اليورو تحت الاختبار: ماذا تعني نتائج الانتخابات الفرنسية للعملة الأوروبية؟

مستقبلها يتوقف على تحالفات الجولة الثانية

أوراق من عملة اليورو بـ«المصرف الوطني الكرواتي» في زغرب (رويترز)
أوراق من عملة اليورو بـ«المصرف الوطني الكرواتي» في زغرب (رويترز)
TT

اليورو تحت الاختبار: ماذا تعني نتائج الانتخابات الفرنسية للعملة الأوروبية؟

أوراق من عملة اليورو بـ«المصرف الوطني الكرواتي» في زغرب (رويترز)
أوراق من عملة اليورو بـ«المصرف الوطني الكرواتي» في زغرب (رويترز)

يعيش «اليورو»، العملة الموحدة لمنطقة اليورو، حالياً مرحلة اختبار مهمة في تاريخه. فمنذ إطلاق هذه العملة في عام 1999، شهدت تقلبات اقتصادية وتحديات عدة، إلا إن الفترة الأخيرة حملت معها منعطفات جديدة للعملة الأوروبية؛ لا سيما بعد قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في 9 يونيو (حزيران) الماضي حل البرلمان الفرنسي بعد خسارة ائتلافه الحاكم بصورة مفاجئة أمام اليمين المتطرف في انتخابات البرلمان الأوروبي بداية الشهر الماضي.

فقد شهد اليورو ضغوطاً قوية تمثلت في عمليات بيع مكثفة خلال شهر يونيو الماضي، مما أدى إلى انخفاضه مقابل الدولار الأميركي لأدنى مستوى له في شهر ونصف، حيث لامس حاجز 1.06 دولار، بعد أن حصدت الأحزاب المناهضة للاتحاد الأوروبي ربع المقاعد فى انتخابات البرلماني الأوروبي.

وعقب انتهاء الجولة الأولى من التصويت، ارتفع اليورو يوم الاثنين بعد فوز مقْنع وتاريخي لليمين المتطرف الفرنسي في الدور الأول من الانتخابات البرلمانية، مما يجعل النتيجة النهائية تعتمد على التحالفات قبل الدور الثاني في نهاية الأسبوع المقبل.

وسجل اليورو ارتفاعاً بنسبة 0.4 في المائة عند 1.0759 دولار، حيث أدى ارتياح المستثمرين بشأن أداء اليمين المتطرف إلى تعزيزه، بعد أن ارتفع بأكثر من 0.5 في المائة إلى أعلى مستوى في أسبوعين. وقد فقد نحو 1.3 في المائة منذ فوز اليمين المتطرف في الانتخابات البرلمانية الأوروبية في بداية يونيو الماضي.

وكان هذا الارتفاع مدفوعاً بشكل كبير بالنتائج الأولية للانتخابات البرلمانية الفرنسية، حيث فاز حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبن في الجولة الأولى، ولكن بأصوات أقل مما كان متوقعاً. وقلل هذا الأداء الأضعف من مخاطر تبني سياسات مالية عدوانية، مما أراح سوق العملة الأوروبية، لا سيما أن التجار والمستثمرين يشعرون بالقلق من أن اليمين المتطرف، بالإضافة إلى التحالف اليساري الذي حل ثانياً يوم الأحد، قد تعهدا بزيادات كبيرة في الإنفاق في وقت تواجه فيه فرنسا عجزاً موازنياً عالياً دفع بالاتحاد الأوروبي إلى توصية باتخاذ خطوات انضباطية، بينما تبلغ قيمة ديونها 112 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وعليه؛ تتطلب الوعود الانتخابية للأحزاب اليمينية واليسارية المتطرفة التزامات بمليارات الدولارات قد تصل إلى 20 مليار يورو (21.4 مليار دولار) سنوياً في بلد يعاني بالفعل من أعباء كبيرة بسبب الديون، مما يثير مخاوف من حدوث اضطرابات اقتصادية تعزز التشدد في السياسات المالية والشرائية. هذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى نقص الثقة باليورو، مما يهدد التكامل الاقتصادي في التكتل الأوروبي.

وتعليقاً على ارتفاع اليورو، قال كبير الاقتصاديين الأوروبيين في «جيفريز»، موهيت كومار، إن رد الفعل الفوري في الأسواق «هو احتفال بالتخفيف»؛ لأن النتيجة تعني أنه «لن يكون هناك لليمين المتطرف أو اليسار المتطرف تفويض حر لتنفيذ سياسات متطرفة».

وهنا تظهر مشكلة التطرف الاقتصادي التي تخشاها أسواق أوروبا، وتحديداً الأسواق الفرنسية. يعود هذا القلق إلى مخاوف المستثمرين من أن تتبنى حكومة جديدة متطرفة سياسات مالية ونقدية قاسية قد تؤثر سلباً على المصالح التجارية، وتضع ضغوطاً على الديون، وتكبح النمو الاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك، يعاني الاقتصاد الفرنسي من عجز مالي كبير، مما يثير قلقاً بشأن قدرة الحكومة على تلبية التزاماتها المالية بشكل فعال.

في المجمل، لم يتجنب اليورو تماماً مرحلة التراجع، لكن نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الفرنسية أراحت الأسواق قليلاً، وجعلته يتنفس الصعداء، في انتظار جولة جديدة حاسمة سيكون لها القول الفصل في مستقبل العملة الأوروبية.


مقالات ذات صلة

القبض على مشتبه به في طباعة 11 مليون يورو مزورة في إيطاليا

أوروبا أوراق نقدية من فئة 10 يوروات في أثناء تقديمها في البنك الوطني النمساوي بفيينا في 13 يناير 2014 (رويترز)

القبض على مشتبه به في طباعة 11 مليون يورو مزورة في إيطاليا

قالت وكالة الشرطة الأوروبية، الاثنين، إنها ألقت القبض قبل أيام في مدينة نابولي الإيطالية على مزور يُشتبه في أنه طبع أوراقاً نقدية مزورة بقيمة 11 مليون يورو.

«الشرق الأوسط» (روما)
الاقتصاد الأعلام الأوروبية ترفرف خارج مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)

انخفاض التضخم في منطقة اليورو إلى 2.5 %

انخفض معدل التضخم في منطقة اليورو التي تضم 20 دولة إلى 2.5 في المائة في يونيو (حزيران)، لكنه لا يزال أعلى من المستوى الذي يفضله المصرف المركزي الأوروبي.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد ربطت بلغاريا عملتها باليورو لسنوات وسمحت لأكبر بنوكها بالخضوع لإشراف البنك المركزي الأوروبي (رويترز)

بلغاريا ورومانيا تفشلان في الاختبارات الاقتصادية للانضمام إلى اليورو

تعرض توسع العملة الأوروبية الموحدة شرقاً لانتكاسة بعد فشل بلغاريا ورومانيا في تلبية المعايير الاقتصادية اللازمة لتبني اليورو.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد منظر يظهر مبنى المصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت - ألمانيا (رويترز)

«المركزي» الأوروبي يُحافظ على غموض موعد خفض أسعار الفائدة

قال صانع السياسة في المصرف المركزي الأوروبي، ماريو سنتينو، يوم الخميس إن معدل التضخم في منطقة اليورو في انخفاض مستمر باتجاه 2 في المائة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أوراق نقدية من اليورو والدولار (رويترز)

اليورو يتراجع مع ازدياد احتمالات خفض «المركزي الأوروبي» للفائدة

تراجع اليورو خلال تعاملات الجمعة، مسجلاً أدنى مستوى منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد أن ألمح البنك المركزي الأوروبي إلى أنه قد يخفض سعر الفائدة في وقت قريب.

«الشرق الأوسط» (لندن)

نمو الوظائف الأميركية يتسارع... والبطالة تنخفض إلى 4.1 %

امرأة تدخل متجراً بجوار لافتة تعلن عن وظائف شاغرة في تايمز سكوير (رويترز)
امرأة تدخل متجراً بجوار لافتة تعلن عن وظائف شاغرة في تايمز سكوير (رويترز)
TT

نمو الوظائف الأميركية يتسارع... والبطالة تنخفض إلى 4.1 %

امرأة تدخل متجراً بجوار لافتة تعلن عن وظائف شاغرة في تايمز سكوير (رويترز)
امرأة تدخل متجراً بجوار لافتة تعلن عن وظائف شاغرة في تايمز سكوير (رويترز)

تسارع نمو الوظائف في الولايات المتحدة خلال سبتمبر (أيلول)؛ إذ انخفض معدل البطالة إلى 4.1 في المائة، مما يقلّص الحاجة لدى «مجلس الاحتياطي» للحفاظ على تخفيضات كبيرة لأسعار الفائدة في اجتماعاته المتبقية هذا العام.

ووفقاً للتقرير الذي أصدره مكتب إحصاءات العمل، التابع لوزارة العمل يوم الجمعة، زادت الوظائف غير الزراعية بمقدار 254 ألف وظيفة الشهر الماضي، بعد ارتفاعها بمقدار 159 ألف وظيفة في أغسطس (آب).

وكان خبراء اقتصاديون، استطلعت «رويترز» آراءهم، قد توقعوا زيادة بمقدار 140 ألف وظيفة، بعد ارتفاعها بمقدار 142 ألف وظيفة في أغسطس، وهو ما تم الإبلاغ عنه في تقرير سابق. وكان عدد الوظائف الأولية لشهر أغسطس عادة ما يجري تعديله إلى أعلى على مدى العقد الماضي. وتراوحت تقديرات مكاسب الوظائف في سبتمبر بين 70 ألفاً و220 ألفاً.

ويعود تباطؤ سوق العمل إلى ضعف التوظيف الذي يرجع في الغالب إلى العرض الزائد من العمالة بسبب ارتفاع معدلات الهجرة. ومع ذلك، ظلّت عمليات تسريح العمال منخفضة، مما دعّم الاقتصاد من خلال الإنفاق الاستهلاكي المستقر.

وارتفع متوسط الأجر بالساعة بنسبة 0.4 في المائة، بعد زيادة بنسبة 0.5 في المائة خلال أغسطس، وزادت الأجور بنسبة 4 في المائة على أساس سنوي، بعد ارتفاعها بنسبة 3.9 في المائة خلال الشهر السابق. كما انخفض معدل البطالة من 4.2 في المائة في أغسطس، بعدما قفز من 3.4 في المائة في أبريل (نيسان) 2023، ويرجع ذلك جزئياً إلى الفئة العمرية 16 - 24، وارتفاع عمليات التسريح المؤقتة خلال إغلاق مصانع السيارات السنوية في يوليو (تموز).

وبدأت لجنة وضع السياسات التابعة للمصرف المركزي الأميركي دورة تخفيف السياسة من خلال خفض غير عادي لسعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية الشهر الماضي؛ إذ أشار رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، إلى المخاوف المتزايدة بشأن صحة سوق العمل.

وفي الوقت الذي تراجعت فيه سوق العمل، أظهرت المراجعات المعيارية السنوية لبيانات الحسابات القومية خلال الأسبوع الماضي أن الاقتصاد في حالة أفضل بكثير مما كان متوقعاً سابقاً، مع ترقيات في النمو والدخل والادخار وأرباح الشركات. وقد اعترف باول بهذه الخلفية الاقتصادية المحسّنة هذا الأسبوع عندما رفض توقعات المستثمرين بشأن خفض آخر لسعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية في نوفمبر (تشرين الثاني)، قائلاً: «هذه ليست لجنة تشعر أنها في عجلة من أمرها لخفض الأسعار بسرعة».

ورفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 525 نقطة أساس في عامي 2022 و2023، ونفّذ أول خفض لسعر الفائدة منذ عام 2020 خلال الشهر الماضي. ويبلغ سعر الفائدة الرئيسي حالياً 4.7 - 5 في المائة.

وأظهرت أداة «فيدووتش»، في وقت مبكر من يوم الجمعة، أن الأسواق المالية تتوقع احتمالاً بنحو 71.5 في المائة لخفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة في نوفمبر، في حين كانت احتمالات خفض 50 نقطة أساس نحو 28.5 في المائة.

ومع ذلك، من المرجح أن تشهد سوق العمل بعض الاضطرابات القصيرة الأجل، بعد أن دمّر إعصار «هيلين» مساحات شاسعة من جنوب شرقي الولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي. كما شهد عشرات الآلاف من عمال الماكينات في شركة «بوينغ» إضراباً في سبتمبر؛ مما قد يؤثر سلباً على موردي الشركة.

وانتهى توقف العمل لنحو 45 ألف عامل في الموانئ على الساحل الشرقي وساحل الخليج يوم الخميس، بعد أن توصلت نقابتهم ومشغلو الموانئ إلى اتفاق مبدئي. وإذا استمر إضراب «بوينغ» بعد الأسبوع المقبل، فقد يؤثر سلباً على بيانات الرواتب غير الزراعية لشهر أكتوبر (تشرين الأول) التي سيجري إصدارها قبل أيام قليلة من الانتخابات الرئاسية الأميركية في 5 نوفمبر.

وبعد هذه البيانات، قفز الدولار إلى أعلى مستوى له في سبعة أسابيع؛ مما دفع المتداولين إلى تقليص الرهانات على أن «الاحتياطي الفيدرالي» سيخفّض أسعار الفائدة مرة أخرى بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماعه في نوفمبر.

ووصل مؤشر الدولار إلى 102.54، وهو أعلى مستوى منذ 16 أغسطس، في حين انخفض اليورو إلى 1.0965 دولار، وهو أدنى مستوى منذ 15 أغسطس.

كما ارتفع الدولار إلى 148.495 ين، وهو أعلى مستوى له منذ 16 أغسطس.

وواصلت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية مكاسبها يوم الجمعة، مدفوعة بزيادة أكبر من المتوقع في الوظائف وانخفاض أقل من المتوقع في معدل البطالة، وهو ما ساعد في تخفيف المخاوف بشأن تباطؤ سريع في سوق العمل.

وشهدت مؤشرات «داو جونز» الصناعية زيادة قدرها 102 نقطة، أو 0.24 في المائة، في حين ارتفعت مؤشرات «ستاندرد آند بورز 500» بمقدار 24.5 نقطة، أو 0.43 في المائة. كما زادت مؤشرات «ناسداك 100» بمقدار 107 نقاط، أو 0.54 في المائة.