أمين «أوبك»: إنتاج المعادن المهمة مستقبلاً لن يعتمد على الطاقة المتجددة فقط

السيارة الكهربائية تحتوي على 200 كيلوغرام من المعادن... والتقليدية 34

شاحنات تنقل المعادن بعد استخراجها من الجبال (غيتي)
شاحنات تنقل المعادن بعد استخراجها من الجبال (غيتي)
TT

أمين «أوبك»: إنتاج المعادن المهمة مستقبلاً لن يعتمد على الطاقة المتجددة فقط

شاحنات تنقل المعادن بعد استخراجها من الجبال (غيتي)
شاحنات تنقل المعادن بعد استخراجها من الجبال (غيتي)

قال الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، هيثم الغيص، إن «الذين يتحدّثون عن أن إنتاج المعادن المهمة سيعتمد في المستقبل على مصادر الطاقة المتجددة فقط؛ لا يقدّمون صورة كاملة».

وأكد الغيص، في مقال جديد نُشر على الموقع الرسمي للمنظمة، الاثنين، توجهات «أوبك» بخصوص تعدّد مسارات الطاقة المستقبلية للدول والشعوب في جميع أنحاء العالم، «وعلينا جميعاً أن نكون واقعيين بشأن كيفية تحقيق ذلك».

وعلى الرغم من تأكيد الغيص أن مسارات الطاقة المستدامة أمر حيوي للسكان في جميع أنحاء العالم، فإنه نبّه إلى أهمية الأخذ في الاعتبار «التأثيرات الواقعية المترتبة على السيناريوهات والسياسات الرامية إلى تعزيز مصادر الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية... هناك كثير من العناصر التي تدخل في هذا، والعنصر المركزي هو الدور الذي تلعبه المعادن النادرة والمهمة».

وأشار هنا إلى توقعات لوكالة الطاقة الدولية عن مضاعفة الطلب على المعادن المهمة أربع مرات بحلول عام 2040، وذلك في سيناريو «صفر الانبعاثات بحلول عام 2050»، وهي وتيرة نمو لم يسبق لها مثيل في التاريخ، وفق ما أوضح الغيص.

وما دامت هذه المعادن، مثل: النحاس والكوبالت والسيليكون والنيكل والليثيوم والغرافيت والأتربة النادرة، تدعم تطوير مصادر الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية، فإن الدول الأعضاء في منظمة «أوبك» تستثمر بكثافة في مصادر الطاقة المتجددة، في جميع مراحل سلاسل التوريد الخاصة بها، وتشارك في تطوير المركبات الكهربائية. حسبما أكد الغيص، الذي أوضح أنه «لا ينبغي أن ينتقص الغرض من تسليط الضوء على (مصادر إنتاج المعادن النادرة والمهمة في المستقبل) بأي حال من الأحوال، من الأهمية التي توليها (أوبك) إلى دور مصادر الطاقة المتجددة والكهرباء في مستقبل الطاقة لدينا».

وطرح الغيص عدة تساؤلات عن شكل التوسعات في الطلب على المعادن المهمة مستقبلاً، وهي: «هل هذا النوع من التوسع ممكن حقاً؟ وما الآثار المترتبة؟ وما مدى استدامة ذلك؟ وما مدى أهمية النفط والغاز في التوسع بالمعادن المهمة، وكذلك مصادر الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية والشبكات؟».

وبالنظر إلى سيناريو وكالة الطاقة الدولية «صفر الانبعاثات بحلول عام 2050»، فإنه بحلول عام 2040، سيرتفع الطلب على النحاس بنسبة 50 في المائة، ويتضاعف الطلب على المعادن النادرة تقريباً، ويتضاعف الطلب على الكوبالت أكثر من الضعف، ويقترب الطلب على النيكل من ثلاثة أضعاف... وسينمو الطلب على الغرافيت أربع مرات تقريباً، وسيشهد الليثيوم توسعاً بمقدار تسعة أضعاف تقريباً بحلول عام 2040؛ ما يؤكد دوره الحاسم في صناعة البطاريات.

ولتحقيق هذا يتطلب بناء عدد كبير من المناجم الجديدة. وبالعودة إلى عام 2022، ترى وكالة الطاقة الدولية أنه بحلول عام 2030، سيحتاج العالم إلى بناء 50 منجماً جديداً لليثيوم، و60 منجماً جديداً للنيكل، و17 منجماً للكوبالت.

وهنا يقول الغيص: «ينبغي أن يُؤخذ في الاعتبار أن مشاريع إنتاج سلسلة التوريد المهمة، على مدار التاريخ، في مثل هذه الأنواع من السلع، كانت تأخذ فترات زمنية طويلة للتطوير، من الاكتشاف إلى الإنتاج الأولي».

وهنا طرح الغيص تساؤلاً آخر: هل معدل النمو هذا واقعي؟ وماذا قد يكون التأثير إذا كان النمو ضعيفاً؟ وعلى القدر نفسه من الأهمية، ماذا لو توقف صناع السياسات أيضاً عن الاستثمار في مشاريع النفط والغاز الجديدة؟

وأشار الأمين العام لـ«أوبك» إلى أن السيارات الكهربائية والألواح الشمسية، التي تُستخدم لإنتاج الطاقة الشمسية، وتوربينات الرياح؛ جميعها متعطشة للمعادن النادرة والمهمة، وهو ما يحتاج إلى استثمارات ضخمة.

وأوضح: «تحتوي السيارة الكهربائية على نحو 200 كيلوغرام من المعادن، وعلى النقيض من ذلك، تستخدم السيارة التقليدية نحو 34... ويتطلّب إنتاج واحد ميغاواط من الكهرباء من توربينات الرياح البحرية نحو 15 طناً من المعادن، و7 أطنان للطاقة الشمسية لإنتاج واحد ميغاواط... أما بالنسبة إلى الغاز الطبيعي فيحتاج إلى ما يزيد قليلاً على طن واحد».

ويُعد تعدين المعادن النادرة نشاطاً كثيف الاستهلاك للطاقة، وهو نشاط يقوم حالياً على الهيدروكربونات، «ولا يمكن أن تعمل بطريقة أخرى».

وعن استهلاك الطاقة، قال الغيص، إنه يمكن أن تشهد أنشطة التعدين زيادة بأكثر من خمسة أضعاف بحلول منتصف القرن، ومن المتوقع أن يأتي أحد أكبر مصادر الطلب الجديد على المعادن، خصوصاً النحاس، من الحاجة إلى إنشاء بنية تحتية جديدة لشبكات الكهرباء، مثل خطوط الكهرباء والمحولات.

وأمام هذه المعطيات، طرح الغيص هذا التساؤل: «هل من الواقعي الاعتقاد أن مصادر الطاقة المتجددة يمكن أن تلبي التوسع المتوقع في قطاع الكهرباء وحدها، لا سيما بالنظر إلى أن العالم استثمر أكثر من 9.5 تريليون دولار في التحول الطاقي، على مدى العقدين الماضيين، ومع ذلك لا تزال طاقة الرياح والطاقة الشمسية توفران أقل من 4 في المائة فقط من الطاقة حول العالم، في الوقت الذي يصل فيه انتشار السيارات الكهربائية حول العالم بما نسبته 2 إلى 3 في المائة».

وتشير مؤسسة «بلومبرغ» لأبحاث الطاقة الجديدة، في تقريرها الأخير عن توقعات الطاقة الجديدة، إلى أن سيناريو «صافي الانبعاثات» سوف يتكلّف 250 تريليون دولار بحلول عام 2050.


مقالات ذات صلة

محللان: سعر النفط أدنى من قيمته الحقيقية

الاقتصاد مضخات في حقل نفط لدى ولاية كاليفورنيا الأميركية (رويترز)

محللان: سعر النفط أدنى من قيمته الحقيقية

قال رئيسا أبحاث السلع الأولية في «غولدمان ساكس» و«مورغان ستانلي»، إن أسعار النفط مقوّمة بأقل من قيمتها الحقيقية، مع وجود عجز في السوق ومخاطر تحيط بالإمدادات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد برميل نفط يحمل شعار منظمة الدول المصدرة للنفط (رويترز)

«غولدمان ساكس»: تخفيضات إنتاج النفط قد تستمر حتى أبريل 2025

قال بنك «غولدمان ساكس» إن إنتاج الخام من العراق وكازاخستان وروسيا انخفض، امتثالاً لتخفيضات إنتاج «أوبك بلس».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد ناقلة نفط راسية في ميناء نيويورك (رويترز)

النفط يستقر مع إعلان وقف إطلاق النار وترقباً لاجتماع «أوبك بلس»

استقرت أسعار النفط خلال التعاملات المبكرة، الأربعاء، مع تقييم الأسواق للتأثير المحتمل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، وقبل اجتماع «أوبك بلس».

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد مصفاة لتكرير النفط في فادينار بولاية غوجارات الغربية بالهند (رويترز)

«مؤسسة النفط الهندية» تبقي على اتفاقها مع العراق

قال مسؤول تنفيذي كبير بـ«مؤسسة النفط الهندية»، كبرى شركات التكرير بالهند، إن المؤسسة أبقت على اتفاقها السنوي لاستيراد الخام من العراق عند 21 مليون طن لعام 2025.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد مصفاة نفط تابعة لـ«روسنفت» الروسية (رويترز)

تراجع العوائد الروسية من النفط والغاز بمقدار الثلث في نوفمبر

من المتوقع تراجع إيرادات روسيا من النفط والغاز في نوفمبر بما يعادل الثلث إلى 0.78 تريليون روبل (نحو 7.5 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (موسكو)

سكوت بيسنت... من «كسر» بنك إنجلترا إلى إدارة وزارة الخزانة الأميركية

ترمب يستمع إلى سكوت بيسنت وهو يتحدث عن الاقتصاد في أشفيل في أثناء الحملة الانتخابية (أ.ب)
ترمب يستمع إلى سكوت بيسنت وهو يتحدث عن الاقتصاد في أشفيل في أثناء الحملة الانتخابية (أ.ب)
TT

سكوت بيسنت... من «كسر» بنك إنجلترا إلى إدارة وزارة الخزانة الأميركية

ترمب يستمع إلى سكوت بيسنت وهو يتحدث عن الاقتصاد في أشفيل في أثناء الحملة الانتخابية (أ.ب)
ترمب يستمع إلى سكوت بيسنت وهو يتحدث عن الاقتصاد في أشفيل في أثناء الحملة الانتخابية (أ.ب)

قبل ثلاثة عقود من تعيينه لقيادة وزارة الخزانة، طُلب من سكوت بيسنت المساعدة في كسر النظام المالي لبلد آخر. فقد ساعد بيسنت، الذي كان يبلغ من العمر 29 عاماً آنذاك، والذي كان يعمل لدى الممول جورج سوروس، في «كسر» بنك إنجلترا من خلال صفقات ساحقة ضد الجنيه الإسترليني، وذلك كما ورد في تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز».

بحسب التقرير الذي أعدته الصحافية مورين فاريل، كان بيسنت ضمن فريق صغير في شركة سوروس الاستثمارية التي جمعت في عام 1992 رهاناً بقيمة 10 مليارات دولار على أن الجنيه الإسترليني كان مبالغاً في قيمته. على الرغم من أن الحكومة البريطانية حاولت دعم العملة، فإنها لم تكن قادرة على تحمل الضغط، وانخفضت قيمة الجنيه الإسترليني.

حصل صندوق سوروس على أكثر من مليار دولار، بالإضافة إلى الفضل (والسمعة السيئة) في تنظيم واحدة من أكثر الصفقات جرأة في «وول ستريت».

عندما أعلن الرئيس المنتخب دونالد ترمب اختياره لبيسنت وزيراً للخزانة، الأسبوع الماضي، لم يكن هناك أي ذكر لعلاقته بسوروس. لكن خبرة بيسنت في صندوق سوروس - بما في ذلك رهان آخر رفيع المستوى ضد الين الياباني - هي التي ساعدت في تحديد مسيرته المهنية، والتي يراها زملاؤه السابقون وشركاؤه الآخرون بمثابة مؤهلات مهمة.

قال ديفيد سميك، مستشار سوروس في مرحلة الرهان ضد الجنيه الاسترليني، إن بيسنت «كان بإمكانه رؤية نقاط الضعف بطريقة لم يرها معظم الأشخاص الآخرين في الأسواق المالية».

أمضى بيسنت، البالغ من العمر 62 عاماً، ما يقرب من أربعة عقود متداولاً، أو كبير مسؤولي الاستثمار في صناديق التحوط، بما في ذلك فترتان في إدارة شركته الخاصة. ولكنه أيضاً خرج مؤخراً من دائرة الضوء في «وول ستريت».

وقد تم إطلاق أحدث صناديق التحوط الخاصة به، وهو صندوق «كي سكوير كابيتال»، وسط ضجة كبيرة في عام 2016، حيث جمع 4.5 مليار دولار من أموال المستثمرين، بما في ذلك مليارا دولار من سوروس، ولكنه يدير الآن أقل من ذلك بكثير.

وكان صندوق آخر أداره في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين قد حقق أداءً غير ملحوظ بالمثل.

وقال بيسنت في مقابلات أجريت معه إنه بدأ باستراتيجية استثمار خاطئة.

بيسنت، وفق تقرير «نيويورك تايمز»، هو شخص تأخر نسبياً في الانضمام إلى الدائرة المقربة من ترمب؛ فعلى الرغم من أنه كان صديقاً لعقود من الزمن لعائلة الرئيس المنتخب، فإنه لم يتواصل مع ترمب إلا في العام الماضي.

صورة لبيسنت تعود إلى عام 2017 حين شارك في مؤتمر مالي في إيداهو (أ.ف.ب)

معرفة عميقة بالكوارث الاقتصادية

وفي مقابلات أجريت معه، أشاد زملاء بيسنت السابقون وشركاؤه بمعرفته العميقة بالتاريخ والأسواق المالية والكوارث الاقتصادية، وقالوا إن ذلك سيمنحه ميزة واضحة في توجيه وزارة الخزانة، المكلفة بإدارة الاقتصاد الأميركي والصحة المالية للحكومة. ويشمل ذلك إصدار الديون لتمويل عمليات الحكومة، والدفع بالتخفيضات الضريبية التي اقترحها ترمب من خلال الكونغرس، وقيادة المفاوضات الاقتصادية مع الصين والقوى العظمى العالمية الأخرى. وسيتعين عليه أيضاً أن يتصارع مع كيفية تأثير خطط ترمب بشأن التعريفات الجمركية على الاقتصاد والدولار والعجز.

يوم الاثنين، هدّد ترمب بزيادة الرسوم الجمركية على الواردات من الصين وفرض رسوم جديدة على كندا والمكسيك. وقال زملاء بيسنت السابقون إنهم لا يعدّونه من الموالين لترمب، لكنه كان داعماً علناً لخطط الرئيس المنتخب.

وفي مقال نشرته شبكة «فوكس نيوز»، هذا الشهر، كتب أن الاقتصاديين أساءوا فهم التعريفات الجمركية، مشيراً إلى دورها في زيادة الإيرادات للخزانة، وحماية الصناعات المحلية، والعمل بوصفها «أداة تفاوض مع شركائنا التجاريين».

«تأثير الفراشة»

قال كيران كافانا، مدير صندوق التحوط الذي عمل تحت إشراف بيسنت من 2013 إلى 2015 في شركة سوروس، إن بيسنت «بارع جداً في اكتشاف (تأثير الفراشة)».

وهو المصطلح الذي يسمى أيضاً «نظرية الفوضى»، ويُعرّف بأنه موقف حيث يكون الإجراء أو التغيير الذي لا يبدو مهماً له تأثير كبير جداً، وخاصة في أماكن أخرى أو حول العالم.

وعلى سبيل المثال، قال كافانا إن شيئاً ما يحدث في الصين يمكن أن يؤثر على الزراعة أو الصلب في الولايات المتحدة أو سعر سندات الخزانة.

ومع ذلك، تساءل الأشخاص المحيطون ببيسنت عن كيفية ترجمة خبرته إلى وزارة الخزانة. فمع وجود أكثر من 100 ألف موظف، ستكون الوكالة بمثابة تغيير جذري في النطاق والحجم عن أي شيء أداره بيسنت في الماضي.

عُرف عن بيسنت أنه كان يقضي وقتاً أطول في الغوص في البيانات المالية والكتب والدوريات أكثر من الإدارة النشطة أو عقد الاجتماعات مع الموظفين. وقال الأشخاص الذين عملوا معه إنه غالباً ما كان يخصص أيام الجمعة للقراءة، وأشاد العديد من زملائه السابقين بإرشاداته الفردية.

أما في وزارة الخزانة، فسيعمل في عالم مختلف؛ عالم سيتعين عليه فيه التعامل مع السياسة بالإضافة إلى الاقتصاد.

وقال روبرت جونسون، الذي كان زميلاً لبيسنت في وقت خفض قيمة الجنيه الإسترليني: «إن قدرته على إقناع رئيس الولايات المتحدة أو مجلس الشيوخ تختلف عن قدرته على رؤية ما يجب القيام به».

الملياردير الأميركي جورج سوروس (أ.ب)

في شركة «سوروس فاند مانجمنت»، الاسم الحالي للشركة، حيث شغل بيسنت منصب كبير مسؤولي الاستثمار من عام 2011 إلى عام 2015، ساعد في الإشراف على نحو 320 موظفاً، بمن في ذلك 120 من المتخصصين في الاستثمار. وكانت تلك أكبر مسؤولياته الإدارية حتى الآن.

وبيسنت هو ثاني وزير خزانة يختاره ترمب لمنصب وزير الخزانة الذي عمل تحت إشراف سوروس، على الرغم من الاختلافات الآيديولوجية الشديدة بين المحسن الليبرالي والرئيس المنتخب. وكان ستيفن منوشين، الذي خدم في إدارة ترمب الأولى، قد عمل في صندوق سوروس لفترة وجيزة في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ولكنه لم يتداخل مع بيسنت.

العمل لدى سوروس

بدأ بيسنت مسيرته المهنية في مجال التمويل بعد تخرجه في عام 1984 من جامعة ييل، حيث قام بتدريس العديد من دورات الاقتصاد والاستثمار في وقت لاحق. وعمل في بنك «براون براذرز هاريمان» الاستثماري قبل أن ينضم إلى شركة سوروس عام 1991.

وقد أرسل صندوق «كوانتوم» التابع لسوروس بيسنت إلى لندن، حيث انغمس في بيانات الإسكان. واكتشف أن عدداً قليلاً من المواطنين البريطانيين يحملون قروضاً عقارية بسعر فائدة ثابت. وتوقع أنه إذا قام بنك إنجلترا برفع أسعار الفائدة، فإن ذلك سيرفع التكلفة مباشرة على المواطنين بينما كان الاقتصاد في خضم الركود.

في ذلك الوقت، كان الجنيه الإسترليني محصوراً في نطاق العملة الألمانية، بموجب اتفاقية مع معظم الاقتصادات الأوروبية الكبرى تهدف إلى تقليل تقلبات العملات الأجنبية. ولتحقيق ذلك، كان بنك إنجلترا المركزي يشتري أو يبيع الجنيه الإسترليني إذا بدأ يتحرك خارج النطاق، على غرار ما تفعله الصين اليوم للحفاظ على استقرار عملتها.

المراهنة ضد الجنيه الإسترليني

عندما بدأ سوروس وكبير مسؤولي الاستثمار لديه في ذلك الوقت، ستانلي دروكنميلر، في التفكير في المراهنة ضد الجنيه الإسترليني، منحهما فهم بيسنت للاقتصاد البريطاني الثقة بمواجهة بنك إنجلترا. وإحدى الطرق التي يمكن للبنك المركزي أن يحارب بها انخفاض العملة هي رفع أسعار الفائدة، لكن الرهون العقارية ذات السعر العائم جعلت من ذلك مشكلة لبنك إنجلترا.

وقال سميك: «لقد كان يتحسس بأطراف أصابعه عيوب النظام المالي البريطاني».

في ذلك الوقت، كان من غير المعقول أن يكون لدى مستثمري القطاع الخاص الموارد اللازمة لإسقاط أحد أقدم وأكبر البنوك المركزية في العالم. لكن سوروس أصر على أن يراهنوا بما يصل إلى 15 مليار دولار (على الرغم من أنهم في نهاية المطاف احتاجوا إلى 10 مليارات دولار فقط).

وفي وقت لاحق، قال بيسنت للمؤلف سيباستيان مالابي في كتاب «المزيد من المال أكثر من الله»: «يمكننا أن ندفع البنك إلى الحائط».

حقق فريق سوروس أرباحاً تزيد على مليار دولار من تلك الصفقة على مدار أسابيع.

لم يكن هذا الربح دون تكاليف، فقد كلفت القضية برمتها دافعي الضرائب البريطانيين مليارات الدولارات، وأدت إلى خسارة حزب المحافظين في الانتخابات، والتي استقال على أثرها رئيس الوزراء جون ميجور.

عام 2000، ترك بيسنت سوروس ليؤسس صندوق التحوط الخاص به، «بيسنت كابيتال». وقد حقق الصندوق، الذي ركز في البداية على تداول الأسهم، نتائج متباينة. وبحلول عام 2005، جرّب بيسنت التقاعد لفترة وجيزة وأعاد للمستثمرين أموالهم وأغلق الصندوق.

المراهنة على شينزو آبي

عام 2011، عاد بيسنت إلى شركة سوروس، بعد بضع سنوات في شركة أخرى، وبدأ في دراسة ما سيصبح مهنة ثانية تحدد مسيرته المهنية. في عام 2012، التقى بمستشارٍ لشينزو آبي، الذي سرعان ما أصبح رئيس وزراء اليابان للمرة الثانية. أخبره المساعد عن خطط آبي لإخراج اليابان من الركود الانكماشي الذي دام عقوداً من الزمان، وهو الجهد الذي أصبح يُعرف باسم «اقتصاد آبي».

إذا نجح آبي، فإن الين الياباني سوف يضعف، وسترتفع الأسهم في البلاد، كما استنتج بيسنت.

في عام 2013، أفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» بأن الرهان العملاق ضد الين أتى بثماره، حيث حقق الصندوق أرباحاً بلغت نحو مليار دولار في غضون بضعة أشهر فقط. قال زملاء سابقون إن شركة سوروس، مع بيسنت على رأس القيادة، حققت عائدات تزيد على 20 في المائة في معظم السنوات.

ولكن كان معروفاً عنه أيضاً أنه كان يتعارض مع سوروس في بعض الأحيان. وقال بيسنت في مقابلة لكتاب «داخل بيت المال: كبار المتداولين في صناديق التحوط حول الربح في الأسواق العالمية»: «يحب جورج أن تجادله إذا كنت على حق، ولهذا السبب أعتقد أنني نجحت هناك».

في حين يقول بعض زملائه السابقين إنه لم يكن سراً أنه كان أكثر تحفظاً من سوروس، وهو متبرع بارز للديمقراطيين، فقد وصفوه بأنه «غير سياسي» في مكان العمل.

لكن إعلان بيسنت في عام 2015 عن أنه سيترك إدارة صناديق سوروس جاء فجأة، وفقاً لخمسة موظفين سابقين، وجعل زملاءه مذهلين؛ إذ ركان العديد منهم يعملون بشكل مباشر في الصفقات معه في ذلك الوقت، (بقي حتى نهاية عام 2015).

وقال اثنان من الأشخاص إن بيسنت كان محبطاً من العمل تحت قيادة سوروس وابنه روبرت، الذي شغل منصب رئيس الشركة آنذاك، وكان مستعداً لبدء صندوقه الخاص مرة أخرى.

كما قال شخصان إن سوروس أعطى بيسنت ملياري دولار لبدء «كي سكوير»، وتحدث الرجلان بضع مرات فقط بعد ذلك.

وبعد عامين، في عام 2018، استعاد سوروس أمواله. افتتحت «كي سكوير» أعمالها بأكبر مجموعة من الأموال على الإطلاق، لكن أداءها كان باهتاً. تظهر البيانات من أحد مستثمري الصندوق أنه خسر أموالاً أو تعادل بين عامي 2018 و2021، رغم الأداء القياسي لأسواق الأسهم على مستوى العالم. لقد انكمش جزئياً لأنه قام بتدوير صندوق واحد إلى عمل جديد، ولديه أيضاً صناديق وخطوط أعمال مساعدة أخرى.

بداية جديدة

الآن من المقرر أن يبدأ بيسنت بداية جديدة أخرى. في حين لا يتمتع وزير الخزانة بالسيطرة المباشرة على السياسة النقدية، والتي تقع تحت سلطة بنك الاحتياطي الفيدرالي، تحدث بيسنت مراراً وتكراراً عن حالة الدولار الأميركي، وهو موضوع كان يدرسه منذ فترة عمله تحت قيادة سوروس.

قال ترمب، في إعلانه عن الاختيار، إنه يريد المساعدة في «الحفاظ على الدولار الأميركي بوصفه عملة احتياطية للعالم».

وقال جونسون، زميل بيسنت السابق، والذي يشغل الآن منصب رئيس معهد التفكير الاقتصادي الجديد غير الربحي: «ما يحتاجه العالم الآن في فترة انتقالية هو شخص يفهم كل التبعات والآثار الجانبية الهشة للسياسات التي تتبناها. أعتقد أن سكوت هو أحد الأشخاص القلائل الذين يتمتعون بالذكاء الفكري والخبرة الكافية للجلوس في قمرة القيادة لهذا التحدي».