في واشنطن (رويترز)

أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، اليوم (الخميس)، قواعد مقترحة لضريبة بديلة جديدة على الشركات من المتوقع أن تولّد 250 مليار دولار من الإيرادات الأميركية على مدى 10 سنوات من نحو 100 شركة كبيرة تدفع الآن معدلاً متوسطاً يبلغ 2.6 في المائة فقط.

وذكرت وزارة الخزانة، في بيان، أن الضريبة ستُطبّق على الشركات التي يبلغ متوسط دخلها المالي المعدل مليار دولار أو أكثر سنوياً. وغالباً ما تستخدم هذه الشركات خصومات على الدخل واستراتيجيات أخرى لتقليل دخلها الصافي وضريبتها الفيدرالية، في بعض الأحيان إلى الصفر، وفق «رويترز».

وعلى الرغم من وجود متطلب عام للشركات التي تحقّق الحد الأدنى من الربح البالغ مليار دولار لدفع ضريبة الحد الأدنى البديلة بنسبة 15 في المائة، فإن التوضيحات الأكثر تحديداً الواردة في قواعد، الخميس، المقترحة ستنطبق على السنة الضريبية 2024، وفقاً لمسؤولي الخزانة.

وامتنع المسؤولون في وزارة الخزانة عن تحديد الشركات المائة التي من المحتمل أن تخضع للضريبة، ولكنهم أضافوا أنها تدفع حالياً معدل ضريبة فعّالاً متوسطاً قدره 2.6 في المائة بعد الخصومات والاعتمادات، إذ تدفع نحو 60 منها أقل من 1 في المائة.

وتمت الموافقة على الضريبة الجديدة بصفتها جزءاً من قانون خفض التضخم لعام 2022 للمساعدة في تعويض تكلفة مئات المليارات من الدولارات من ائتمانات الطاقة النظيفة الجديدة.

وقالت وزيرة الخزانة جانيت يلين، في بيان: «القواعد المقترحة التي نشرتها وزارة الخزانة اليوم (الخميس) تمثّل خطوة مهمة نحو تحقيق جهود الكونغرس لمعالجة أسوأ حالات تجنب الضرائب من قِبل الشركات الأميركية، وضمان عدم تمكّن أكبر الشركات وأعلاها ربحية في البلاد من دفع ضرائب قليلة أو لا تدفع على الإطلاق».

وأضافت أن الضريبة الجديدة ستساعد في تحقيق توازن للمنافسة مع الشركات الصغيرة، التي لا تمتلك الوصول إلى محامين ومستشارين ضريبيين مكلفين لوضع استراتيجيات معقدة لتقليل الضرائب.

وقال مسؤولون إن القواعد التي نُشرت في السجل الفيدرالي الخميس، توفر مزيداً من الوضوح بشأن الحدود المفروضة على الخصومات التي يمكن تطبيقها لتحديد الدخل المعدل والمسؤولية الضريبية.

وقالت وزارة الخزانة إنها ستقبل التعليقات العامة على القواعد المقترحة حتى 12 ديسمبر (كانون الأول)، بما في ذلك طلبات التحدث في جلسة استماع في 16 يناير (كانون الثاني) 2025.