مع دخول شهر رمضان المبارك وارتفاع القوة الشرائية على السلع الغذائية، إلى جانب الأزمات الخارجية بما فيها «الروسية - الأوكرانية» وكذلك أزمة «البحر الأحمر» الأخيرة، والتي تسببت فيه أزمات دولية، إلا أن السوق السعودية أثبتت متانتها بتوفير المنتجات الرمضانية دون أي تأثير على المستهلك النهائي.
ويواجه العالم جملة من التحديات التي تنعكس على أداء أسواقهم المحلية، نتيجة ارتفاع الطلب على المنتجات الغذائية والاستهلاكية وقلة المعروض بسبب الأحداث العالمية.
واستطاعت المملكة مجابهة التحديات المتعلقة بالنمو السكاني وتدفق ملايين السياح من الخارج، بالإضافة إلى دخول موسم رمضان، من خلال توفير كميات هائلة من السلع الغذائية لكي لا تتأثر السوق المحلية ما ينعكس على المستهلك النهائي، مقارنة بالكثير من الأسواق العالمية التي اهتزت مع الأحداث الخارجية كالحرب الروسية - الأوكرانية، وأزمة البحر الأحمر، وغيرها.
وأظهرت البيانات الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء حول متوسط أسعار السلع والخدمات في السوق السعودية لشهر يناير (كانون الثاني) الماضي، والتي سجلت انخفاض أسعار 70 سلعة وخدمة، واستقرار 5 سلع دون تغير، من إجمالي 169 سلعة وخدمة موزعة على 10 مجموعات.
جولة «الشرق الأوسط»
وقامت «الشرق الأوسط» بجولة على عدد من منافذ البيع، لتجد توافراً في السلع بكميات كبيرة وانتشاراً واضحاً للعروض الترويجية على المواد الغذائية، والاستهلاكية (الملابس والهدايا)، إلى جانب تقديم منتجات جاهزة بأسعار زهيدة.
وأرجع اقتصاديون خلال حديثهم إلى «الشرق الأوسط» هذا الثبات وتوافر السلع لعوامل عدة، في مقدمتها، الاستراتيجية العامة التي تتبناها السعودية حول الأمن الغذائي المعتمدة على الكثير من المرتكزات، في مقدمتها زيادة الإنتاج المحلي، والحد من الهدر الذي يعادل نحو 33 في المائة من الاستهلاك ويقدر بنحو 11.5 مليار دولار للوصول إلى 10 في المائة بحلول 2030، مع دفع القطاع الخاص للاستثمار في الأغذية خارجياً عبر دول ذات مزايا نسبية.
وأوضح عضو مجلس الشورى، الدكتور فيصل آل فاضل، لـ«الشرق الأوسط»، أن المملكة لديها استراتيجية واضحة فيما يتعلق بالأمن الغذائي، بما فيها رفع أداء الإنتاج المحلي، وتوفير الغذاء من الأسواق العالمية، ومنها دعم استثمار القطاع الخاص في الزراعة من خلال القروض المقدمة من صندوق التنمية الزراعية.
ضمانات المستثمرين
وأكمل آل فاضل، أن الصندوق يقدم ضمانات للمستثمرين لشراء منتجات هذه الشركات عبر الهيئة العامة للأمن الغذائي؛ ما أسهم في الوصول إلى الاكتفاء الذاتي في الكثير من السلع الرئيسية.
وأشار إلى وجود الكثير من المبادرات التي أطلقها «الصندوق الزراعي» التي تصبّ في مصلحة توفير السلع، ومن ذلك دعم الإنتاج المحلي الزراعي بما يتلاءم مع استراتيجية الأمن الغذائي، وكذلك دعم التوسع عبر سلسلة الإمداد لتقديم الخدمات الائتمانية لدعم مشروعات المدخلات الزراعية والنقل والمناولة والتخزين والمعالجة والصناعات التحويلية الأولية والتسويق والتوزيع، «وهذا عامل معهم في تطوير الزراعة وملحقاتها، مع تشجيع استخدام التقنيات الحديثة في الزراعة المحلية».
وتحدث آل فاضل عن السياسات المتبعة ونجاح البلاد في التعامل مع الأزمات، خاصة في «جائحة كورونا» التي سجلت أكبر عملية إغلاق للمنافذ على مستوى العالم، ومن ثم الحرب الروسية - الأوكرانية.
نمو حجم المبيعات
من جهته، قال الرئيس التنفيذي لشركة أبناء عبد الرحمن العبد العزيز الشعلان للتجارة، فهد آل غرسان، لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك نمواً في عملية الاستهلاك بشكل عام وعلى «الأرز» بشكل خاص، وهو نمو طبيعي مرتبط مع عدد السكان، وارتفاع عدد السياح الذي يتوافدون إلى السعودية التي أصبحت وجهة وحاضنة للزوار من مختلف دول العالم.
وأضاف آل غرسان، أن هناك عوامل أخرى، منها تنوع وزيادة المشروعات العملاقة التي تنفذ في مختلف المدن السعودية، والتي زاد معها متعهدو الإعاشة الذين يقومون بتوفير الطعام لمنسوبي هذه الشركات، كذلك زيادة عدد المطاعم بمختلف درجاتها وأنواعها، موضحاً أن تقديرات استهلاك الفرد من الأرز وصلت نحو 45 كيلو جراماً في العام.
وذكر أن نسبة المبيعات في موسم رمضان ترتفع أكثر من 30 في المائة للأصناف الرئيسية كافة بشكل عام، موضحاً في الوقت ذاته أن متوسط حجم الصادرات من الأرز ما بين 1.4 مليون إلى 1.5 مليون طن سنوياً والذي يشمل أنواع الأصناف كافة من «الهندي، الباكستاني، التيلاندي، الأميركي».
البرامج الحكومية
وأكد الرئيسي التنفيذي في «شركة الشعلان»، على قوة السوق السعودية وما تجده من دعم وبرامج حكومية لتوفير السلع الغذائية والتي كان لها الأثر الكبير في طمأنة السوق.
يذكر أن صندوق التنمية الزراعية منذ إنشائه قدم أكثر من 60 مليار ريال (16 مليار دولار)، في حين يقوم بتمويل استيراد المنتجات الزراعية المستهدَفة في الأمن الغذائي (مثل الأرز، والسكر، وفول الصويا، والذرة الصفراء، واللحوم الحمراء، وزيوت الطعام، والشعير).