«المواصفات» السعودية: التقدم التكنولوجي سيزيد قدرة المصانع على تلبية أهداف المدن الذكية

تحدثت لـ«الشرق الأوسط» عن تحديات تواجه الشركات بما فيها التكلفة والخبرة التقنية

المواصفات القياسية السعودية للمدن الذكية تشمل مجالات مثل البنية التحتية الذكية والحكومة الإلكترونية (موقع الهيئة)
المواصفات القياسية السعودية للمدن الذكية تشمل مجالات مثل البنية التحتية الذكية والحكومة الإلكترونية (موقع الهيئة)
TT

«المواصفات» السعودية: التقدم التكنولوجي سيزيد قدرة المصانع على تلبية أهداف المدن الذكية

المواصفات القياسية السعودية للمدن الذكية تشمل مجالات مثل البنية التحتية الذكية والحكومة الإلكترونية (موقع الهيئة)
المواصفات القياسية السعودية للمدن الذكية تشمل مجالات مثل البنية التحتية الذكية والحكومة الإلكترونية (موقع الهيئة)

تعدّ الصناعة والتكنولوجيا من الركائز الأساسية لـ«رؤية السعودية 2030» في تحقيق التنمية وتنويع مصادر الدخل، حيث تسعى المملكة إلى تمكين القطاع الصناعي من خلال تطوير تقنيات جديدة تحقق معايير المدن الذكية، التي تهدف إلى رفع جودة حياة المواطنين، وتعزيز الاستدامة عن طريق جمع البيانات وتحليلها وإعادة توظيفها. لكن ذلك يتطلب تكيّف المصانع والشركات مع التحول التقني والابتكار والاستثمار في تكنولوجيا المعلومات، الأمر الذي سيزيد قدرتها على تحقيق المواصفات القياسية للمدن الذكية في البلاد، وتحسين العمليات واتخاذ القرارات.

يروي المتحدث الرسمي للهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة وائل الذياب، إلى «الشرق الأوسط»، أن تعزيز الصناعة في المملكة يأتي من خلال تشجيع الابتكار، وتطوير تكنولوجيات جديدة تلبي المواصفات القياسية السعودية للمدن الذكية، مضيفاً أن الشركات المحلية، ومنها الناشئة، ستجد فرصاً لابتكار حلول تكنولوجية تسهم في تحقيق أهداف المدن الذكية، مما يؤدي إلى نمو القطاعات الصناعية المرتبطة، وخلق فرص عمل جديدة. كما أن التوافق مع الممارسات الدولية يفتح الأسواق العالمية أمام هذه الحلول.

ويرى الذياب أن بعض المصانع والشركات ستواجه تحديات متعددة تشمل التكلفة أو الخبرة التقنية، والحاجة إلى تغييرات كبرى في البنية التحتية والعمليات الإدارية، لكنه أضاف أنه مع التقدم التكنولوجي والتركيز المتزايد على الابتكار، ستزداد قدرة المصانع والشركات على التكيف وتلبية المواصفات القياسية للمدن الذكية. وقال إن استثمار المصانع والشركات في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحديثة، وتقنيات إدارة البيانات يسهم في تعزيز كفاءتها وتحسين عمليات اتخاذ القرار، والعمل وفق أفضل الممارسات العالمية في مجال المدن الذكية، مما يعزز من قدرة المؤسسات على تلبية المواصفات القياسية، كما أن التعاون مع شركات التكنولوجيا والمؤسسات الأكاديمية يمكن أن يوفر للمصانع والشركات إمكانية الوصول إلى خبرات وحلول مبتكرة تساعد على تحقيق التوافق مع هذه المواصفات.

وكان محافظ الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة، الدكتور سعد القصبي، أعلن إطلاق المواصفات القياسية السعودية للمدن الذكية بالتعاون مع «الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)»، وجاء ذلك خلال مشاركته في جلسة حوارية ضمن «المنتدى العالمي للمدن الذكية» الأول بالمملكة، الذي نظمته «سدايا» في العاصمة الرياض منتصف فبراير (شباط)، بمشاركة أكثر من 100 متحدث من 40 دولة من مختلف دول العالم.

وفي هذا السياق، قال الذياب لـ«الشرق الأوسط» إن المواصفات القياسية السعودية للمدن الذكية تُعدّ حجر الأساس لتطوير مدن تجمع بين الكفاءة، والاستدامة، وجودة الحياة العالية، مؤكداً أن هذه المواصفات تضع الإطار الضروري للتخطيط، ولتصميم، والتنفيذ، والصيانة لمختلف جوانب المدينة الذكية، بما في ذلك البنية التحتية، وإدارة الطاقة، والخدمات العامة، والنقل. وتهدف المملكة بتبني هذه المواصفات إلى تحقيق مدن متطورة تكنولوجياً، قادرة على تلبية احتياجات سكانها الحالية والمستقبلية بطريقة مستدامة وفعالة.

ويشرح الذياب أن المواصفات القياسية السعودية للمدن الذكية تغطي مجالات متعددة تشمل البنية التحتية الذكية، والطاقة الذكية، والحكومة الإلكترونية، والتنقل الذكي، حيث تتضمن إرشادات لتبادل البيانات ومشاركتها، ونماذج لتقييم النضج والتحسين، وتوجيهات لإنشاء نماذج قابلة للتشغيل البيني بين البيانات، الأمر الذي يعزز قدرة المدن على إدارة مواردها بشكل أكثر كفاءة، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين. وتعرّف هيئة الحكومة الرقمية في السعودية، المدن الذكية بأنها «مناطق حضرية تعتمد على التقنيات المتقدمة وتحليل البيانات؛ لرفع جودة حياة المواطنين وتعزيز الاستدامة وتحسين استخدام الموارد»، حيث يتم ذلك من خلال توظيف هذه التقنيات لإدارة مختلف الأنظمة في المدينة ومراقبتها، بما في ذلك أنظمة النقل والطاقة والمياه، وإدارة النفايات، والسلامة العامة وغيرها، مع تقليل استهلاك الموارد والحدّ من الأثر البيئي السلبي المنعكس عليها. وتستخدم المدن الذكية أجهزة الاستشعار وغيرها من تقنيات جمع البيانات في الوقت الفعلي بهدف تحليلها، وبعد ذلك، يتم الاعتماد عليها لتحسين أداء الخدمات والبنية التحتية في المدينة، بالإضافة إلى تحديد مجالات التطوير اللازمة، ورفع مستوى المعيشة في المدينة.

وكان وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان ماجد الحقيل، أكد خلال كلمته في «المنتدى العالمي للمدن الذكية» أن المدن الذكية ليست مجرد مناطق حضرية مجهزة بالتكنولوجيا، بل تتطلب خلق أنظمة بيئية وتشغيلية تدمج الخدمات البلدية؛ لتحسن جودة حياة السكّان. وأضاف أن «رؤية المملكة 2030» هي المسار الذي يحدد رحلة التحول، ومن خلالها تم إطلاق استراتيجية تستهدف إلى النمو الحضري وتصوير المدن بوصفها مراكز نابضة بالحياة والتنمية المستدامة والتكنولوجيا.

قفزت الرياض في مؤشر المدن الذكية «آي إم دي» 9 مراتب لتصل إلى المرتبة الـ30 عالمياً (رويترز)

وعلى الصعيد الدولي، يضيف الذياب أن المواصفات القياسية السعودية للمدن الذكية تأخذ بعين الاعتبار المعايير الدولية، التي تحدد مؤشرات للمدن الذكية، وتشمل جوانب مثل الاستدامة، وإدارة الطاقة، والحكومة الإلكترونية، والبنية التحتية، حيث تضمن المملكة من خلال الاعتماد على هذه المواصفات أن يتوافق تطوير المدن الذكية مع أفضل الممارسات العالمية ويعزز من قدرتها على المنافسة الدولية، مضيفاً أن المواصفات القياسية السعودية توفر إرشادات واضحة حول كيفية تطبيقها في مختلف جوانب المدينة الذكية، من التخطيط والتصميم إلى التنفيذ والصيانة، وهذه الإرشادات تضمن تطبيق المواصفات بطريقة موحدة وفعالة، ما يعزز الكفاءة ويحقق التوافق مع الأنظمة العالمية. ونوّه الذياب، بأن المواصفات القياسية السعودية للمدن الذكية تركز على الاستدامة والابتكار بوصفهما محورَين رئيسيَّين، مواكبةً بذلك التوجهات العالمية نحو بناء مدن أكثر خضرةً وذكاءً، وهذا التركيز يساعد على ضمان أن المدن في البلاد لا تلبي فقط الحاجات الحالية لسكانها، بل تسعى أيضاً لتقليل التأثير البيئي وتعزيز الابتكار.

وكان مؤشر «آي إم دي» العالمي للمدن الذكية الذي يقيس جاهزية مدن العالم وذكاءها، أظهر بنهاية عام 2023 أن الرياض التي تسعى لتصبح أبرز مركز أعمال في الشرق الأوسط، قفزت 9 مراتب لتصل إلى المرتبة الـ30 عالمياً، والثالثة عربياً، بينما حققت مكة المكرمة المرتبة الـ52، وحققت جدة المرتبة الـ56، وحققت المدينة المنورة المرتبة الـ85، وذلك من بين 141 مدينة حول العالم.


مقالات ذات صلة

توقيع عقود إنشائية وتشغيلية بـ84 مليون دولار في مدينة جازان جنوب السعودية

الاقتصاد جانب من توقيع «مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية» ثلاثة عقود إنشائية وتشغيلية (واس)

توقيع عقود إنشائية وتشغيلية بـ84 مليون دولار في مدينة جازان جنوب السعودية

وقّعت «مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية» الأربعاء ثلاثة عقود إنشائية وتشغيلية بتكلفة إجمالية تجاوزت 315 مليون ريال (84 مليون دولار).

«الشرق الأوسط» (جازان)
الاقتصاد المدينة الصناعية في «وعد الشمال» بالسعودية (الشرق الأوسط)

ارتفاع أداء «برنامج تطوير الصناعات الوطنية» السعودي 87 %

شهد أداء «برنامج تطوير الصناعات الوطنية والخدمات اللوجيستية» التنفيذي ارتفاعاً بما نسبته 87 في المائة خلال العام الماضي.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد جناح «صناعة سعودية» في معرض النقل والخدمات اللوجيستية 2024 في الصين (واس)

صادرات السعودية غير النفطية للصين تجاوزت 46 مليار دولار في 5 سنوات

تجاوزت قيمة الصادرات السعودية غير النفطية إلى الصين خلال الأعوام الخمسة الماضية 2019 - 2023 حاجز 176 مليار ريال (46.9 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ستنشر هيئة السوق المالية نشرة الإصدار قبل موعد بداية الاكتتاب بوقت كافٍ (أ.ف.ب)

«المطاحن العربية» السعودية تخطط لطرح 30 % من أسهمها في اكتتاب عام أولي

وافقت هيئة السوق المالية السعودية على طلب شركة «المطاحن العربية» للمنتجات الغذائية إدراج 15.4 مليون سهم تمثل 30 % من إجمالي أسهمها في البورصة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد أحد معامل المعادن في السعودية التابعة لشركة «معادن» (موقع الشركة)

قطاع التعدين السعودي يسجل التطور الأسرع نمواً عالمياً في البيئة الاستثمارية

سجلت السعودية تقدماً كبيراً في التقييم العالمي لمخاطر الاستثمار بقطاع التعدين، الصادر عن «MineHutte»، بالتعاون مع «مايننغ جورنال»، محرزةً أسرع نمو عالمي في…


التكنولوجيا الصينية تدخل «حرباً اقتصادية طويلة»

عامل على خط إنتاج في مصنع رقائق إلكترونية صيني (رويترز)
عامل على خط إنتاج في مصنع رقائق إلكترونية صيني (رويترز)
TT

التكنولوجيا الصينية تدخل «حرباً اقتصادية طويلة»

عامل على خط إنتاج في مصنع رقائق إلكترونية صيني (رويترز)
عامل على خط إنتاج في مصنع رقائق إلكترونية صيني (رويترز)

قررت الصين أن تحارب على عدة جبهات اقتصادية، مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة معاً، بعد أن استهدفا مؤخراً قطاعات السيارات والرقائق والتكنولوجيا الصيني.

وبينما بدأت بكين التحقيق لمكافحة الإغراق في واردات البراندي الأوروبية، قال الرئيس التنفيذي المتقاعد حديثاً لشركة «إيه إس إم إل» لصناعة معدات أشباه الموصلات، بيتر وينينك، السبت، إن النزاع أو الحرب بين الولايات المتحدة والصين بشأن الرقائق الإلكترونية «ستستمر طويلاً».

ومنذ عام 2018، فرضت الولايات المتحدة قيوداً مزدادة على المنتجات التي يمكن للشركة الموجودة في أوروبا تصديرها إلى الصين، ثاني أكبر سوق لها بعد تايوان، بسبب مخاوف أمنية. وفي الآونة الأخيرة، سعت الولايات المتحدة إلى منع الشركة من صيانة المعدات التي تم بيعها بالفعل للعملاء الصينيين.

وتعد منتجات الرقائق الإلكترونية والسيارات الكهربائية، الأبرز في قطاع التكنولوجية الصينية.

وتوقع وينينك أنه نظراً لأن المصالح الجيوسياسية معرضة للخطر، فإن «حرب الرقائق قد تستغرق عقوداً من الزمن». وقال: «سيستمر هذا لبعض الوقت».

وبشأن الرسوم الجمركية التي فرضتها دول الاتحاد الأوروبي على الصين، قالت الجمعية الصينية لمصنعي السيارات (CAAM) في بيان السبت، إنها «غير راضية بشدة» عن رسوم مكافحة الدعم التي اقترحها الاتحاد الأوروبي.

وقالت في منشور على تطبيق المراسلة الصيني «وي شات»، إن المصنعين تعاونوا مع تحقيق المفوضية الأوروبية في الدعم الصيني المزعوم، لكن التحقيق تجاهل الحقائق والنتائج المحددة مسبقاً.

وفرض الاتحاد الأوروبي رسوماً جمركية تصل إلى 37.6 في المائة على واردات السيارات الكهربائية المصنوعة في الصين بدءاً من يوم الجمعة، مع فترة 4 أشهر تكون خلالها التعريفات مؤقتة مع توقع محادثات مكثفة بين الجانبين. وقالت الجمعية: «تأسف بشدة لهذا الأمر وتعدّه غير مقبول على الإطلاق».

وتهدف الرسوم المؤقتة التي تتراوح بين 17.4 في المائة و37.6 في المائة دون أثر رجعي إلى منع ما قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إنه طوفان من السيارات الكهربائية الصينية الرخيصة المصنوعة بدعم من الدولة.

وحثت الصين الاتحاد الأوروبي مراراً وتكراراً على إلغاء تعريفات المركبات الكهربائية، معربة عن استعدادها للتفاوض. وقالت إنها لا تريد الانخراط في حرب تعريفات أخرى، مع استمرار التعريفات الجمركية الأميركية على سلعها في إحداث اضطرابات، لكنها ستتخذ جميع الخطوات لحماية شركاتها.

وانخفضت أسهم شركات صناعة السيارات الكهربائية الصينية المدرجة في هونغ كونغ يوم الجمعة، بقيادة «جيلي أوتوموبيل»، التي انخفضت بنسبة 4.1 في المائة إلى 8.34 دولار هونغ كونغ، وهو أدنى مستوى لها منذ 7 مارس (آذار).

وتواجه «جيلي» رسوماً إضافية بنسبة 19.9 في المائة، بالإضافة إلى الرسوم الجمركية القياسية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي بنسبة 10 في المائة على واردات السيارات. واقترحت العلامتان التجاريتان الصينيتان «إم جي» و«نيو» يوم الخميس، أنهما قد ترفعان الأسعار في أوروبا هذا العام، رداً على القيود.