هل تنجح خطة ترمب لخفض قيمة الدولار؟

ترمب يُلوِّح بيده بعد أن تحدث خلال تجمع انتخابي في مركز «هيرب بروكس» الوطني للهوكي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا (أ.ف.ب)
ترمب يُلوِّح بيده بعد أن تحدث خلال تجمع انتخابي في مركز «هيرب بروكس» الوطني للهوكي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا (أ.ف.ب)
TT
20

هل تنجح خطة ترمب لخفض قيمة الدولار؟

ترمب يُلوِّح بيده بعد أن تحدث خلال تجمع انتخابي في مركز «هيرب بروكس» الوطني للهوكي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا (أ.ف.ب)
ترمب يُلوِّح بيده بعد أن تحدث خلال تجمع انتخابي في مركز «هيرب بروكس» الوطني للهوكي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا (أ.ف.ب)

يرى المستثمرون أن خطة دونالد ترمب لخفض قيمة الدولار إذا فاز في الانتخابات الأميركية «من غير المرجح للغاية» أن تنجح حيث سيجري تقويضها من خلال سياسات مثل التعريفات الجمركية وتخفيضات الضرائب.

في الأسابيع الأخيرة، تحدث الرئيس السابق وزميله في الترشح، جيه دي فانس، عن فوائد إضعاف العملة لتعزيز التصنيع في البلاد وخفض العجز التجاري.

لكنَّ الاستراتيجيين يُحذرون من أن خطط خفض قيمة الدولار ستكون مكلِّفة وقصيرة الأجل، في حين أن السياسات الشعبوية مثل الرسوم الجمركية على السلع الخارجية من شأنها أن تعاكس تأثيرها، وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز».

أوراق نقدية بالدولار الأميركي (د.ب.أ)
أوراق نقدية بالدولار الأميركي (د.ب.أ)

وقال مدير صندوق في «إدموند دي روتشيلد» مايكل نيزارد: «هناك تناقض كبير في السوق اليوم - كان ترمب صريحاً بشأن خفض قيمة الدولار ولكن سياساته يجب أن تدعم العملة، على الأقل في الأمد القريب».

كان ترمب قد قال في مقابلة مع «بلومبرغ» الأسبوع الماضي، إن الولايات المتحدة لديها «مشكلة عملة كبيرة» فرضت «عبئاً هائلاً» على الشركات المصنعة التي تبيع السلع في الخارج.

وتتركز رؤية فانس لأميركا، التي وضعها في خطابه في المؤتمر الوطني الجمهوري الأسبوع الماضي، أيضاً على ضعف الدولار -إعادة بناء التصنيع الأميركي على البر والتراجع عن بعض العولمة في العقود الماضية.

وتأتي دعوات ترمب لإضعاف العملة في الوقت الذي ارتفع فيه الدولار، على الرغم من الانخفاض الأخير، بنسبة 15 في المائة مقابل سلة من العملات منذ تولى الرئيس جو بايدن، منصبه في يناير (كانون الثاني) 2021، والعجز التجاري الأميركي أكبر بمقدار الثلث مقارنةً بعام 2019 وبلغ 773 مليار دولار العام الماضي. ويرجع ذلك أيضاً إلى قوة الاقتصاد الأميركي ووصول أسعار الفائدة إلى أعلى مستوياتها في 23 عاماً.

وقال رئيس استراتيجية العملات الأجنبية لمجموعة العشرة في «يو بي إس» شهاب غالينوس، إنه لا توجد طريق واضحة للرئيس لاتخاذها لخفض قيمة العملة. وقال: «المشكلة الأساسية هي أنه لا يوجد شعور بأن الدولار الأميركي مُبالَغ في قيمته».

إن العقبة الكبيرة التي يواجهها ترمب وفانس في محاولتهما لإضعاف العملة هي أن سياساتهما الأخرى قد تدعم الدولار، وفق «فاينانشيال تايمز». وقال ترمب إنه يريد فرض تعريفة جمركية بنسبة 60 في المائة على الواردات الصينية ورسوم بنسبة 10 في المائة على الواردات من بقية العالم إذا عاد إلى البيت الأبيض.

مبنى بورصة نيويورك (أ.ب)
مبنى بورصة نيويورك (أ.ب)

ويقول الاستراتيجيون إن هذا يفرض عبئاً أكبر على العملات خارج الولايات المتحدة، حيث التجارة عبر الحدود أكبر نسبياً لحجم الاقتصاد.

وهذا يشير إلى أن التعريفات الجمركية المرتفعة من شأنها أن تُلحق مزيداً من الضرر بالاقتصادات غير الأميركية، وتحدّ من نموها وتُضعف عملاتها. في الأسبوع الماضي، أوضحت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، أن التعريفات الجمركية من المرجح أن تدفع البنك المركزي الأوروبي نحو خفض أسعار الفائدة وإضعاف اليورو.

وقد تؤدي التعريفات الجمركية أيضاً إلى زيادة التكاليف المحلية، مما يدفع التضخم إلى الارتفاع ويُبقي أسعار الفائدة مرتفعة. وفي حين يصعب التنبؤ بالتأثير، قدّر رئيس أبحاث العملات الأجنبية لمجموعة العشرة في «ستاندرد تشارترد» ستيف إنغلاندر، أن اقتراح ترمب للتعريفات الجمركية قد يرفع الأسعار بنسبة 1.8 في المائة على مدى عامين، في غياب تأثيرات الجولة الثانية.

وقال رئيس النقد الأجنبي العالمي في «مورغان ستانلي» جيمس لورد: «ستؤدي التعريفات الجمركية، إذا كان كل شيء آخر متساوياً، إلى زيادة قوة الدولار، خصوصاً إذا أدى الانتقام من الشركاء التجاريين في شكل تعريفات جمركية إلى زيادة مخاطر النمو الإضافية للاقتصاد العالمي».

كما قال ترمب إنه سيمدد التخفيضات الضريبية التي من المقرر أن تنتهي العام المقبل، ولمّح إلى مزيد من التخفيضات الضريبية التي قد تضيف ضغوطاً إلى العجز المالي الهائل في الولايات المتحدة وتبطئ وتيرة دورة خفض أسعار الفائدة في بنك الاحتياطي الفيدرالي.

لكنَّ الاستراتيجيين يُحذّرون أيضاً من أن خيارات ترمب الأخرى لخفض قيمة الدولار محدودة بسبب الاضطرابات التي قد تشعر بها الأسواق العالمية.

لم تتم محاولة خفض قيمة الدولار منذ اتفاق بلازا في عام 1985، الذي حقق بعض النجاح ولكنه كان مدعوماً بانخفاض أسعار الفائدة الأميركية.

يمكن لترمب أن يضغط على بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، حتى لو لم يكن تآكل استقلال بنك الاحتياطي الفيدرالي سياسةً رسميةً لحملته... ومع ذلك، من المرجح أن يثير هذا قلق الأسواق.

وحسب رئيس أبحاث النقد الأجنبي في «دويتشه بنك» جورج سارافيلوس، فإن الدولار يجب أن ينخفض ​​بنسبة تصل إلى 40 في المائة لإغلاق العجز التجاري الأميركي.

وقال استراتيجي أسعار الفائدة العالمية في «كولومبيا ثريدنيدل» إدوارد الحسيني: «إن تكلفة الاضطراب هائلة للغاية... السوق هنا ستكون قوة موازنة قوية»، مضيفاً أن أي تدخل لإضعاف الدولار «غير مرجح للغاية».

كان أحد المقترحات لإضعاف العملة هو أن تستخدم الولايات المتحدة صندوق تثبيت سعر الصرف التابع لوزارة الخزانة. ومع ذلك، فإن الصندوق لديه نحو 200 مليار دولار من الأصول لشراء العملات الأجنبية، التي يخشى المحللون أن تنفد قريباً.

وقد يواجه ترمب وفانس مشكلات مع ناخبيهما. وقال غالينوس: «الطريقة الأكثر وضوحاً لحدوث هذا التخفيض في القيمة هي أن تفقد الولايات المتحدة استثنائيتها الاقتصادية. لكنَّ الدولار يظل عملة الاحتياطي العالمي وملاذاً في أوقات الاضطرابات الاقتصادية. ومن بين تعهدات الحزب الجمهوري لعام 2024 الحفاظ على الدولار الأميركي عملةً احتياطية عالمية».


مقالات ذات صلة

مجلس الوزراء المصري يوافق على موازنة 2025 - 2026 بعجز متوقع 30 مليار دولار

الاقتصاد مدبولي يرأس اجتماع مجلس الوزراء المصري (رئاسة مجلس الوزراء)

مجلس الوزراء المصري يوافق على موازنة 2025 - 2026 بعجز متوقع 30 مليار دولار

وافق مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، على مشروع موازنة العام المالي الجديد 2025 - 2026، وقرر إحالته إلى مجلس النواب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد تمثيلات العملات الافتراضية على أوراق الدولار الأميركي (رويترز)

«وورلد ليبرتي فاينانشال» تعلن عن إطلاق عملة مستقرة مرتبطة بالدولار

أعلنت شركة «وورلد ليبرتي فاينانشال» للعملات الرقمية، المملوكة لدونالد ترمب، في بيان لها يوم الثلاثاء عن خطط لإطلاق عملة مستقرة مرتبطة بالدولار الأميركي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد أوراق نقدية من الروبل الروسي والدولار الأميركي (رويترز)

وسط ترقب نتائج المحادثات الأميركية - الروسية... الروبل يتراجع مقابل الدولار

تراجع الروبل الروسي مقابل الدولار، في تعاملات جلسة الثلاثاء، في ظل ترقب السوق لإعلان رسمي عن نتائج المحادثات الأميركية - الروسية في السعودية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد أوراق الدولار الأميركي (رويترز)

الدولار يرتفع مدعوماً بتصريحات ترمب عن الرسوم الجمركية

سجّل الدولار أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع مقابل الين يوم الثلاثاء، وظلّ مستقراً بوجه عام بعد صدور بيانات قوية من قطاع الخدمات الأميركي.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد استمرار الاحتجاجات على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (رويترز)

«المركزي التركي» يطرح مناقصة لسندات سيولة بقيمة 50 مليار ليرة

يواصل البنك المركزي التركي اتخاذ إجراءات لإنقاذ العملة من الانهيار على خلفية التطورات الأخيرة التي أعقبت اعتقال رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

عين ترمب على الرقائق... رغم المليارات المتوقعة بأميركا

دونالد ترمب خلال قمة «أمهات من أجل الحرية» في واشنطن (أرشيفية - رويترز)
دونالد ترمب خلال قمة «أمهات من أجل الحرية» في واشنطن (أرشيفية - رويترز)
TT
20

عين ترمب على الرقائق... رغم المليارات المتوقعة بأميركا

دونالد ترمب خلال قمة «أمهات من أجل الحرية» في واشنطن (أرشيفية - رويترز)
دونالد ترمب خلال قمة «أمهات من أجل الحرية» في واشنطن (أرشيفية - رويترز)

رغم تعهد شركات تقنية كبرى لصناعة الرقائق استثمار مليارات من الدولارات على تصنيع الرقائق والتكنولوجيا في الولايات المتحدة، فإنّ الرئيس الأميركي دونالد ترمب لا يزال يتطلع إلى فرض رسوم جمركية على القطاع. فهو قال قبل أيام إنه سيعيد جميع شركات الرقائق الإلكترونية إلى السوق، مضيفاً: «لقد عادت بالفعل دون أن تُنفّذ أي إجراءات».

لم يُفصّل ترمب في هذا الشأن، لكن ما قاله يُشير إلى صعوبة تجنّب قطاع التكنولوجيا للرسوم الجمركية المُركّزة على الرقائق.

ما هي أهم هذه الاستثمارات؟

كانت شركة «تي إس إم سي» التايوانية لصناعة الرقائق - وهي أكبر شركة لتصنيع الرقائق الإلكترونية في العالم - تعهدت في الرابع من مارس (آذار) استثمار مبلغ 100 مليار دولار على مدى أربعة أعوام لتوسيع عمليات تصنيع أشباه الموصلات في الولايات المتحدة.

كما أعلنت «إنفيديا» أنها تخطط لاستثمار مئات المليارات من الدولارات في الرقائق والإلكترونيات أميركية الصنع على مدى السنوات الأربع المقبلة.

«أبل» من جهتها أعلنت عن استثمار بقيمة 500 مليار دولار.

ويوم الاثنين الماضي، زار الرئيس التنفيذي لـ«سوفت بنك»، ماسايوشي سون، ترمب في مار إيه لاغو، وأعلن عن استثمار بقيمة 100 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة، مع وعد بخلق 100 ألف وظيفة تركز على الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية ذات الصلة.

وفي يناير (كانون الثاني) أعلن ترمب عن استثمار خاص بقيمة 500 مليار دولار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي بقيادة «أوبن إي آي» و«أوراكل» و«سوفت بنك».

لقد جاءت تصريحات ترمب بفرض رسوم جمركية على قطاع أشباه الموصلات بعد أن انتقد قانون سلفه جو بايدن الخاص بالرقائق الإلكترونية والرسوم، في خطاب أمام الكونغرس، داعياً إلى إلغائه.

كما تأتي تصريحاته في وقت تكافح فيه شركات الرقائق وسط عمليات بيع مكثفة لأسهم التكنولوجيا. فأسهم «تي إس إم سي» مثلاً تراجعت بنسبة 15 في المائة هذا العام، في حين انخفضت أسهم «إنفيديا» بنسبة 16 في المائة. وانخفض سعر سهم «إي إم دي» بنسبة 11 في المائة.

من رقائق الخام إلى المنتج النهائي

تستورد الولايات المتحدة عدداً قليلاً نسبياً من الرقائق الفردية، مقارنة بالعدد الهائل من المنتجات التي تستوردها مع رقائق بداخلها بالفعل. يشمل ذلك كل شيء؛ من الهواتف الذكية والسيارات، إلى الثلاجات وأجهزة الكمبيوتر المحمولة وأجهزة التلفزيون.

والأكثر من ذلك، لا تأتي الرقائق من بلد واحد فقط، إذ إنها تنتقل عبر الكثير من الحدود الوطنية. فهي تبدأ كرقاقات السيليكون الخام، والتي قد تأتي من اليابان أو تايوان أو ألمانيا، ثم تقوم هذه بوضع الرقائق، ثم ترسلها إلى مكان آخر، وفق تقرير لـ«ياهو فايننس».

وبشكل عام، غالباً ما يشمل تصنيع الرقاقة إنتاج رقاقة سيليكون في بلدٍ ما، ثم تُرسل إلى مصنع في بلد آخر، حيث تُطبع عليها دائرة كهربائية، ثم تُشحن إلى مصنع آخر في بلد آخر لتقطيعها إلى شرائح منفصلة وتعبئتها كأشباه موصلات. ومن هناك، تُرسل المعالجات إلى مصنع آخر، حيث تُوضع في أجهزة الكمبيوتر المحمولة والسيارات، وأي جهاز إلكتروني آخر تقريباً.

مع الإشارة هنا إلى أن هذا لا يشمل حتى المواد الكيميائية المختلفة اللازمة طوال عملية تصنيع الرقائق. في عام 2022، أثارت حرب روسيا في أوكرانيا ذعراً عالمياً؛ خوفاً من أن يؤدي نقص الوصول إلى غاز النيون إلى إبطاء تصنيع الرقائق في دول أخرى. ويُستخدم النيون في أجهزة الليزر اللازمة لتصنيع المعالجات، وقد استحوذت أوكرانيا على ما يزيد على 54 في المائة من هذا الغاز.

تعقيدات رسوم الرقائق

يعكس هذا المسار بشأن تنقل الرقائق بين الحدود والدول تعقيدات فرض رسوم على قطاع أشباه الموصلات. فإذا طبّق ترمب رسوماً جمركية عليها، فسيُثير ذلك عدداً من التساؤلات الرئيسية، بدءاً من تحديد ما إذا كان سيفرض رسوماً جمركية على المنتج النهائي الذي تُشحن إليه الرقائق، وما هي الدولة التي تُعتبر بلد المنشأ لرقاقة عبرت الحدود عدة مرات قبل اكتمال تصنيعها، وفق تقرير «ياهو فايننس».

ويزداد الأمر تعقيداً عند الأخذ في الاعتبار أن معظم الأجهزة تتطلب عدة رقائق للعمل بشكل صحيح. فهاتف «آيفون» مثلاً من شركة «أبل» يحتوي على وحدة المعالجة المركزية الرئيسية، بالإضافة إلى رقائق تُدير الطاقة، والتخزين، والشاشة، وأجهزة الاتصال اللاسلكي التي تُمكّن الهاتف الذكي من الاتصال بالإنترنت.

وهنا يُطرح سؤال: هل تُطبق الرسوم الجمركية على كل شريحة على حدة، أو على تلك القادمة من دول محددة فقط؟

الهيمنة الأميركية

تتصدر الولايات المتحدة قطاع أشباه الموصلات العالمي بوضوح؛ إذ تستحوذ شركاتها على حصة سوقية ضخمة تبلغ مجتمعة نحو 2.4 تريليون دولار.

وتتجلى هذه الهيمنة في القيمة السوقية الهائلة لشركة «إنفيديا» التي قاربت قيمتها السوقية 2.9 تريليون دولار في 4 مارس (آذار).

رئيس «إنفيديا» جينسن هوانغ يقدم منتجات جديدة في مؤتمر «جي تي سي» للذكاء الاصطناعي في سان خوسيه بكاليفورنيا (أ.ف.ب)
رئيس «إنفيديا» جينسن هوانغ يقدم منتجات جديدة في مؤتمر «جي تي سي» للذكاء الاصطناعي في سان خوسيه بكاليفورنيا (أ.ف.ب)

كما شهدت القيمة السوقية لشركة «برودكوم»، ثاني أكبر شركة أميركية من حيث القيمة السوقية، زيادة كبيرة بنسبة تبلغ نحو 36 في المائة خلال العام الماضي، لتصل إلى 896 مليار دولار في الأسبوع الأول من مارس، مدفوعة بارتفاع سعر السهم إلى 187.5 دولار.

وحققت «برودكوم» نمواً هائلاً في الربع الأول من عام 2025 الذي انتهى في 2 فبراير (شباط) 2025؛ إذ ارتفعت إيراداتها الصافية بنسبة 24.7 في المائة لتصل إلى 14.9 مليار دولار، مقارنة بنحو 12 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي. كما ارتفع صافي الدخل بشكل هائل بنسبة 315.3 في المائة ليصل إلى 5.5 مليار دولار، مقارنة بنحو 1.3 مليار دولار في العام السابق.

كما تبرز شركات أخرى مثل «تكساس إنسترومنتس» و«إيه إم دي» و«ميكرون» و«إنتل» قيماً سوقية مرتفعة، مما يؤكد قوة الشركات الأميركية في مختلف قطاعات أشباه الموصلات.

قيود تصدير الرقائق

وفي الوقت الذي يعكف ترمب وفريقه على صياغة قيود أكثر صرامة على أشباه الموصلات الأميركية، ويضغطون على الحلفاء الرئيسيين لتصعيد قيودهم على صناعة الرقائق الصينية، حثت شركات التكنولوجيا التي تبلغ قيمتها السوقية مجتمعة أكثر من 8 تريليونات دولار، الإدارة الأميركية على إعادة التفكير في قيود تصدير الرقائق؛ إذ تخشى هذه الشركات، ومن بينها «أمازون» و«إنفيديا» و«مايكروسوفت»، أن تدفع حلفاء الولايات المتحدة إلى أحضان المنافسين الصينيين، وفق «بلومبرغ».

وكانت إدارة بايدن أدخلت ما يُسمى بقاعدة انتشار الذكاء الاصطناعي التي تضع عدة دول في المستوى الثاني من فئة ثلاثية المستويات تحد من تصدير الرقائق المستخدمة في مراكز البيانات لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي.

التوسع الآسيوي... تايوان في المقدمة

لا يمكن إغفال الدور المحوري لآسيا في هذا القطاع؛ إذ تحتل تايوان مكانة بارزة بفضل شركة «تي إس إم سي» التي تبلغ قيمتها السوقية 920 مليار دولار.

شعار «تي إس إم سي» في معرض تايوان للتكنولوجيا بمركز التجارة العالمي في تايبيه (أ.ب)
شعار «تي إس إم سي» في معرض تايوان للتكنولوجيا بمركز التجارة العالمي في تايبيه (أ.ب)

كما تظهر كوريا الجنوبية كقوة صاعدة؛ إذ تبرز شركات مثل «سامسونغ» و«إس كيه هاينكس» بقيم سوقية كبيرة.

وتساهم الصين أيضاً بحصة ملحوظة، وإن كانت أقل مقارنة بالولايات المتحدة وتايوان، متمثلة في شركات مثل الشركة الدولية لصناعة أشباه الموصلات (إس إم آي سي).

أوروبا... لاعب رئيسي

تحافظ أوروبا من جهتها على مكانتها في هذا القطاع، وإن كانت تركز بشكل أكبر على تصنيع المعدات المتخصصة.

وتبرز هولندا بفضل شركة «إيه إس إم إل» التي تعد رائدة في تصنيع آلات الطباعة الحجرية المستخدمة في إنتاج الرقائق. وواجهت الشركة تقلبات ملحوظة في العام الماضي؛ إذ شهدت انخفاضاً في قيمتها السوقية بنسبة 28 في المائة، لتصل إلى 289 مليار دولار. ورغم هذا التراجع، أظهرت مبيعات الشركة مرونة نسبية؛ إذ سجلت زيادة بنسبة 2.6 في المائة في السنة المالية 2024، لتصل إلى 29.4 مليار دولار (28.3 مليار يورو).

شرائح أشباه الموصلات على لوحة دائرة كهربائية (أرشيفية - رويترز)
شرائح أشباه الموصلات على لوحة دائرة كهربائية (أرشيفية - رويترز)

وكانت صناعة أشباه الموصلات عالمياً شهدت أداءً قوياً في العام الماضي بنمو نسبته 19 في المائة، مع مبيعات بلغت نحو 627 مليار دولار، متجاوزة بذلك التوقعات السابقة التي كانت تشير إلى 611 مليار دولار. ومن المتوقع أن يكون عام 2025 أكثر ازدهاراً؛ إذ تُقدَّر المبيعات بنحو 697 مليار دولار، وهو أعلى مستوى تسجله الصناعة على الإطلاق.

ومن المتوقع أن تصل مبيعات هذا القطاع إلى ما قيمته تريليون دولار بحلول عام 2030. ويرى مراقبون أنه في حال استمرار المسار التصاعدي، فقد تصل مبيعاته إلى تريليونَي دولار بحلول عام 2040.