«ديكست»: هل تُصبح ألمانيا «بريطانيا جديدة»؟

«البديل من أجل ألمانيا»: صعودٌ متطرف يهدد المستقبل الاقتصادي للاتحاد الأوروبي

تمثل ألمانيا 24.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي في عام 2022 وهي أكبر سوق استهلاكية له (رويترز)
تمثل ألمانيا 24.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي في عام 2022 وهي أكبر سوق استهلاكية له (رويترز)
TT
20

«ديكست»: هل تُصبح ألمانيا «بريطانيا جديدة»؟

تمثل ألمانيا 24.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي في عام 2022 وهي أكبر سوق استهلاكية له (رويترز)
تمثل ألمانيا 24.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي في عام 2022 وهي أكبر سوق استهلاكية له (رويترز)

في خضمّ التحولات الدولية المتسارعة التي شهدتها بدايات التسعينات، برزت دعوات قوية لتعزيز القومية الأوروبية وتحقيق التكامل الاقتصادي والتي أولدت الاتحاد الأوروبي عام 1993، في تتويج لمساعٍ دامت عقوداً من أجل بناء نموذج مالي واقتصادي متكامل. وجاء اعتماد اليورو عملة موحدة عام 1999 ليكمّل هذا النموذج، وليُصبح رمزاً لوحدة أوروبية شاملة.

ولكن بعد سنوات طويلة على هذه الولادة، بدأت التحديات تتراكم في وجه الاتحاد، أبرزها كان خروج بريطانيا الرسمي منه في يناير (كانون الثاني) 2020.

واليوم، قد يتجدد هذا التحدي الكبير، والذي يتمثل في صعود نجم الأحزاب اليمينية المتطرفة، كحزب «البديل من أجل ألمانيا» (إيه دي أف) الذي يطالب هو أيضاً بالخروج من الاتحاد الأوروبي، في خطوة يطلق عليها اسم «ديكست» - وهو اقتباس لمصطلح «بريكست» المستخدم لخروج المملكة المتحدة. وهو ما وضع ألمانيا في قبلة الأنظار، لا سيما أن هذه الدعوة لقيت أصداء واسعة على إثر الاحتجاجات والإضرابات التي بات يشهدها أكبر اقتصاد أوروبي، وثالث أكبر اقتصاد في العالم، للفلاحين والسائقين بسبب التعديلات القانونية الأخيرة.

الاقتصاد يسبح «في مياه عكرة»

يسبح الاقتصاد الألماني «في مياه عكرة»، وفق توصيف وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، حيث إن توقعات الحكومة الألمانية قد تم تعديلها انخفاضاً من 1.3 في المائة إلى 0.2 في المائة لعام 2024.

وكان الاقتصاد الألماني انكمش بواقع 0.3 في المائة في نهاية عام 2023 بسبب التضخم المستمر وارتفاع أسعار الطاقة وضعف الطلب الأجنبي، حيث إن ألمانيا كانت الدولة الوحيدة من بين دول مجموعة السبع التي شهدت انكماشاً اقتصادياً خلال العام الماضي.

ومن المحتمل أن يدخل الاقتصاد الألماني في حالة ركود، وفقاً لأحدث تقرير شهري صادر عن المصرف المركزي في البلاد (البوندسبانك) الذي حذر من أن ضعف الطلب الخارجي وحذر المستهلكين وارتفاع أسعار الفائدة التي تعيق الاستثمار المحلي، تشير إلى أن الاقتصاد من المحتمل أن يكون في حالة ركود فني.

وقد كان وزير الاقتصاد صريحاً جداً في تعليله لما آلت إليه الأمور في بلاده التي كانت تعتمد صناعاتها كثيفة الاستهلاك للطاقة على الغاز الروسي. إذ قال إن ألمانيا تعرضت «لوضع محدد للغاية» بعد حرب بوتين الشاملة على أوكرانيا، وبعد الحظر الذي فُرض على استيراد الغاز الروسي.

وكانت ألمانيا تستورد ما نسبته 55 في المائة من غازها من روسيا، لكن اعتراف موسكو باستقلال المنطقتين الانفصاليتين المواليتين لروسيا في شرق أوكرانيا دفع برلين إلى تعليق خط أنابيب الغاز «نورد ستريم 2». وهو مشروع حيوي بالنسبة إلى ألمانيا كما روسيا. علماً أن هذا المشروع قد تسبب على مدى سنوات، بخلافات بين الولايات المتحدة وألمانيا، المروج الرئيسي للمشروع داخل الاتحاد الأوروبي، وكذلك بين الأوروبيين، وأيضا بين روسيا وأوكرانيا. وكان من شأنه مضاعفة إمدادات الغاز الروسي إلى ألمانيا التي بدأت في غضون ذلك تنويع مصادر إمدادها في السنوات الأخيرة.

وزير الاقتصاد الألماني أوضح أيضاً أن «اعتماد ألمانيا على الصادرات جعلها عرضة بشكل خاص للتغيرات في أنماط التجارة العالمية»، وأن المشكلة الهيكلية الأوسع للاقتصاد الألماني هي افتقارها إلى العمال. وحذر قائلا: «من دون العمال المهاجرين سينهار الاقتصاد الألماني».

في عامي 2020 و2021، صمدت ألمانيا أمام الآثار الاقتصادية المدمرة لجائحة كوفيد -19 بشكل أفضل من أي من جيرانها في الاتحاد الأوروبي، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى المجال المالي المتاح لها، والفائض الكبير في الحساب الجاري (232 مليار يورو في عام 2020 و266 مليار يورو في عام 2021)، وحزم التحفيز الاقتصادي السخية، وبرامج العمل المرن قصيرة الأجل التي أبقت معدل البطالة عند 5.7 في المائة فقط في صيف 2021.

وأدى تخفيف قيود الوباء وانتعاش قطاع الخدمات إلى نمو حقيقي في الناتج المحلي الإجمالي بلغ 2.8 في المائة في 2021، لكن التداعيات المترتبة على الحرب الروسية على أوكرانيا أدت إلى نمو أقل من المتوقع للناتج المحلي الإجمالي في عام 2022 بنسبة 1.9 في المائة.

ما هو حزب «البديل لأجل ألمانيا»؟

من رحم اليمين المتطرف، ولد حزب «البديل من أجل ألمانيا» ليُشكل تحدياً غير مسبوق للنظام السياسي الألماني منذ الحرب العالمية الثانية. فما هو هذا الحزب الذي يُقلق الأحزاب التقليدية، ويُثير مخاوف الاستخبارات الداخلية، ويهدد مستقبل ألمانيا والاتحاد الأوروبي؟

شهدت الساحة السياسية الألمانية مؤخراً تصاعداً ملحوظاً في شعبية حزب «البديل من أجل ألمانيا» المناهض للمهاجرين، حيث احتل الحزب المركز الثاني في استطلاعات الرأي متقدماً على تحالف الأحزاب الثلاثة الذي يقوده المستشار أولاف شولتس. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الحزب يحظى بدعم يتراوح بين 18 و23 في المائة من الجمهور الألماني، ما يعكس تزايداً ملحوظاً في نفوذه.

وتأتي هذه التطورات في ظل نقاشات داخلية للحزب حول استراتيجيته المستقبلية للاتحاد الأوروبي. وقد استغل الحزب مشاعر الاستياء المتزايدة من الهجرة بين بعض قطاعات المجتمع الألماني، ومخاوف الألمان من تداعيات الحرب في أوكرانيا، وقدم نفسه كحزب قادر على حماية البلاد من المخاطر الخارجية. كما استفاد من تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية، وخاصة ارتفاع معدل التضخم وزيادة تكاليف الطاقة، حيث ربطها بسياسات الحكومة الحالية. ويُتوقع أن يلعب دوراً محورياً في الانتخابات المقبلة، ما قد يُؤدي إلى تغييرات جذرية في سياسة ألمانيا الداخلية والخارجية.

يطالب حزب «البديل من أجل ألمانيا» بخروج البلاد من الاتحاد الأوروبي في خطوة تُعرف باسم «ديكست» اقتباساً لمصطلح «بريكست» ما يهدد مستقبل الاتحاد (رويترز)
يطالب حزب «البديل من أجل ألمانيا» بخروج البلاد من الاتحاد الأوروبي في خطوة تُعرف باسم «ديكست» اقتباساً لمصطلح «بريكست» ما يهدد مستقبل الاتحاد (رويترز)

هجوم لاذع... الاتحاد الأوروبي «مشروع فاشل»

شن الحزب هجوماً لاذعاً على الاتحاد الأوروبي خلال مؤتمره المنعقد في مدينة ماغدبورغ شرقي ألمانيا، واصفاً إياه بـ«المشروع الفاشل» الذي لا يمكن إصلاحه. واعتمد مئات من مندوبي الحزب نصاً صريحاً يؤكد فشل الاتحاد الأوروبي في معالجة قضايا رئيسية مثل تغير المناخ والهجرة، معرباً عن رفضه القاطع للعملة الموحدة (اليورو). كما طرح رؤيته لمستقبل أوروبا، داعياً إلى إنشاء «اتحاد للدول الأوروبية، ومجتمع اقتصادي ومصالح أوروبي جديد يحافظ على سيادة الدول الأعضاء».

وأعلن الحزب في اقتراح نُشر على الإنترنت قائلاً: «نفد صبرنا مع الاتحاد الأوروبي، فهو غير قابل للإصلاح بالمعنى الذي يريده حزب البديل من أجل ألمانيا». وقالت رئيسة الحزب أليس فايدل إن حزبها سيطالب بإجراء استفتاء على مغادرة الاتحاد الأوروبي إذا فاز في الانتخابات، علماً أنه حصل على 10.3 في المائة من الأصوات في الانتخابات الفيدرالية الألمانية لعام 2021.

تحذيرات قوية من كارثة اقتصادية

واجهت دعوات «حزب البديل من أجل ألمانيا» رفضاً قاطعاً من قبل الحكومة الألمانية وخبراء المال والاقتصاد، الذين حذروا من تداعيات كارثية على البلاد.

وشنّ المستشار الألماني أولاف شولتس هجوماً عنيفاً على خطط الحزب، واصفاً أي تحرك للخروج من الاتحاد بأنه «أكبر مدمر للثروة» يمكن أن يحدث على الإطلاق في أوروبا وألمانيا. وأشار إلى أن خروج بريطانيا من الاتحاد قبل أربع سنوات أغرق المملكة المتحدة في كارثة اقتصادية.

وبنبرة قوية، حذر وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر من أن مغادرة ألمانيا للاتحاد ستكون لها تداعيات كارثية، مؤكداً أن السوق الموحدة للاتحاد تمثل أهمية قصوى لألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا.

ووصف المغادرة بأنها أسوأ سيناريو ممكن بالنسبة للاقتصاد الذي يعتمد بشكل كبير على الصادرات. وحث الشعب الألماني على فهم مخاطر الخروج من الاتحاد الأوروبي، حتى لو لم يوافقوا على كل سياسات الحكومة، مؤكداً أن الاتحاد هو أساس ثروة ألمانيا، ويجب عدم إهماله.

من جانبه، قال رئيس اتحاد الصناعات الألمانية، سيغفريد روسورم، أكبر مجموعة ضغط تجارية في ألمانيا: «عندما أتحدث مع زملائي في المملكة المتحدة، يقولون إنهم لم يكونوا أبداً مؤيدين لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وما زالوا ضده»، مشيراً إلى أن ألمانيا كانت من أكبر المستفيدين من السوق الموحدة الأوروبية والعملة الموحدة.

أما المعهد الاقتصادي الأوروبي، فقد حذر من الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الخروج المحتمل من الاتحاد. وقال مدير مكتب المعهد في برلين، كونت بيرغمان، إذا خرجت ألمانيا من الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو، فسوف تخسر نحو 10 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي. وأضاف أن ذلك يعني أيضاً خسارة الاقتصاد الألماني ما بين 400 مليار يورو (430 مليار دولار) و500 مليار سنوياً، بحسب دراسة للعواقب الفعلية على بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.

لكن فايدل رفضت هذه المخاوف ووصفت خروج بريطانيا بأنه «نموذج لألمانيا»، مشيرة إلى أن حكومة الحزب ستسعى إلى إصلاح الاتحاد الأوروبي والقضاء على «عجزه الديمقراطي». وأضافت أنه إذا لم ينجح ذلك، «فعلينا أن نترك للشعب أن يقرر، تماماً كما فعلت بريطانيا».

شن الحزب هجوماً لاذعاً على الاتحاد الأوروبي ووصفه بـ«المشروع الفاشل» وأعرب عن رفضه القاطع للعملة الموحدة اليورو (رويترز)
شن الحزب هجوماً لاذعاً على الاتحاد الأوروبي ووصفه بـ«المشروع الفاشل» وأعرب عن رفضه القاطع للعملة الموحدة اليورو (رويترز)

ألمانيا تتجاوز اليابان!

على الرغم من تحذير «البوندسبانك» من أن ألمانيا قد تدخل في ركود الآن مع ضعف الطلب الخارجي واستمرار حذر المستهلكين وتراجع الاستثمار المحلي، فإن ألمانيا تجاوزت اليابان مؤخراً لتصبح ثالث أكبر اقتصاد في العالم. ويعود ذلك بشكل أساسي إلى الانخفاض الحاد في قيمة الين. إذ بلغ إجمالي الناتج المحلي الاسمي لليابان 4.2 تريليون دولار في العام الماضي، وهو ما يعادل نحو 591 تريليون ين. أما ألمانيا، فقد بلغ ناتجها المحلي 4.4 تريليون دولار، أو 4.5 تريليون يورو.

الاتحاد الأوروبي سيفقد معناه

شكّل الاقتصاد الألماني 24.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي في عام 2022. كما تُعد ألمانيا أكبر سوق استهلاكية في الاتحاد الأوروبي وأكبر شريك تجاري للولايات المتحدة في أوروبا وسادس أكبر سوق لصادراتها. كما أن حجم التجارة، وعدد المستهلكين، والموقع الجغرافي في وسط الاتحاد الأوروبي تجعلها حجر الزاوية الذي تسعى كثير من الشركات الأميركية حوله لبناء استراتيجيات التوسع الأوروبية والعالمية، فضلاً عن أنها كانت الوجهة الأكثر طلباً في أوروبا للاستثمار الأجنبي المباشر عام 2023. وتستثمر ألمانيا أكثر من 30.3 مليار يورو، وهو ما يمثل 21.2 في المائة من إجمالي موازنة الاتحاد، وفقاً للبيانات الإحصائية الأوروبية.

وكتبت وسائل الإعلام أنه إذا تحققت تهديدات زعيمة حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف، أليس فايدل، بشأن خروج ألمانيا من الاتحاد الأوروبي، فهذا يعني أن الاتحاد الأوروبي قد مات.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «كونراد أديناور ستيفتونغ»، أن الألمان المعروفين بدعمهم القوي للاتحاد الأوروبي، يؤيدون بقوة فكرة الاتحاد.

وقال المحلل السياسي جاركو بوهووفسكي إن خروج ألمانيا المحتمل من الاتحاد الأوروبي هو سيناريو غير واقعي، لكن إذا حدث فسيكون من الصعب على الاتحاد الأوروبي الاستمرار من دونها. وسيواجه الاتحاد الأوروبي صعوبة كبيرة في الحفاظ على نفسه من دونها، وسوف يؤدي الخروج إلى تعزيز مثل هذه الاتجاهات في دول مثل سلوفاكيا والمجر وربما بولندا إذا حدث انقلاب في العلاقات السياسية للأغلبية هناك. وبشكل عام، قد يظل الاتحاد الأوروبي شكلاً، لكنه سيفقد معناه.

لطالما كانت ألمانيا بمثابة عمود فقري للاتحاد الأوروبي، حيث لعبت دوراً محورياً في ضمان استقراره الاقتصادي. يتجلى ذلك بوضوح في فائضها التجاري الكبير مع دول الاتحاد، حيث صدرت بضائع بقيمة 67.5 مليار يورو بينما استوردت بضائع بقيمة 54.3 مليار يورو في ديسمبر (كانون الأول) 2023 فقط. يعكس هذا الفائض، الذي بلغ 13.2 مليار يورو، قدرة ألمانيا على تحفيز النمو الاقتصادي داخل الاتحاد من خلال صادراتها القوية.

لا شك أن خروج ألمانيا من الاتحاد الأوروبي سيُلحق أضراراً جسيمة بكل من ألمانيا والاتحاد الأوروبي. ستفقد ألمانيا إمكانية الوصول إلى السوق الموحدة، ما سيُعيق صادراتها ويُهدد فرص العمل. كما ستفقد جاذبيتها كوجهة استثمارية، وستواجه اضطرابات في سلاسل التوريد، فضلاً عن تآكل نفوذها السياسي، وغيرها الكثير. أما الاتحاد الأوروبي فسيفقد أكبر اقتصاد فيه، الأمر الذي سيؤدي إلى انخفاض ناتجه المحلي الإجمالي، وانعدام مساهمات ألمانيا في موازنته، وزعزعة الاستقرار الاقتصادي والمالي له.

فهل لألمانيا والاتحاد الأوروبي القدرة على تحمل هذه العواقب؟


مقالات ذات صلة

انقطاع واسع للكهرباء في إسبانيا والبرتغال

أوروبا ركاب يتزاحمون لركوب حافلة بعد انقطاع للتيار الكهربائي في لشبونة أدى لتوقف حركة مترو الأنفاق والقطارات بإسبانيا (أ.ب)

انقطاع واسع للكهرباء في إسبانيا والبرتغال

قالت الحكومة الإسبانية، اليوم (الاثنين)، إن الكهرباء انقطعت عن معظم أنحاء البلاد.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
المشرق العربي امرأة سورية تتحدث مع موظفة في محل صرافة بدمشق (أ.ف.ب)

آمال التعافي السوري معلقة على رفع العقوبات الأميركية

وزير المالية السوري: «الطاولة المستديرة بشأن ⁧‫سوريا‬⁩ على هامش اجتماعات ⁧‫صندوق النقد‬⁩ والبنك الدوليين حدث غير مسبوق، والفضل يعود للمملكة العربية ⁧‫السعودية».

سعاد جروس (دمشق )
العالم مارك روته الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) يتحدث للصحافيين في البيت الأبيض عقب محادثاته مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب (إ.ب.أ)

«الناتو»: أميركا والأوروبيون متفقون بشأن تهديد روسيا طويل الأمد

قال مارك روته الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) إن الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين متفقون على أن روسيا تشكل تهديداً طويل الأمد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ونظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو يوم 18 أبريل 2025 (أ.ب)

وزير الخارجية الإيراني يقترح محادثات مع القوى الأوروبية

اقترح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، على الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) إجراء محادثات نووية، معلناً استعداده لزيارة باريس وبرلين ولندن.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
الاقتصاد أعلام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

صادرات الاتحاد الأوروبي إلى أميركا تسجل أعلى نمو في 13 شهراً

أظهرت بيانات «يوروستات» الصادرة الأربعاء أن صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة ارتفعت بنسبة 22.4 % خلال فبراير

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

الصين تنفي اتصالاً رئاسياً بين بكين وواشنطن

شاشة إلكترونية في مدينة شنغهاي الصينية تعرض الناتج المحلي خلال الربع الأول (رويترز)
شاشة إلكترونية في مدينة شنغهاي الصينية تعرض الناتج المحلي خلال الربع الأول (رويترز)
TT
20

الصين تنفي اتصالاً رئاسياً بين بكين وواشنطن

شاشة إلكترونية في مدينة شنغهاي الصينية تعرض الناتج المحلي خلال الربع الأول (رويترز)
شاشة إلكترونية في مدينة شنغهاي الصينية تعرض الناتج المحلي خلال الربع الأول (رويترز)

أكدت بكين، يوم الاثنين، «عدم حصول اتصال هاتفي» في الفترة الأخيرة بين الرئيس شي جينبينغ ونظيره الأميركي، بعدما أعلن دونالد ترمب أنه تحدث مع شي.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، غوه جياكون: «على حدّ علمي، لم يحصل اتصال هاتفي بين رئيسي البلدَيْن مؤخراً»، مضيفاً أنّ «الصين والولايات المتحدة لا تجريان مشاورات أو مفاوضات بشأن قضية الرسوم الجمركية».

وفي خضم التصعيد المتبادل، قال مصدران إن الرئيس الصيني سيزور شنغهاي هذا الأسبوع، لعرض المركز المالي الدولي الرئيسي لبلاده، في وقت زادت فيه الحرب التجارية مع الولايات المتحدة من مخاطر النمو.

وستعزّز الزيارة إلى المدينة التي تضم أيضاً أكبر مصنع لشركة «تسلا»، التأكيدات المتفائلة المتزايدة من كبار المسؤولين الصينيين بأن ثاني أكبر اقتصاد في العالم قادر على تحمّل تداعيات الرسوم الجمركية البالغة 145 في المائة التي فرضها الرئيس الأميركي، رغم اعتماده على الصادرات.

وصرّح الخبير في الشؤون الصينية بجامعة سنغافورة الوطنية، ألفريد وو، بأن شي قد يستغل الزيارة للتركيز على النجاحات الأخيرة في تطوير التكنولوجيا بعد إطلاق شركة الذكاء الاصطناعي الصينية الناشئة «ديب سيك» في وقت سابق من هذا العام. وأضاف وو أنه لا يتوقع أن يتحدث شي علناً عن تأثير الحرب التجارية. وقال: «بناءً على ملاحظاتنا عن شي، فإنه لا يرغب في إظهار أي ضعف».

وخفّض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو في الصين والولايات المتحدة ومعظم دول العالم الأسبوع الماضي، مشيراً إلى تأثير الرسوم الجمركية الأميركية التي بلغت الآن أعلى مستوى لها في 100 عام.

ومنذ رئاسة ترمب الأولى، قلّلت الصين من اعتمادها على السوق الأميركية. لكن جهود بكين لتشجيع المصدرين على إيجاد بدائل محلية للسوق الأميركية قد باءت بالفشل في مواجهة ضعف الطلب المحلي. وبعد أن أعلن ترمب فرض تعريفات جمركية شاملة في وقت سابق من هذا الشهر، ردّت الصين بفرض تعريفات جمركية مضادة وقيود على تجارة المواد الأساسية، بما في ذلك المعادن الأرضية النادرة اللازمة للمغناطيسات الصناعية.

وأعربت إدارة ترمب عن انفتاحها على تهدئة المواجهة التجارية، لكن الجانبَيْن لا يزالان منقسمَيْن بشأن قضايا جوهرية.

وصرّح ترمب الأسبوع الماضي بأنه تحدث هاتفياً مع شي، وأن محادثات بشأن التعريفات الجمركية جارية. ويوم الاثنين، نفت وزارة الخارجية الصينية ذلك، قائلةً إن الرئيسين «لم يُجريا مكالمة مؤخراً».

وفي زيارته الأخيرة إلى شنغهاي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، استغل شي الزيارة لحثّ شنغهاي على تعزيز مكانتها بصفتها مركزاً مالياً دولياً، وأخذ زمام المبادرة في مجال التكنولوجيا. وفي ذلك الوقت، التقى أيضاً مقاطعات تُمثّل كتلة اقتصادية أطلقت عليها الصين اسم «حزام نهر اليانغتسي الاقتصادي».

وتضم المنطقة شنغهاي وعشر مقاطعات ومدناً أخرى على طول نهر اليانغتسي، وهي مركز تصدير رئيسي يُمثّل أكثر من 40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للصين.

وصرّح مدير مجموعة أوراسيا في الصين، دان وانغ، بأن شي قد يستغل زيارته إلى شنغهاي لدفع عجلة عولمة اليوان، وتشجيع مزيد من التمويل الخارجي لدعم الشركات الصينية في مسيرتها نحو العالمية. وأضاف وانغ أنه من الممكن أيضاً أن يُركز شي على التصنيع والتوظيف نظراً إلى التحديات. وقال وانغ: «قد تكون خسائر الوظائف في المنطقة كبيرة إذا خسرت نصف طلباتها من الولايات المتحدة».

وأكد المسؤولون الصينيون أن الاقتصاد قادر على الصمود في وجه الحرب التجارية، مشيرين في الوقت نفسه إلى إمكانية تقديم مزيد من الدعم السياسي إذا لزم الأمر.

وصرّح نائب رئيس اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، تشاو تشن شين، في مؤتمر صحافي يوم الاثنين، بأن بكين لا تزال «واثقة تماماً» بأن الصين ستحقّق هدفها للنمو الاقتصادي البالغ نحو 5 في المائة لعام 2025. وأضاف تشاو أن الصين قادرة على تأمين ما يكفي من فول الصويا والذرة والحبوب الأخرى دون الحاجة إلى أي واردات من الولايات المتحدة. كما أكد أن الصين قادرة على تأمين احتياجاتها من الطاقة دون الحاجة إلى الشراء من الولايات المتحدة.

وقال شاو إن الصين ستطرح مجموعة إجراءات إصلاحية للحفاظ على استقرار التوظيف والأداء الاقتصادي وتشجيع التنمية عالية الجودة. وعرض بالتفصيل إجراءات جديدة في 5 مجالات أساسية؛ وهي: دعم التوظيف، والمحافظة على استقرار التجارة الخارجية، وتشجيع الاستهلاك، والتوسع في الاستثمار الفعال، وتعزيز بيئة سليمة للتنمية.

ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن شاو قوله في مؤتمر صحافي، يوم الاثنين، إنه بالنسبة إلى التوظيف، فستشجع الحكومة الشركات على الاحتفاظ بمستويات مستقرة من العمالة وتكثيف التدريب على المهارات المهنية، وتوسيع برامج تخفيف البطالة، وتعزيز خدمات التوظيف العامة.

ولتحقيق استقرار تنمية التجارة الخارجية للصين، تشمل التدابير الرئيسية تطبيق سياسات مصممة لمساعدة شركات التصدير على تخفيف المخاطر، وتوسيع نطاق حضور صادرات الخدمات الصينية عالمياً، وتشجيع الشركات ذات التمويل الأجنبي على إعادة الاستثمار في الصين.

وحول الاستهلاك، قال شاو إنه سيتم الكشف عن تدابير لتعزيز استهلاك الخدمات، وتحسين خدمات رعاية المسنين ذوي الإعاقة، وتحفيز مبيعات السيارات، وإنشاء أنظمة توزيع أجور موجهة نحو المهارات. وستركز جهود توسيع الاستثمار الفعال على تحسين البنية التحتية المرتبطة بالاستهلاك، وتحفيز الاستثمار الخاص، وإدخال أدوات مالية جديدة قائمة على السياسات.

وقال شاو إنه تم تصميم كل السياسات مع التركيز القوي على الخصوصية والعملية حتى تشعر الشركات والأفراد بفوائد ملموسة، وستطرح الحكومة كل إجراء بمجرد أن يصبح جاهزاً.