مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين تركيا ودول الخليج تدشن مرحلة جديدة من التعاون

خطوة «استراتيجية» سبقتها جهود مكثفة لتعزيز العلاقات الاقتصادية

الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي ووزير التجارة التركي أثناء توقيع الإعلان المشترك لبدء مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة في أنقرة الخميس الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي ووزير التجارة التركي أثناء توقيع الإعلان المشترك لبدء مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة في أنقرة الخميس الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
TT

مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين تركيا ودول الخليج تدشن مرحلة جديدة من التعاون

الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي ووزير التجارة التركي أثناء توقيع الإعلان المشترك لبدء مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة في أنقرة الخميس الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي ووزير التجارة التركي أثناء توقيع الإعلان المشترك لبدء مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة في أنقرة الخميس الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)

دخلت العلاقات الاقتصادية بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي مرحلة جديدة، بعد التوقيع على إعلان مشترك لبدء المفاوضات حول اتفاقية التجارة الحرة، التي ترجمت فكرة كانت مطروحة منذ أكثر من 20 عاماً.

ووقع وزير التجارة التركي عمر بولات، مذكرة تفاهم مشتركة مع الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم محمد البديوي، في أنقرة يوم الخميس الماضي، لبدء المفاوضات حول توقيع اتفاقية تجارة حرة بين الجانبين بقيمة 2.4 تريليون دولار.

وتهدف الاتفاقية التي بدأ التفاوض بشأنها إلى إنشاء واحدة من كبرى مناطق التجارة الحرة في العالم، وتتضمن تحرير التجارة في السلع والخدمات، بالإضافة إلى تسهيل الاستثمارات، وتعد خطوة استراتيجية لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين تركيا ودول الخليج في ظل الظروف الاقتصادية المتغيرة بالعالم.

وتبرز الاتفاقية كعلامة على التطور الكبير في العلاقات بين تركيا ودول الخليج، وترجمة للجهود التي بذلت على مدى السنوات الثلاث الماضية، لطي صفحة الخلافات السياسية وتعزيز التعاون بين الجانبين في مختلف المجالات.

وعدّ الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، جاسم محمد البديوي، توقيع الإعلان المشترك بشأن بدء مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة، ترجمة لمتانة وعمق العلاقات الاستراتيجية بين دول المجلس وتركيا، وإبرازاً للمكانة الرفيعة التي وصلت إليها دول المجلس على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في المجالات التجارية والاقتصادية والمالية.

من جانبه، أعرب وزير التجارة التركي عمر بولات، عن تفاؤله بشأن المفاوضات المقبلة بشأن اتفاقية التجارة الحرة، متوقعاً اكتمالها في أسرع وقت ممكن.

الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي ووزير الخارجية التركي وقعا الإعلان المشترك لبدء مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة (من حساب الوزير التركي على «إكس»)

وشهدت الأشهر الماضية، التي أعقبت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي شهدتها تركيا في شهر مايو (أيار) الماضي، زيارات متعددة لمسؤولين أتراك إلى السعودية والإمارات العربية المتحدة، بعد عودة العلاقات مع تركيا إلى طبيعتها، قابلتها زيارات لوفود ومسؤولين من البلدين ركزت على العلاقات الاقتصادية والتجارية.

كما عقد بإسطنبول في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، المنتدى الاقتصادي الخليجي - التركي الذي شهد تسليط الضوء على الفرص الاستثمارية الواعدة، بمشاركة واسعة من قبل وزراء ومسؤولين بارزين ورجال أعمال من الجانبين.

وخلال المنتدى، أكد وزير الخزانة والمالية التركي، محمد شيمشيك، أن زيادة التعاون بين الجانبين ستسهم في نماذج مثل اتفاقيات التجارة الحرة، وفي تنويع إنتاج دول الخليج وتسريع التجارة والاستثمارات المتبادلة، وزيادة إمكانات القطاعات الأخرى مثل السياحة والبناء.

صورة لوفدي مجلس التعاون الخليجي وتركيا عقب توقيع الاعلان المشترك لبدء مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة (وزارة التجارة التركية)

وأكد البديوي خلال لقائه السفير التركي لدى السعودية في مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون بالرياض، في فبراير (شباط) الماضي، الأهمية الكبيرة لدفع عجلة التعاون المشترك والسعي نحو توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين الجانبين، في إطار الجهود المتواصلة لتقوية الروابط الاقتصادية وبناء شراكة مستدامة بين دول الخليج وتركيا.

وتم اعتماد خطة العمل المشتركة بين تركيا ومجلس التعاون الخليجي للفترة (2023 - 2027) في مارس (آذار) 2023، في إطار استئناف الحوار الاستراتيجي بين الجانبين، لتأكيد التزامهما بتعميق العلاقات الثنائية وتوسيع نطاق التعاون.

وبلغ حجم التبادل التجاري بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي 26 مليار دولار، وهو ما يرى الخبراء أنه لا يعكس القدرات الاقتصادية للجانبين.

وتأتي دول الخليج في المرتبة الثالثة بين أكبر مصادر الاستثمارات الأجنبية بتركيا.

وفي الأعوام ما بين 2002 و2022، استثمرت دول الخليج في كثير من القطاعات بتركيا، من الصناعة إلى التمويل والتجزئة.

وبلغ حجم الاستثمارات خلال هذه الفترة 11.4 مليار دولار، وتصدرت الإمارات العربية المتحدة دول الخليج من حيث الاستثمارات في تركيا بـ4.3 مليار دولار، وجاءت قطر في المركز الثاني بـ2.7 مليار دولار، والمملكة العربية السعودية في المركز الثالث بملياري دولار، واحتلت الكويت المرتبة الرابعة بمبلغ 1.9 مليار دولار.

وواجهت الاستثمارات الخليجية بتركيا في الفترة الأخيرة بعض المشاكل؛ أبرزها مشاكل القطاع العقاري، حيث أدى ركود مبيعات العقارات بتركيا وارتفاع أسعار الحديد في السنوات الأخيرة إلى تباطؤ البناء القطاع، الأمر الذي دفع المستثمرين الخليجيين إلى الانتظار والترقب.

وحقق المستثمرون الخليجيون الأموال من خلال بيع العقارات التي اشتروها مقابل الليرة التركية خلال سنوات قليلة، عندما ارتفعت قيمتها السوقية، لكن فقدان الليرة التركية كثيراً من قيمتها أمام الدولار، ومع وجود فائض في سوق الإسكان، كبّد المستثمرين خسائر كبيرة.

وتعود بداية العلاقة المؤسسية بين تركيا ومجلس التعاون الخليجي إلى «الاتفاق الإطاري» للتعاون الاقتصادي الموقع في 30 مايو 2005 في المنامة، عاصمة البحرين.

ويهدف الاتفاق إلى متابعة قضايا التعاون في الأنشطة الاقتصادية وتحديد مجالات جديدة للتعاون. وبموجبه تقرر إنشاء اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي. ومع إنشاء آلية الحوار الاستراتيجي بين تركيا ومجلس التعاون الخليجي في 2 سبتمبر (أيلول) 2008، اكتملت البنية التحتية اللازمة لتعميق العلاقات بين الجانبين في المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية.


مقالات ذات صلة

رقم قياسي جديد... سحب الجنسية الكويتية من 1535 حالة

الخليج في أكبر عملية سحب للجنسية في يوم... اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية قررت اليوم سحب وفقد الجنسية الكويتية من 1535 حالة تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء (كونا)

رقم قياسي جديد... سحب الجنسية الكويتية من 1535 حالة

قررت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية، اليوم، سحب وفقد الجنسية من 1535 حالة، تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد الأمير سلمان بن حمد مع أطقم الصقور السعودية المشاركة (الموقع الرسمي للمعرض)

ارتفاع نسبة المشاركة بأكثر من 30 % في معرض البحرين الدولي للطيران

افتتح ولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد، معرض البحرين الدولي للطيران 2024 بقاعدة الصخير الجوية، وسط حضور إقليمي ودولي واسع لشركات الطيران، وصناع القرار.

عبد الهادي حبتور (المنامة)
الاقتصاد مستثمر ينظر إلى شاشة تعرض معلومات الأسهم في سوق أبوظبي للأوراق المالية (رويترز)

الأخضر يسيطر على الأسواق الخليجية بعد فوز ترمب 

أغلقت معظم أسواق الأسهم الخليجية تعاملاتها على ارتفاع في جلسة الأربعاء، وذلك بعد فوز الجمهوري دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية رسمياً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مستثمران يتحدثان أمام شاشة تعرض معلومات الأسهم في السوق السعودية (رويترز)

افتتاحات خضراء للأسواق الخليجية بعد فوز ترمب

ارتفعت أسواق الأسهم الخليجية في بداية جلسة تداولات الأربعاء، بعد إعلان المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترمب فوزه على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص شعار وكالة «ستاندرد آند بورز» (رويترز)

خاص كيف سينعكس الخفض المرتقب للفائدة الأميركية على اقتصادات الخليج؟

وسط تنامي الترجيحات بخفض «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي أسعار الفائدة مرة أخرى خلال اجتماعه يوم الخميس، تتجه الأنظار نحو تأثير هذا الإجراء الذي يلي الانتخابات

زينب علي (الرياض)

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

مبنى اتحاد الغرف السعودية في الرياض (الموقع الإلكتروني لاتحاد الغرف السعودية)
مبنى اتحاد الغرف السعودية في الرياض (الموقع الإلكتروني لاتحاد الغرف السعودية)
TT

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

مبنى اتحاد الغرف السعودية في الرياض (الموقع الإلكتروني لاتحاد الغرف السعودية)
مبنى اتحاد الغرف السعودية في الرياض (الموقع الإلكتروني لاتحاد الغرف السعودية)

أعلن اتحاد الغرف السعودية تشكيل أول لجنة وطنية من نوعها للطاقة والبتروكيماويات تحت مظلة القطاع الخاص، لتعزيز مشاركته في صناعة سياسات هذا القطاع الحيوي وتنمية استثماراته.

ووفق بيان للاتحاد، تم انتخاب الدكتور جابر الفهاد رئيساً، وسعد العجلان نائباً للرئيس، وستعمل اللجنة بالتكامل مع الوزرات والهيئات ذات الصلة، والشركات الكبرى لتحقيق مستهدفات القطاع وتمكين المستثمرين السعوديين والأجانب من الفرص المتاحة.

يأتي ذلك في ظل التوقعات بأن تصل استثمارات قطاع البتروكيماويات إلى 600 مليار دولار بحلول عام 2030، وخطط الوصول إلى 50 في المائة من الطاقة المتجددة ومشاريعها الضخمة، إلى جانب فرص الاستثمار ببرامج توطين المحتوى بالطاقة التي تستهدف توطين 75 في المائة من القطاع.

ويمثل قطاع الطاقة السعودي المصدر الأساسي للطاقة عالمياً، ويُقدَّر أثره الاقتصادي بنسبة 40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، كما يُعدّ محركاً رئيسياً لقطاعات حيوية كالصناعة والنقل والخدمات اللوجستية والتعدين وغيرها، وعاملاً أساسياً في دعم النمو الاقتصادي بالمملكة.

وبحسب البيان، يأتي تشكيل اللجنة متسقاً مع التوجهات الجديدة لاتحاد الغرف الرامية لمواكبة القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية في «رؤية 2030»، ومن ضمنها قطاع الطاقة، لفتح آفاق استثمارية جديدة بالقطاع.