«تنصيف» البتكوين تمّ... الأنظار تتجه نحو ما سيحدث في مستقبل سعرها

شباب يقفون بالقرب من بورصة العملات المشفرة في هونغ كونغ (أ.ف.ب)
شباب يقفون بالقرب من بورصة العملات المشفرة في هونغ كونغ (أ.ف.ب)
TT

«تنصيف» البتكوين تمّ... الأنظار تتجه نحو ما سيحدث في مستقبل سعرها

شباب يقفون بالقرب من بورصة العملات المشفرة في هونغ كونغ (أ.ف.ب)
شباب يقفون بالقرب من بورصة العملات المشفرة في هونغ كونغ (أ.ف.ب)

أكملت عملة البتكوين (أكبر عملة مشفرة في العالم) عملية التنصيف، أو «التخفيض إلى النصف»، وهي ظاهرة تحدث كل 4 سنوات تقريباً، وفقاً لشركة «كوين جيكو»، وهي شركة بيانات وتحليلات للعملات المشفرة. وهذا أدى إلى خفض المكافآت التي يحصل عليها القائمون بالتعدين إلى 3.125 بتكوين من 6.25.

وكانت عملة البتكوين مستقرة إلى حد ما بعد ذلك مباشرة، بعد هذا الحدث؛ حيث انخفضت بنسبة 0.47 في المائة إلى 63747 دولاراً، وفقاً لـ«رويترز».

وكان المتحمسون للبتكوين ينتظرون بفارغ الصبر «التنصيف»؛ وهو تغيير في التكنولوجيا الأساسية للعملة المشفرة المصممة لخفض المعدل الذي يتم به إنشاء عملات البتكوين الجديدة.

تم إقرار التنصيف في رمز البتكوين منذ البداية من قبل منشئها ساتوشي ناكاموتو، بوصفها وسيلة لتقليل معدل إنشاء عملات البتكوين.

ووصف كريس غاناتي، رئيس الأبحاث العالمية في شركة «ويسدوو تري» لإدارة الأصول التي تقوم بتسويق الصناديق المتداولة في البورصة بعملة البتكوين، عملية التنصيف بأنها «واحدة من أكبر الأحداث في مجال العملات المشفرة هذا العام».

بالنسبة لبعض محبي العملات المشفرة، فإن التنصيف سيؤكد على قيمة البتكوين بوصفها سلعة نادرة بشكل متزايد. وحدد ناكاموتو عرض البتكوين بـ21 مليون رمز؛ لكن المتشككين يرون أنه ليس أكثر من مجرد تغيير فني تحدث عنه المضاربون لتضخيم سعر العملة الافتراضية.

تعمل هذه العملية عن طريق خفض المكافآت التي يتلقاها القائمون بتعدين العملات المشفرة إلى النصف، مقابل إنشاء رموز جديدة، مما يجعل طرح عملات بتكوين جديدة للتداول أكثر تكلفة بالنسبة لهم. وبمعنى آخر، فإنه بعد هذا التغيير الجديد، سينجز عمال المناجم العالميون ما مجموعه 450 عملة بتكوين جديدة يومياً، بانخفاض عن 900.

ويأتي ذلك بعد ارتفاع سعر عملة البتكوين إلى أعلى مستوى على الإطلاق عند 73803.25 دولار في مارس (آذار)، بعد أن قضى معظم عام 2023 في التعافي ببطء من الانخفاض الدراماتيكي في عام 2022. يوم الخميس، تم تداول أكبر عملة مشفرة في العالم بسعر 63800 دولار.

وقد تم دعم عملة البتكوين والعملات المشفرة الأخرى من خلال الإثارة التي أحاطت بقرار لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في يناير (كانون الثاني) بالموافقة على الصناديق المتداولة في البورصة بالبتكوين، بالإضافة إلى التوقعات بأن البنوك المركزية ستخفض أسعار الفائدة. وقد وجد تقرير بحثي من شركة إدارة صناديق العملات المشفرة «بيتوايز» أن صناديق الاستثمار المتداولة الفورية هذه، شهدت تدفقات واردة بقيمة 12.1 مليار دولار خلال الربع الأول.

وقد حدثت عمليات التنصيف السابقة في 2012 و2016 و2020. ويشير بعض محبي العملات المشفرة إلى ارتفاعات الأسعار التي أعقبتها كعلامة على أن التنصيف التالي لعملة البيتكوين سيعزز سعرها؛ لكن كثيراً من المحللين متشككون.

وكتب محللو «جي بي مورغان» هذا الأسبوع: «لا نتوقع زيادة في أسعار البتكوين بعد النصف؛ حيث تم تسعيرها بالفعل». ويتوقعون أن ينخفض سعر البتكوين بعد النصف؛ لأنه «في منطقة ذروة الشراء» وأن تمويل رأس المال الاستثماري لصناعة العملات المشفرة «ضعيف» هذا العام.

لقد حذَّر المنظمون الماليون منذ فترة طويلة من أن عملة البتكوين هي أصل مرتفع المخاطر، مع استخدامات محدودة في العالم الحقيقي، على الرغم من أن المزيد قد بدأ في الموافقة على منتجات التداول المرتبطة بالبتكوين.

وقال أندرو أونيل، محلل العملات المشفرة في «ستاندرد أند بورز غلوبال»، إنه «متشكك إلى حد ما في الدروس التي يمكن تعلمها فيما يتعلق بالتنبؤ بالأسعار من عمليات التنصيف السابقة». وأضاف: «إنه عامل واحد فقط من بين كثير من العوامل التي يمكن أن تدفع الأسعار».

وتكافح عملة البتكوين منذ الارتفاع القياسي الذي سجلته في شهر مارس، وانخفضت في الأسبوعين الماضيين بسبب التوترات الجيوسياسية والتوقعات بأن البنوك المركزية ستبقي أسعار الفائدة أعلى لفترة أطول، مما أثار قلق الأسواق العالمية.

ولكن ماذا عن عمال المناجم؟

سيواجه القائمون بالتعدين تحدياً يتمثل في التعويض عن انخفاض المكافآت، مع الحفاظ أيضاً على انخفاض تكاليف التشغيل، وفق «رويترز».

وقال أندرو دبليو بالثازور، المحامي المقيم في ميامي والمتخصص في الأصول الرقمية في شركة «هولاند أند نايت»: «حتى لو كانت هناك زيادة طفيفة في سعر البتكوين، فإن التخفيض إلى النصف يمكن أن يؤثر حقاً على قدرة القائم بالتعدين على دفع الفواتير. لا يمكنك أن تفترض أن عملة البتكوين ستذهب إلى القمر. وباعتبارها نموذج عملك، عليك التخطيط للتقلبات الشديدة».

ومن المرجح أن عمال المناجم الأفضل استعداداً قد وضعوا الأساس مسبقاً، استعداداً للمرحلة المقبلة، ربما عن طريق زيادة كفاءة استخدام الطاقة أو زيادة رأس المال الجديد. لكن قد تنشأ تصدعات في الشركات الأقل كفاءة والمتعثرة.

في تقريرها البحثي الأخير، وجدت «بيتوايز» أن إجمالي إيرادات عمال المناجم انخفض بعد شهر واحد من كل من عمليات التنصيف الثلاثة السابقة. لكن هذه الأرقام انتعشت بشكل ملحوظ بعد عام كامل، وذلك بفضل الارتفاعات الكبيرة في أسعار البتكوين بالإضافة إلى قيام عمال المناجم الكبار بتوسيع عملياتهم.

وسيحدد الوقت مدى أداء شركات التعدين بعد هذا النصف الأخير؛ لكن كبير محللي أبحاث العملات المشفرة في «بيتوايز» رايان راسموسن يراهن على أن اللاعبين الكبار سيستمرون في التوسع والاستفادة من التقدم التكنولوجي في الصناعة، لجعل العمليات أكثر كفاءة.

والآن تتجه كل الأنظار نحو ما سيحدث في المستقبل. وبعيداً عن سلوك سعر البتكوين على المدى الطويل، والذي يعتمد بشكل كبير على ظروف الأسواق الأخرى، يشير الخبراء إلى التأثيرات المحتملة على العمليات اليومية للقائمين بتعدين الأصول أنفسهم. ولكن، كما هي الحال مع كل شيء في عالم العملات المشفرة المتقلب، من الصعب التنبؤ بالمستقبل.


مقالات ذات صلة

ترمب يدفع «البتكوين» نحو 100 ألف دولار... ارتفاع جنوني في أسبوعين

الاقتصاد عملة «البتكوين» في صورة توضيحية تم التقاطها في «لا ميزون دو بتكوين» بباريس (رويترز)

ترمب يدفع «البتكوين» نحو 100 ألف دولار... ارتفاع جنوني في أسبوعين

لامست «البتكوين» أعلى مستوى قياسي جديد، يوم الجمعة، مع توجه أنظارها نحو حاجز 100 ألف دولار، في ارتفاع مذهل للعملة المشفرة مدفوع بتوقعات بيئة تنظيمية أكثر ودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد تمثيلات عملات الريبل والبتكوين والإيثيريوم واللايتكوين الرقمية (رويترز)

عصر ذهبي جديد للعملات المشفرة مع تجاوز قيمتها السوقية 3 تريليونات دولار

وسط موجة من التفاؤل والتوقعات بتحولات جذرية، حافظت سوق العملات المشفرة على زخم صعودي قوي عقب فوز الرئيس المنتخب دونالد ترمب في انتخابات 5 نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد تمثيل لعملة البتكوين يظهر أمام مخطط للأسهم (رويترز)

«البتكوين» تواصل صعودها التاريخي... هل تتجاوز حاجز الـ100 ألف دولار؟

تسارعت وتيرة ارتفاع سعر «البتكوين» نحو الـ100 ألف دولار يوم الخميس؛ حيث يراهن المستثمرون على نهج أكثر دعماً للعملات الرقمية في عهد دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد تعهّد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بجعل الولايات المتحدة العاصمة العالمية للبيتكوين والعملات الرقمية (رويترز)

«البيتكوين» تتخطى عتبة الـ95 ألف دولار للمرة الأولى في تاريخها

تخطّى سعر عملة البتكوين الرقمية، اليوم، عتبة الـ95 ألف دولار للمرة الأولى في تاريخها، وذلك بدفع من الآمال المعقودة على قُرب عودة الرئيس ترمب إلى البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد العملة المشفرة بتكوين في صورة توضيحية (رويترز)

البتكوين تحلق فوق 94 ألف دولار مع تفاؤل بدعم ترمب العملات المشفرة

ارتفع سعر البتكوين؛ العملة المشفرة الأكبر والأكثر شعبية في العالم، بأكثر من الضِّعف، هذا العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)

نيجيريا تلجأ إلى الغاز الطبيعي مع ارتفاع أسعار النقل بعد رفع دعم البنزين

مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)
مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)
TT

نيجيريا تلجأ إلى الغاز الطبيعي مع ارتفاع أسعار النقل بعد رفع دعم البنزين

مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)
مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)

ارتفعت تكاليف النقل في نيجيريا بشكل كبير مع ارتفاع سعر البنزين بأكثر من 3 أمثاله، بعدما أنهى الرئيس النيجيري بولا تينوبو، الدعم المالي للوقود في أكثر دول أفريقيا اكتظاظاً بالسكان.

ومنذ تخلت نيجيريا عن دعم الوقود في العام الماضي، أدى ذلك إلى أسوأ أزمة في تكلفة المعيشة في البلاد منذ نحو جيل كامل. وهذا يعني انخفاضاً هائلاً في عدد الركاب، وتأثر العاملون في مجال استدعاء سيارات الأجرة في العاصمة أبوجا.

وكانت الحكومة تزعم أن التخلي عن دعم الوقود سيخفض تكاليف النقل في النهاية بنحو 50 في المائة.

وقدمت السلطات النيجيرية في أغسطس (آب) مبادرة الغاز الطبيعي المضغوط (CNG) للاستفادة من احتياطاتها الضخمة من الغاز - الأكبر في أفريقيا - وإطلاق حافلات تعمل بالغاز الطبيعي المضغوط مع تحويل المركبات التي تعمل بالبنزين أيضاً.

وجرى تعديل أكثر من 100 ألف مركبة للعمل بالغاز الطبيعي المضغوط أو بالموتور الهجين من الغاز الطبيعي والبنزين، واستثمرت الحكومة ما لا يقل عن 200 مليون دولار في إطار هذه المبادرة، وفقاً لمدير المبادرة مايكل أولوواغبيمي.

وتهدف الحكومة إلى تحويل مليون مركبة من أكثر من 11 مليون مركبة في نيجيريا في السنوات الثلاث المقبلة، لكن المحللين يقولون إن العملية تسير بشكل بطيء، مشيرين إلى ضعف التنفيذ والبنية الأساسية المحدودة.

وعلى الرغم من أن نيجيريا واحدة من أكبر منتجي النفط في أفريقيا، فإنها تعتمد على المنتجات البترولية المكررة المستوردة؛ لأن مصافيها تكافح مع انخفاض الإنتاج إلى أدنى مستوياته منذ عقود بسبب عمليات سرقة النفط الضخمة.

إلى جانب الإصلاحات الأخرى التي قدمها تينوبو بعد توليه السلطة في مايو (أيار) من العام الماضي، كان من المفترض أن يؤدي إلغاء الدعم إلى توفير أموال الحكومة ودعم الاستثمارات الأجنبية المتضائلة. ومع ذلك، فقد أثر ذلك في سعر كل شيء تقريباً، وأجبرت تكاليف النقل المرتفعة الناس على التخلي عن مركباتهم، والسير إلى العمل.

التحول إلى الغاز صعب

وبالإضافة إلى الافتقار إلى شبكة كافية من محطات تحويل الغاز الطبيعي المضغوط وتعبئته، المتاحة في 13 ولاية فقط من ولايات نيجيريا الـ 36، كان نجاح مبادرة الحكومة محدوداً أيضاً بسبب انخفاض الوعي العام بين جموع الشعب، وقد ترك هذا مجالاً للتضليل من جهة والتردد بين السائقين للتحول للغاز من جهة أخرى.

وقد أعرب بعض السائقين عن مخاوفهم من أن تنفجر سياراتهم مع تحويلها إلى الغاز الطبيعي المضغوط - وهي ادعاءات قالت الهيئات التنظيمية إنها غير صحيحة ما لم يتم تركيب المعدات بشكل غير مناسب.

وفي ولاية إيدو الجنوبية، وجدت السلطات أن السيارة التي تعمل بالغاز الطبيعي المضغوط والتي انفجرت تم تصنيعها من قبل بائع غير معتمد.

حتى في أبوجا العاصمة والمركز الاقتصادي في لاغوس، محطات الوقود نادرة وورش التحويل القليلة المتاحة غالباً ما تكون مصطفة بمركبات تجارية تنتظر أياماً للتحول إلى الغاز الطبيعي المضغوط بأسعار مدعومة. وفي الوقت نفسه، تبلغ تكلفة المركبات الخاصة للتحول 20 ضعف الحد الأدنى للأجور الشهرية في نيجيريا البالغ 42 دولاراً.

وهناك تحدٍّ آخر، وهو أن التحدي الذي يواجه مبادرة الغاز الطبيعي المضغوط هو محدودية خط أنابيب الغاز في نيجيريا.

وتدرك الحكومة أنه لا يزال هناك «كثير من عدم اليقين» حول مبادرة الغاز الطبيعي المضغوط، وتعمل على تصحيح المفاهيم الخاطئة، وتوفير البنية الأساسية اللازمة، كما قال توسين كوكر، رئيس الشؤون التجارية في المبادرة، وفق وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية.

وقال كوكر: «الغاز الطبيعي المضغوط هو وقود أنظف، وهو وقود أرخص وأكثر أماناً مقارنةً بالبنزين الذي اعتدناه؛ لذا سيكون لديك مزيد من المال في جيبك وهو أنظف للبيئة».