«الفيدرالي» بين ضغط الأسواق وانتظار البيانات: هل يأتي خفض الفائدة قبل سبتمبر؟

الاضطرابات الاقتصادية تُعيد إلى الأذهان تحرّكات «الاحتياطي» المفاجئة في الأزمات السابقة

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» بين ضغط الأسواق وانتظار البيانات: هل يأتي خفض الفائدة قبل سبتمبر؟

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

أدى التباطؤ الحاد في سوق العمل الأميركية، الذي أثار أياماً من الاضطرابات في أسواق الأسهم العالمية، إلى تأجيج التكهنات بأن مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» قد لا ينتظر حتى اجتماعه المقرر المقبل في سبتمبر (أيلول) لخفض أسعار الفائدة.

وفي الواقع، قفزت عقود أسعار الفائدة الآجلة، التي تنتهي في وقت لاحق من هذا الشهر، والتي تتبع توقعات سياسة «الفيدرالي» إلى أعلى مستوى في شهرين في وقت سابق من الأسبوع، في رهان على أن الأسعار ستكون أقل بحلول نهاية أغسطس (آب)، وفق «رويترز».

ولكن الاحتمالات ضد هذا، وكما قال رئيس بنك «شيكاغو الفيدرالي» أوستن غولسبي، في وقت سابق من هذا الأسبوع، إن «القانون لا يقول أي شيء عن سوق الأسهم. الأمر يتعلّق بالعمالة والثبات في الأسعار»، في إشارة إلى التفويض المزدوج لـ«الفيدرالي» لتعزيز التشغيل الكامل واستقرار الأسعار.

ويسجل عدد متزايد من المحللين الآن خفضاً بنصف نقطة مئوية لسعر الفائدة في اجتماع «الفيدرالي» في سبتمبر. لكن قلة قليلة -إن وُجدت- تعتقد أن «الفيدرالي» سيتحرّك عاجلاً.

وكتبت الاقتصادية في «نايتفيد»، كاثي بوستانيتش: «البيانات الاقتصادية الحالية لا تبرّر خفض أسعار الفائدة بصفة طارئة بين الاجتماعات، وهذا من شأنه أن يثير جولة جديدة من الذعر في الأسواق».

حتى الرئيس السابق لبنك نيويورك الفيدرالي، ويليام دادلي، الذي دعا «المركزي» الأميركي إلى خفض الأسعار الأسبوع الماضي -قبل أن يُظهر أحدث البيانات أن معدل البطالة قفز إلى 4.3 في المائة في يونيو (حزيران)- كتب هذا الأسبوع أن خفضاً بين الاجتماعات «غير مرجح للغاية».

ومن المتوقع أن تُتاح لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، فرصة لإعطاء توجيه جديد حول ما يمكن أن يكون مطلوباً عندما يجتمع محافظو المصارف المركزية العالميون في ندوة «جاكسون هول» الاقتصادية السنوية، التي يعقدها بنك «كانساس سيتي» الفيدرالي في وايومنغ في أواخر أغسطس.

ومن المتوقع على نطاق واسع أن يتجاهل باول انهيار سوق الأسهم، ويستمر فيما قاله يوم الأربعاء الماضي، بعد قرار «الفيدرالي» الإبقاء على سعر الفائدة في نطاق 5.25 في المائة - 5.50 في المائة.

وقال باول: «إذا حصلنا على البيانات التي نأمل الحصول عليها، فقد يكون خفض سعر الفائدة مطروحاً على الطاولة في اجتماع سبتمبر».

وخلال الأسابيع المقبلة، قد تؤثر البيانات المتعلقة بالوظائف والتضخم وإنفاق المستهلكين والنمو الاقتصادي فيما إذا كان هذا الخفض سيكون خفضاً بربع نقطة أو شيء أكبر.

وفي كل مرة من المرات الثماني، خلال الثلاثين عاماً الماضية، التي خفّض فيها «المركزي» الأميركي أسعار الفائدة بين اجتماعات تحديد السياسة، تجاوزت الاضطرابات في الأسواق أسواق الأسهم. وعلى وجه الخصوص، كانت مؤشرات سوق السندات تشير إلى حدوث اضطرابات سريعة في تدفقات الائتمان التي تحافظ على استمرارية الأعمال التجارية، وهو العامل الذي غاب بشكل ملحوظ حتى الآن.

وفيما يلي توضح كل حالة على حدة العوامل التي أدت إلى اتخاذ تلك القرارات:

1- الأزمة المالية الروسية/صندوق إدارة رأس المال الطويل الأجل - 25 نقطة أساس

15 أكتوبر (تشرين الأول) 1998: خفّض «الاحتياطي الفيدرالي»، الذي كان قد خفّض سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة فقط في اجتماعه قبل أسبوعين فقط، أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس أخرى. وكان فشل صندوق التحوّط «لونغ تيرم كابيتال مانغمنت» -في أعقاب تخلّف روسيا عن سداد ديونها السيادية قبل شهرين- يتردد صداه في الأسواق المالية الأميركية؛ ما أدى إلى تفجير فروق الائتمان التي هدّدت بالتأثير في الاستثمار وجرّ الاقتصاد إلى الانحدار.

2- انخفاض حاد في أسهم التكنولوجيا - 100 نقطة أساس

3 يناير (كانون الثاني) و18 أبريل (نيسان) 2001: أجرى «الفيدرالي» خفضاً مفاجئاً لسعر الفائدة بمقدار نصف نقطة في بداية العام، بعد أن تحوّل الارتفاع الحاد في أسهم التكنولوجيا إلى انهيار في الأسهم، الأمر الذي أثار قلق صانعي السياسات بشأن تقليص الإنفاق على الأسر والأعمال. وما كان في الغالب حدثاً في سوق الأسهم تسلل إلى سوق السندات للشركات في أواخر عام 2000؛ ما أدى إلى إرسال فروق الائتمان ذات العائد المرتفع إلى أوسع نطاق لها على الإطلاق حتى تلك النقطة. وكان التخفيضان الفيدراليان بالإضافة إلى تخفيضين بنصف نقطة في اجتماعيه خلال31 يناير و20 مارس (آذار).

3- هجمات «11 سبتمبر» 2001 - 50 نقطة أساس

17 سبتمبر 2001: خفّض «الفيدرالي» سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية بعد الهجمات وإغلاق الأسواق المالية الأميركية لعدة أيام، ووعد بمواصلة تزويد الأسواق المالية بحجم غير عادي من السيولة حتى يُستعاد أداء السوق الطبيعي. وتوسعت فروق أسعار السندات عالية العائد بأكثر من 200 نقطة أساس، قبل أن تساعد إجراءات «الفيدرالي» في استعادة الهدوء لدى أسواق الائتمان.

4- الأزمة المالية العالمية - 125 نقطة أساس

22 يناير و8 أكتوبر 2008: خفّض «الفيدرالي» سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس في اجتماع غير مجدول في يناير، وذلك بعد أن بدأت الأزمة في الإقراض دون المستوى المطلوب في الصيف السابق، ثم انتشرت إلى الأسواق العالمية. وبلغت فروق العائد المرتفع أعلى مستوياتها في خمسة أعوام في ذلك الوقت.

ثم أدى فشل «ليمان براذرز» في 15 سبتمبر إلى مرحلة جديدة من الأزمة، وعلى الرغم من أن «الفيدرالي» لم يتخذ أي إجراء سياسي في اجتماعه الذي عُقد في اليوم التالي، فإنه بحلول أوائل أكتوبر اجتمع مع محافظي المصارف المركزية العالمية الآخرين، لاتخاذ إجراء منسق، تضمّن خفض أسعار الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار نصف نقطة أساس. وفي نهاية المطاف بلغت فروق العائد ذروتها قرب نهاية العام عند مستوى لا يزال قياسياً بالنسبة إلى السندات ذات العائد المرتفع والسندات ذات الدرجة الاستثمارية.

5- جائحة «كوفيد-19» - 150 نقطة أساس

3 و15 مارس 2020: خفّض «الفيدرالي» سعر الفائدة بنصف نقطة مئوية، ثم بعد أقل من أسبوعين بنقطة كاملة أخرى، لتخفيف السياسة مع انزلاق السفر والتجارة العالمية فجأة إلى حالة من التوقف التام تقريباً في مواجهة عمليات الإغلاق الحكومية لمنع انتشار «كوفيد-19». وبينما انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية بأكثر من 30 في المائة، كان الأمر الأكثر إثارة للقلق هو اتساع فروق الائتمان بنحو 700 نقطة، واضطرابات في وظيفة سوق سندات الخزانة الأميركية.


مقالات ذات صلة

تباين أداء السوق السعودية وسط تذبذب الأسهم العالمية ونتائج الشركات

الاقتصاد أحد المستثمرين يتابع شاشة التداول في السوق المالية السعودية «تداول» بالعاصمة الرياض

تباين أداء السوق السعودية وسط تذبذب الأسهم العالمية ونتائج الشركات

تذبذب أداء مؤشر السوق السعودية خلال الأسبوع متأثراً بتقلبات الأسهم العالمية وفترة إعلان نتائج الشركات المحلية للربع الثاني والتي ستنتهي يوم الأحد المقبل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

الأزمة لم تنتهِ بعد: مخاوف من تأثير موجة بيع الين على الدولار والمصارف

قال مديرو الصناديق الاستثمارية إن موجة البيع الضخمة التي شهدتها الأسواق العالمية هذا الأسبوع والتي أشعلتها تصفية صفقات ممولة بالين لم تنتهِ بعد وقد تمتد.

«الشرق الأوسط» (نيويورك - سنغافورة)
الاقتصاد متداولون في قاعة بورصة نيويورك خلال التداول الصباحي (أ.ف.ب)

مخاوف الركود الأميركي تمحو 6 تريليونات دولار من الأسهم العالمية

شهدت الأسواق العالمية انهياراً حاداً، حيث أدت مخاوف الركود الأميركي وتصفية حادة للمراكز إلى محو 6 تريليونات دولار من الأسهم العالمية في ثلاثة أسابيع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مارة ينظرون إلى لوحة إلكترونية تعرض مؤشر «توبكس» ومتوسطات أسهم «نيكي» اليابانية (رويترز)

«نيكي» يغلق منخفضاً وسط مخاوف من تشديد السياسة النقدية

أضاف مؤشر «نيكي» إلى خسائره يوم الخميس، متأثراً بتراجع أسهم شركات الرقائق المحلية والآفاق المتشائمة بشأن السياسة النقدية في اليابان.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد مستثمر يمر أمام شاشة تعرض معلومات سوق الأسهم السعودية «تداول» في الرياض (رويترز)

سوق الأسهم السعودية ترتفع 50 نقطة بقيادة الطاقة

ارتفع مؤشر الأسهم السعودية الرئيسية (تاسي)، في نهاية جلسة الأربعاء، بنسبة 0.43 في المائة، وبفارق 50.55 نقطة، إلى مستويات 11729.71 نقطة، متأثراً بقطاع الطاقة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

انخفاض أكبر من المتوقع في طلبات إعانة البطالة الأميركية

باحث عن عمل يكمل طلب وظيفة بمعرض الوظائف في فيلادلفيا (رويترز)
باحث عن عمل يكمل طلب وظيفة بمعرض الوظائف في فيلادلفيا (رويترز)
TT

انخفاض أكبر من المتوقع في طلبات إعانة البطالة الأميركية

باحث عن عمل يكمل طلب وظيفة بمعرض الوظائف في فيلادلفيا (رويترز)
باحث عن عمل يكمل طلب وظيفة بمعرض الوظائف في فيلادلفيا (رويترز)

انخفض عدد الأميركيين المتقدمين بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة أكثر من المتوقع الأسبوع الماضي، مما يشير إلى أن المخاوف من تفكك سوق العمل كانت مبالغاً فيها وأن التباطؤ التدريجي في سوق العمل لا يزال قائماً.

وقالت وزارة العمل الأميركية يوم الخميس، إن الطلبات الأولية لإعانات البطالة الحكومية انخفضت بمقدار 17 ألف طلب إلى 233 ألف طلب معدّل موسمياً للأسبوع المنتهي في 3 أغسطس (آب)، وهو أكبر انخفاض منذ نحو 11 شهراً. وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا 240 ألف طلب للأسبوع الأخير.

كانت الطلبات في اتجاه تصاعدي تقريباً منذ يونيو (حزيران)، مع إلقاء اللوم في جزء من الارتفاع على التقلبات المرتبطة بإغلاق مؤقت لمصانع السيارات لإعادة التجهيز والاضطرابات الناجمة عن إعصار بيريل في تكساس.

كانت الطلبات على مدى الأسابيع القليلة الماضية تحوم بالقرب من الحد الأعلى للنطاق هذا العام، لكنَّ عمليات التسريح لا تزال منخفضة عموماً. وأظهرت بيانات حكومية الأسبوع الماضي أن معدل تسريح العمالة في يونيو كان الأدنى منذ أكثر من عامين.

ويعود التباطؤ في سوق العمل إلى تراجع وتيرة التوظيف، نتيجة لسياسة رفع أسعار الفائدة التي اتبعها «الاحتياطي الفيدرالي» في العامين الماضيين.

وقد أبقى «المركزي الأميركي» الأسبوع الماضي على سعر الفائدة الأساسي عند مستوى 5.25 في المائة إلى 5.50 في المائة، حيث ظل منذ يوليو (تموز) الماضي، لكنَّ صناع السياسة أشاروا إلى نيتهم خفض تكاليف الاقتراض في اجتماع السياسة التالي في سبتمبر (أيلول).

ومع ذلك، أظهر التقرير الشهري للوظائف غير الزراعية الصادر عن الحكومة يوم الجمعة الماضي تباطؤاً كبيراً في مكاسب الوظائف في يوليو وارتفاع معدل البطالة إلى 4.3 في المائة، مما أثار مخاوف في الأسواق من أن سوق العمل قد يتدهور بوتيرة تستدعي اتخاذ إجراءات قوية من جانب «الفيدرالي».

وتعكس عقود أسعار الفائدة الحالية احتمالاً بنحو 70 في المائة أن يبدأ «الفيدرالي» في خفض تكاليف الاقتراض الشهر المقبل بخفض بنسبة 50 نقطة أساس أكبر من المعتاد.

وأظهر تقرير المطالبات أن عدد الأشخاص الذين يتلقون إعانات بعد أسبوع أوّلي من المساعدات، وهو مؤشر على التوظيف، زاد 6 آلاف إلى 1.875 مليون، معدّل موسمياً خلال الأسبوع المنتهي في 27 يوليو.

وعقب صدور البيانات، ارتفعت عقود مؤشرات الأسهم الأميركية الآجلة بشكل حاد بعد أن خفّضت قراءة أقل من المتوقع لطلبات إعانات البطالة الأسبوعية المخاوف من الركود في أكبر اقتصاد في العالم.

وارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي 135 نقطة أو 0.35 في المائة، وصعد مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» 31.75 نقطة أو 0.61 في المائة، وارتفع مؤشر «ناسداك 100» 144 نقطة أو 0.8 في المائة.

كما ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات لتسجل 3.970 في المائة.

وفي سوق العملات، ارتفع مؤشر الدولار بعد طلبات إعانة البطالة إلى 103.14، كما ارتفع اليورو إلى 1.0925 مقابل الدولار.